هذا الإنهيار المؤسسي من حصاد العولمة

هذا الإنهيار المؤسسي من حصاد العولمة

رشيد خالد إدريس موسي
[email protected]

لاشك ان النظم العتيقة و الحاكمة في بعض الدول النامية,تعيش المرحلة قبل النهائية من دورة حياتها, و هي مرحلة الإنحدار Shake ? out التي يعقبها الفناء Senility, وفقا لمفهوم دورة حياة المنتج, حيث يسحب المنتج من السوق, ليحل مكانه منتج آخر أكثر كفاءة .
لقد عجلت سياسة الخصخصة, للإقتصاديات الضعيفة و التي كانت تعتمد علي الملكية العامة لوسائل الإنتاج, عجلت برحيل بعض من هذه النظم, إذ صارت تعمل هذه الإقتصاديات وفقاً لقوي السوق الحر, فالتهبت أسعار السلع و الخدمات, حتي صار المواطن, عاجزاً عن تلبية حاجاته المعيشية , و العيش في سلام.
ومن المعلوم, أن إقتصاديات دول العالم النامي, لا تقوم علي قاعدة صلبة, تمكنها من الصمود في وجه المنافسة في سوق حرة, ذلك أن هناك عجز في إحتياطي العملات الصعبة, لمقابلة متطلبات التعامل مع العالم الخارجي, و هناك أفواه متزايدة, في حاجة إلي الطعام, و هناك غياب للشفافية و المحاسبة, نتج عنه فساد, أعاق جهود التنمية و الإصلاح, الأمر الذي شكل مزيداً من الضغوط علي هذه الإقتصاديات و إدارتها.
و من المعلوم, أن العصر الحالي الذي نعيشه, ينادي بالديموقراطية و الخصخصة و إطلاق قوي السوق, من أجل المنافسة و تجويد الأداء. و قد وفدت إلينا هذه المفاهيم , تمتطي قطار العولمة الكاسح. في حين أن النظم السياسية الحاكمة في هذه الدول النامية, ليست علي إستعداد لتقبل هذه الأفكار التحررية, و تطبيقها علي أرض الواقع, بسبب الواقع الذي تعيشه , و لكنها طبقتها علي كل حال, مجاراة لموجة العولمة الكاسحة, و إذعاناً لتوجيهات المؤسسات الدولية, إذ بدأت في تطبيق برنامج التعديل الهيكلي منذ أوائل الثمانينات الماضية. لكن سرعان ما أنتجت هذه السياسة أثرها, فقر هنا و قهر هناك , بسبب الجوع و الحرمان و المرض, و ليس هناك أكثر قهر من الفقر.
لم يمض علي تطبيق نموذج العولمة و سياسة الخصخصة غير عقد ونيف , إلا أنه ثبت فشلها في إدارة الإقتصاد علي المستوي العالمي. لقد كان أول إمتحان لهذه السياسة الجريئة, هو الإنهيارات المالية , التي حدثت في عقر الرأسمالية, أي في الولايات المتحدة و غرب أوربا, حيث حدثت الإفلاسات و الإنهيارات المالية لكبري الشركات الأمريكية و الأوربية, و لا زالت تداعياتها مستمرة. لم يجد أولي الأمر هناك, غير أن يلجأوا إلي حقن هذه المؤسسات المالية, بحقن منشطة, خشية إنهيارها كلية, بإعتبارها تشكل عصب الإقتصاد الأمريكي, أي أنهم لجأوا إلي تطبيق الإسلوب الإشتراكي من الباب الخلفي, في حين أن الغرب يدعي , أنه قضي علي الفكر الإشتراكي بضربة لازب.
الخوف أن تتزايد الإنهيارات المالية للإقتصاديات العالمية, بسبب إرتفاع أسعار الطاقة, و نقص الطعام و إرتفاع سعره, و تزايد أعداد السكان, عام بعد آخر, الأمر الذي يهدد المجتمع البشري , و يجره إلي مشكلات أخري.
و الخوف أن يحدث الإنهيار للنظم الإقتصادية الضعيفة في العالم الثالث, بفعل العجز عن الإيفاء بمتطلبات التعامل اليومي, بسبب العجز في إحتياطيات النقد الأجنبي و إرتفاع أسعار الطاقة و القمح, و غيره من المستلزمات المعيشية. هذا عامل سيعجل بإنهيار هذه النظم السياسية, ما لم تتدارك أمرها, و تعيد النظر في هذه السياسة الخرقاء, ذلك أن الأفواه الجائعة لا تحتمل هذا الجوع.
لقد بدأ المفكرون و صناع القرار, في الغرب , يراجعون و ينتقدون هذه السياسة , التي جرت إلي كل هذه الشرور, من فقر و جوع و بطالة. هل من مستجيب لدعوة الإصلاح في عالمنا ؟
الرياض / السعودية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..