جوبا.. بنايات ترتفع وعلب ليل ومساجد وكنائس وفنادق مليئة بالأجانب

على قدر انشغال ساسة الخرطوم بمآلات الاستفتاء ودخول الجميع سلطة ومعارضة في سباق محموم حول من يتحمل مسؤولية الانفصال الذي بات وشيكاً، يبدو الجنوبيون في حالة استرخاء، وكما لو أنهم غير معنيين بجدال أهل الخرطوم.

الأمر على الأرض يبدو مختلفاً تماماً، ففي جوبا يلمس المتجول في شوارع المدينة، دولة قائمة على الأرض، وما موعد التاسع من يناير/كانون الثاني المقبل سوى تاريخ رمزي ستحتفل به الأجيال القادمة كعيد وطني ستدونه الأمم المتحدة ضمن قائمة الأعياد الوطنية للدول المستقلة.

بناؤون وصباغون ونجارونفي جوبا العاصمة المنتظرة تنهض البنايات من مساحات الغبار المفتوحة، وتعلو المباني والفنادق الأشجار الاستوائية، فيما ترتفع أعلام لا علاقة لها بعلم السودان فوق المباني الإدارية التي تتكدس أمامها أطنان الاكياس الاسمنتية وقضبان الحديد المسلح.

ويعمل البناؤون والصباغون والنجارون على مدار الساعة في معركة جديدة، لن تقل بالنسبة لهم عن معارك التحرير أو التمرد السابقة التي خاضوها في هذه المناطق الشاسعة.

وتنتشر في جوبا مقرات الحكومة الجديدة في أرجاء المدينة ضمن مجمعات يجتهد فيها موظفون على تقديم خدمات لا تقل عن تلك التي تقدمها أي مصالح حكومية في أي بلد مستقل على الخارطة، وترتفع في الشوارع لافتات تدعو الى الحرية والتنمية والتعايش، وتؤكد حقيقة واحدة وهي أن بلداً جديداً سينضم الى بقية دول العالم قريباً وقريباً جداً، فيما تزدحم الفنادق بمئات الصحافيين الاجانب.

ويرتفع إيجار الغرفة الواحدة إلى ما يزيد على 300 دولار أمريكي، ويقبل الجنوبيون بفرح وشغف على المطاعم المنتشرة في عموم البلاد، وعلى العلب الليلية التي لا تحصى ولا تعد.

اللافت أن إعلانات كازينو جوبا لا تخطئها العين لكل قادم عبر طريق المطار الى المدينة، وللوهلة الأولى يشعر الزائر، بمجرد مغادرته مطار جوبا الدولي أنه في دولة أخرى غير التي تركها وراءه في مطار الخرطوم الدولي.

واللغة الانكليزية هي السائدة بين جنسيات وأعراق متنوعة، وسواق التاكسي وسيارات الإيجار من دول إفريقية عديدة من رواندا إلى أوغندا، وكذلك العمال في المطاعم حيث يمكنك الحديث مع نادل إريتري أو طباخ أثيوبي، فيما لا تكاد تعبر سوقاً أو محلاً ولا تشاهد فيه مصرياً وحتى مغربياً، فجوبا تبدو مدينة دولية منفتحة على مختلف الأعراق والديانات، فالمساجد ترتفع مآذنها إلى جانب الكنائس، والأجانب العاملون في البعثات الدبلوماسية يتحركون بسهولة ويسر عبر مختلف الأنحاء.

الأسواق عامرة بمختلف أصناف البضائع القادمة من مختلف مصانع العالم، وعلى خلاف النماذج المشابهة في دول عربية مجاورة للسودان لا يبدو التوتر واضحاً على وجوه الجنوبيين، كما تبدو السلطات وقد أمسكت بزمام الأمور من الناحية الأمنية.

ساعة إلكترونية تعد الزمن المتبقيشرطة المرور تتولى تسيير الحركة في الشوارع القليلة التي تمت تهيئتها، ويبدو الانضباط واضحاً في الشارع، وحينما تسال أحد الجنوبيين عن موقفه من الاستفتاء يجيبك غالباً بلغة هجينة تعرف بـ"عربية جوبا"، بأن الاستفتاء يعني له الحرية والاستقرار.

وفي السوق حيث الشوارع المحطمة وأكوام الأتربة التي تعمل فرق من البلدية على جمعها تتسابق الشركات على افتتاح مقرات، ويجتهد تجار آخرون في طلاء الواجهات، وتتسابق الماركات العالمية على تعليق إعلاناتها.

وفي المفترقات الكبرى عند مدخل المدينة ترتفع ساعة إلكترونية تعد الزمن بالأيام والساعات والدقائق وصولاً الى التاسع من يناير الذي لن يكون سوى موعد يمنح شرعية دولية لشرعية تعد حقيقة على الأرض، فقوات الأمن والشرطة تقوم بين الحين والآخر باستعراضات تجوب الشوارع، وإذاعة جوبا تبث على مدار الساعة الأغاني الوطنية باللهجات المحلية، وتنقل بلاغات الانشطة الحاصلة في مختلف ولايات الجنوب البالغ عددها عشراً.

العربية

تعليق واحد

  1. ياجماعة اتركُ الجنوب حتى يقوم ابناءه ببناء وطنهم الجديدة بدلآ من كلام اطور وهلم جرى.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..