مقالات وآراء سياسية

 مشكلة اسمها: الحكومة وتآمين اكثر من (١٣٢) مليون رغيف يوميًا

بكري الصائغ

جاء في موقع “المصطبة”، بتاريخ يوم ١٦/ ديسمبر عام ٢٠١٩، ان تعداد السودان السكاني لسنة 2020 نحو 43,849,260 نسمة؛ يبلغ عدد الذكور فيهم 21,907,295 بنسبة 49.96%، بينما يبلغ عدد الإناث 21,941,974 بنسبة 50.04%، ويقدّر متوسط الأعمار في السودان بنحو 66.09 سنة، ويصل معدل وفيات الرضع إلى 38.0 حالة وفاة لكل 1000 مولود. أما بالنسبة لترتيب السودان العالمي من حيث عدد السكان لسنة 2020، وجاء في المركز 35 على مستوى العالم، بعد “الجزائر” والتي يبلغ عدد سكانها 43,851,044 نسمة، وقبل “العراق” والتي يبلغ عدد سكانها 40,222,493 نسمة.

عدد سكان السودان لعام 2020 | ترتيب السودان عالمياً من حيث تعداد السكان

المصدر:

https://www.elmstba.com/sudan-population/

لو تعمقنا بدقة في هذه الاحصائية الخاصة بعدد سكان السودان في هذا العام ٢٠٢٠، نجد ان اكبر مشكلة تواجه الحكومة الانتقالية الحالية الان الحكومة القادمة فيما بعد، تتمثل في كيفية بسط الأمن والأمان بشكل ثابت ودائم في كل ربوع البلاد، وتوفيرالسلع الضرورية والكماليات، والوقود، والادوية ، وتآمين العلاج في الداخل وبالخارج، وتسهيل استخدام وسائل النقل العام الداخلية والخارجية، والعمل ، والتعليم المجاني، وفرص العمل للخريجين الجدد، واللبس،وتقليل حجم العطالة، وتآمين السكن المريح….وتامين وصول الخبز بلا مشاكل للمواطنين.

واحدة من اكبر التحديات التي تواجهها الحكومة في الخرطوم في هذه الساعة، كيفية ضمان توفير الخبز يوميآ بشكل دائم لا ينقطع لكل سكان المعمورة والبالغ عددهم (٤٣،٨٤٩،٢٦٠) مواطن؟!!، وكيف تآمن عدم شح الدقيق وتوصيله الي كل مناطق السودان؟!!، بالطبع مشكلة نقص الوقود التي اصبحت ايضآ هاجس يؤرق الحكومة هي الاخري لا تقل اهمية عن مشكلة ازمة الخبز.

جاء في الاحصائية اعلاه، ان عدد سكان السودان قد وصل الي (٤٣،٨٤٩،٢٦٠) مواطن، ولو افترضنا ان حصول المواطن اليومي هي ثلاثة قطع فقط لا غير – (قطعة خبز في الفطار، والثانية في  الغذاء، والاخيرة في العشاء)-، فهذا يعني ان المخابز عليها انتاج – بالكاد – نحو (١٣٢) مليون قطعة خبز بشكل دائم ويومي!!

متي بدأت مشكلة ندرة الدقيق في السودان؟!!، اذا ما رجعنا بذاكرتنا الي الوراء وتعمقنا في مشكلة شح المواد البترولية والدقيق، نجد انه وحتي عام ١٩٧٠ كان السودان ينعم بالخير والرخاء، وما كانت هناك مشاكل اقتصادية او ازمات طاحنة، الا ان الدهر قلب ظهر المجن، واختفت حياة الرفاهية والنعم بعد ان قام البكباشي/ جعفر النميري في يوم ٢٥/ مايو ١٩٧٠ بتاميم الشركات والبنوك الاجنبية في السودان، هذه المؤسسات الاوروبية كانت تشرف بصورة اساسية وقوية علي استيراد كل ما كان يحتاجه السودان من سلع ضرورية وكماليات، كانت هي مصدر كل شيء موجود في الاسواق، وهي التي ابقت سعر الجنيه السوداني يساوي ثلاثة دولارات.

بعد عمليات االتاميم والمصادرة ، تسلمت كوادر سودانية العمل في هذه المؤسسات والبنوك المؤممة، وكان الرائد/ زين العابدين محمد احمد (زنكو) ـ عضو تنظيم الاحرارـ وقتها، هو المسؤول الاول عن كل اللجان الاقتصادية التي تشكلت لادارة المؤسسات والبنوك، ارتكب زين العابدين خطأ فادح لا يغتفر، خطأ مازلنا نحن السودانيين ندفع ثمنه حتي اليوم رغم مرور (٥٠) عام علي مروره.

الخطأ الذي ارتكبه الرائد/ زين العابدين، انه سلم ادارة البنوك والمؤسسات المؤممة الي ضباط في القوات المسلحة ليشرفوا عليها، ويديروا اعمالها بعد تسريح كل الاجانب والخبراء الاجانب ومدراء وموظفين البنوك الاجنبية، واشهر البنوك وقتها : (الكريدي ليونيه، بنك باركليز، بنك مصر، البنك العثماني.)…عندها اعلنت كثير من الدول حظر التعامل مع نظام النميري الاشتراكي.

هؤلاء الضباط الذين تسلموا مهام ادارة المؤسسات المؤممة اصلآ لم يكونوا اقتصاديين ولا حتي دخلوا جامعات!!، اغلبهم دخل االكلية الحربية بشهادة اكمال الثانوية العامة (الكلية الحربية كانت تقبل شهادات اكمال الثانوية)، وما ان تسلموا هؤلاء الضباط المهام الجديدة حتي عاثوا فيها فساد ونهب طال حتي المكاتب والمقاعد والآت الطباعة!!، تدهور الحال بسرعة في البلاد بسبب عدم وجود خبرات فهم  اصول الاستيراد، وبعدها ظهرت الازمات واحدة وراء الاخري، وكانت اكبر مشكلة واجهت حكومة النميري عام ١٩٧١ انقطاع التيار الكهربائي في اغلب مدن السودان بسبب عدم وجود قطع غيار للاجهزة الكهربائية في ادارة المياة والكهرباء، وتلاحقت المحن، فظهرت ازمة نقص الوقود، والسلع الغذائية، والادوية….ومن عام ١٩٧١ وحتي اليوم والسودان مازال يدور في فلك المحن والازمات.

لقد اندلعت انتفاضة ديسمبر ٢٠١٩ في مدينة عطبرة ، انطلقت الشرارة الأولى في العاشرة صباحاً من صباح الأربعاء ١٩ديسمبر، عندما خرج طلاب المدارس وعمال السكة حديد لتناول وجبة الإفطار بالمطاعم والكافتيريات التي تضمها عمارة عباس محمود الشهيرة وهي تمثل القلب النابض للمدينة، الطلاب والعمال فوجئوا بانعدام الخبز وبالتالي لا يوجد إفطار، فقاموا بإغلاق الشارع المؤدي إلى مبنى التلفزيون وعاد بعض الطلاب إلى مدارسهم .لكن مواطنين تصادف وجودهم في المكان دعوا إلى عودة الطلاب، وعندما حاولت الشرطة تفريقهم تحركوا نحو حديقة البلدية واتجهت التظاهرة شرقاً نحو السينما الوطنية وعَبَر المتظاهرون جسر الحرية حيث وصلوا إلى مبنى العموم (رئاسة السكة الحديد) وهتفوا قائلين: «السكة حديد تهز وترز»، ومن ثم توجهوا إلى كلية التربية التابعة لجامعة وادي النيل، التي يخضع طلابها لامتحانات سنوية ومنها إلى ورش السكة الحديد…..وبعدها سقط نظام الانقاذ….ومازالت ازمة الخبز تراوح مكانها منذ عام ١٩٧١ حتي اليوم!!…ولا يبدو هناك بصيص امل في حل ضائقة ازمة الدقيق والوقود، خصوصآ ان بقايا فلول النظام السابق، وعصابات “مافيآ” التهريب تمارس جهارآ نهارآ باساليب متعمدة وممنهج تخريب اقتصاد البلاد بغرض احراج الحكومة.

مقال له علاقة بالمقال:

تقرير: “رغيف الخبز”.. آخر ألاعيب “إلاخوان” لتجويع الشعب السوداني

الخرطوم: – “الراكوبة” -On فبراير 8, 2020 –

تحاول جماعة الإخوان في السودان والمعروفة بـ«الكيزان»، تركيع الشعب السودانى عبر اتباع أساليب الضغط الاقتصادى، بعد نجاح الثورة السودانية في الإطاحة بنظام المؤتمر الوطنى بقيادة الرئيس السابق عمر البشير، بعد احتجاجات دامت لأشهر.ويعمل «الكيزان»، المدعومين من دولة خليجية ، على تحريض أصحاب المخابز على رفع سعر رغيف الخبز بنسبة ١٠٠٪، ليكون سعره ٢ جنيه سودانى (٠.٠٢ دولار) بدلًا من ١ جنيه سودانى (٠.٠١ دولار). وتسيطر عناصر من جماعة الإخوان على اتحاد المخابز السودانى المحلول، وتسعى «أذناب الكيزان» للعودة إلى الحكم عبر بوابة الثورة المضادة على المجلس الانتقالي بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان.

ألاعيب الإخوان:

لجأت عناصر جماعة الإخوان إلى عدة حيل لرفع سعر الخبز وتجويع الشعب السودانى، ومن بينها بيع عدة أطنان من الدقيق المدعم في السوق السوداء، وتحويلها لأصحاب المخابز التجارية لعمل خبز تجارى تبلغ قيمته الشرائية أضعاف قيمة الخبز المدعم، وهو ما تسبب في قلة عرض الخبز المدعم وأحدث ارتباكًا في أوساط الشعب السودانى. كما دعا اتحاد المخابز المحلول أصحاب المخابز إلى رفع أسعار الخبز المدعم من تلقاء أنفسهم، مهددًا الحكومة السودانية بالدخول في إضراب عام إذا لم تقر الزيادة الجديدة.

مواجهة «الكيزان»:

في المقابل هدد وزير التجارة والصناعة السودانى مدنى عباس مدنى، في وقت سابق أى مخبز يرفع سعر الخبز بعقوبات قانونية رادعة، مشددًا على أن الديمقراطية لا تعنى الفوضى. وأضاف «مدنى» أن الحكومة السودانية تدعم الدقيق، في حين تقوم عناصر محسوبة على نظام المؤتمر الوطنى (الإخوان)، بتحريض أصحاب المخابز على زيادة السعر، مشيرًا إلى أن الحكومة ستعمل على التصدى لأصحاب المخابز الذين يتلاعبون بالدقيق المدعم. في السياق ذاته، دعت لجان المقاومة السودانية, الحكومة إلى عدم السماح لاتحاد المخابز بالتلاعب بقوت الشعب السودانى، مؤكدةً ضرورة أن يعمل المسئولون الحكوميون جنبًا إلى جنب مع أصحاب المخابز لحل مشكلات ارتفاع تكلفة إنتاج الخبز المدعم الناتجة عن زيادة الأسعار وارتفاع أجور العمال. جدير بالذكر أن السودان يستهلك مليونى طن من القمح، سنويًا، بتكلفة إجمالية تبلغ نحو ٢ مليار دولار، ويغطى إنتاج البلاد المحلى من القمح ما بين ١٢ و١٧٪ من إجمالى الكمية، وذلك بحسب إحصاء صادر عن وزارة المالية السودانية في وقت سابق. وبالرغم من أن الحكومة السودانية تعانى أزمة في توفير اعتمادات النقد الأجنبى المطلوبة لاستيراد القمح، بسبب الأزمة الاقتصادية التى تشهدها البلاد؛ فإنها أبقت على دعم الدقيق والمحروقات المستخدمة في إنتاج الخبز، وذلك في موازنة العام المالى الجارى ٢٠٢٠، وذلك حتى مارس ٢٠٢٠. ومن المقرر أن تعقد الحكومة السودانية مؤتمرًا اقتصاديًا خلال مارس ٢٠٢٠، وسيناقش المؤتمر استمرار الدعم المقدم للخبز من عدمه.

 

بكري الصائغ

[email protected]

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..