أخبار السودان

مسؤولية الأمة عن شبابها

د. عبدالوهاب الأفندي

(1) احتدم الجدل في بريطانيا خلال الأيام الماضية عن المسؤولية حول اضطراد تسرب الشباب المسلم إلى سوريا للانضمام إلى الجماعات الإرهابية التي أكثرت في الأرض الفساد. فالآباء اتهموا الشرطة والسلطات الأمنية والمدارس بالتقصير في إيصال معلومات حيوية للأسر، وعدم متابعة الأطفال الفارين، أو إيقافهم في المطارات. بالمقابل، فإن الشرطة كررت بأن المسؤولية الأولى عن الأطفال تقف عند الأسر. وفي هذه الأثناء سارع آخرون لتأكيد أن المسؤولية تضامنية وجماعية.

(2) اكتسب هذا السجال أهمية متزايدة بعد أن تواترت حوادث تسرب الشباب، وتكثفت محاولاتهم في هذا السبيل. ففي هذا الأسبوع، اعترضت السلطات التركية تسعة بريطانيين، من بينهم امرأتان وأربعة أطفال، بعضهم في الثانية، وهم في طريقهم إلى العبور إلى سوريا. وفي نفس الوقت، منعت محكمة بريطانية مجموعة من الشباب من السفر للاشتباه بنيتهم السفر إلى مناطق القتال. وتقدر الأمم المتحدة عدد المقاتلين الأجانب الذين التحقوا بالقتال في سوريا بخمسة وعشرين ألفاً، منهم خمسمئة على الأقل من بريطانيا.

(3) معظم الشباب الذين يسافرون للقتال في سوريا من أبناء المسلمين، ولكن هناك روايات متزايدة عن شباب من ديانات أخرى ينتقلون للمشاركة في «جهاد» داعش والجماعات الأخرى. فقد روت البي بي سي حكاية الشاب الهندوسي (سيدهارتا دار) الذي تحول إلى الإسلام وفر مع أسرته إلى سوريا في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بعد الإفراج عنه بكفالة. وفي هذا الشهر حكمت محكمة بريطانية على الفتى بروستوم زمياني، وهو فتى في السادسة عشرة أسلم حديثاً، بالسجن 22 عاماً بتهمة التخطيط لاغتيال جندي بريطاني.

(4) في المقابلات التي أجريت مع بعض هؤلاء الشباب، تباينت أهدافهم من الانضمام إلى هذه التنظيمات. بعضهم يقول إنه يريد أن يساعد في تحكيم القرآن على الأرض، بينما قال آخر إنه يريد الدفاع عن المسلمين، وأضاف ثالث إنه يريد تحرير بيت المقدس. معظمهم يردد دعاية القاعدة عن محاربة أمريكا وبريطانيا والدول الغربية بتهمة محاربة المسلمين، هذا بالرغم من أن أمريكا وبريطانيا تدعمان الثورة. ووعد أحد هؤلاء الشباب برفع راية داعش فوق البيت الأبيض.

(5) معظم هؤلاء الشباب لا يحسنون اللغة العربية، وبعضهم كما أسلفنا لم يسلم إلا حديثاً. ويبدو أن خطاب هذه الحركات المليء بالمبالغات والوعود الخيالية يستهويهم كما تستهوي الشباب أفلام الخيال العلمي. فليس هناك كبير اختلاف بين من يؤمن بأنه سيرفع راية داعش فوق البيت الأبيض، ومن يعتقد أنه إذا لبس بزة «سوبرمان» أو زي رواد الفضاء سيبدأ رحلة طويلة إلى كواكب أخرى.

(6) لعل من غرائب الأمور أن كثيراً من الشباب والأطفال من سوريا وما حولها يبذلون الغالي والنفيس، ويخاطرون بكل شيء على قوارب الموت للوصول إلى شواطئ الأمان في أوروبا بعد أن ضاقت بهم الحال في بلادهم، بينما يتجه شباب سيقت لهم الدنيا، ووجدوا الأمان والتعليم وطيب العيش، في الاتجاه الآخر. والأغرب أن أسر هؤلاء الفتية عانت الكثير حتى تصل إلى الغرب وتستقر وتبدأ بناء حياتها، ولكن الشباب لا يقدرون شيئاً من هذا، ويعتقدون أن الطريق الأقصر إلى الجنة هو الانضمام إلى جماعات القتل والفساد في الأرض.

(7) لو أن القضية كانت تستحق، والسراط مستقيماً، لكانت مثل هذه التضحيات مثاراً للإعجاب. فليس أفضل من بذل الغالي والنفيس، والتضحية في سبيل القضية العادلة ورضى الرحمن. ولكن الإشكال هو أن هذه المجموعات المغرر بها تقاد بالأوهام إلى مهالك الدين والدنيا، في إطار جماعات تقضي وقتها كله في العدوان على الأبرياء من المسلمين وغيرهم، ولا تنكأ العدو إلا قليلاً. وهي لن تفتح دمشق، فضلاً عن واشنطن، خاصة أنها تقاتل الثوار وتسرق منجزاتهم.

(8) البعض عزا مسارعة الشباب في بريطانيا وغيرها إلى الجماعات المتطرفة إلى التعليم الديني. بل إن أحدهم انتقد تعليم الأطفال عن الجنة والنار، لأن هذا قد يسيء إلى علاقاتهم مع غير المسلمين! ولا يوجد أي دليل على أن نشر تعاليم الإسلام بين النشء تقود إلى التطرف، أو تسيء إلى العلاقات بين الطوائف. فأصل التعددية الدينية هي أن كل فئة تزعم أنها على الحق وأن غيرها على الباطل، والكل يتفق على الاختلاف. ومن الواضح أن تعاليم الدين ليست هي ما يدفع الناس للالتحاق بداعش، وإلا لما بقي مسلم لم ينضم إليها.

(9) هذا لا يعفي من التقصي والتعمق فيما يدفع هذه الأعداد المتزايدة من الشباب للالتحاق بهذه الجماعات المفسدة للدين والدنيا. وهناك مسؤولية أساسية على الأسر لرعاية أبنائها ومتابعتهم، ومسؤولية أكبر على قيادات المسلمين ومنظماتهم لتطوير خطاب يبين الحق، وينزع الشرعية عن الإرهاب والإرهابيين.

٭ كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن

د. عبدالوهاب الأفندي
القدس العربي

تعليق واحد

  1. داعش تركيبة غربية, وضع جميع المسلمين المتطرفين من جميع أنحاء العالم في مكان واحد والقضاء عليهم عن طريق العرب المسلمين. يا لذكاء الغرب وقلة فهم الدواعش.

  2. ليتك يا افندي كتبت هذال المقال عند استلامكم للسلطه في السودان وبداية دعوتكم للجهاد ضد ابناء الجنوب في اوائل تسعينات القرن الماضي عندما كان شيخكم الضال الترابي يدعوا للجهاد ويجهز المتحركات بداية بمتحرك الاهوال الي المغيرات صبحا وغيرها من متحركات الموت التي اودت بحياة عشرات الالوف من ابناء واطفال ونساء الجنوب وزهقت ارواح الشباب الذي غرر به او سيق قسرا لمحرقة الجنوب من خلال ما اسميتموه بالخدمه الالزاميه,,,

    هل نسيت يا افندي الليالي الجهاديه وحلقات زاد المجاهد التي جعلت نساء الاحياء يقطتعن من قوت ابنائهم ليتم ارساله لمجاهديكم في الجنوب ويتبرعن بزينتهن من ذهب وفضه لدعم مجهودكم الحربي ضد ابناء وطننا,,

    هل نسيت يا افندي زعاريد اخوات نسيبه ورقيص قادتكم احتفاءا بموت ابناء الاسر المنكوبه بما اسميتموه بعرس الشهيد وكان زعيمكم الترابي ومن شايعه من ائمة الضلال يقومون بعقد قران هولاء الضحايا علي الحور العين وتوعودون اهل الضحايا بان الشهيد سيكون سببا في ادخال 70 فردا من اسرته الي جنان الفردوس,!! بينما ارسلتم ابنائكم الي ديار الفرنجه اهل الكفر والضلال كما اسميتموهم,,

    هل نسيت يا افندي برنامج في ساحات الفداء والالقاب التي يطلقها مقدمي ذلك البرنامج علي الشباب الذين غرر بهم من عاشق الحور الي سكران الجنه وابودجانه وشطه والمصحف المتحرك وصحابة القرن العشرين,,

    لا تحاول يا افندي ان تبرئ نفسك فانت جزء من هذا المشروع الضلالي الذي يبرر القتل والدمار والاغتصاب باسم الدين فهذا الشروع هو جزء من برتوكولات حسن البنا وسيد قطب ومعالم في الطريق والقرضاوي والترابي و فجر ليبيا وعبدالحكيم بلحاج ,,

    تنظيمكم الاخواني يا افندي هو بذرة الشر التي انبتت وتفرعت منها كل التنظيمات الارهابيه من قاعده الي داعش ,,,

    يا افندي كل ما تكتبه لن يشفع لك ونحن في انتظار سلسلة مقالاتك التي تعتذر فيها عن مشاركتك للترابي وحكام الانقاذ وتكشف لنا المستور وكل ما حاق ببلادنا من دمار وخراب بفعلكم وبعدها سيكون لنا رد علي ما تقول وتكتب,,,

  3. ( ومن الواضح أن تعاليم الدين ليست هي ما يدفع الناس للالتحاق بداعش، وإلا لما بقي مسلم لم ينضم إليها. )

    كلام في (المليان ) يا زينة شباب الكيزان فتعاليم الدين تدفع الناس للانضمام للاخون …ربنا يزيد ويبارك .
    كلام خارم بارم زى اي ونسة عادية من شخص عادى لا تلمس فيه اي اثر للاكاديمى البارز ولا الباحث المتدرب .
    ………………. ما عندك موضوع ………………

  4. ربما أتاح ظهور داعش وفكرها البائس فرصة لمراجعة حقيقة الحركات الاسلامية جمعاء .وافقت او أنكرت الحركات الاسلامية ،داعش تختلف عنهم في تفاصيل صغيرة فقط وهي تمثل امتداد طبيعي لفكر حركات الاسلام السياسي . رد الحاكمية الي الله ( وحيث ان التسليم يدا بيد مستحيل فستؤول الحاكمية قطعا الي قائدهم/ فقيهم الذي يمتلك سلطة تفسير النصوص وهذا دائماً يفسرها حسب فهمه ومصالحه )و إقامة الخلافة الاسلامية و تطبيق الشريعة و ارغام غير المسلمين علي دفع الجزية و ازالة الطاغوت وتجهيل وتحقير المجتمع الحالي واحياء فريضة الجهاد هي اساسيات دعوة الاخوان المسلمين التي تفرعت منها معظم الحركات الاسلامية . ان ما نراه من مهازل باسم الدين علي أيدي داعش و طالبان هو عين ما تدعوننا اليه الحركات الاسلامية كل يوم . ما يميز هؤلاء الشباب الذين يستجيبوا لدعوة داعش هو اخلاصهم الواضح للفكرة وتطبيقها حرفيا . نحتاج الي شجاعة لكي تتم مواجهة الفكر الاسلامي البائس الذي نحتفل به صباحا و نتبرأ من تطبيقه مساء . التجربة الاسلامية السودانية التي تنتقدها دوما هي نسخة شديدة التحسين من داعش بفضل بعض اجتهادات الترابي ومحاولته تنوير الحركة الاسلامية في السودان .متي نوقف دفن الرؤوس في الرمال والادعاء بان المشكلة في تطبيق النظرية الاسلامية و عدم فهم الدين بصورة صحيحة من قبل من يضحي بحياته يوميا من اجل هذه النظرية ( التضحية ليست مرادفة لصحة الموقف ولكنها دليل علي الإخلاص ) ، الا تكفي تجربة السودان القميئة و بؤس طالبان و بشاعة داعش كأدلة علي خطأ النظرية الاسلامية و عدم صلاحيتها بكل أوجه تطبيقها ؟ ماذا ننتظر وكم من التجارب نريد لندرك ان الاسلام ليس هو الحل ! أليس فيكم رجل رشيد ؟؟؟

  5. مقال دعونى أكتب فانا إرهابى ..
    إقتباس .. ومسؤولية أكبر على قيادات المسلمين ومنظماتهم لتطوير خطاب يبين الحق، وينزع الشرعية عن الإرهاب والإرهابيين.

    ومن الذى أعطى داعش شرعية إن كنت تتحدث عنها بالفعل ؟؟ ام أنك تعنى جلادكم السيسى والحكومات الداعمة له ..

  6. ( لا ينكأون العدو الا قليلا) من هو العدو وهل انت مع فكرة القتال ولكن تختلف معهم على ماهية العدو ولا ايه الحاصل بالضبط .. مقال غايه فى السطحيه .. سرد اخبارى للاحداث يمكن لأى شخص عادى القيام به وتبداء الشتاره والغباء عند اول محاوله للتدخل بالرأى ..لماذا لا تتحول الى قسم الاخبار بالصحيفه يا الافندى

  7. الأستاذ الأفندي…. من خلق هذة الورطة الذي يكتوي بها المسلم هو فكر الأخوان المسلمون الذي حشر السياسة في الدين يصورة تثير كثيرا من الشكوك في المقصد والغرض البعيد المدي لهذا العمل الذي يداءه حسن البنا مستندا على نصوص متطرفة من الدين واكمل تلاميذه من بعد هذا المسخ والهدف منه اولا واخيرا هو تدمير دول الاسلام وتحويلها لدويلات صغيرة متحاربةتسهل السيطرة التامة عليها لهدف ديني هو هدم المسجد الأقصي وبناء هيكل سليمان في مكانه …عليه كل هذة الجماعات وعلى رأسها تنظيكم الأخواني هي صنيعة صهيونية تمدها عبر سنوات طويلة بالدعم الخفي المستتر الذي لا بعلمه إلا قلة من قيادات التنظيم الدولي لاخوان الشيطان يعملون في الخفاء من مدن اوروبا!!!!!!! هذا هو الامر يا الأفندي فلا تلفو وتدورو في الفارغة فكركم المحشو بآيات مبتورة من المصحف واحاديث ضعيفة السند روجتوها هو سبب الكارثة وعليك اولا الإعتذار العلني عن موت شبابنا في احراش الجنوب بسبب برامجكم التي تزفهم للحور العين والذين سميتموهم شهداء الدين الحق وبعد سنوات قلتم هولاء فطايس ماتوا سنبلة…..!!!!!! توضيح الحقائق والإعتذار عن محرقة اولادنا بالجنوب وبعدين نشوف معاكم موضوع داعش !!!!!!

  8. فكرة رفع الرايه والاذان فى البيت الابيض فكره تبدو مألوفه بالنسبه لى فأذكر انى سمعتها من قبل من جماعه اخرى وعلى ما اظن ان تلك الجماعه لم تكن تكتفى بأمريكا وحدها بل كانت تضم اليها روسيا وتتوعدهما سويا دفعة واحده بقرب العذاب .. ياربى ديل منوا .. اذا لم تخنى الذكره على ما اظن وليس كل الظن اثم ان تلك الجماعه ياكم انتو زااااااااااااااااكم يا اولاد الكلب . سوف تلعقون احذية كل من توعدتموهم وسوف تبكون حتى تبتل احذيهتم وبعدها سوف يركلونكم الى مزبلة التاريخ .. مشكلتكم انكم اتيتم فى العصر الخطأ .. عودوا الى كهوفكم لا مكان لكم فى هذا العالم

  9. الكاتب يريد ان يتبرأ من اخوان الارهاب …اخوان الفساد.. ليس إلأ فهم كالحية دئما تنزع ثوبها وترتدى ثوب جديدا……لقد انتهى زمن النفاق …والاخوان

  10. ان الخطأالاكبر….. والخطيئة الاساسية ….. هي في علماء ….. وما اسموا انفسهم مثقفين …. يدعمون ….. دول تخلط بين الحق والصواب …. وتزين للناس …. انها تسعى من اجل خير الناس …. سواء كانت هذه الدول اسلامية او يسارية …. او علمانية …. او من مغامرات الكاكي ….. الاسيف ….. ان اساس البلاء …. في هذه الدول والقيادات …. والزعماء …. ومن يدعي امتلاك …. الحق والحقيقة …. وان غيره ليس بشيء …. ولا يستحق شيء ….

    البلد ….. بلدنا…. ونحن سيادها …. قول حق …. اريد به الاستطالة والوصاية على الناس …

    ان الامة تريد افعالا….. تطابق الشرع والمنطق والعقل … لا نظريات وتنظيريون …. ادخلوا الامة في متاهات ….. الفشل ….. الامة تحتاج لقدوات صالحة …. لا فاسدة ….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..