مشروع الإنقاذ.. محاصيل العصر الحديدي

: ٭ خلال مخاطبته تجمعاً جماهيرياً أوائل الشهر الجاري بالرِّيف الشمالي بكرري، وبعد أن أوسع المعارضة تقريعاً كعادته، قال مساعد رئيس الجمهورية د. نافع علي نافع: «إنَّنا ننظر للسَّماء، وإنَّ مشروع الإنقاذ هو مشروع العودة لربِّ العالمين».
٭ ولعلَّه من أسهل المهمَّات على أي باحث أو راصد حتى لو كان من الهواة، أن يقدِّم جردة لمحاصيل مشروع الإنقاذ ليخلص إلى أنَّ نسبة هذا المشروع إلى «السَّماء» ليست سوى محاولة بائسة لتقديس المُدنَّس.. فالجائل في تقارير الأمم المتَّحدة والمنظمات الدولية، يجد السودان ضمن الدول الأكثر فشلاً والأكبر فساداً والأدنى ترتيباً في مؤشرات التنمية البشرية وحرية الصَّحافة، والأعلى في مؤشرات البؤس والفقر والبطالة ووفيات الأطفال بسبب سوء التغذية وتلوث المياه ووفيات الأُمَّهات خلال الحمل والولادة بسبب سوء الرِّعاية الصِّحية.. أمَّا أعداد القتلى والمشرَّدين جرَّاء العمليات العسكرية في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، فلا يحتمله إلَّا من يعتقدون أنَّ هناك فائضاً من الأنفس واللحم البشري، لا بأس أن يتكفل به الرصاص.
٭ وبعيداً عن تقارير المنظمات «الموالية لدول الاستكبار»، فإنَّ مراجعة عجلى لما تنشره صُحُف الخرطوم ومنابرها الإعلامية، تكشف عن عينات من محاصيل الشقاء والعناء والدنس القِيَمي والأخلاقي التي ينتجها مشروع الإنقاذ «الحضاري»:
٭ قالت وزيرة الرِّعاية والضَّمان الاجتماعي، إنَّ نسبة الفقر في السودان وصلت إلى 46% «الرأي العام ــ 2 سبتمبر 2012م».
٭ في مداخلة بالمجلس الوطني، يوم 19 نوفمبر 2012م، كشفت النائبة عائشة الغبشاوي أنَّ أُسَراً سودانية تسدُّ غائلة الجوع بأكل طين البحر.
٭ أقرَّ وزير مجلس الوزراء بانتشار السلع الفاسدة بالأسواق، وقال «السلع الفاسدة حقيقة»، كما أكَّد أنَّ السودان أصبح مكبَّاً لنفايات بعض الدول «السوداني ــ 25 ديسمبر 2012م».
٭ قال وزير الصحة الاتحادي أمام مجلس الوزراء، في 27 فبراير 2013م، إنَّ وفيات الأطفال بسبب سوء التغذية بلغت «83» في وفاة من كل ألف طفل، وإنَّ ثلث أطفال السودان تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية.
٭ كشف تقرير المراجع العام أنَّ الاعتداء على المال العام بلغ أكثر من «175» مليون جنيه في الفترة من سبتمبر 2011م إلى أغسطس 2012م، وأشار التقرير إلى صرف مرتبات لأفراد فصلوا عن الخدمة وبعضهم تم نقله، فضلاً عن استمرار مرتبات مبعوثين انتهت فترتهم.
٭ قدَّرت دراسة أعدتها وزارة العمل السودانية نسبة البطالة بحوالى 40% من جملة القادرين على العمل في البلاد، وأشارت نفس الدراسة إلى أنَّ «94» ألف مواطن غادروا السودان خلال العام المنصرم بحثاً عن فرص عمل في دول أخرى.
٭ رصدت الموازنة العامة التي يجري العمل بها حالياً أكثر من 40% للأمن والدفاع وأكثر من 10% للقطاع السيادي، بينما رصدت حوالى 2% للتعليم ومثلها للصحة.
٭ أصدرت الحكومة بيانات ندَّدت فيها باعتداءات إسرائيلية على بورتسودان ومجمع اليرموك الصناعي، مع تأكيدها في كلِّ بيان على «الاحتفاظ بحق الرد».
٭ أكَّدت الخارجية السودانية أنَّ السودان فقد حقه فى التصويت بالأمم المتَّحدة لعدم دفعه الأموال المستحقة عليه لعامين «السوداني ــ 31 يناير 2013م».
٭ فى أحد المستشفيات الحكومية، خضع مريض لعملية فى إحدى رجليه، وقبل أن يفيق من أثر المخدر، هاجمته الفئران وطعمت من رجله السليمة «الإنتباهة – 2 فبراير 2013م».
٭ أغلق مرضى الفشل الكلوي الشارع الجنوبي لمستشفى الخرطوم احتجاجاً على توقف عمليات غسيل الكلى بسبب نفاد ميزانية التشغيل «الصحافة ــ 13 مارس 2013م».
٭ توفيت سيدة بسبب رفض إدارة مستشفى حلفا الجديدة إجراء عملية قيصرية لها لعدم مقدرتها على سداد الرسوم «المجهر السياسي ــ 18 مارس 2013م».
٭ قرار قضائي ببيع الأجهزة والمعدات الطبية الخاصة بقسم حوادث مستشفى بحري في مزاد علني لتسديد مديونيات بعض الشركات «الخرطوم ــ 24 مارس 2013م».
٭ قال الأمين العام للمنتدى التربوي خلال منتدى حماية المستهلك، إنَّ نسبة المُستوعَبين في مدارس العاصمة لا تتعدّى 69% في مرحلة الأساس و31.5% في المرحلة الثانوية، أمَّا في الولايات فإنَّ هذه النسب أسوأ بكثير.
٭ اعترفت وكيلة نيابة حماية الطفل بمحليتي شرق النيل وبحري بتزايد أعداد بلاغات اغتصاب الأطفال في الفترة الأخيرة، معتبرة أنَّ الأمر أضحى خطيراً ومؤلماً ومبكياً «السوداني ــ 7 يناير 2013م».
٭ قال رئيس مجلس أمناء الصندوق القومي لرعاية الطلاب بولاية الخرطوم، إنَّ ظاهرة تعاطي المُخدِّرات وسط الطلاب بالمجمعات السكنية خطيرة ومخيفة وتستدعي تدخلاً عاجلاً لإيجاد الحلول «الرأي العام ــ 13 فبراير 2013م».
٭ أوقفت شرطة الصافية ببحري «9» متهمين بينهم مطرب شهير أثناء إقامتهم حفل حناء للمطرب المذكور بغرض تزويجه من أحد الشباب «السوداني ــ 21 فبراير 2013م».
٭ اقتحمت مجموعة مسلحة رئاسة مركز شرطة محلية برام بجنوب دارفور، وقامت بكسر السجن واخراج «41» نزيلاً بينهم «15» محكوماً بالاعدام «الصحافة ــ 21 مارس 2013م».
٭ أعلنت إدارة استخدام السودانيين بالخارج عن وظائف بدولة الكويت «للجنس اللطيف فقط»، وحدَّدت من ضمن الشروط جمال الشكل وأن تكون «البشرة غير داكنة»، مع إرفاق صورة تبين الشكل من الرأس للقدم «الإنتباهة ــ 21 مارس 2013م».
٭ كشفت وزيرة العمل النقاب عن فساد قالت إنَّها صمتت عنه الفترة الماضية بناءً على توجيهات عليا «الصحافة ــ 25 مارس 2013م».
٭ أفاق السودانيون صباح التاسع من يوليو 2011م ليجدوا أنَّ مساحة وطنهم تقلَّصت من نحو 2.5 مليون كيلومتر مربع إلى نحو 1.8 مليون كيلومتر مربع «مضابط التاريخ».
٭ لا تتسع مساحة هذه الزاوية لأكثر ممَّا أوردنا من عينات محاصيل مشروع الإنقاذ.. وإن كان ثمة تعليق وجاز لنا أن نستعير ما كتبه الشاعر الإغريقي هزيود عن العصور وتشبيهه لها بالمعادن، حيث جعل منها الذهبي والفضي والبرونزي ثم الحديدي الذي وصفه بعصر الحزن والبغضاء والفساد والانحطاط، فإنَّ العصر الإنقاذي حديدي بامتياز، فيه بأسٌ شديد ولا منافع للنَّاس .. ولن تفلح محاولات إحاطته بهالة القداسة في حجب ما تراكم عليه من دَنَس.

الصحافة

تعليق واحد

  1. التحية الطيبة لكم استاذى الكبير عمر الدقير-وشكرا على هذا الموضوع الذى يحوى حقائق وجرائم مرعبة فى حق الوطن والمواطبين- وانا من مقالك هذا اكتشف روح وطنيتك الكبيرة وحربك للباطل- ولكن اسمح لى اسألك سؤالا؟هل تقول هذا الكلام لابناء عمك الفى الحكومة؟هل يفهموا انهم سبب اساسى فى مأساة هذا الشعب؟وبصراحة لما شفت اسمك يحمل الدقير اشمأذننت فعلا غير ان شعورى تغير بعد الاطلاع على ما كتبت -وجزاك الله خيرا فيما تكتب فى حق هذا الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..