مقالات وآراء سياسية

الجوع ولا الكيزان!

صباح محمد الحسن

وما كان لأحد من الذين تسيطر على عقولهم فكرة وهمية تصور لهم أن الثورة السودانية ماتت ولن (تقوم لها قائمة)، ان يحدث نفسه ولو في منامه، ان يخرج موكب بهذه القوة بعد أن دعت له لجان المقاومة يوم أمس الثلاثاء بتوقيت الثورة، ان يكون بهذا الثقل الكبير، ليرسم لوحة فنية ثورية كاملة الملامح، وعميقة المضمون ، إرتقت شعاراتها الى فضاء أعلى ، وبثت رسائل جوهرية كان لها صداها الكبير في قلوب الكثير من الناس، الذين مازالوا يتشبثون بمواقفهم ومبادئهم القديمة والشوارع لايستطيع أحد أن يشعر بما يموج فيها الا من خرج فعلاً من لجة ظلمات ثلاث لحكم الانقاذ ظلمة ظلمه، وفساده ، وسنينه العجاف ليبقى تنسم رحيق الثورة اشبه بأوكسجين تحتاجه متى ماتاقت نفسك لهواء الحرية والسلام والعدالة

وصورة مبهجة رسمها مئات الشباب على بوابة مجلس الوزراء بدأت بالمتاريس البشرية التي التفت بعلم السودان في رسالة واضحة انها تستعد للموت من جديد فداء ثورتها ليبقى الدخول الى ساحة المجلس أشبه بالدخول الى القيادة من الناحية الشرقية عندما تكون قادما من كبرى بحري لتجذبك اصوات الشباب عنوة دون ان يعطوك فرصة للخيار اما ان تنضم لهؤلاء او هؤلاء ولا فرق.. الجميع يصدح بشعارات الثورة الجديدة التي كان أبرزها (الجوع الجوع ولا الكيزان ) وياحمدوك( العسكر مايغشوك)، و(ماتدي قفاك للعسكر العسكر ماحا يصون ادي قفاك للشارع الشارع ماحا يخون) رسالة واضحة تكشف ان حمدوك كان ومازال خياراً لا بديل له وسيبقى في حماية الشارع بالرغم من ان كل القراءات المشوشة رسمت خطاً مغايراً ان الشارع سيخرج غاضباً ومغاضباً.

وتعالو الى هتافات (الجوع الجوع ولا الكيزان ) التي خرجت من أفواه الشباب كانت كطلقات غادرة صوبت نحو صدور الشباب في فجر يوم فض الاعتصام عندما سكنت قلوب الذين كانوا يريدونها ضد حمدوك ولو تحسسنا قلوبهم بمنظار الأطباء لوجدناها ليست بخير فالقلوب الواجفة والخائفة والمهزوزة والمريضة لا تستحمل مثل هكذا هتافات كيف للناس وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية ان تهتف بالرضاء لقائدها ولا تبتعد كثيراً من ساحة التصفيق العالي وأناشيد وأغنيات الثورة الارتجالية التي ينظمها الشباب بطريقة ابداعية مبهرة حتى تسمع جمع آخر يهتف (ياحمدوك وراك رجال جابوك)، مؤلمة هذه الشعارات لفلول النظام ومؤذية حد الوجع ويجب ان لا يتمرد عليها البعض انكاراً ورفضاً ليقلل منها مثلما قلل بشعارات الثورة في بدايتها.

ولماذا كان التحذير لحمدوك من العسكر في هذا التوقيت على طريقة (ياحمدوك العسكر مايغشوك)، بالرغم من ان مطالب الثوار كانت مهمة وضرورية ولحوحة لاتحتمل التأجيل والتأخير لطالما انها ارتبطت بمعاش الناس، الا ان الشباب يعي تماماً انه هنالك مخططات سرية تطبخ بخبث ربما بدأت تلَوح بفرض سلطة وحكم العسكر لكنهم ارادوا ان يقولونها على طريقتهم الخاصة (اااه وين يااا).

وكانت المذكرة التي تلاها أحد لجان المقاومة تشعرك وكأنك تحت قبة البرلمان طالب الشباب فيها بالقصاص العاجل للشهداء مطلب تصدر قائمة المطالب تبعه مطلب الاسراع بالحلول لا الوعود للمواطن لقضاياه التي تمس عصب قوته اليومي من خبز ووقود ومواصلات ووقف مايحدث من فوضى في الاسعار التي مازالت تنهش لحم المواطن كما يجب حسم وتهريب السلع الاستراتيجية مثل الدقيق والمشتقات البترولية وكان ضرورة تعين الولاة وتكوين المجلس التشريعي هي أهم المطالب التي دفعت بها لجان المقاومة في مذكرتها لمجلس الوزراء والتي بلغت عشرين مطلباً.. للتلخص من هذه الرسائل في ثلاث نقاط أولها ان لجان المقاومة تقول للشعب اننا مازلنا نتمسك بالقضية وان الشوارع لا تخون أبدا، ثانيها لحمدوك انك مازلت خيارنا و(معاك لآخر السكة)، ثالثها أن يعي العسكر ان الثورة لن تسمح بالتعدي على شرعيتها والتحايل او التلاعب على أهدافها وانها مازلت نبضا حياً لا يتوانى الشاب فيها ان نفسه ودمه فداء لها..!

طيف أخير :

أنا حر هذه البلاد بلادي ارتجي عزها لأحيا وأغنم

صباح محمد الحسن

الجريدة

‫7 تعليقات

  1. الجوع كافر ومن خرجوا اغلبهم اولاد وبنات مجتمع الكنتاكي. هؤلا لا يمثلون الاشقياء في بلادي ممن يتلفحون الهجير ساعات وساعات وقوفاً في صفوف الخبز والوقود والمواصلات وساعات زحفاً للوصول الى وجهاتهم.
    مثل هذه الشعارات لن تسد رمق البطون الخاوية والاطفال الجوعى والوضع الاقتصادي المتهاوي اكثر فاكثر يوما بعد يوم.
    الدولار عمل 103 في السوداق الاسود، يعني مرتبات غالبية العمال والموظفين في السودان الان ما بين 20 الى 30 دولار، المرتبو كويس لن يتجاوز 10 الف جنيه سوداني، اي ما يعادل 100 دولار فقط.

  2. بالمناسبة الجيش تحت تحت بفكر يسحب ولاته حتى يتحمل المدنيون كل عبء الازمات الحاصلة اليوم!!!
    ليس من الذكاء حرق الأوراق المدنية في هذا الوضع المخيف والمتصاعد للأزمات واللتراجع الذي تشهده حركة العمل والانتاج..
    يحب ان نترك حمدوك ووزراؤه يعملون بدل هذه المليونيات التي لا تطعم جائعا واحدا .. هذه مضيعة وقت وتضييق اضافي لحركة المواطنين وازعاج لقوات الامن والشرطة، بل وتكريه للمواطنين في نشاط الثوار، فهذه المليونيات العبثية تكبدنا تكاليف كان الافضل أن نحل بها بعض مشاكلنا ونتفرغ للعمل والانتاج.. المشكلة كل واحد عامل فيها سياسي.

  3. الناس زهجانة وروحها طالعة من قفيل الشوارع والفوضى وانتي عايشة في قفص زجاجي ما شفتي الناس كانت متضايقة كيف من هذا التهريج، والمثل بقول البفوت حده ينقلب ضده.. أمس أول مرة اسمع الناس صابة جام غضبها على الجماعة بتاعين المظاهرة كان غضب وحنق حقيقي. ثم هي لا مليونية ولا حاجة والحمدلله في وعي انعكس على نقصان الاعداد ما بين مظاهرة واخرى.
    موضوعاتك كلها منيلة.. قلت ليك انتي عايزة البل!

  4. الثوره اتسرقت من الشيوعيين والجمهورين الثوره القادمة ضدكم وماتخمينا بوهم الكيذان وما أدراك مالكيذان الوضع حاليا لا يعجب الا شيوعى كب يريد الفجور والتحرر وليس الحرية

  5. لا داعي للهتافات التي يصدرها هؤلاء القوم ضد العسكر والجيش . الجيش هو من حماهم بالامس وكانوا يلتجأون اليه عندما يشتد الوطيس ويضربهم رجال الامن بقسوة الجيش لم يخن شعبه وقف معه لآخر مرحلة لكن هنالك احزاب وشخصيات لها مصلحة في خلق فجوة وعداء بين الجيش والحكومة فلا مدنية بلا عسكر ولا عسكر بلا مدنية الجيش هو حامي حمانا وحامي هؤلاء الذين يتطاولون عليه يالسنتهم فقوات الشعب المسلحة عبرت عن اسمها ووقفت مع شعبها في المحن ولا يجوز ترديد مثل هذه الشعارات المقيتة . عاشت القوات المسلحة وعاشت حكومتنا المدنية جنبا الى جنب مع قواتنا المسلحة فهي رمز الامن والامان وبتر كل خائن ومتمرد .

  6. عدم التعليق على مقالك يثبت ان ماجاء فى مقالك هو مخاطبة نفسك لنفسك ووضع عدسة امام عينيك لترى الأشياء اكبر من حجمها ، لم تكن مليونية ولا مائة ألفية ، كانت قليلة ويجب ان تنبهى الناس إلى أن كل يوم يتناقص نبض الشارع بسبب سياسة وبطء الحكومة الحالية ، تغييرها واجب ولازم تصحح وخليك من الكيزان ، الكيزان تانى ما حايجو لو قالوا ليهم امسكوها لانها يعلمون أنهم لن يستمر غير ساعة فقط .

  7. ذهب النظام المجرم بعد أن أدخل البلاد في جحر ضب باللهف واللهط والسرقة..
    بس الوضع اليوم أسوأ من الأول لأنو من الواضح جدا انعدام الرؤية.. يعني ما في رؤية حتى لـ 24 ساعة ونحن كنا أيام الاعتصام نظن، كما أشاعوا، انو جماعة قحت كانوا مرتبين أي شي ومتفقين على كل شئ والشئ الوحيد المطلوب ذهاب النظام وكنسه وبعدها تشرق شمس السودان. طلع ذلك اشاعة كبيرة وانو الناس ديل ما عارفين شي وما متفقين على شي ودخلوا في محاصصات وجري وراء المناصب، وحتى اليوم هذه الحكومة لم تنجز أي شئ . حتى الأوساخ ظلت تتراكم منذ زوال النظام البائد حتى الان.تقولي لي الجوع وما الجوع.. باسم من يتكلم هؤلاء الذين يبررون للجوع بشماعة الكيزان. الجوع يا بنت الناس اصبح حقيقة ربما في كل بيت ، أطفال تذهب المدارس بلا فطور ويتحدث الاساتذة عن تزايد ظاهرة سقوط الاطفال مغشي عليهم في الفصل بسبب الجوع.. هل تتحدثين عن هؤلاء وباسمهم؟!!!!!! خافي الله، فالناس قالت كلمة الحق أيام جبروت الدكتاتورية العمياء فلماذا لا تقولها اليوم… واحد من اثنين اما لسبب عقائدي يعني تطرف يساري (وهو ابن عم التطرف اليميني) أو مصالح شخصية.. انتي ياتو في الاثنين.
    في الحالتين تأكدي تماما أن هذه الأوضاع لن تستمر ويجب أن تتغير ويجب المساهمةفي تغييرها بقولة الحق وليس التطبيل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..