مقالات وآراء سياسية

من الذي يرفض تسليم البشير للجنائية؟

ياسر عبد الكريم

ما هي مواصفات المواطن الوطني الذي تريده الأنظمة الدكتاتورية الفاشية ؟

هو ذلك المواطن الذي يتم سحق آدميته وكرامته في بلاده لكنه يرفض الحديث عن مأساته مع الأجانب!!

إفترض إن ما حدث في دارفور حدث لك ذهبت الى العمل خارج قريتك او إغتربت وعند عودتك لم تجد القرية لأنها نسفت من الوجود وان والدتك التي كانت تنتظر عودتك ماتت محروقة وان زوجتك إغتصبوها ثم قتلوها ولم تجد الا القليل من أقربائك في معسكرات للاجئين. أو تخيل أن مجموعة ملثمين قد إقتحموا منزلك وأخذوا إبنك وضربوه ضربا مبرحا أمامك ولم يكتفوا بذلك بل أخذوه لجهة غير معلومة وفي أول زيارة لك وجدته منهارا من جراء الحبس الانفرادي ورأيت على جسده اصابات عديدة من الضرب والتعذيب وأنك مثل أهالي المعتقلين، أصبحت تنتظر أمام السجن بالساعات و تتعرض إلى الاذلال والاهانات حتى ترى ابنك في زيارة لا تستغرق دقائق ثم بعد أيام إستلمته جثة هامدة وحررت له شهادة وفاة أنه مات بالتسمم لتناوله وجبة فاسدة أو مات نتيجة اصابته بالملاريا

ثم افترض أن صحفيا أجنبيا طلب منك أن تحكى له تفاصيل قضية وفاة والدتك وإغتصاب زوجتك لينشرها في صحيفة أو قناة عالمية وسيطالب المجتمع الدولي بمحاكمت من أمر وعذب إبنك وأذله ثم قتله طبعاً ستوافق بدون أي تردد وستدعوه الى منزلك وتحكي له بالتفاصيل .هل تقبل أن يصفك أحد بأن ماقمت به مناف للوطنية ؟ من حقك أن تنشر قضية ابنك العادلة في أي مكان،وتبحث للعدالة أينما كانت

لكن الأنظمة الدكتاتورية الفاشية تروج الى أنه مهما كنت مسحوقاً ومظلوما لايجوز لك ان تشكو حاكم بلادك لأجنبي سواء كان في صحيفة أجنبية او منظمة عدلية لأن ذلك يعتبر خيانة للوطن وبأن كل ما يدور في الداخل من ظلم وقهر وإعتقال وتعذيب تعتبر مشاكل داخلية لا يجوز لهم مناقشتها خارج الوطن !!

وقد يسأل أحد وهل البشير مجرم وكيف يتحمل المسؤولية ؟ نعم انه مجرم ويتحمل كامل المسؤولية لأن كل الذي يحدث من إنتهاكات وتجاوزات هي مسؤولية الرئيس الدكتاتور المستبد لأنه يستطيع أن يوقفها بكلمة واحدة أو بإشارة فقط ..ومعروف في الأنظمة الدكتاتورية إذا غضب الرئيس على مواطن معناه تجر عليك المصائب وتنتهك حقوقك والهلاك المحقق لأن سلطته مطلقة وإذا غضب غضبت له أجهزة الدولة جميعا المدنية والقضائية والأمنية وهبت فورا للتنكيل بالمغضوب عليهم ويشيع القتل والتعذيب تحت سمعه وبصره

في البلاد الديمقراطية تكون سلطة رئيس الدولة مقيدة بالقانون وبالتالى فإن غضبه على أى شخص لن يضيره أبدا ما دام لم يخالف القانون..

في الذهن الرافض لتسليم البشير للجنائية يكون دائما الولاء للقبيلة وللزعيم أقوى بكثير من مفاهيم حقوق الانسان والمواطنة. ولا يعيرون أدنى إهتمام للعدل ولحقوق الإنسان مثل هذه الذهنية لن تجدها أبدا في الدول الديمقراطية، انهم يحبون أوطانهم مثلنا وأكثر لكن يؤمنون ان الوطنية يجب أن تكون في حدود العدل والحق وحقوق الإنسان كما تستوجب فضح جرائم السلطة ..

تذكرون الذين فضحوا جرائم الجيش الأمريكي في معتقل أبوغريب بالعراق كانوا صحفيين أمريكيين ولم يتهمهم أحد بالخيانة أو أنهم عملاء للسفارات بل نالوا تقديرا واسعا من الأميريكيين لشجاعتهم ودفاعهم عن الحق .. ومن واجبنا أن نقدر أبناء الوطن الشجعان المخلصين الفضحوا جرائم عصابة البشير وطالبوا بمحاكمتهم

ياسر عبد الكريم

[email protected]

 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..