مقالات وآراء سياسية

في الذكري (٧٥) عام علي تأسيس حزب الأمة الإقطاعي

بكري الصائغ

١-

اليوم، ٢٥ فبراير الحالي ٢٠٢٠، تاتي الذكري الخامسة والسبعين علي تاسيس حزب الأمة السوداني في امدرمان، وكان اول ظهور له علي الملأ في يوم ٢٥/ فبراير عام ١٩٤٥، هذا الحزب العريق كان وقتها واحد من الاحزاب الوطنية التي نادت باستقلال السودان التام عن بريطانيا ومصر، من داخل حزب الأمة خرج النداء الداوي (لا مصري ولا بريطاني.. السودان للسوداني)، بعدها انتشر النداء كانتشار النار في الهشيم وسرعان ما عم القري والحضر حتي وصل الي لندن والقاهرة، حزب الأمة رفض بشدة ان يكون السودان واحدة من دول مجموعة رابطة الشعوب البريطانيّة المعروفة بـدول (الكومنولث)، او تربطه علاقة سياسية ووحدة مع مصر.

٢-

(أ)- ان قصة ظهور حزب الأمة عام ١٩٤٥ صاحبتها رويات كثيرة ومتعددة بعضها معروف واغلبها تخمينات، كانت اقواها تلك الرواية القديمة التي تقول، ان الحكومة البريطانية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية قد انزعجت كثيرآ من المحاولات الجادة والكثيفة التي قامت بها الحكومة المصرية بالتضامن مع الاحزاب والمنظمات المصرية من اجل احباط كل الخطط البريطانية الرامية الي ضم السودان لدول (الكومنولث)، وافشال سياسة بريطانيا في السودان، لقد انزعجت الحكومة البريطانية ايضآ من الا يكون السودان باي حال من الاحوال بلد قائم بذاته بعيدآ عن سيادة مصرعليه.

٣-

كان هناك ايضآ شيء اقلق راحة الحكومة البريطانية كثيرآ، فقد نجحت السلطات المصرية وقتها في تاسيس حزب سوداني ينادي بالوحدة الكاملة مع مصر، وطالب هذا الحزب (الشعب الديمقراطي) كل الاحزاب الوطنية الاخري تاييد فكرة الوحدة الاندماجية مع مصر، وان تكون الدولتين (السودان ومصر) دولة واحدة عاصمتها القاهرة!!، لقد اثار ظهور هذا الحزب بدون اعلان مسبق او مقدمات فضول ملايين السودانيين في كل مكان، خصوصآ ان مؤسس هذا الحزب هو الزعيم الديني المعروف السيد / علي الميرغني، سليل اسرة الميرغنية المعروفة في مصر والسودان وإرتريا والتي عرفت بقيادة الطريقة الختمية الصوفية استقرت أسرته في كسلا وسواكن، ولم تكن عند السيد علي ميول سياسية نحو مصر!!،  بعد تكوين الحزب ناصب علي الميرغني المهدية العداء بتوجيهات مباشرة من مصر، وتحالف مع الحكومة المصرية بقوة جهارآ وعلي الملأ، واستقطب حزبه فيما بعد عدداً من سكان الشرق للطريقة الختمية.

٤-

بعد ان ظهرت قوة حزب الميرغني (حزب الشعب الديمقراطي) وتاييده للوحدة مع مصر، تدخلت بريطانيا واسست حزب الأمة بقيادة عبدالرحمن المهدي ليقف في وجه تطلعات حزب الميرغني السوداني – مصري، ان الذي عاصر احداث اعوام (١٩٤٥- ١٩٥٦) يعرف انها كانت سنوات مليئة بالمد والجزر، والحدة في المواقف العدائية بين الحزبين، وصلت في احدي المناسبات الانتخابية ان وقعت معارك بالسلاح الناري والابيض، ونتجت عنها سقوط قتلي وجرحي من الجانبين ورجال الشرطة.

٥-

مع الاسف الشديد، ان الدين الاسلامي تم استخدامه بصورة سئية في هذه المعارك برعاية تامة من  الامام/ المهدي، وزعيم الختمية!!، لقد اغدقت مصر الاموال الطائلة علي السيد علي الميرغني، ومن ناحية اعطت بريطانيا عبدالرحمن المهدي الاراضي الواسعة، والجزيرة آبا، وعملت علي تاييد تنصيبه امام لا لشيء الا ليكون شوكة في حلق مصر!!

٦-

ذكاء عبدالرحمن المهدي تمثل في تمرده علي محاولات بريطانيا ربط السودان بمجموعة دول (الكومنولث)، واكد ان السودانيين الذين ناضلوا طويلآ الاستعمار الثنائي (البريطاني المصري) يرضون ان يعودوا مجددآ لحكم بريطاني باسم (الكومنولث)، ولكن هذا لم يمنع عبدالرحمن في ان تكون علاقته  قوية ومتينة مع لندن لدرجة انه أهدى الملك جورج الخامس سيف والده، رامزا إلى أنه هجر نهائيآ الجهاد بالسيف الذي دعا له والده!!، وبالطبع لا يجب ان ننسي ان بريطانيآ منحت عبدالرحمن عقارات فخمة في قلب العاصمة لندن، وهي العقارات الباهظة الثمن، التي قام نظام البشير قبل خمسة اعوام مضت بالتصرف فيها، وباعها سرآ ولم يدخل العائد خزينة الدولة!!

٧-

جاءت الاخبار في يوم ١٧/فبراير ٢٠٢٠:(تفجَّرت قضية بيع مُمتلكات جمهورية السودان بلندن في سبتمبر 2012 عبر مصادر بريطانية سمّت نفسها بالمُطّلعة على الشأن السوداني والتي كشفت عن بيع 13 عقاراً بقيمة 60 مليون جنيه استرليني بسريةٍ تامةٍ وتحت إشراف عُملاء وشركات بريطانية في 2011 وتمت تحت إشراف وكالة عقارات مُسجّلة بجزيرة جيرسي التي تقع في القنال الإنجليزي شمال غربي أوروبا، وتبعد 160 كم جنوب إنجلترا و16 كم شمال سواحل فرنسا.).

٨-

خلال ال(٧٥) عام الماضية، شهدت اروقة حزب الأمة محن وبلاوي فاقت كل الحدود، وعجزقادة الحزب وآل واسر المهدي تفاديها او الوصول الي حلول لحل هذه الازمات الطاحنة، اولي المصائب كانت في عام ١٩٥٨ عندما طلب الحزب من  الجيش القيام بانقلاب عسكري، وقام الفريق/ عبود بانقلابه، وبعدها خجل الحزب من هذا التصرف الاحمق الذي كان من نتيجته دخول الجيش الساحة السياسية منذ ذلك الوقت وحتي اليوم، وبعد الانقلاب تدفقت المصائب (ماركة الصادق المهدي )، والتي لو قمنا بتعدادها لما كفاني ما تبقي من عمر!!

٩-

اليوم، يحتفل حزب الأمة بعيد ميلاده ال(٧٥) عام، حزب اصبح هرمآ ما عاد يقوي علي الصمود ومواجهة الصعاب التي المت به بعد ان هجره انصاره وشبابه، كل المعطيات تؤكد ان قادة الحزب قد قرروا ان يقوم الصادق المهدي بتمثيل الحزب داخل وخارج السودان ، علي ان يقتصر التمثيل فقط بالخطب والكلام والتصريحات وما دونه خرط القتات!!، والشيء الذي نستغرب له، ان خراب الحزب لم ياتي من الخارج، وانما من داخله، من قلب الحزب جاء الدمار التام برضا وقبول كل من فيه!!

١٠-

كم كنت اتمني ان اقول لحزب الأمة “عيد ميلاد سعيد، وكل عام وانتم بخير،”، ولكن منذ متي كانت التهاني تقدم لمن توفاه الله برحمته؟!!

 

بكري الصائغ

[email protected]

 

‫4 تعليقات

  1. تاريخ الانشقاقات داخل حزب الأمة السوداني 1966- 2013 –
    الانشقاق الأول (1966): الانشقاق الأول الذي وقع في صفوف الحزب كان في 1966، هو أول انقسام وصف بـ”الخطير”، وقد وقع نتيجة خلاف بين رئيس الوزراء محمد أحمد المحجوب رئيس الحكومة الائتلافية (حزب الأمة والوطني الاتحادي) والهيئة البرلمانية لحزب الأمة فكونت الهيئة البرلمانية لجنة لبحث أداء الحكومة ولكن رئيس الوزراء المحجوب بدلا من التفاهم مع الهيئة التي انتخبته اعتبر نفسه غير مسؤول أمام الهيئة البرلمانية، بل مسؤول فقط امام الإمام الهادي المهدي راعي حزب الأمة وطائفة الأنصار. لكن رئيس حزب الأمة الصادق المهدي تدخل مؤيدا الهيئة البرلمانية في حقها في محاسبة رئيس الوزراء وحق الحزب في متابعة أداء حكومته والتنسيق بين أجهزته وبينها، فوقع استقطاب حاد حول هذه القضية مما أدى إلى انشقاق حزب الأمة الى جناحين، جناح الهادي وجناح الصادق، لكن لماذا لم يتحرك حزب الأمة لاحتواء جماعة مبارك الذي أصبح الآن مساعدا لرئيس الجمهورية.

    الانشقاق الثاني للحزب (2001 – 2002): لاختراق والانسلاخ الثاني في حزب الأمة وقع في عام (2001 ـ 2002)، وكان بين رئيس الحزب الصادق المهدي وابن عمه رئيس القطاع السياسي في الحزب مبارك الفاضل المهدي، والذي انتهى، بعد مؤتمر سوبا في يوليو 2002 الى جناحين: حزب الأمة التاريخي (تأسس عام 1945) برئاسة الصادق المهدي، وحزب الأمة (مجموعة الاصلاح والتجديد) برئاسة مبارك الفاضل المهدي الذي أقر اخيراً المشاركة في حكومة الانقاذ الوطني وقتها، وأصبح مبارك الفاضل مساعداً لرئيس الجمهورية، وأيضا بأربع حقائب وزارية بينها التربية والتعليم والاعلام والاتصالات. ويمكن حصر الخلاف داخل الحزب، خلال فترة الانشقاق داخل الحزب، أن تياران رئيسان كانا يتحركان داخل حزب الأمة، الأول هو تيار تقليدي، يسعى إلى وضع الحزب تحت سيطرة أسرة الصادق المهدي، وفي سبيل تحقيق ذلك كانوا وبحسب رأي معارضون كانوا يُمارسون أساليب مخالفة لقوانين ولوائح الحزب، وهي أساليب فاسدة، وفيها نوع من التزوير. والتيار الآخر، هو “الإصلاح والتغيير” داخل الحزب، وهو يسعى إلى بسط الديمقراطية في الحزب، والحفاظ على قومية الحزب، وفتح الأبواب للجميع للمشاركة في إدارته، كما يسعى إلى تحجيم دور أبناء الصادق المهدي في الحزب ليكون دورهم بقدر حجمهم الطبيعي. هذا هو جوهر الخلاف داخل حزب الأمة وقتذاك. ومؤتمر سوبا – ضاحية قرب الخرطوم حيث انعقد مؤتمر مجموعة الاصلاح والتجديد بقيادة مبارك الفاضل – وأفضت قرارات المؤتمر الى الانفصال عن حزب الأمة التاريخي، وقد ظل مبارك الفاضل منذ فترة ليست بالقصيرة ينتقد تنظيمات الحزب ويصف قيادته بمختلف الصفات السالبة، وتحدث أمام هيئة شؤون الأنصار إثر عودته من الخارج، عن ضرورة تجاوز أسلوب القيادة الحالي.

    انشقاق ثالث (2013):انشقاق آخر، ضرب حزب الأمة حيث أعلنت مجموعة كبيرة من قيادات وقواعد الحزب بقيادة الأمين العام المنتخب الهادي الدويحي ورئيس الحزب بولاية الخرطوم صلاح بقادي، الانضمام لحزب “الأمة المتحد” بقيادة وزير الدولة بالداخلية بابكر دقنة، في 2013 وقررت المجموعة سحب الثقة عن الصادق الهادي بصفته رئيساً للحزب معتمدة على جمع توقيعات غالبية عضوية المؤتمر العام الذي انعقد في يونيه الماضي. وأكدت المجموعة تمسكها بالشراكة مع المؤتمر الوطني، وأحقيتها بالمواقع التنفيذية، متهمين الصادق الهادي بالسعي لتحويل الحزب إلى حزب الرجل الواحد ودمغه بالفشل في قيادة الحزب، وأنه السبب في ما وصل إليه الحزب جراء ما سماها بـ “العنجهية والتعالي التي يمارسها تجاه قيادات الحزب”. الاتهام الابرز للصادق المهدي وقتها وكذلك الأمين العام السابق الأمين عبدالقادر، بالتهرب من تسليم مهام الأمانة للأمين الجديد بجانب امتناعهم عن تسليم مستندات المؤتمر العام لمسجل الأحزاب. وطالبوا وقتها المتضررين اللجوء إلى المحكمة الدستورية.

  2. ماذا كتبت الاقلام، ونشرت الصحف، عن الصادق المهدي؟!!
    – (عناوين اخبر ومقالات دون الدخول في التفاصيل) –
    ١-
    سياسات الصادق المهدي أبعدت السودان عن الغرب والجيران.
    ٢-
    الصادق والسودان والخرافات.
    ٣-
    د. سلمان محمد أحمد سلمان: قراءة في اتفاقيات السيد الصادق المهدي مع حكومة الإنقاذ ..
    ٤-
    الصادق المهدي في الميزان ..الوجه الآخر للصادق المهدي الذي ..لا يعرفه الدكتور الباقر أحمد عبدالله
    الرابط:
    https://www.sudaress.com/sudaneseonline/3239
    ٥-
    الصادق المهدي والخيارات الخطأ.
    ٦-
    دور الصادق المهدي في تقويض الديمقراطية في السودان.
    ٧-
    الصادق المهدي… «الكُلُّ المُعَطِّل» لحزب الأمة…
    ٨-
    يفضل استخدام وسائل (القوة الناعمة)، الصادق المهدي لا يعرف مصادر قوته السياسية ولا يستخدمها جيدا.
    ٩-
    المهدي يعلن اعتزامه التنحي عن العمل الحزبي دون تحديد موعد!!
    ١٠-
    المهدي في حوار شامل مع /سونا /: ساعتزل العمل السياسي وعلي الانصار الاستعداد لغيابي حتي لايفاجأوا به.
    ١١-
    الصادق المهدي لـ”اليوم التالي”: حزب الأمة سيظل جزءاً من نداء السودان …
    الصادق المهدي يستقيل من رئاسة “نداء السودان”…
    ١٢-
    الصادق المهدي بعد “النبوءة الغيبية”: “مشروع الاشتراكية العملية …
    ١٣-
    اخر بدع الصادق المهدي.. التنبؤ بما هو آتٍ قبل حدوثه!!
    ١٤-
    الصادق المهدي يصف تصرفات الشيوعي بالاستهتار ويعتبره حزب سلفي شيوعي ويتحدث عن الشيعة ويلمح الى انتخابات مبكرة في السودان.
    ١٥-
    الصادق المهدي… حين يكون التنظير عبئا.
    ١٦-
    الصادق المهدي وإدمان الفشل!!
    ١٧-
    مصر ترفض دخول الصادق المهدي.. القاهرة..
    ١٨-
    هل اغلقت أبواب الخارج أمام المهدي..
    ١٩-
    الامام الصادق المهدي يعترف بإرتكاب حزب الامة لاخطاء في تعامله مع المؤتمر الوطني.
    ٢٠-
    الصادق المهدي: أنا في قمة تألقي واستنسخوني في حزب الأمة عشرون لغمـا على طريق تنفيذ اتفاق نيفاشا.

  3. ماذا كتبت الاقلام، ونشرت الصحف، عن الصادق المهدي؟!!
    – (عناوين اخبر ومقالات دون الدخول في التفاصيل) – (٢) –
    ٢١-
    الصادق المهدي : نرحب بالدعم السريع في حزب الأمة.
    ٢٢-
    الصادق المهدي : تجربة الرسول “ص” صاحبتها أخطاء في الحكم.
    الصادق المهدي تجربة النبوة فيها أخطاء في الحكم.
    ٢٣-
    الصادق المهدي.. رجل الفرص المهدرة.
    ٢٥-
    الصادق المهدي.. و«استغماية» المصطلحات!
    الرابط:
    https://www.sudaress.com/akhirlahza/133157
    ٢٦-
    د. أحمد بابكر: الصادق المهدي والمؤتمر الوطني ومسرحيات الاستغفال المكشوف ..
    ٢٧-
    المهدي: وصول قوة “الجنوبولكي” للحكم ستؤدي للحرب!!
    ٢٨-
    الصادق المهدي .. إمام المواقف المخجلة !!
    ٢٩-
    الصادق المهدي يحدد شروطه لخوض الانتخابات المقبلة –
    ٣٠-
    لماذا يصِر الإمام الصادق على بث مثل هذه التصريحات المُحبِطة؟!!
    ٣١-
    السودان وكارثة اسمها الصادق المهدى او متلازمة الفشل.
    ٣٢-
    هتافات ضد الصادق المهدي بالجنينه ومراقبون يصفون الزياره بالفشل.
    ٣٣-
    وأخيراً جاء من يوقف (عبث) الصادق المهدي!!
    ٣٤-
    هل الصادق المهدي كذاب كما يتهمه الدكتور منصور خالد ؟!!
    ٣٥-
    صحيفة نخبة السودان » حذارَِيْكَ لا مبالاةَ الصادق المهدي و استكانتَه للكيزان يا حمدوك.!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..