صدمة الانفصال..؟

حكومة لا تستطيع توفير العيش الكريم لشعبها، أياً كانت المبررات من استهداف وحصار ونحوه، غير جديرة بالبقاء والاحترام، وعليها الرحيل.. لماذا تبقى إذاً؟ ما هو دورها إن لم تحفظ لشعبها كرامته، أم هي سياسة التسلط والحكم بالقوة (رجالة يعني)، ماذا يضير حكومة الإنقاذ (الإسلامية) لو حسنت الوضع الاقتصادي والمعيشي وأتاحت الحريات للشعب، لتحكم بعد ذلك من غير انتقاد ومعارضة حتى يخرج المسيح الدجال.
نحن لسنا ضد الإنقاذ كأفراد وأشخاص، هم في الآخر سودانيون، لكننا ضد سياستهم، وعلى الرغم من سودانيتهم إلا أنهم لا يعيشون عيش غالبية السودانيين، فبيوتهم العاجية ذات الأبراج العالية لا ينقصها شيء من الأكل والشرب والترفيه والخدم والحشم، لم يرفع عنها الدعم مثل بقية البيوت السودانية، فهم ليسوا كالغالبية العظمى للشعب الذي يشتري احتياجاته اليومية من الأسواق، فزمن أن تشتري احتياجات منزلك (بالجملة) قد ولى، جرب أن تذهب إلى أحد أسواق الجملة لتشتري مؤونة الشهر، قطعاً إن استطعت ذلك لن يتبقى لك جنيه واحد من راتبك. أما أعضاء الحكومة من وزراء ومجالس تشريعية وبرلمانية ومستشارين ومساعدين، مروراً بالسلم الهرمي للدولة (المترهلة) حتى أصغر شخص في المحلية، فهؤلاء مختلفون تماماً، لم يسمعوا بارتفاع الأسعار، ولم تخلُ منازلهم من الغاز وبقية الاحتياجات.
دائماً ما أتساءل عن مسؤولية حكومتنا، فهي طوال (26) سنة وإلى الآن، جعلتنا حقل تجارب بسياستها غير المدروسة، بل حتى الشخص العاقل يتعلم من أخطائه لكنها لا تتعلم، فهي تعود من خطأ إلى خطأ فادح، كيف لبلد يمتلك كل هذه الثروة من أراضٍ زراعية ومياه وثروة حيوانية ومعدنية، لا يجد شعبه قوت يومه، ويعاني كل هذه المعاناة من أجل لقمة العيش، والدول تتطور من حولنا ونحن نقف عند أبسط مقومات الحياة، من أكل وشرب وسكن وصحة وتعليم.
الجميع سئم الحديث عن مشروع الجزيرة والسكة حديد والنقل النهري، مشاريع كانت عملاقة تدر الكثير لخزينة الدولة تم تدميرها بفعل فاعل، بل حتى البترول الذي استبشبر به الناس خيراً قبل انفصال الجنوب، لم يوظف التوظيف الأمثل بُدد وذهبت إيرادته إلى الخارج، والتي لو وظف ربع هذه الأموال إلى قطاع الزراعة ما كان ليحدث هذا التضخم والغلاء وارتفاع سعر الدولار، الذي وصل إلى أحد عشر جنيهاً ونصف الجنيه.
وبعد هذه السنوات العجاف التي نمر بها ولا نزال منذ انفصال الجنوب، يأتي مدير جهاز الأمن محمد عطا ليقول في حوار مع الزميلة (السوداني)، إننا قد تجاوزنا صدمة انفصال الجنوب، ليته برر بماذا تجاوزنا الصدمة، هل زادت الرقعة الزراعية؟ أم زاد عدد المصانع والإنتاج؟ وزادت الصادرات، كل ذلك لم يحدث، بل العكس، تراجع وتوقف مستمر لمعظم المشاريع والمصانع، ليرجع سيادته فقط إلى كشوفات وزارة الصناعة ويعرف عدد المصانع التي خرجت من دائرة الإنتاج، مصانع الزيوت التي توقفت وحدها فاقت الستين مصنعاً، غير المصانع الأخرى. أما أخطر الصدمات في اعتقادي فهي هجرة الكوادر إلى الخارج، والآن بعض القطاعات مثل الصحة والتعليم – وهي في اعتقادي أهم القطاعات – تعاني نقصاً حاداً بسبب هجرة الكفاءات إلى الخارج.
الصدمة كانت ستزول إذا نجحت الحكومة في إصلاح مشروع الجزيرة والاهتمام بالزراعة والثرورة الحيوانية والسمكية والصمغ العربي والكركدي والفول السوداني والمحاصيل، التي نتميز بها عن بقية دول العالم. أما صدمة انفصال الجنوب – وإن حلت الأزمة الاقتصادية- ستظل صدمة ووصمة عار لن يغفرها الشعب السوداني، ولن ينساها لحكومة الإنقاذ الوطني.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أما صدمة انفصال الجنوب – وإن حلت الأزمة الاقتصادية- ستظل صدمة ووصمة عار لن يغفرها الشعب السوداني، ولن ينساها لحكومة الإنقاذ الوطني.

  2. أما صدمة انفصال الجنوب – وإن حلت الأزمة الاقتصادية- ستظل صدمة ووصمة عار لن يغفرها الشعب السوداني، ولن ينساها لحكومة الإنقاذ الوطني.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..