مقالات سياسية

تعليمنا يتسغيث!

تعليمنا يستغيث!

أوردت الصحف الصادرة في الخرطوم بتاريخ 1/6/2017 أخباراً مروعة تشير إلى مدى تردي التعليم في البلاد، من قبيل: باعتراف وزير التربية: أكثر من أربعة ملايين تلميذاً رسبوا في امتحان الأساس، وبرلمانيون يحذرون من انهيار التعليم، وبرلمانيون يقولون إن شهادة الدكتوراه تباع في السوق العربي! عموماً، أنا لست من المتشائمين، ولكن بما أن نواب الشعب ووزير التربية يقرون بهذه الحقائق المذهلة؛ يكون من الصعب على المرء أن يتفاءل. يحدث هذا في حين أن جميع الهيئات الدولية التي تعنى بالتعليم تتحدث عن أهداف الألفية الثالثة التي من ضمنها توفير التعليم الابتدائي لجميع الأطفال وتمكين الأطفال، في كل مكان، سواء الذكور أو الإناث، من إتمام مرحلة التعليم الابتدائي بحلول عام 2015. وبما أن أكثر من أربعة مليون تلميذاً قد رسب هذا العام؛ فإن ذلك يعني أن مدارسنا ونظامنا التعليمي قد فشل تماماً في تحقيق هذا الهدف الأممي، للأسف الشديد. ولا ننسى أن هنالك بعض المدارس في منطقة الجزيرة لم ينجح فيها أحد، وهي تقع في قلب السودان النابض، وفي منقطة تعد حضرية وليست من المناطق النائية! لعمري هذا الوضع يثير عدة تساؤلات ينبغي الإجابة عليها والتعامل معها بقدر كبير من العناية والتأمل؛ حتى نتدارك الأمر ونخرج بحلول معقولة لهذه المأساة المحزنة حقاً. وكما هو معلوم، لم يعد التعليم مجرد تلقين التلاميذ بعض المعلومات من قبل المعلم، بل تطور المفهوم ليشمل اكساب الدارسين مهارات متقدمة، تتناسب مع هذا العصر، وتهيئهم للمشاركة في المجتمع عبر ممارسة أنشطة مدروسة وباستخدام تقنيات متقدمة وأساليب تربوية وتعليمية متطورة وذات جوانب وأهداف متنوعة. بمعنى آخر، يمثل التعليم اللبنة الأساسية لكل المجتمعات، وهو حق أساسي من حقوق الإنسان وليس امتيازاً مقصوراً على حفنة من الناس. والأطفال الآن يتوقون إلى فرصة تحقيق أحلامهم، والتعليم هو بوابة اكتساب المهارات والقيم الضرورية لتحقيق تلك التطلعات، ومع ذلك تتحدث صحفنا الآن عن تدهور مريع في مستوى التعليم. إن استمرار إهمال التعليم له تبعات إنسانية واجتماعية واقتصادية كارثية؛ فهو يفرض على الملايين من البشر حياة طابعها الفقر وتضييق الفرص، ويقوض الجهود الرامية إلى القضاء على الفقر والجوع، وإنقاذ الأطفال والقدرة على العيش في انسجام مع البيئة والمجتمع من حولنا نتيجة الإحساس بعدم تكافؤ الفرص. إن الأزمة في التعليم تضعف الإحساس المشترك بالمواطنة، أي أن التعليم صار ضرورة قومية من أجل تحقيق الأمن والاستقرار؛ خاصة وأن معظم الذين تستقطبهم الحركات المسلحة، التي تقاتل ضد الدولة، هم من الفاقد التربوي للمدارس الابتدائية والثانوية في المناطق الأقل نمواً وتنميةً في أطراف البلاد. ولكن ما هي الأسباب التي أوصلت تعليمنا إلى هذا المستوى المتدني كماً ونوعاً؟ في اعتقادي أن السبب الأول هو عدم توفير الدعم المالي اللازم للمؤسسات التعليمية مقارنة بما ينفق على جهات أخرى لا ترقى لأن تكون على ذات القدر من الأهمية كما هو الحال بالنسبة للتعليم. ويزيد الطين بلة إذا علمنا أن التعليم الابتدائي قد أسند أمره إلى المحليات التي تعاني من الفقر والعوذ وتفتقر إلى الكوادر البشرية التي يمكن أن ترتقي بالتعليم من حيث الإشراف وتدريب المعلمين وتهيئة البيئة المدرسية بتوفير الكتاب المدرسي ووسائل الإيضاح والإجلاس وغير ذلك من الضروريات التي لابد من توفرها إذا أردنا للمدرسة أن تقوم بدروها المطلوب. بالطبع، لا يمكننا الحديث عن إدخال الوسائل التعليمية الحديثة في معظم أنحاء البلاد؛ لأنها ببساطة لم تحظ بوصول التيار الكهربائي بعد! وكيف يمكن لطالب يتلقى دروسه في ظل شجرة أو تحت “كرنك” أو “راكوبة” آيلة إلى السقوط أن يطمع في الحصول على مثل تلك الوسائل؟ ليس هذا فحسب، بل إن هنالك مدارس لا تصلها الكتب المدرسية حتى ينقضي العام الدراسي. والمعلم نفسه ينطبق عليه المثل: “فاقد الشيء لا يعطيه” لأنه بصراحة لم يتلق تعليماً مناسباً ولم يتدرب على التدريس وقد جاء إلى حقل التعليم ليس رغبة فيه وإنما لأنه لم يجد عملاً أو وظيفة غيره. إن وضع التعليم ينذر بكارثة قومية قد تعصف بمستقبل أجيال عديدة! ولهذا فإن المطلوب هو إعطاء قطاع التعليم ما يستحق من ميزانية الدولة مع وضع برامج إسعافيه لتدارك الموقف وإعادة معاهد تدريب المعلمين والمدارس الثانوية القومية مثل خور طقت وحنتوب لتكون بوتقة انصهار لشبابنا. إن كل دولار يستثمر في مراحل التعليم الأولية يدر عائداً يصل إلى سبعة عشراً ضعفاً، وتؤكد الدراسات أيضاً أن أهم عامل في نجاح منظومة التعليم في المدارس هو المعلم، وأن المعلم المتمكن يؤثر على الطالب بمقدار ثلاثة أضعاف مقارنة بالمعلم غير المتمكن. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدول الآسيوية تخصص أكثر من 20 % من ميزانياتها للتعليم، الشيء الذي أحدث نهضة في تلك الدول وضاعف من مواردها الاقتصادية. لقد أصبح التحدي الذي يواجه مؤسسات التعليم هو كيف نجعل التعليم متاحاً ونملك الطالب مفاتيح المعرفة بأفضل الطرق؟

محمد التجاني عمر قش
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. من أراد ان يعرف مدى التدهور الذي وصل اليه مستوى التعليم في السودان فليشاهد برنامج فكر انت في الخرطوم الذي تقدمه قناة s24

  2. * هل من مغيث؟ والى اى مدى سينجح هذا المغيث-ان وُجد- فى اقالة عثرات التعليم؟ *منو اللى مستعد يتخلى عن موقعه للمغيث المنتظر؟
    * هل من امل فى غوث من عند الست آسيا؟
    * كم من السنوات تحتاجها الوزيرة حديثة التعيين للاصلاح بعد خراب التعليم على ايدى من سبقوها من الرجال وذوات الثدى على كل المستويات والصُعُد؟ (سبدرات والوكيل المليونى ( الله يرحمو)وكبشور والثورين ومصطفى عبد القادر اللى قال انه امر بتعيين العيون (جواسيس ) من الطلاب والطالبات فى كل حجرة دراسه فى كل مدرسه كواحدة من انجازاته التربويه اللى جاء يتباهى بها (فُضّ فوه)!
    *الحكايه حد خطيره! دحين ما تفتكرو انها دايرالا “كوكس ..عبدالرحمن على طه .. قريفث..براون..وبابكر بدرى يجو عايدين,, عسى ولعل يلج “االجمل فى سم الخياط”! ان لِقالو فَرَقَه يدخل بها مع الكهرباء فى سد مروى! عشان المكاوى محمد عوض يقدر ينزّل “السيمافور” لمرور قطر المحلّى (الخرطوم-ودمدنى ) براهو!

  3. من أراد ان يعرف مدى التدهور الذي وصل اليه مستوى التعليم في السودان فليشاهد برنامج فكر انت في الخرطوم الذي تقدمه قناة s24

  4. * هل من مغيث؟ والى اى مدى سينجح هذا المغيث-ان وُجد- فى اقالة عثرات التعليم؟ *منو اللى مستعد يتخلى عن موقعه للمغيث المنتظر؟
    * هل من امل فى غوث من عند الست آسيا؟
    * كم من السنوات تحتاجها الوزيرة حديثة التعيين للاصلاح بعد خراب التعليم على ايدى من سبقوها من الرجال وذوات الثدى على كل المستويات والصُعُد؟ (سبدرات والوكيل المليونى ( الله يرحمو)وكبشور والثورين ومصطفى عبد القادر اللى قال انه امر بتعيين العيون (جواسيس ) من الطلاب والطالبات فى كل حجرة دراسه فى كل مدرسه كواحدة من انجازاته التربويه اللى جاء يتباهى بها (فُضّ فوه)!
    *الحكايه حد خطيره! دحين ما تفتكرو انها دايرالا “كوكس ..عبدالرحمن على طه .. قريفث..براون..وبابكر بدرى يجو عايدين,, عسى ولعل يلج “االجمل فى سم الخياط”! ان لِقالو فَرَقَه يدخل بها مع الكهرباء فى سد مروى! عشان المكاوى محمد عوض يقدر ينزّل “السيمافور” لمرور قطر المحلّى (الخرطوم-ودمدنى ) براهو!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..