على أرض الواقع: الحرف الصناعية.. وصفة جديدة لدمج اليافعين في المجتمع

ود مدني – زهرة عكاشة
أوضاع الأطفال اليافعين في مختلف أنحاء السودان، محل اهتمام كبير من جهات مختلفة داخلية وخارجية، ولكن درجة الانفعال والمبادرة تختلف من جهة لأخرى تبعا لحدود المسؤولية والمقدرة المالية.
لكن قبل كل ذلك كيف هي الآن أحوال يافعي السودان الأكثر هشاشة.. وما شكل الصورة على أرض الواقع؟
معدلات بسيطة
أوضحت سارة يوسف كرم الدين من وزارة الرعاية الاجتماعية بولاية شمال دارفور، أن ولايتها كانت تنعم باسقرار حتى أن معدلات الممارسات السالبة بسيطة جداً، لكن ما إن ذاقت الولاية طعم الحروب زادت معدلات تلك الممارسة،. وقالت: هذا أمر طبيعي، لكن، ما زاد الأمر سوءً الخوف الذي دخل قلوب المواطنين، وأصبحت الأسر تخاف على أطفالها، لاسيما الفتيات التي باتت تمارس عليهنّ الكبت والحرمان بمنعهنّ من الخرج من المنزل، فأفرزت حالات غير سوية، غيرت من سلوك اليافعين، فضلاً عن الانتشار الواسع لوسائل التكنولوجيا المتطور والاستخدام السهل للواتساب والفيسبوك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي الذي زاد الأمر سوءً. وترى سارة للخروج من هذه الأزمة لابد من تضافر الجهود، وسن قوانين تحمي وتعزز المكافحة، وتفعيل الأنشطة الشبابية ورفع الوعي الأسري وتعزيز دوره بالمشاركة في اتخاذ القرارات.
حرف صناعية
في السياق، أشار أشرف أحمد أمين عام رعاية الأيتام بوزارة الشؤون الاجتماعية بولاية كسلا، إلى أنهم تأثروا كثيراً بالحروب، الأمر الذي أجبر الأطفال على العمل، وقال: كنا نعاني من أطفال الشوارع، لكن بعد الانفصال قلت نسبة الأطفال الموجودين في الخيران والكباري، ونجد أيضاً الإتجار بالبشر. وأضاف: على قلته إلا أننا نجده في معسكرات النازحين واللاجئين باعتبار أنها ولاية حدودية. وأكد أشرف أنهم في ولاية كسلا يعملون على تدريب اليافعين وتمليكهم حرفاً في المجال التصنيعي وفقاً لسوق العمل ودمجهم في المجتمع. وقال: إن لديهم أكثر من (8) آلاف يافع ويافعة تصلهم مبالغ شهرية، وكفالة غذائية، بالإضافة إلى ضمهم إلى صفوف التعليم. وأضاف أشرف: هناك أيضاً قرية أنشأتها حكومة الولاية لاستيعاب تلك الشريحة وتقديم الرعاية والحماية الكافية لهم، أيضاً تلعب المنظمات الوطنية والمجتمع المدني دوراً كبيراً حتى أن الظواهر السالبة انتهت بنسبة (80%)، رغم ذلك نحتاج مزيداً من التنسيق وتمويل البرامج التدريبية التي تخدم هذه الشريحة.
حروب وغلاء
فيما أرجع إبراهيم حسين، باحث اجتماعي ونفسي بوزارة الرعاية الاجتماعية بمدينة الدمازين، أسباب الظواهر السالبة المنتشرة بالمدينة إلى الحروب الطاحنة التي أرهقت كاهل الولاية عقدين من الزمان، وقال رغم ذلك نسعى جاهدين مع منظمات المجتمع المدني القضاء على التشرد والتسول وعمالة الأطفال، التي لعب التفكك الأسري، الطلاق، والوضع الاقتصادي المتردي وغلاء المعيشة دوراً كبيراً في انتشارها. وقال إبراهيم بالرغم من أن لدينا كوادر مدربة ومؤهلة، إلا أن ما يعيقنا عدم وجود الميزانيات الكافية، بالإضافة إلى صعوبة الحركة في مناطق النزاعات، الأمر الذي أدى إلى توقف العمل الإنساني في ثلاث محليات (الكرمك، قيسان، باو) إلى حين، خاصة مع حلول الخريف، لكنه مستمر دون توقف في (الدمازين، الرصيرص والناصر)، مشيراً إلى أن وزارته تشجع اليافعين واليافعات على مواصلة التعليم، كما أنها تدعمهم بمشاريع مدرة للأموال بواسطة التمويل الأصغر.
علو المناصرة
حجم الممارسات السالبة بالنسبة لشادية عبدالله الأمين العام لمجلس الطفولة بولاية كسلا متوسط، لكنها تعاني من تفشي المخدرات والأيدز. وقالت: إذا رجعنا لاحصائيات شرطة حماية الأسرة والطفل نجد أن جنوح الأطفال نسبته عالية. وتابعت: نجتهد لإجراء دراسات للوقوف على أسبابه، ومن ثم العمل على معالجته، وأكدت انتشار مدارس الأساس والتعليم قبل المدرسي في جميع أنحاء الولاية. وقالت: حتى أصقاعها ينعم كل طفل فيها بحقه في التعليم والصحة، الأطفال الأقل من (5) سنوات يتمتعون بخدمة العلاج المجاني، بالرغم من أن نسبة الأطفال في ولاية الجزيرة (42%) من جملة السكان. وأضافت: نحتاج لشراكات قوية وتنسيق لمعالجة التشوهات الاجتماعية التي باتت هاجساً لنا، لتنفيذ البرامج العلاجة التي تتطلب توفر دعم مالي كبير. وقالت: لا ننكر جهد الحكومة المتواضع والمقدر، لكننا نتوقع دعم منظمات المجتمع المدني، للدفع بعجلة المناصرة التي تعلو في الولاية.
عمل مكثف
أشارت نجاة عبدالصادق الأسد مدير ملف الرعاية والحماية الخاصة للأطفال بالمجلس القومي لرعاية الطفولة أن اليافعين هم الأطفال التي تقع أعمارهم بين (12? 18) سنة، باعتبار أنها الشريحة التي تحتاج عملاً مكثفاً وبرامج نوعية في تناولها وشكلها، لما يصحب هذه المرحلة من متغيرات كثيرة، موضحة أن السودان فيه (15) مليون طفل دون الـ (18) سنة، و(7,4) مليون طفل دون الخامسة، قالت: بإجراء عملية رياضية بسيطة نجد أن مجموع الفئة المستهدفة (10) ملايين يافع ويافعة في الهرم السكاني للسودان، وهو عدد لا يستهان به، بحسب نجاة، ويحتاج لعمل وجهد أكبر، لأنهم يواجهون بتحد في تناول المواضيع التي تخصهم.
كثافة عالية
وأوضحت أن العمل مع هذه الشريحة بدأها المجلس القومي لرعاية الطفولة بإجراء دراسة في صحة المراهقين، سواء أكانت بممارسة السلوك الغذائي والألعاب الرياضية، بالإضافة إلى الممارسات السالبة كتناول المخدرات التدخين أو تناول المواد الضارة، وقد أظهرت الدراسة التي أجريت في ثلاث محليات في ولايات الخرطوم اختيرت لكثافة اليافعين واليافعات فيهم، عدد من المؤشرات فيها تحديات كبيرة بناءً عليها وضعنا برامج كثيرة جداً تحتاج لعمل. وأشارت إلى أن المجلس في تنفيذ هذه البرامج له العديد من الشراكات مع المنظمات المانحة اليونسف وصندوق الأمم المتحدة لدعم السكان، بالإضافة إلى المنظمات الوطنية الفاعلة في التنفيذ، بالتنسيق مع الوزارات ذات الصلة بالتنفيذ كوزارة الشباب والرياضة والتربية والتعليم ووزارة الشؤون الاجتماعية. واعتبرت نجاة البرامج نوعية، لأنها تشمل التوعية والرعاية والحماية في ذات الوقت. وقالت: لا أستطيع تحديد عدد الممارسين للسلوك السيئ أو غيره، لأن الدراسة أجريت على ثلاث محليات فقط من ولاية الخرطوم، لكننا في شهر يوليو المقبل سنجري دراسة في ولاية كسلا والنيل الأزرق ودارفور، بدعم من الأمم المتحدة للأنشطة السكانية، بعدها نستطيع التحديد والبناء على مخرجاتها
اليوم التالي