همهمة الحزب.. وحوار الرئيس 2

(أما آخر مظاهر علاقة الحزب الحاكم بالحوار ومخرجاته.. فقد تجلت عشية شورى الحزب نفسه حين تحدث الرئيس البشير عن ضرورة استعداد الحزب لتقديم تنازلات كبيرة كاستحقاق طبيعي على الحزب أن يتحمله في سبيل تطبيق مخرجات الحوار.. إن الهمهمات التي سرت داخل القاعة.. والضيق الذي أبداه الحاكمون جراء تلويح الرئيس بمغادرة عدد كبير منهم لمقاعدهم.. كانت استفتاءً حقيقيا لموقف الحزب تجاه الحوار.. الذي تحول الآن لا إلى مجرد وثيقة سياسية اسمها المخرجات.. بل هو يتحول الآن إلى حقوق وواجبات عبر نصوص دستورية وقواعد حاكمة وقرارات.. وتتجه الأنظار.. مرة أخرى.. نحو الرئيس.. ماذا هو فاعل بحواره..؟)..
أعلاه فقرة أنهينا بها تحليل الأمس.. والواقع أن الرئيس تواجهه الآن معضلة أخرى.. وهي هذا العدد الضخم من الأحزاب التي انخرطت في الحوار.. استجابة لدعوته.. وظلت هذه الأحزاب.. من أكبرها وحتى أصغرها.. ولا تسألني عن المعيار هنا.. تراهن على الرئيس وتعهدات أطلقها في عدة مناسبات.. وما من حزب إلا وأكد في مناسبة ما أن الرئيس شخصيا قد أكد لهم على جدية الحوار.. ومسئوليته الشخصية عن بلوغه مبتغاه.. وما كان مصدرا للسعادة الشخصية والانتصار السياسي قد يتحول إلى أمر مزعج.. إن لم يكن كابوسا حقيقيا.. فالعدد الهائل للأحزاب المحاورة كان في لحظة مؤشرا لنجاح الحوار.. ولكن الحوار نفسه لم يحسم بشكل عملي.. من سيحكم في المرحلة المقبلة.. ومن سيستمر في دور الداعم والرقيب.. ولا نقول المتفرج.. عليه أصبح كل من شارك في الحوار مفتوحة أمامه الخيارات على كل الاحتمالات.. ولم يكن.. وليس الآن.. من سبيل أمام أي جهة أن تخضع الأحزاب والجماعات والحركات المشاركة في الحوار لأي نوع من أنواع التقييم.. لا من حيث الوزن السياسي ولا الثقل الجماهيري.. فقد تساوى الجميع في فضل المشاركة.. رغم أنه لم يعد سرا أن البعض كان يعجز عن توفير العدد المطلوب لعضوية اللجان.. وبات الآن من حق الجميع أيضا التساوي في المشاركة في السلطة..!
اقترح البعض على الرئيس.. ذات مشورة.. أن يدعو لانتخابات مبكرة.. لتحقيق المساواة في التنافس على الأقل.. ولكن الرئيس فيما يبدو كان يعلم أكثر من غيره مدى جاهزية الأحزاب لخوض انتخابات عامة.. فلم يصمد الاقتراح كثيرا.. فلم يكن أمام الرئيس من خيار آخر.. للوفاء باستحقاقات الحوار الوطني.. غير اللجوء إلى حزبه.. المؤتمر الوطني.. ليطرح على أجهزته.. أي الحزب.. تصوره لخلق المعادلة السياسية المطلوبة للمرحلة المقبلة.. ومهما علت الهمهمات.. فلا يبدو الرئيس منزعجا.. ولا شك أنه يستصحب في ذهنه أن هذا الحزب قد سبق له التنازل عن ما يقارب الخمسين في المائة من حصته في السلطة.. فلم تختل المعادلة بين يديه.. ولكن الرئيس.. وأي مراقب للمشهد السياسي.. يدركون أن المعادلة تختل إن اختل التوازن بين المؤسسات الرئيسة في المعادلة.. فإذا كان مطلوبا من رئيس الوزراء الجديد أن يتشاور مع الرئيس في تشكيل حكومته.. وأن يرأس حكومته.. وأن يقع على عاتقه متابعة كل الشأن التنفيذي في البلاد.. فابحث عن من يمكن أن يوليه الرئيس كل هذه الثقة.. ولأي مؤسسة في هذه المعادلة ينتمي..؟!.. انتهى.

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. يعني كل القصة في يد الرئيس .. الحوار حواره وهو الذي يضمن التنفيذ !!!!

    هل هكذا تحل قضايا الوطن ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    لا تحلموا بعالمٍ سعيد .. للأسف …..

  2. “.. ولا شك أنه يستصحب في ذهنه أن هذا الحزب قد سبق له التنازل عن ما يقارب الخمسين في المائة من حصته في السلطة.. ”
    من أين جاء حزب الرئيس بهذه الحصة؟ هل هي ورثة أم يا ترى هي هبة من السماء وسربالا سربله الله على هذا الحزب؟ اعتقد أن هذه هي المشكلة الأساسية وهي أن هذا الحزب يعتقد أن الله قد اختصه بهذا الحق وانه بهذا الحوار انما يتكرم ويتنازل عن حق من حقوقه الأصيلة في الإمساك بمفاصل الدولة لا ينازعه فيها أحد، ناسيا الطريقة التي حصل بها على هذه الامتيازات.
    ما فائدة الحوار مع أحزاب وشخصيات لا تستطيع إحداث أي تغيير حقيقي على الأرض سواء من ناحية التأثير السياسي ولا من فيما يتعلق بوقف الحرب. أليست هذه هي الغاية الرئيسية من الحوار؟ هل لأي من هذه الأحزاب من النفوذ والوزن السياسي ما يجعله قادرا على إحداث أي تغيير – سلبا أو إيجابا- وهل لدى كل من شارك باسم الحركات المعارض أي تأثير عسكري ميداني يمكن أن يؤدي إلى وقف عدائيات أو تصعيد في العمليات أو اسهام في سلام؟ هل تتمتع أي من الشخصيات الأخرى التي يطلق عليها قومية تأثير أو وجود خارج إطار مجموعات ومنابر التواصل الاجتماعي؟
    ما فائدة الحوار دون حوب الأمة والحزب الشيوعي؟ أليس الحزب الشيوعي هو الذي تكال له الاتهامات من الحكومة صباحا ومساء بأنه يتسبب في الأزمات والمؤامرات ضد البلاد؟ نفس الأمر ينطبق على حزب الأمة والصادق المهدي. ألا يشكل حزب الأمة ضغطا على المؤتمر الوطني رغم ما يراه البعض في مواقف الصادق المهدي؟ ألا يحس المؤتمر الوطني بثقل ووطأة حزب الأمة عليه في الجانب السياسي وما يمكن أن يقدمه هذا الحزب في الانفراج السياسي والتغيير؟ هذا في الجانب السياسي. من الذي يحارب الآن في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق؟ انهم ياسر عرمان ومناوي وعبدالواحد وجبريل. هؤلاء هم من بيدهم التحاور من أجل وقف العدائيات وهم من يستطيع احداث التغيير على الأرض. كيف يمكن أن يتحاور الرئيس مع غيرهم لتحقيق هذه الأهداف؟ لماذا لا يستفيد الرئيس وحزبه إذا كانا جادين في الحوار من تجاربهم السابقة واتفاقاتهم السابقة بداية من اتفاق ما عرف بسلام الخرطوم مع مجموعة الناصر التي لم توقف الحرب في الجنوب ولم تحقق السلام في الجنوب. أضف إلى ذلك كم الاتفاقات الخاصة بدارفور مع فئات وأشخاص يتم تضخيم صورهم ونفخهم في وسائل الاعلام دون أن يكون لهم أي تأثير حقيقي.
    إذن مع من تحاور الرئيس في قاعة الصداقة في غياب حزب الأمة بقيادة الصادق والحركة الشعبية بقيادة عرمان والحلو وعقار وحركات دارفور بقيادة مناوي وعبدالواحد وجبريل؟ وكيف يمكن تحقيق مخرجات هذا الحوار بغياب هؤلاء؟
    الرئيس لو جادي كلمو يصفر العداد والناس تبدأ من الأول.

    تحياتي لك الأستاذ محمد لطيف

  3. يعني كل القصة في يد الرئيس .. الحوار حواره وهو الذي يضمن التنفيذ !!!!

    هل هكذا تحل قضايا الوطن ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    لا تحلموا بعالمٍ سعيد .. للأسف …..

  4. “.. ولا شك أنه يستصحب في ذهنه أن هذا الحزب قد سبق له التنازل عن ما يقارب الخمسين في المائة من حصته في السلطة.. ”
    من أين جاء حزب الرئيس بهذه الحصة؟ هل هي ورثة أم يا ترى هي هبة من السماء وسربالا سربله الله على هذا الحزب؟ اعتقد أن هذه هي المشكلة الأساسية وهي أن هذا الحزب يعتقد أن الله قد اختصه بهذا الحق وانه بهذا الحوار انما يتكرم ويتنازل عن حق من حقوقه الأصيلة في الإمساك بمفاصل الدولة لا ينازعه فيها أحد، ناسيا الطريقة التي حصل بها على هذه الامتيازات.
    ما فائدة الحوار مع أحزاب وشخصيات لا تستطيع إحداث أي تغيير حقيقي على الأرض سواء من ناحية التأثير السياسي ولا من فيما يتعلق بوقف الحرب. أليست هذه هي الغاية الرئيسية من الحوار؟ هل لأي من هذه الأحزاب من النفوذ والوزن السياسي ما يجعله قادرا على إحداث أي تغيير – سلبا أو إيجابا- وهل لدى كل من شارك باسم الحركات المعارض أي تأثير عسكري ميداني يمكن أن يؤدي إلى وقف عدائيات أو تصعيد في العمليات أو اسهام في سلام؟ هل تتمتع أي من الشخصيات الأخرى التي يطلق عليها قومية تأثير أو وجود خارج إطار مجموعات ومنابر التواصل الاجتماعي؟
    ما فائدة الحوار دون حوب الأمة والحزب الشيوعي؟ أليس الحزب الشيوعي هو الذي تكال له الاتهامات من الحكومة صباحا ومساء بأنه يتسبب في الأزمات والمؤامرات ضد البلاد؟ نفس الأمر ينطبق على حزب الأمة والصادق المهدي. ألا يشكل حزب الأمة ضغطا على المؤتمر الوطني رغم ما يراه البعض في مواقف الصادق المهدي؟ ألا يحس المؤتمر الوطني بثقل ووطأة حزب الأمة عليه في الجانب السياسي وما يمكن أن يقدمه هذا الحزب في الانفراج السياسي والتغيير؟ هذا في الجانب السياسي. من الذي يحارب الآن في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق؟ انهم ياسر عرمان ومناوي وعبدالواحد وجبريل. هؤلاء هم من بيدهم التحاور من أجل وقف العدائيات وهم من يستطيع احداث التغيير على الأرض. كيف يمكن أن يتحاور الرئيس مع غيرهم لتحقيق هذه الأهداف؟ لماذا لا يستفيد الرئيس وحزبه إذا كانا جادين في الحوار من تجاربهم السابقة واتفاقاتهم السابقة بداية من اتفاق ما عرف بسلام الخرطوم مع مجموعة الناصر التي لم توقف الحرب في الجنوب ولم تحقق السلام في الجنوب. أضف إلى ذلك كم الاتفاقات الخاصة بدارفور مع فئات وأشخاص يتم تضخيم صورهم ونفخهم في وسائل الاعلام دون أن يكون لهم أي تأثير حقيقي.
    إذن مع من تحاور الرئيس في قاعة الصداقة في غياب حزب الأمة بقيادة الصادق والحركة الشعبية بقيادة عرمان والحلو وعقار وحركات دارفور بقيادة مناوي وعبدالواحد وجبريل؟ وكيف يمكن تحقيق مخرجات هذا الحوار بغياب هؤلاء؟
    الرئيس لو جادي كلمو يصفر العداد والناس تبدأ من الأول.

    تحياتي لك الأستاذ محمد لطيف

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..