مقالات سياسية

وزير المالية تحت النيران

يوسف السندي

نقر بشجاعة وزراء الحكومة الانتقالية وهم يتصدون لمهام الوزارات رغم علمهم المسبق بأن المسؤلية ستكون عسيرة وشبة مستحيلة ، معظمهم جاءوا من مناصب رفيعة في المؤسسات الدولية ، لم يأتوا طمعا في منصب ، ولا سعيا وراء مكسب ، بل إيمانا بالثورة ، وطمعا في خدمة البلاد ، وتحقيق أحلام وطموحات الثوار ، ورد دين الشهداء والجرحى .

الوزراء تكنوقراط ، حتى الذين لهم خلفية حزبية لم ترشحهم احزابهم ، وإنما جاءت بهم الكتل من منطلق الكفاءة والإيمان بانه الوزير المناسب في المكان المناسب ، لذلك من الإجحاف مهاجمة هذا الوزير او ذاك بدافع خلفيته السياسية .

جزء من الوزراء يعملون في ضغوط خفيفة لانهم يشغلون وزارات بعيدة عن هموم المواطن اليومية ، والجزء الآخر يتعرض يوميا للنقد والتشكيك لان وزارته متعلقة بالهموم اليومية ، وزير المالية ووزير التجارة والصناعة هما الأكثر تعرضا للضغوط .

وزير المالية من لحظة استلامه لموقعه ، استلمته زمرة من اقتصاديي الحرية والتغيير ، شككت في برنامجه وقدحت في صلاحيته ، وظلت هذه الزمرة تواصل حملة ضغط مستمرة بلا هوادة على الوزير منذ اعلان الحكومة حتى اليوم ، هذه الزمرة شريكة الوزير في التغيير وفي الحكومة وليست من الكيزان ولا المعارضين ، الطعن من الخلف الذي يتعرض له وزير المالية أكثره من اصدقاءه في الحرية والتغيير !! وهذه واحدة من ظواهر السياسة السودانية التقليدية المزمنة ، انتقلت عبر هذه الزمرة بحذافيرها من التاريخ السياسي الكسيح إلى الحاضر ، وهو سلوك خطير سيحول حكومة الثورة من حكومة إجماع وتعاون إلى حكومة صراع وخلاف .

تحميل وزير المالية عبء الانهيار الاقتصادي يبدو غير منطقي من واقع الحال ، الوزير جاء ببرنامج كامل متكامل عرض ملامحه قبل حتى أن يؤدي القسم ، وسوقه للعالم الخارجي في أكثر من منتدى وبرنامج تلفزيوني ، ووجد اشادات وتاكيدات دولية بدعمه ، وحين استلم الوزارة وبدأ في تطبيقه ، كبست هذه الزمرة على ( حلقه ) ويديه ومنعته من تطبيقه ، واساءت له ولكل الدول التي تريد ان تساهم مع الوطن في محنته الاقتصادية من منطلق الصداقة والشراكة الدولية ، فهل الوزير مخطيء ؟!!

تعطيل برنامج الوزير فخخ الوضع الاقتصادي وأرسل إشارات سالبة للعالم عن الإصلاح الاقتصادي الذي قد تتبناه الحكومة الانتقالية . من الأثار المباشرة التي ظهرت بعد تعطيل برنامج وزير المالية ، تأجيل مؤتمر المانحين وإيقاف إنسياب الدعم الخليجي المعلن . الدعم الخليجي المتوقف يفوق مليار ونصف دولار ، كانت كفيلة بأن يستمر الوضع مستقرا حتى يونيو على الأقل ، فأيهما المخطيء وزير المالية أم زمرة أقتصاديي الحرية والتغيير؟!!

المعركة ليست في شركة الفاخر ، ففي ظل العقوبات الأمريكية والاقتصاد الرأسمالي الذي يسود العالم ، لا بديل للحكومة عن الاستفادة من نشاط القطاع الخاص في تسويق المنتجات المحلية . انما المعركة الحقيقة تدور حول المؤتمر الاقتصادي القادم ، والصيغة التي ستخرج عنه من إصلاحات إقتصادية ، هل ستكون إصلاحات حقيقة تشبه الثورة وتتماهى مع قيم الاقتصاد العالمية الحديثة ، أم ستكون ذات الصيغة الاقتصادية القديمة التي تريد زمرة الحرية والتغيير سجن السودان فيها من جديد .

المعركة الراهنة ضد وزير المالية تريد أن تجرده من سلاح الأمانة ، وتصوره كفاسد ، باستخدام بعض الاقلام الصحفية التي صنعت إسمها وإمبراطورياتها الصحفية في ظل نظام الانقاذ . هدف هذه المعركة غير المعلن هو إقالة وزير المالية او إجباره على الاستقالة قبل اوان المؤتمر الاقتصادي ، وبالعدم الضغط عليه ليتنازل امام المؤتمر الاقتصادي عن برنامجه الذي يمثل برنامج الثورة وبرنامج الأجيال الجديدة .

يوسف السندي
[email protected]

‫7 تعليقات

  1. ياسيد لو سلمنا أن كلامك صحيح ورفض تنفيز برنامجه لماذا لم يقدم استقالته فورا حتى لا يوصم بالفشل وهو يعلم أنه لا تصلح الحال البلد الا بطريقته هذه

  2. اذا اعترف البشير بأنه قتل 10 الف في دارفور . فإذا جاء من بعده من يقول بأنه قتل 20 الف سوداني يعد برنامجه للقتل منافيا لما كانت تعمله الإنقاذ .
    هذه هي طريقة تفكيرك في ان الوزير اتي بشيئ مغاير للإنقاذ …
    التفكير العقيم لمفكري او ” حيران” حزب الأمة الذي ” جاب خبرنا” في الديمقراطية السابقة ولا زال في غيه.

  3. (المعركة ليست في شركة الفاخر ، ففي ظل العقوبات الأمريكية والاقتصاد الرأسمالي الذي يسود العالم ، لا بديل للحكومة عن الاستفادة من نشاط القطاع الخاص في تسويق المنتجات المحلية)……. بالله؟؟؟
    دافعين ليك كم؟؟؟ وهل الفاخر هي كل القطاع الخاص (أم هي خاص جداً جداً؟؟)
    فساد عياناً بياناً تحدثت به الركبان (لن أكرره ويكفي أن تقرا مقالات الكاتب عبد الباقي الظافر)
    الفاخر استلمت كل صادر الذهب واستيراد جميع المواد الإستراتيجية، وهي شركة لا نعلم لها تاريخاً وملاكها تحوم حولهم الشبهات!!!
    انت عايش وين؟؟؟

  4. أصبحنا تائهين بين الحقيقة والخداع ولا ندري من مع الثورة والثوار ؟؟
    البعض يشير إلي التمكين الجديد من أجل المال والسيطرة والآخر في صف نصبر حتي يتحقق المقصود …. ونحن نقول سلم سلم سلم يا رب .

  5. ارتفاع الاسعار الخرافي, و صفوف الرغيف التي يشهدها السودان مند أكثر من شهر, ناس واقفين في الصفوف من تلاتة صباحا- نعم تلاتة صباحا و ليل -نهار و ضرب و عفيص و سكاكين و مشاكل و برضو تقول الناس مترصدة البدوي و مدني عباس؟ان فارقوا درب الشعب فليفارقوا ما لا يستحقونه.
    الادارة بخلق الازمات نظام قمئ استنته الانقاد و يواصل فيه هؤلاء لرفع أسعار السلع و قريبا ستتضح الرؤية ,و الشارع بقي خبرة و عارف الهدف . بس الاسلوب ما تمام- نساء و بعضهم حبوبات و شيوخ و أطفال في صفوف أشبه بيوم الحشر, و هؤلاء في أبراج عاجية و لا يحسون بالآم الشعب السوداني, و حمدوك كلامو lip service ساكت و “نعبر سويا ” لن تطعم جائعا. و السلطة في يد حمدوك و داخرها لليوم الأسود؟
    انهم تجاوزوا الفشل زمان! الي الفشل المخزي!!!!!
    مزمل أبو القاسم صدق و هو عند الثوار كدوب.
    يجب حل الحكومة و تعيين كفاءات حقيقية و من الوزن الثقيل و موجودين بالداخل و الخارج, و صحبي و صاحبك و تقسيم الغنيمة لن تبني وطنا.

  6. يبدو أن الراكوبة أصبحت جزء من الثورة المضادة فلديهم خيار و فقوس في نشر التعليقات ..كتبت أكثر من تعليق. .و للأسف لك يتم النشر ؟؟؟؟؟!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..