أخبار السودان

سد النهضة و(محن) وزراء الإنقاذ(1-2)

على عسكورى

لم أشاء أن أعلق على ما يدور عن مشروع سد النهضة الإثيوبى سلباً أو إيجاباً لسبب بسيط وهو ندرة أو سريّة المعلومات والدراسات عن المشروع. فكل المتوفر من معلومات عبارة عن تصريحات صحفية متفرقة من وزراء أوسياسيين لا نعرف من أين إستقوها وما هى مصادرهم.

فمثلاً، حتى اللحظة لا أحد يجزم بكمية المياه التى سيحجزها الخزان وما هى كمية المياه التى سيتم تمريرها يومياً لتوليد الطاقة المطلوبة – هنا مربط الفرس- ، ومن ثم تدخل الى مجرى النهر ؟ وما إذا كانت هذه الكمية ثابتة أم متذبذبة صعوداً وهبوطاً؟ فمن غير الجزم أو معرفة كمية المياه التى ستمرر عبر توربينات السد ومعرفة ديمومتها (ثباتها) طوال العام، يستحيل تحديد تأثير أو تأثيرات هذا المشروع على السودان! أى ببساطة لا يمكن معرفة مستوى منسوب النيل الأزرق ومن ثم منسوب النيل (شمال الخرطوم).

ومع إستمرار جهلنا وجهل وزير الرى بتلك الكمية، يصبح من المستحيل تحديد التأثيرات البيئية على مجرى النهر وعلى السكان!
ومع جهدنا المستمر للحصول على معلومات ودراسات المشروع، فاجأنا وزير الرى بتصريح غريب “من يقول أن السد سيكون وبالاً على السودان عليه أن يأتى بالدليل العلمى المقنع” (الراكوبة 25 مارس 2015). هذا تصريح لا يصدر إلا من شخص جاهل بابسط مقومات العمل العام. فالوزير إما ساذج او عبيط او الأثنيين معاً! فبدلاً من أن يقول “أن الدراسات أثبتت أنه لا توجد تأثيرات سلبية على السودان” إختار أن يتحدى المختصين بإبراز الدليل العلمى على سلبية تأثيرات السد على السودان! بمعنى آخر فالوزير يقول للمختصين السودانيين “إن عليكم تدبير عشرات الملايين من الدولارات والقيام بدراسة تأثيرات بيئية لإثبات التأثيرات السالبة للمشروع على السودان”! نقول ذلك، لأن الممارسة الثابتة فى جميع أنحاء الأرض فى مثل هذه المشروعات هى أن تقوم الحكومة بتمويل الدراسات (عالية التكلفة) ومن ثم نشرها على المختصين وقادة الرأى للتعليق عليها لتبيان ومناقشة ما يمكن أن يحدثه المشروع من تأثيرات سلبية أو إيجابية. أما أن يطلب الوزير من أى شخص يخالفه الرأى بإبراز الدليل العلمى على سلبيات المشروع، فهو تصريح لا يصدر إلا من شخص ساذج، لأن الدليل العلمى لا يمكن أن يقوم إلا على اساس توفر دراسة علمية تفصيلية. مثل هذه الدراسة لا يمكن للخبراء و المختصين القيام بها لتكلفتها العالية، وحتى وإن تمكنوا من (تدبير) الأموال بمعجزة، قد لا توافق الحكومة لهم القيام بها! إذن كيف يمكن توفير الدليل العلمى وبأى وسيلة يا ترى ! أم ترى أن الوزير (يستعبط)!

غير أننا نعلم مما إستطعنا تجميعه من معلومات (شكرا لزملائنا فى مصر وأثيوبيا الذين أمدونا ببعض التفاصيل) أنه لا توجد دراسة تأثيرات بيئية للمشروع على كل من السودان ومصر. بمعنى آخر أن الحكومة الأثيوبية شرعت فى تنفيذ المشروع قبل أن يتم إجراء دراسة التأثيرات البيئية للمناطق خلف السد وهذا خطأ اساسى ما كان يجب أن يحدث لولا تواطؤ حكومة الوزير. فقد وافقت حكومة السودان على المشروع لأسباب سياسية حتى قبل أن تعرف تأثيراته البيئية والإقتصادية والاجتماعية على السودان. مثل هذا الأمر لا يحدث إلا من حكومة تفتقد أبسط موجهات الإلتزام بمصالح البلاد والعباد. جاءت موافقة حكومة الخرطوم (أجد صعوبة بالغة فى تسميتها حكومة) من رئيسها مباشرة بعد الإطاحة بالرئيس المصرى محمد مرسى. ففى ردة فعل واضحة صعد الجنرال البشير الى أحد مسارح الخطابة الجماهيرية فى الدمازين ليعلن مباشرة تأييد حكومته للمشروع بلا تحفظ… هكذا…! ولم لا! فشقيقه هو المورد الأساسى لمواد البناء (الأسمنت) للمشروع!

ذكرنا أنه لا توجد دراسات بيئية عن تأثيرات المشروع، لذلك يقوم تعليقنا على معرفتنا بالمجال وعلى بعض المعلومات الشحيحة التى جمعناها من مصادر مختلفة.

أول هذه التأثيرات أن مجرى النيل الازرق ومجرى نهر النيل (شمال الخرطوم) لن يكونا كما عرفهم السودانيون فى السابق! وسيتغير المجريان بصورة جذرية ونهائية! بمعنى آخر، لن يكون هناك فيضان سنوى للنيل وستنتهى دورته السنوية من فيضان وإنحسار. وحسب ما هو متوفر من معلومات فسيكون مجرى النيل الأزرق، ومن ثم مجرى النيل الرئيسى شمال الخرطوم شبه ثابت، أو فى حركة تذبذب محدودة (بالطبع سيتأثر مجرى النيل الرئيسى قليلاً بكمية المياه التى يجلبها النيل الأبيض زمن الفيضان بالرغم من محدودية كميتها). ماذا يعنى هذا؟ سيتبع هذا فقدان الزراعة الفيضية فى المناطق التى يغمرها النيل زمن الفيضان على طول مجرى النيل الأزرق ومجرى النيل الرئيسى حتى بحيرة المناصير (خزان الحماداب). كمية المساحات التى ستخرج من الرى الفيضى وتتحول للرى الصناعى غير معروفة (لاتوجد دراسة). أما عدد الاشخاص الذين سيتأثرون بهذه التغيرات الجديدة فربما يبلغ الملايين على ضفتى النيل الأزرق والنيل (جميعهم يستحقون التعويض على خسائرهم). يضاف لهذا أن هذه المجموعات النيلية ستخسر الإطماء السنوى الذى يجلبه النيل الأزرق وهو فى غاية الأهمية لتخصيب الجروف وتجديد مغذيات التربة. ولتقريب المعنى للقارىء، تنتج هذه المساحات الفيضية غالبية الخضروات والبقوليات فى السودان وتغذى بها المستهلكون فى المدن الرئيسية. وكنتيجة لتحول هذه المساحات للرى الصناعى ستتصاعد تلكفة الخضار والبقوليات التى يستهلكها المواطنون يومياً. يضاف لذلك، أن أصحاب المزارع على النيل الأزرق (جنوب شرق الخرطوم) وعلى طول مجرى النيل سيضطرون لاعادة تحويل مرابط الطلمبات التى يستخدمونها لرعى مزارعهم بعد انحسار منسوب النيل (يستحقون أيضاً التعويض على خسائرهم وكان على الحكومة استشارتهم وتقدير خسائرهم). هذه المزارع توفر قدراً كبيراً من الخضروات والموالح والفواكه خاصة لمدينة كالخرطوم. الزيادة فى هذه التكاليف الإنشائية والإضطرار لإستخدام السماد لانعدام الطمى ستضاف كلها لأسعار المنتجات.
ستتأثر العديد إن لم يكن كل الطلمبات التى تغذى صهاريج مياه الشرب للمدن التى تعتمد على مياه النيل. فمن المعروف أن هذه الطلمبات شيدت بناءً على حساب دورة النيل السنوية، وإن كان منسوب النيل سينخض كثيراً بعد قيام سد النهضة، فقد يحتم ذلك إعادة تشييد ومواقع الضخ لهذه الطلمبات حتى لا تصبح المدن من غير خدمات مياه. حالياً لا نعلم كم عدد المدن التى ستتأثر بإنخفاض منسوب النهر، وكم سيكلف إعادة تشييد طلمبات الضخ وكم من الوقت سيستغرق ذلك ومن سيتحمل التكاليف!
من التاثيرات العامة الأخرى ايضاً هى أن نوعية مياه النيل لن تعد كما هى. فمن الثابت أن السدود تسبب فى إزدياد ملوحة المياه. وكلما طالت مدة التخزين زادت نسبة الملوحة. فى حالتنا هذه ستخزن المياه أولاً فى بحيرة سد النهضة فترتفع نسبة الملوحة فيها، ثم تخزن مرة أخرى فى بحيرة الرصيرص فترتفع نسبة الملوحة مرة أخرى، ثم تخزن فى بحيرة سنار فتزداد الملوحة اكثر، ثم تخزن فى بحيرة المناصير فترتفع الملوحة مرة اخرى، وأخيراً تصل المياه لبحيرة النوبة لتخزن لفترة أخرى لتبلغ درجات أعلى من الملوحة. تزداد نسبة الملوحة طردياً مع فترة التخزين بمعنى كلما زادت فترة التخزين زادت نسبة الملوحة. لن يكن بالإمكان حالياً حساب نسبة الملوحة المتوقعة لعدم معرفتنا بفترة التخزين فى كل بحيرة. تاثر الملوحة على البشر وعلى المحاصيل وعلى كل المخلوقات التى تستهلك مياه النيل مباشرة. فالمياه المالحة تضر بالمحاصيل وتقود الى تدنى إنتاجيتها كما أنها تضر بالتربة وتقلل من خصوبتها.

أما الثاثيرات الأخرى المتوقعة فستقع على مجرى النيل الأبيض، وهذه نتيجة مصاحبة لتوقف فيضان النيل الأزرق. فمن المعروف أن فيضان النيل الأزرق ولشدة إندفاعه يقوم بحجز مياه النيل الأبيض والحد من إندفاعها شمالاً الأمر الذى يتسبب فى تمدد مياه النيل الأبيض لمساحات واسعة على ضفتيه. مع إنتهاء فيضان النيل الأزرق لن يكون هنالك حاجز مائى يمنع مياه النيل الأبيض من الإندفاع شمال بعد نقطة الإلتقاء عند جزيرة توتى. سيتبع هذا ? فى عملية قد تستمر لعقود – تجريف بطىء ومستمر لمجرى النيل الأبيض من الخرطوم وصاعداً جنوبا وربما نرى بعد عقد من الزمان او نحو ذلك آثار التجريف والهدام على ضفتى النيل الأبيض. ستكون هذه عملية تع=غيير بطيئه ولكن ستحدث وتتصاعد بمعدلات أسرع مع مرورو السنوات ولا أحد يستطيع التنبوء بتاثيراتها على المدن والقرى على ضفتى مجرى النيل الابيض. ومثلما سيتاثر الرى الفيضى على النيل الأزرق والنيل سيخسر المواطنون على النيل الأبيض مساحات ( يصعب تقديرها) نتيجة لعملية الجرف والهدام التى ستنشاء بعد سنوات. بالطبع يحتاج هذا الأمر لدراسة ومراقبة لصيقة لمعرفة كيفية السيطرة عليه والحد من تأثيراته.

هذه تحليلات بنيناها على ما توفر لنا من معلومات أولية محدودة وعلى معرفتنا بالمجال ( راجع كتابنا: خزان الحماداب نموذج الإسلام السياسى للإفقار ونهب الموارد).
لكل ذلك فإن كان الوزير جاداً فيما يقول عليه أن ينشر دراسات المشروع على الملاء حتى يدلى كل من شاء بدلوه فى أمر يهم غالبية السودانيين. بالطبع لن يكن بمقدرونا القيام بتقييم علمى متكامل لتاثيرات مشروع سد النهضة على السودان مالم نعلم وبصورة دقيقة وقاطعة مستوى منسوب النيل الأزرق بعد قيام السد، فكل شىء سيعتمد على مستوى المنسوب وما إذا كان متذبذبا ام ثابتاً، وإن كان متذبذباً هل هو تذبذب منتظم ام تتفاوت درجاته؟

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا أستاذ عسكوري

    ننتظر الجزء التاني من موضوعك
    بعدين يا أستاذ الناس ديل دراويش ساكت فبراحه عليهم
    بالمناسبه سمعت عن كتابك كتير جدا وعدد من أصحابي برضوا بيفتشوا عليه وسمعنا عنه كلام ممتاز
    وين بنلقاه؟
    د. عبد الباقي عبد الله

    ا

  2. حيقولوا ليك انت مستعجل ليه؟ لمن تحصل نعمل ليها دراسات ونعرف مدى هذه التأثيرات. أما حكاية يستحقون التعويض دي شيلها من راسك خالص.

  3. ارجو ان ترجع لتعليق كمال على محمد” تقريبا, لست متاكدا من الاسم بالظبط ” نشر فى الايام الفائتة تعليق لهذا الرجل وعلى موقع الراكوبة فى منتهى الخطورة عن التاثيرات , والرجل اعتقد انه شغل منصب وزير الري لفترة طويلة من الزمن شمل جزء منها فترة من حكم الكيزان , كما انه قبل ذلك كان وكيلا لها دهرا , تعليقه كان فى مناسبة حول الموضوع , هولاء الابالسة ” يجب ازالتهم باسرع ما يكون فبقاؤهم فى السلطة كارثة حقيقية للسودان

  4. بكل أسف وأسى و حزن عميق لا أعتقد أنه يوجد فى هذا النظام الذى لا يهمه غير ثراء أعضائه بأى وسيلة من يفكر بهذا المستوى من الفهم العلمى و الوطنية وحب الخير للناس. هؤلاء قد أعمتهم أنانيهم المفرطة عن رؤية مصالح وطنهم و شعبهم و قد اصمتهم شهوتهم لبناء القصور و الزواج مثنى و ثلاث و رباع عن الإستماع للنصائح التى يقدمها أهل العلم و الدراية و الخبرة فى شتى مجالات الحياة. هؤلاء هم صم بكم عمى لا يسمعون و لا يرون إلا أنفسهم و مصالحها .

  5. ما أسهل الكلام والتنظير , حينما تكون في موقع قيادي ستكون أسوأ منهم .. كلامك كلام عام لا يودي ولا يجيب أنتظر المصريين يجيبوا ليك خبر التأثيرات البيئية فهم أحرص الناس على ذلك سواء عن البيئة او عن عدم نقصان حصتهم من الماء لأن النيل بالنسبة لمصر هو شريان الحياة أم ناس قرعيتي راحت وأنت منهم فلا يهمهم ذلك , فثلث حصتنا من المياه تذهب لمصر فنحن دولة بترولية وليست زراعية . ( هاك البترول ده ).

  6. هذه ليست اتفاقية مبادئ بل اتفاقية خضوع ? إتفاقية الخنوع للأمر الواقع أملاه سوء التخطيط وانعدام التهيؤ والاستعداد لأمر محتوم وعلن مبقاً على الملأ ولكن الحكومة في وادٍ ومشاكلها وواجباتها في وادٍ آخر? ليس هناك في العالم أجمع رئيس حكومة وأعضاء حكومته كلهم في وادٍ آخر طوال عقود في حالة دفاع عن المواقع والتكتلات بلا انقطاع وبذلك هم غافلون عن أي شئ آخر خلاف التقاتل الداخلي والتكتلات الإستباقية للبقاء في الكراسي والمقاعد والبنابر والبروش ولنفي الاتهامات المتبادلة والذب عن المكاسب ? وقد ادخلوا أنفسهم والشعب في حالة حملة تعبئة عسكرية لربع قرن وتعبئة سياسية انتخابية لمدة 20 عاماً والمواطن منهك ليس فقط من التناحر والسير للخلاف وإنما أيضاً من هذه التعبئات المتواصلة والتي لا تحقق له شيئاً ولا تغير من وضعه شيئاً ? بينما الأمور التي تخص حياته ومماته وأسرته ونفسه تسير من سيء إلى أسوأ إلى كارثي إلى دمار محقق – سياسات عشوائية إرتجالية وعمليات تلفيقية وترقيعية لثوب الحكم المهترئ الذي لم يعد فيه مكان لمزيد من الرقع أو الرفي – ويقوم بهذه العمليات البائسة من لمينتخبه الشعب ولا ولّاه أمراً (فلا يستطيع مساءلة من لم يؤدِ أمامه قسم ولاء ولم يلتزم أمامه بشئ) فأقطاب الحكومة في عراك داخلي دائم منذ بداية الإنقاذ وحتى يوم الناس هذا والشعب السوداني قد أصابه السأم والملل واْلَشَلَلْ ? لا أحد يهتم به أو بحل مشاكله المزمنة إلا بقدر ما يخدم مصالحهم ويفيدهم بحل مشاكلهم المستعجلة ? فسياسات “من اليد للفم” أصبحت غير مجدية ? فلا تخطيط لا استراتيجيات لا مرامي ولا غايات ولا أهداف – لا مؤهلات للوزراء والمستشارين غير المؤهل الديني بينما هم في تكتلاتهم سادرون -المؤسسات عبارة عن منظومات من مراكز القوى المتمترسة والمتحصنة بالأتباع والحواريين والدروع البشرية مواجهة سهام الخصوم في داخل الوزارات وخارجها. سؤالي: متى كان آخر مرة رأيت فيها وزير الإقتصاد يستشرف رأي الشعب السوداني في سياسسات الوزارة ? أو وزير المالية يؤطر للسياسات النقدية أو وزير الخارجية يأخذ رأي الشعب السوداني في علاقات البلاد في اتفاقنا أو إختلافنا مع المصريين أو التشاديين أو الأثيوبيين أو الإريتريين – أو وزير الري يشرح للشعب السوداني أو يطلعه أو يأخد برأيه أو رأي (ممثليه في المجلس الوطني عن أي اتفاقية أو استراتيجية أو تكتيك لكي يحتج به أمام المجتمع الدولي في أي موف يحتاج لذلك) كل قراراتنا صادرة عن الباب العالي وحكيم الربع الخالي من أي شعب أو مرجعية مؤسسية أو قانونية أو دستورية ? شهدناه والبلاد على شفا جرفٍ هارٍ وهو يستقبل فنانين مغمورين أجانب وكل من هب ودب وادعى شرفاً في بلده وهم مجرد سماسرة ومدعين من غمار الناس وتراثهم وهم يجوسون خلال مكاتبه ومكاتب وزرائه وفي بيوتهم وأماكن تجمعهم لا ضابط أمني ولا ضرورة أو تراث ? وليته كان حكيماً فعلاً فهو متهور متقلب الأمزجة ويتدخل برأية الفطير في كل شئ ………. ربكم الأعلى الفرعون شبكتا (والأخير يبدو من شلوخه أنه أصلاً من جهات البجراوية ? ما بعيد من حويش ود أبو النجا).

    أنظر ماذا حدث في مسألة عاصفة الحزم واللزم وما حدث خلال الشهر الماضي – وبغض النظر عن العنتريات – فهذا أيضا مثال صارخ على التسرع والإنبطاح الغير مبرر (تخيل ماذا كان يمكن أن يكون رد السعودية إذا طلب السودان العام الماضي مشاركة السعودية في الرد على الهجوم الإسرائيلي على الخرطوم عاصمة الإمبراطورية الإسلامية المقدسة ومجال السودان الجوي في الضربة الإسرائيلية ? والله كان لسه منتظر يدخلوه تاني المجلس ? الرئيس السوداني المنبوذ عربياً لم يصدق انه مازال مرغوباً فيه فاندلق وانبرش وخرج ملبياً – وهو الذي حُظِر طيرانه – مجرد الطيران في الأجواء السعودية – عندما كان يدور في الفلك الإيراني – وقبلها عندما سمح نظامه ليونس البذيء بالتطاول وشتم المملكة وولاة أمرها لم يكن يستقبله أو يرحب به أحد رغم انه كان يدلّك الدرب ذهاباً وإياباً بالسنين الطوال يعتمر ويحج ثم يذهب في حال سبيله ولا حيلة للسعوديين في ذلك ? أي لؤم – ثم بلا حياء ولا كرامة في تلك الأمسية وقبل يومين فقط من اجتماع القمّة وبلا تفكير أو استشارة أو تمحيص في الإلتزامات أو التبعات انتفض واقفاً بالموافقة على الإشتراك فسقط سقوطاً مدوياً فاجأ حتى مضيفيه قبل مواطنيه وسارع بالمبالغة والتهويل مما احبط خطط المملكة بالتصعيد المفاجئ بلا عقل ولا حساب اقلق حلفاءها ممن يحسبون كل صغيرة وكبيرة وارغم المملكة على التراجع عن إدعاءاته الساذجة والخرقاء ونتائجها المضللة – الآن اتضح أن السعودية أرادت أن تتدرج في الضغوط على الحوثيين ولكن سبق السيف العذل ودخل العبلانج إلى مستودع الخزف ولعب صقريته المعهودة داخل المستودع. وكان ما كان وأراهن ان المملكة وباقي الدول المشاركة ستتعظ ولن تشركه مستقبلاً في أمر يحتاج للتروي وإعمال العقل أو الدبلوماسية أو التشاور. الآن خففت السعودية من لغة الحرب الدينية التي كان يظن لسذاجته أن هذا سيرضي السعودية والخليج عنه وهاهو الآن يقف وحيداً ولا أحد غير مهرجيه من الجبهة القومية الإسلامية يردد هتافاته الاستعدائية الدينوية.

    وإذا رجعنا للاتفاقية فواضحٌ أن هذه اتفاقية خضوع الضعيف للأقوى وخنوع الذليل للعزيز القاهر والتوقيع عليها يشي بمن هو من يسيطر ومن بيده الأمر على من لا يملك أمره ولا قراره – ويوقع بلا إرادة ? كما حال الضعيف عندما يوضع مرغماً أمام الأمر الواقع – وهذا بالضبط ما حدث للسودان بخصوص سد النهضة ? كانت “القيادة السودانية” الغارقة في الترف الذهني والمادي جالسة مسترخية في انتظار مرسي ليكفيهم باعتراضاته وربما تهديداته (قصف السد) ان يسيطر على الأمور ويقوم بما هم عاجزوم عنه بالرغم من موقفهم المهادنة مع اثيوبيا حتى إذا ما كب مرسى الجولة استسلموا وقالوا الأيوبي والله حاولنا ولكن زي ما إنتو شافيين ? وبعد ذهاب مرسي كان لديهم بعض الوقت ولكن كالعادة تكاسلواو أذعنوا ولم يجدوا مفراً لحفظ ماء الوجه فقاموا بدور الأجاويد وسفنهم تغرق تحت مصب سد النهضة ? هذه اتفاقية إملاء من الأقوى الضعيف من عند العزيز للذليل وفي عقر داره وهو يقوم بدور الخادم حارق البخور المطيباتي ? هذا الدورالذي يجيد وزير الخارجية صبي العولمة لعبه وهو الذي يتطوع خنوثةً أن يصب الماء ليغتسل صاحب السيطرة الذكورية من جنابته – هذا هو تطبيق عملي في خدمة الشبق الذكوري على الولايا وربات الحجال اللائي ليس لديهن ما يشاركن به كأي لبوة من جانبهن سوى الخنوع والخضوع وربما الجلع
    انا شخصياً أحب أثيوبيا فهي نبع الدم وإمتداد الوصل وأصل العاديك ? ولكن كسوداني لا أرى أي أثر لسودانيتي وكرامتي وأمني المائي في هذا الاتفاق ? خضوع بلا قيد ولا شرط أو مجرد أثر لمصالح السودان المستقبلية ولو من باب المظهر أو أي ذكر حتى أو أي تحرز لما يمكن أن يحدث مستقبلاً – خضوع مذل لرغبات أديس ولحسابات القاهرة ? فالاتفاقية المبادئية عبارة عن حقل ألغام مفخخ للسودان ? أو خريطة ألغام مسحت معالمها عن عمد. صياغة مضطربة مرتعشة حمالة أوجه – واللغة تنقصها الدقة واللغة غير مضبوطة وغير احترافية ? ولا أكاد أصدق أن لللجنة المشتركة مستشارون قانونيون يتقاضون أتعاباً ورواتب وأن للسودان مستشاراً قانونياً أو مجرد محامي عقود من المنتشرين في أروقة المحاكم في طول البلاد وعرضها وخاصة في وزاتي الري والخارجية أو مجلس الوزراء الذين يمتطون سيارات وزاراتهم أوزارهم جيء وذهاباً من المكاتب المكيفة والرحلات الخارجية لحضور المؤتمرات والندوات الخارجية وبالطبع هذا لا يكفي ولا يعفى من تلك المسؤولية الجسيمة: لا وزير الخارجية ولا وزير الري (الوزير المختص) ولا الرئاسة ولا (“كرسي المياه” الوثير) سواء في جامعة السودان أو الجامعة الإسلامية.

    كان بإمكان السودان أن يتحمل نتائج اتكاليته ويسرِّع من وتائر دراساته الخاصة بخصوص الآثار البيئية والاقتصادية والهايدروليكيا والتأثيرات المحتملة (كلها) ولا ينتظر ان تقوم له اثيوبيا بذلك وتلافي ما يمكن تلافيه وأن يضمن على الأقل حتى بعد أن أصبح الأمرواقعاً ان يحتاط لما تبقي من آثار سالبة ويتقدم منذ البداية بالتكلفة المحتملة لهذه الآثار حتى يضمن على الأقل بعض تكلفتها منذ البداية بدلا عن ان يأتي ليطالب بها بعد انتهاء التنفيذ.

  7. أهم فائدة للسد ستكون زيادة الأمطار في الجزء الجنوبي الشرقي لسهل البطانة ،،، فالملاحظ زيادة الامطار في هذه المناطق بعد انشاء سد مروي،، وكيف أن أكثر المناطق تأثرا في الخريفين الماضيين منطقة شرق النيل حيث زادت السيول القادمة من سهل البطانة الكبير،، كذلك ستزداد كمية الامطار في بعض مناطق الشمالية بسبب وقوع ثلاث بحيرات ضخمة بحيرة سد مروي والسد العالي وسد النهضة ،،، بعد امتلاء سد النهضة اذا اكتمل واشتغل بنجاح وأمان ستزداد كمية الامطار على امتداد منطقة البطانة لتتجه للنيل الازرق من جهة الجنوب الشرقي للسهل والى النيل من جهة الشمال الشرقي للسهل،،، مطلوب مراعاة الاودية الطبيعية القادمة من سهل البطانة وعدم توزيع مناطق سكنية فيها لأن كمية المياه الجارية في هذه الاودية ستزداد وستتسع ،،، كما مطلوب انشاء محابس في السهل لتخزين المياه وزيادة المخزون الجوفي ،،،

  8. قال : لم أشاء أن أعلق على ما يدور عن مشروع سد النهضة الإثيوبى سلباً أو إيجاباً لسبب بسيط وهو ندرة أو سريّة المعلومات والدراسات عن المشروع)
    طيب انت ساكت زمنك ده كلو ليه ؟

  9. الحالة دي ما عندك معلومات كاتب لينا مقال بعرض البحر !!! أنصحك بمقالات الاستاذ سلمان فهو يمتلك معلومات عن السد ومؤيد لقيام السد فقد تفيدك وكذلك الاطلاع على مقالات كمال على محمد فهو يمتلك معلومات ومعارض لقيام السد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..