مواطن خالي الدسم

* في أحيان كثيرة نحتاج للنقد الذاتي بحثاً عن التجويد، ولكن سريعاً ما يتبادر الى الذهن أننا ننتقد بحثاً عن النقد فقط.
* لا يهم، المهم من وجهة نظري الشخصية هو أننا من وقت لآخر نحتاج لأن نراجع أنفسنا في كثير من القضايا والمواقف التي تتطلب الوقوف عندها، جنباً الى جنب في نقدنا للحكومة والنظام الحاكم، رغم قناعتي أن كثيراً مما وصلنا اليه نتاج طبيعي لحالة التردي العام التي شملت كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها. * وما أود أن أخلص له، هو أننا تنصلنا عن الكثير جداً من قيمنا الإيجابية التي حلت محلها أخرى في غاية السلبية أفقدت السودان نكهته المحببة بين كافة دول العالم.
* حيث فقدنا إحساسنا بالآخر في كثير جداً من المناطق خاصة المركز، الذي بات مستلباً بفعل سياسات الدولة التي جاءت (مع سبق الإصرار والترصد)، وفقدنا الترابط الأسري الذي ميزنا عن غيرنا من الجنسيات، وتكاثرت المشاكل الاجتماعية بكافة أشكالها، من تحرش واغتصاب وزنا محارم، وزيادة مخيفة في معدلات الطلاق، والأبناء خارج إطار الزوجية، والقائمة تطول.
* كم من أحقاد أفسدت علينا مباهج وكم من ضغائن أضاعت فرصا للتقدم والارتقاء من بين أيدينا .!
* وكم من أمنيات أنيقة وئدت قبل أن ترى النور لذات السبب، فالسودان البلد الودود الولود المعطاء يفتقد لمن يعرف إمكاناته ويقدرها حق قدرها.!!
* أحد إشكالاتنا غياب العقلية المبادرة، وما هو موجود منها تم (إلغاؤه) بفعل الغيرة والحسد والبعد عن الانتماء السياسي.
* لم نتمدد في مجال البنى التحتية برغم كبر مساحة السودان (قبيل الانفصال وبعده)، وفشلنا في الاستفادة من وجود شركات البترول التي تتشكل أسماؤها وتتمدد شمالاً وجنوباً وغرباً ونالت ما نالت حظاً من خيرات وطن لم يجد من يعمل فعلاً وقولاً لرفعته.!
* كثرت خلافاتنا لاختلافاتنا الطبيعية، ولكنها تضخمت (بفعل فاعل) وباتت معظم مآسينا في الاختلاف مع الآخر فكرياً ومذهبياً ودينياً وقبلياً.!!
* لم يعد يهمنا عبقرية هذا أو ذاك ممن عليهم الرك في قيادة السودان لعوالم متقدمة تضعنا في مصاف الدول (صاحبة الوزن الثقيل)، بقدرما ينصب اهتمام البعض بالجهة التي ينتمي اليها هذا العبقري)، هل هي (موالية أم معادية) فإذا ما ساء حظ المواطن المسكين وكان من الفئة الأخيرة فلتحرق روما!!
* لذا برزت المأساة الكبرى في حظنا العاثر الذي ابتلانا بكوادر لا رصيد لها من المعرفة والفهم رغم ادعائها غير المهضوم.
* كما وأن أصحاب الكفاءات في كثير من الأحيان نجدهم من غير الموالين لذا فهم محاربون ممن دفعت بهم الصدفة وربما سوء التخطيط إلى أن يكونوا في مواقع صنع واتخاذ القرار معتقدين انهم خالدين فيها أبداً، في الوقت الذي تمنح فيه فرص التأهيل للعاطلين عن الموهبة وللذين بينهم والتطور جفوة لا يخطئها صاحب بصيرة.!!!
* لذا علينا الاعتراف أننا سقطنا في فخ من لا يخاف الله فينا ولا في وطنه، وهذا الفخ جعل منا مواطنين (ناقصي الدسم)، نرى كل هذه المتغيرات في حياتنا ولا نتخذ فعل إيجابي للخروج من عنق الزجاجة، قمة الإحباط وأنت تتأكد يومياً أنك مسلوب الإرادة في مأكلك ومشربك ومسكنك وأسرتك وتعليمك، ولا تملك الا أن تقول في صمت (السمع والطاعة).!!
* عزيزي المواطن، عزيزتي المواطنة، نحتاج لفعل إيجابي حاسم يعيد لنا بعضاً من بريقنا الذي خبا.
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..