أخبار السودان

صادر اللحوم المبردة.. بين الجهات الرسمية إجراءات الواقع والمرير

الخرطوم: علي وقيع الله

ظهرت في الأفق قضية صادر اللحوم المبردة عبر الموانئ لتجسد غياب العلاقة التكاملية بين الجهات الرسمية، ما يجعل من ذلك معوقعاً حقيقياً لعملية الصادر بشكل أو بآخر، في ظل اقتصاد يعاني من مشكلات كبيرة وأحوج إلى وجود قيمة مضافة لترميمه، ولقرابة ثلاثة أشهر يعاني قطاع الصادرات خاصة الثروة الحيوانية المذبوحة أي لحوم الصادر (المبردة) من إيقاف من قبل جهات النقل البحري، وربما أظهر تمسك إدارة ميناء عثمان دقنة بسواكن بتفتيش البرادات القادمة من المحطات الجمركية الخارجية، الأمر الذي رفضته هيئة الجمارك، وبين تلك الجهات توقف الصادر بغية انتظار حل الأزمة، ويرى بعض خبراء الاقتصاد أنه في ظل إصرار كل طرف على موقفه تعطل صادر اللحوم المبردة لأكثر من 3 أشهر في انتظار اتخاذ مجلس الوزراء قرار قوي وواضح يحسم الخلاف بين الطرفين خاصة وأنها إجراءات قد تعرض سلامة اللحوم للخطر، والبعض يرى أن مبرر هيئة الموانئ البحرية لتفتيش الحاوية المبردة التأكد من أنها لا تحتوي على ممنوعات، في حين أن التفتيش من اختصاصات إدارة الجمارك وليس هيئة الموانئ البحرية.

 

شروط جديدة

وسحب قرار لوزير النقل المكلف هشام علي أبو زيد، صلاحية إصدار شهادة إجازة لصادر اللحوم المبردة، وتحديد مواصفات البرادات التي تقع ضمن اختصاصات الإدارة العامة للمحاجر وصحة اللحوم بوزارة الثروة الحيوانية، ومنحها لهيئة الجمارك، ووجه القرار باستئناف صادر اللحوم عبر البرادات، فيما لم يحسم القرار نقطة الخلاف بين إدارة ميناء الأمير عثمان دقنة من جهة وهيئة الجمارك من جهة، سواء بتفتيش البرادات الصادربالميناء من عدمه، كما لم يحدد مكان تشميع البرادات، وأصدر الوزير قراراً وزارياً بالرقم “3” لسنة 2023م، باستئناف حركة صادر اللحوم المبردة عبر “البرادات” بميناء الأمير عثمان دقنة، على أن تكون الشاحنات المبردة الناقلة “البرادات” مستوفية للاشتراطات والمواصفات التي تحددها هيئة الجمارك وحاصلة على شهادة إجازة معتمدة من هيئة الجمارك وأن تستوفي الشاحنات المبردة جميع الإجراءات المينائية المنصوص عليها في لائحة هيئة الموانئ البحرية للعام 2022م، وأن تخضع جميع الشاحنات المبردة لشروط وأحكام منظومة ضبط حركة المركبات الأجنبية داخل الأراضي السودانية الخاصة بوزارة النقل، وأوضح القرار أن صدوره تم بناءً على موجهات قطاع التنمية الاقتصادية بمجلس الوزراء الانتقالي وبعد التنسيق مع الجهات المعنية بصادر اللحوم المبردة، ووجه الجهات ذات الصلة بوضع القرار موضع التنفيذ.

 

القبول والترحيب

وبناءً على خطاب صادر عن شركة “أم إن إيه” للأنشطة المتعددة، تحصلت (اليوم التالي) على نص منه، كشفت عن تضرر كثير من الشركات بعد إيقاف صادر اللحوم المبردة عبر الموانئ إلى دول الخليج والدول العربية فضلاً عن دخولهم في مشاكل مع مستوردي تلك الدول لجهة وجود عقود بينهم، وبينت الشركة عبر خطابها عن أن أضرار كبيرة لحقت بالصادرات السودانية ودخول عدد كبير من المنافسين لتلك الأسواق ليحلوا محل اللحوم السودانية، وعزا ذلك لجهة ارتفاع تكلفة النقل الجوي بالبرادات وفشل كثير من الشركات والمصدرين في الإيفاء بتعاقداتها مع كثير من الدول، كما قدمت الشركة التي تنوب عن الشركات المصدرة مقترحاً لهيئة الجمارك بأن يتم الوزن والشحن وإصدار الشهادات من قبل الثروة الحيوانية بمسالخ الخرطوم وتسييل البراد “ختم الجمارك والتشميع” من قبل الثروة الحيوانية مع تسجيل السيل والشهادات الصادرة من الوزارة ويكون سيل “ختم” خاص من الوزارة وبتحرك البراد إلى بورتسودان إدارة المحاجر بالميناء في وجود اللجنة المكونة من الجمارك والمواصفات والمقاييس والميناء والمحجر بورتسودان والمخلص والأمن الاقتصادي بمراجعة الشهادات التي ترسل بعد الشحن صورة منها مباشرة إلى محجر بورتسودان ويتم فتح البراد ومن ثم تصدر الشهادة الجمركية من الجمارك والشهادات الدولية من قبل إدارة المحاجر، ثم تقوم الجمارك بعمل السيل النهائي والإجراء الجمركي ويدخل الباخرة، وحسب خطاب الشركة، فقد وجدت هذه المقترحات القبول والترحيب من قبل إدارة ميناء الأمير عثمان دقنة بسواكن ووزارة الثروة الحيوانية وينتظر فقط موافقة الجمارك، وأعرب عن أمله في موافقة الجمارك، وتعهدت الشركات الالتزام بكل الشروط وقوانين الجمارك وهيئة الموانئ البحرية.

 

قرار حاسم

فيما يعتقد المحلل الاقتصادي الدكتور الفاتح عثمان محجوب أنه في ظل عدم تكوين حكومة في مجلس الوزراء بعد أن أطاح الفريق أول عبدالفتاح البرهان بحكومة شركائه في السلطة قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي واستقالة د. عبدالله حمدوك، ظلت السلطة التنفيذية تعمل بوكلاء الوزارات باعتبارهم وزراء مكلفين عدا من ينتمون للحركات الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام، منوهاً إلى وجود فراغ نسبة لتجاهل مجلس الوزراء لمشكلة الخلاف بين سلطات الجمارك وإدارة ميناء عثمان دقنة في سواكن في كيفية التعامل مع حاويات اللحوم المبردة التي فحصتها سلطات الجمارك في محطاتها الخارجية وختمتها وترفض فتحها مرة أخرى في الميناء بينما تصر إدارة ميناء عثمان دقنة على فحص وتفتيش تلك الحاويات في الميناء قبل السماح بشحنها في البواخر، ووصف د. الفاتح في حديثه لـ(اليوم التالي) إنه إجراء قد يعرض سلامة اللحوم للخطر أو كما تقول الجمارك، ويرى أنه في ظل إصرار كل طرف على موقفه تعطل صادر اللحوم المبردة لأكثر من 3 أشهر في انتظار اتخاذ مجلس الوزراء قرار قوي وواضح يحسم الخلاف بين الطرفين، وأوضح أنه بسبب الفراغ السياسي ظل مجلس الوزراء يعيش حالة عجز عن اتخاذ القرار المناسب، مشيراً إلى أن الضحية هنا الاقتصاد الوطني والمصدرون والمنتجون.

 

المتسبب الأول

بينما يعتبر الباحث الاقتصادي الدكتور هيثم محمد فتحي أن قضية إيقاف صادر اللحوم المبردة بين الجمارك وإدارة ميناء عثمان دقنة هما السبب في ذلك لعدم التنسيق بينهما البعض، وقال إن مثل هذه البرادات تذهب إلى مصر دون معوقات عبر المنافذ الجمركية البرية الأخرى، بينما يظل الإشكال في ميناء سواكن مستمراً، وتابع بالقول إن الجزء الأكبر من صادر اللحوم المبردة عبر الشاحنات يصدر للسعودية ودول الخليج لأنها تعتمد على البرادات، وقال د. هيثم لـ(اليوم التالي): بينما هناك كميات قليلة تصدر عبر الشحن الجوي لأنها أغلى قيمة في الشحن مقارنة بين  النقل البحري والنقل البري، مضيفاً أن مبرر هيئة الموانئ البحرية لتفتيش الحاوية المبردة التأكد من أنها لا تحتوي على ممنوعات، في حين أن التفتيش من اختصاصات إدارة الجمارك وليس هيئة الموانئ البحرية، وقطع أنه ليست لدى هيئة الموانئ سلطة رقابة على السلع، وما يليهم معرفة السلعة من مستندات التصدير، لكن مراجعتها وتفتيشها ليس من صلاحية هيئة الموانئ، وبحسب تقديره أن المسؤول عن إيقاف صادر اللحوم هيئة الموانئ البحرية لجهة أنها المتسبب الأول في إيقاف الصادر، مشيراً إلى أن هناك جهات تتمتع بسلطات رقابية مثل الحجر البيطري من قبل وزارة الثروة الحيوانية وهيئة المواصفات والمقاييس.

 

علاقة تكاملية

ويرى د. هيثم أن تعطيل التصدير من قبل الهيئة يسبب إهداراً لموارد البلاد، لجهة أن البلاد أحوج ما تكون للعملات الحرة بغرض دعم الميزان التجاري المختل وذلك لوجود فجوة ما بين الصادرات والواردات، وقال: لابد من رؤية استراتيجية للاستفادة من الثروة الحيوانية، كما دعا لإنشاء نظام نافذة واحدة لذلك لتشمل الجهات ذات الدور الرقابي لحماية الاقتصاد وتحصيل رسوم مقابل الخدمة التي تقدمها النافذة وليست جهات إيرادية، وشدد على ضرورة وجود علاقة تكاملية بين هيئة الموانئ البحرية والجمارك ذات ارتباط عضوي وتكامل في دورة العمل من أجل الصالح الوطني، وحث على حل جميع المشكلات بتوافق وتناغم للمصلحة العامة حتى ينساب العمل بصورة طبيعية.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..