الخرطوم.. قصة صناعة عاصمة السُّودان

الدكتور عمر مصطفى شركيان
مقدِّمة
الخرطوم ملتقى النيلين الأزرق والأبيض ريثما يستأنفان تدفقهما كنهر واحد، وذلك بعد استصحاب نهر عطبرة، شمالاً صوب البحر الأبيض المتوسط. وفي هذا الملتقى النهري المعروف بالمقرن التحمت ثلاث مستوطنات قديمة هي مدينة الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري لتكوِّن عاصمة السُّودان المثلَّثة. ولكن شواطئ هذه الأنهار متَّسخة ومحمَّلة بكل عناصر تلوُّث البيئة الصحيَّة مما يضر بالإنسان والحيوان على حدٍ سواء، وتحجم النشاطات السياحيَّة التي يمكن أن تجعل من هذه الشواطىء متنفساً جاذباً للعامة والخاصة. فلذلك نجد أنَّ النيل يحتضن بعضاَ من الأمراض الأكثر فتكاً بالناس في السُّودان والدول التي تشارك النيل. وهذه الأمراض تتناقل إلى ضحاياها عبر البكتريا أو الفيروسات أو الطفيليات، سواء في الغذاء أم الماء أم البيئة. والسباحة في النيل تحمل مخاطر الإصابة بمرض البلهارسيا، وتتكاثر البعوض حول النيل لتسبِّب الملاريا وحمى الضنك، وفيروس غرب النيل، ثمَّ هناك البراغيث، التي تلسع الأقدام مسببة “تونجياسيس” (Tungiasis)، والتي في حال عدم علاجها باكراً قد تؤدِّي إلى فقدان أظافر القدم، مما يتطلَّب الأمر عمليَّة جراحيَّة لاستئصال أصابع القدم. أفلم يكن من الأجدر على موظَّفي الدولة في الوزارة المعنيَّة بالأمر أن يهتموا بنقاء مياه هذه الأنهار، وينتبهوا إلى صحة السكان الذين يسكنون بجوارها، ويعتنوا يتزييتها بالأزاهر والورود بهجة للنفوس وإمتاعاً للناس. فقد قامت الحضارات الإنسانيَّة العتيقة على ضفاف الأنهر، وخلَّدت ذكراها بالمدن العريقة والمباني الشواهق، والتصريف الصحي، وزيَّنت شواطئها بالأرصفة والملاهي والمنتزهات الشاسعة، والبساتين الوريقة، والحدائق الفيحاء، والرياض الأريضة، وهي التي كثر عشبها وازدهت وحسنت في العين. مهما يكن من شيء، فماذا يعني اسم الخرطوم؟
الخرطوم.. الاسم والمدلول
عن أصل كلمة الخرطوم تقول البجة إنَّ الخرطوم لفظة بجاوية. وحسب رؤيتهم فإنَّ “خرطوم” تحريف لكلمة “هارتوما” البجاوية، والتي تعني “اجتماع”. ويورد الدكتور عبد الله علي إبراهيم قائمة بأسماء أماكن ذات صلة بالخرطوم في اللغة البجاويَّة، وهي “كرري” (انسياب، جريان، مجرى)، شمبات (شجرة مائلة قليلاً إلى جانب)، توتي (المكان الذي ينمو فيه شجر الأماب)، بُري اللاماب (المكان الذي يمنع الماء من الارتداد إلى الوراء).(1) بيد أنَّ الدكتور عون الشريف قاسم قد أورد في كتابه “قاموس العاميَّة في السُّودان” بأنَّ معنى اسم كرري يرجع إلى اسم شخص كان يُدعى “كررابي”، وكان يسكن منطقة كرري. مهما يكن من أمر، فإن صحَّت مزاعم البجة حول علاقة أسماء هذه المناطق باللغة البجاويَّة فهذا يعني أنَّ قدماء البجة سكنوا هذه الديار، أو كانوا قريباً منها لأنَّ ارتباط الأسماء باللغة المتداولة في ذلك الرَّدح من الزَّمان يوحي بالضرورة بوجود علاقة إقامة أو تجاور أو ترابط تجاري أو أي نمط من أنماط التواصل الاجتماعي، وبخاصة إذا أخذنا في الاعتبار عدم وجود وسائل الاتصال الحديثة كما هو متداول اليوم. إذن يبقى على الذين أخذ الدكتور إبراهيم منهم هذه المعلومات ? شفاهة كانت أم كتابة ? أن يثبتوا بأكثر مما جادت به قريحتهم اللغويَّة عن العلاقة المكانيَّة والزمانيَّة بين البجة وبين هذه الديار، التي نراها تبعد بالأميال من موطن البجة، أو “البليميس” كما كانوا معروفين بهذا الاسم في التأريخ القديم، في شرق وشمال-شرق السُّودان.
ونحن إذ نرجِّح الترجيح الذي هو أقرب إلى اليقين أنَّ منطقة الخرطوم كانت في قديم الزَّمان موطناً لقبيل الشلك. وليس هذا رجماً بالغيب، فقد كتب الروائي ويلبر سميث في روايته الماتعة “النهر الإله” عن استرقاق الشلك في هذه المنطقة.(2) وفي هذا الشأن يقول رث الشلك إنَّ شعبه قد أزاح الفونج من منطقتهم غرب النيل الأبيض في الحرب التي خاضوها ضدهم قبل أكثر من 350 عاماً، ثمَّ استولى قومه على مساكنهم في ديموث، وشرعوا في احتلال المناطق الواقعة على النيل، والتي امتدَّت لتصل إلى أم درمان. وفي طبقات ود ضيف الله تكلَّم المؤلف عما تعرَّض له إسماعيل صاحب الربَّابة، وهو من أهالي منطقة تقلي بجبال النُّوبة، لقُطَّاع الطرق بمنطقة الكوَّة على النيل الأبيض، وهم كانوا من قبيل الشلك. ونقلاً عن مزاعم الشلك أنفسهم فإنَّ كلمة الخرطوم لها مدلول في لغتهم بمعنى ملتقى النهرين. والجزيرة أبا في النيل الأبيض كانت موطن الشلك قبل أن ينتقل إليها آل الإمام المهدي من جزيرة لبب ويستوطنوا فيها، ويتزاوجوا مع سكانها الأصلاء.
ثمَّ هناك من زعم أنَّ اسم الخرطوم مشتق من خرطوم الفيل، والخرطوم لغة تعني الأنف. ودرءاً لما قد يقدم عليه المتأسلمون في عصر أسلمة المعرفة في السُّودان، ولئلا يقولون إنَّ لاسم الخرطوم مدلول إيماني لأنَّه ورد في القرآن الكريم، كما تشير الآية: “سنسمه على الخرطوم” (القلم: 68/16)، والذي جاء بمعنى سنضربه على الوجه، ويقال على الأنف، ويقال سيسودُّ وجهه، كان لزاماً علينا أن نوضِّح ما أتت به الآية الكريمة. إذ كان المقصود بالآية هو الوليد بن المغيرة المخزومي، ولئن لم تشر إليه الآية بالاسم بل بالضمير هو، وبخاصة “إذا راعينا الظروف التي نزل فيها القرآن، والوسط الذي عاش فيه النبي صلى الله عليه وسلَّم، والأقوام الذين خاطبهم القرآن وتحدَّث عنهم، واللهجة التي تحدَّث بها.” فلم يقتصر التلميح في محكم تنزيله على الإشارة إلى الأشخاص، بل كذلك على الأمكنة. لذلك يرى بعض المفسِّرين أنَّ كلمة “القريتين” المذكورة في القرآن الكريم تعبِّر عن مكة المكرَّمة والطائف، وذكروا أنَّهم (أي قريش) أرادوا برجل عظيم من القريتين، الوليد بن المغيرة المخزومي وعروة بن مسعود الثقفي، وذلك في قوله تعالى: “وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم” (الزخرف: 43/31). فلا مريَّة في “أنَّ الصراع كان مريراً، والجدل كان محتدماً بين النبي (ص) وأهل مكة أثناء إقامته فيها. فهل كان من الضروري ذكر خصومه بأسمائهم كلما تحدَّث عنهم القرآن؟ ألم يكن من الأبسط والأوجز، بل من الأوضح، استخدام الضمير بدلاً من ذكر أسماء القبائل وزعماء القبائل وغيرهم من الشخصيات المعروفة المألوفة بين المسلمين وأعداء المسلمين على السواء؟”(3)
على أيَّة حال، فالمدن تأخذ أسماءاً نابعة من مصادر الأفعال، أو كدالة من دالات الحرفة أو الإثنيَّة أو الجغرافيا أو التأريخ. ثمَّ قد يصاحبها تحريف للمصدر الأصلي حتى تستقر على حال، وقد يتم تغيير الأسماء الأصليَّة لتواكب أيديولوجيَّة دينيَّة أو لإشباع شهوات الحكام السياسيَّة. أما أسماء المدن التي تحمل الأصل الإثني فكان هذا شائعاً حتى في الدول الغربيَّة فعلى سبيل المثال: مدينة ليدز البريطانيَّة تعود تسميتها إلى قبيل “ليوديس”، وهم سكان المنطقة الأصلاء الذين أقاموا فيها واستعمرهم الله فيها، ولا يزال هناك شارع في عرصة المدينة يحمل اسم القبيل القديم، أي “طريق ليوديس”. ألم تر أنَّ أسماء المدن الفرنسيَّة كانت مراكزاً لتجمعات قبليَّة في العهد الروماني؟ بلى! ففي ذلك الحين من الزَّمان أخذت المدن تنمو كمراكز للقبائل. حتى يومنا هذا، فإنَّ كثراً من أسماء المدن الفرنسيَّة ما هي إلا أسماءاً سموها لهذه القبائل أكثر منها للمدن. هكذا نجد أنَّ “لوتيشيا” لقبيل “باريسي” هي باريس اليوم، و”دوروكورتورم” لقبيل “ريمي” هو ريمس حالياً، و”ديفودرم” لقبيل “ميديوماتريسي” هو “ميتز” في الوقت الحاضر.(4) وبالطبع، بعد أن أُدخِل عليها بعض التصحيف بسبب عامل الزَّمن والتأريخ، وعوامل أخرى اجتماعيَّة وسياسيَّة، التي تلعب دوماً الدور الأساس في تحريف الأسماء وتبديلها.
وفي السُّودان نجد مدينة كادقلي والدلنج في جبال النُّوبة وهما مسمَّيان على قبيلي كادقلي والدلنج ? على التوالي، وأغلب القرى في جنوب كردفان تحمل أسماء القبايل،(5) والروايف الذين يسكنون هذه الأرياف، وذلك قبل أن يقبل على بعض منها أصحاب المآرب المستريبة ويبدِّلونها بأخرى مستعربة. وعلى ضوء هذه التصحيفات المسيَّسة نجد أنفسنا بإزاء سؤال لا سبيل إلى إنكار أهميته: هل نجنح إلى العروبة بصورتها التليدة والطارفة لتفسير وتأكيد هُويَّتنا؟ كلا!
أما مدينة بربر السُّودانيَّة، فلا ندري من أين أتت بهذه التسمية. إذ ذكر أحد المؤرِّخين بأنَّ مدينة بربر، التي تقع على بعد 196 ميلاً شمال الخرطوم، قد سُمِّيت بهذا الاسم لأنَّها كانت تحكمها قديماً امرأة تسمى “بربرة”، وتسمى المدينة أيضاً “المخيرف” وهي مشتقة من الخريف، وقد دخلها إسماعيل باشا عند غزوه للسُّودان العام 1821م بدون قتال، ثمَّ أمست فيما بعد إحدى طرق قوافل الرِّق القادمة من سنار. بيد أنَّ لفظة بربر أو البرابرة في صيغ الجمع، أو البربريَّة، مشتقة من الكلمة اللاتينيَّة (Barbarus)، وهو الاصطلاح الذي أطلقه الرومان ومن قبلهم الإغريق (اليونان)، على الشعوب التي تقل عنهم حضارة ? كما كانوا يزعمون ? أو على جميع الشعوب المتخلِّفة بمستعمراتهم سواء في الشرق الأدني أو في شمال إفريقيا أو أوربا. والبربر في شمال إفريقيا اشتهروا في التأريخ باسم “البتر” حيناً، و”البرانس” حيناً آخر، وسُمُّوا ب”الجدالة” (سكان الصحراء)، وب”المزاولة” (سكان الهضاب)، وسُمُّوا ب”النوميديين” من طرف اليونان.(6)
والجدير بالذكر أنَّ شمال السُّودان كان يعتبر الحدود الجنوبيَّة للإمبراطوريَّة الرومانيَّة، وقد خضعت مصر للرومان العام 31 ق.م.، وعُيِّن كورنليوس جاليوس حاكماً رومانيَّاً بمصر من قبل الإمبراطور أغسطس، ومن ثمَّ سار الحاكم الروماني في مصر “حتى أسوان، وهناك دعا رؤساء النُّوبيين المقيمين قرب فيلة جنوبي وادي حلفا، وأفهمهم ما أصبح لروما من حقوق في تلك المنطقة من وادي النيل، وعرض عليهم أن يحتفظوا باستقلالهم على أن يدفعوا الضرائب المقرَّرة (عليهم)، ويحترموا الحدود.”(7) ولذلك نرى أنَّ الإمبراطور الروماني أغسطس قد اكتفى بأن يجعل الشلال الأول (عند أسوان) في مصر حدوداً لجبهة الإمبراطوريَّة الجنوبيَّة. ولكن يبدوا أنَّ أهل النُّوبا لم ينصاعوا إلى التعليمات الاستعماريَّة إيَّاها، فثاروا على الرومان، مما اضطرَّ الأخير إلى إخماد ثورتهم العام 29 ق.م. وبعد سنوات هاجم النُّوبيُّون الرومان في مصر العام 23 ق.م. حينما توجَّه الأخير في محاولة منه فاشلة للاستيلاء على اليمن. ومن ثمَّ دخل الحاكم الروماني في مصر قايوس بترونيوس في حرب ضروس مع النُّوبيين وهزمهم وطاردهم حتى إبريم والعاصمة القديمة في نبتة، وعاد الحاكم الروماني إلى الإسكندريَّة، ومعه آلاف من الأسرى النُّوبيين أرسل بعضهم إلى قيصر، وترك خلفه في إبريم حامية مكوَّنة من 400 مقاتل روماني، ومعهم من المؤن ما يكفيهم لمدة عامين.
وما أن علم النُّوبيُّون بانسحاب الحاكم وأغلب قواته، ولم يكد يستقر في الشمال، حتى عادت ملكة النُّوبا الملقَّبة ب”كنداكا” وجنودها وبشيء من الكثرة شديد، وهاجمت الحامية الرومانيَّة في إبريم، ومن ثمَّ عاد الحاكم مرة أخرى قبل أن تستولى عليها، “فاضطرَّت لإرسال رسلها لطب الصلح، لكن القائد الروماني قبض عليهم، وأرسلهم للإمبراطور (في روما)، حيث عرضوا قضيَّتهم وأسباب ثورتهم، وقد أعادهم قيصر لبلادهم، وقَبل طلبهم في أن يُتركوا أحراراً في بلادهم على أن يدفعوا جزية معيَّنة.”(8) ولا نبالغ ولا نتزيَّد إن قلنا إنَّ شجاعة هذه الملكة تدمي القلوب، وتثير الشجون، وتهيِّج الكوامن. فقد كانت ذات شخصيَّة قويَّة، معتدَّة بنفسها، فخورة بقومها، أبيَّة لا تقبل الدنيَّة.
ودمشق ? حاضرة سوريا ? أخذت اسمها من الفعل دَمْشَقَ، ويقال دمشق عمله: أي أسرع فيه، وهذا العمل دَمْشًقة؛ أي عُمِل بعجله، والكلمة فصيحة؛ والدمشق: الناقة السريعة، ومن هذا أُخِذ اسم مدينة دمشق، فقيل دَمْشِقُوها إذاً: أي أبنوها بالعجلة؛ ورجلٌ دمشق اليدين: أي سريع العمل بهما.(9) ثم ندلف إلى القاهرة، حيث “يروى أنَّ القائد جوهر عندما بدأ في بناء المدينة أحاطها بأعمدة خشبيَّة، ووضع بين كل عمود وآخر حبالاً تتدلى منها أجراس بغرض أن تدق جميعها في لحظة واحدة عندما تُعطى الإشارة لذلك. وأحضر جوهر العرَّافين المغاربة وطلب منهم أن يختاروا توقيتاً يكون طالعه سعيداً ليرموا فيه الأساس فيجلب لهم الحظ السَّعيد. ولكن حدث أن وقف غراب فوق أحد الحبال، فدقَّت كل الأجراس وظنَّ العمال أنَّها الإشارة المتَّفق عليها فرموا الأساس المكوَّن من الطين والحجارة. وقد صادف أن ظهر في السماء في هذا التوقيت كوكب المريخ الذي يطلق عليه (قاهر الفلك) فسُمِّيت القاهرة لذلك. وقد أُضيف لها بعد وصول الخليفة المعز لدين الله الفاطمي اسمه فأصبحت تُسمَّى القاهرة المعزيَّة، وسُمِّيت أيضاً القاهرة المعزيَّة المحروسة.”(10) تُرى ماذا كان ستكون حال المصريين اليوم لو سُموا عاصمتهم “الغراب”!
الخرطوم أيام زمان
على أيَّة حال، كانت سوبا في شرق النيل في غابر الزمان حاضرة مملكة علوة المسيحيَّة (600-1504م)، أي قبل أن تتلاشى سطوتها وتنتهي سلطتها عشيَّة خراب سوبا في القصة الشعبيَّة المحفورة في التراث الشعبي السُّوداني ب”عجوبة خربت سوبا”. إذ أنَّ الأمر ليس صواباً بهذه الصورة المبتذلة، أو الكيفيَّة الأقصوصيَّة إيَّاها، بل هناك الكثير المندثر الذي لا نكاد ندركه تفصيلاً وتحديداً عن هذه المملكة، برغم من الجزء اليسير الذي تعلَّمناه ونحن أيفاع تلامذة في المدارس الابتدائيَّة. فأهل السُّودان القدماء لم يسعفهم الله بحظ تدوين التأريخ، أو حظوة حفظ سجلاته نقلاً عمن كتبوه؛ والشيء اليسير الذي اجتهدت القلة القليلة في صونه قد قضت عليه دابة الأرض، أو عوامل الطبيعة المدمِّرة الأخرى، أو جادت عليه يد الإهمال في غير ترحُّم. ومن يسمع عن مدينة سوبا، أو يقرأ عنها، أو يرى بقايا أطلالها لا بد له أن يستعيد مباشرة نظريَّة ابن خلدون عن العمران، أو النشوء والاندثار. فهذه المدينة كانت في حين من الدَّهر مركزاً تجاريَّاً هاماً، وكان موقعها يعد إستراتيجيَّاً. إذ كانت واسطة العقد بين الشمال والجنوب والشرق والغرب. وبعدما كانت آهلة بالناس والحياة، وبعد سيادتها واضمحلالها، ثمَّ خرابها بواسطة العرب العبدلاب، فقدت مكانتها، وهجرها أهلها صوب كردفان، واندثرت معالمها، ولولا بقايا أطلالها لقلنا: إنَّ هذه البقعة لم يسكنها أحد، ولم تكن أبداً شيئاً مذكوراً.
والرحَّالة العربي ابن حوقل هو أحد الجغرافيين الذين زاروا المملكة ووصفها بأنَّها أكبر وأغنى وأقوى من مملكة المغرة، وامتدَّت المملكة لتشمل أقاليم واسعة من إثيوبيا شرقاً حتى كردفان غرباً، وبين الشلالين الخامس والسادس شمالاً حتى مشارف بحر الغزال جنوباً. فبرغم من دوام المملكة مزدهرة زهاء الألف عام، واتِّقاد جذوة سلطتها، وترامي حجمها الجغرافي، إلا أنَّ كل ما هو معلوم لدينا عنها قد أتانا من خلال الحفريات الضئيلة التي قام بها علماء الآثار والحفريات. إذ اعتنقت المملكة العقيدة المسيحيَّة في القرن السادس الميلادي على أيدي المبشِّرين الذين ابتعثهم الإمبراطور البيزنطي جوستنيان وزوجه ثيودور.
الخرطوم في العهد التركي-المصري (1821-1885م)
وبعد ذلك عفا الزمن عن سوبا، ومضت قرون عديدة قبل تبدُّل الحال والمآل. ومن ثمَّ جاء إلى السُّودان غزاة جدد، حيث أخذ نجم الخرطوم يسطع. وهنا تجدر الإشارة إلى أنَّ تأريخ الخرطوم يعود إلى أوائل القرن التاسع عشر، أي تحديداً بعد الغزو التركي-المصري للسُّودان العام 1821م، حين تمَّ اختيار هذه المنطقة عاصمة للسُّودان. ومذَّاك الحين تحوَّلت الخرطوم من قرية صغيرة كان يقطنها الصيَّادون وملتقطو الثمار إلى مركز السلطة وكرسي الدولة. كانت الخرطوم قبل ذلك العهد غاصة بالغابات الكثيرة، وتنبعث من المستنقعات الكثيرة في أرباض الضيعة روائح قتَّالة تجتاح الناس وتحصدهم، وكانت البيوت تبنى من الطين المعجون والقش والقصب، ولم يكن قاطنوها يعرفون الصحة العامة، ولذلك كانوا يلقون بأحشاء الحيوانات وأقذار المطابخ أمام بيوتهم، فتتصاعد منها روائح نتنة، وكثيراً ما كانوا يؤون معهم الحيوانات المستأنسة والداجنة. هكذا كانت البقعة التي اختيرت لتكون عاصمة البلاد، حيث لم تتغيَّر الحال الصحيَّة حتى بعد أن أمست عاصمة البلاد يومئذٍ.
فبعد اعتماد موقع الخرطوم كعاصمة للدولة التركيَّة-المصريَّة في السُّودان ابتداءاً من اختيار عثمان بك جرجس البرنجي له وقيام علي خورشيد باشا بتشييده العام 1830م، لم يكن لديه ما يمكن أن يوصف بازدهار الحاضرة أو المدينة بالمعنى المعروف للمدينة كما كانت الحال في أقطار البحر الأبيض المتوسط وأوربا. فالمدينة ? متمثِّلة في الوحدة الاجتماعيَّة ? عنصر هام من الناحية الاقتصاديَّة والسياسيَّة. والسُّودان كواحد من الأقطار الزراعيَّة كانت المدينة عنده ما هو إلا عبارة عن قرية كبيرة، والخرطوم يومذاك كانت قرية ضخمة ذات مبانٍ مبنية على غير نظام، بالطوب أو الطين والقش والخشب، حيث كانت تكتسحها مياه الأمطار الغزيرة والفيضانات الموسميَّة من حين إلى آخر، فيعاد بناؤها من جديد. وكان الأهالي يحتفرون الأرض لأخذ الطين اللازم للبناء، وتتخلَّف مياه الأمطار والقاذورات في هذه الحفر وتنتشر الأمراض التي أمست تفتك بهم فتكاً شديداً. وقد بغضها الرحالة البريطاني صمويل بيكر وزوجه البلغاريَّة الحسناء منذ رؤيتهما لها بعد زيارتهما إليها. إذ وصفاها بأنَّها أكثر المناطق تعاسة واتساخاً ومرضاً. وإنَّه لمن الصعب تخيُّلها، ولم تجد ما وراء النهر غير الصحراء الكئيبة. أما داخل حدود المدينة نفسها فيقطن حوالي 30.000 من الناس مزدحمين في أكواخ مشيَّدة من الطوب المحروق، حيث تغمرها مياه الفيضانات بين الفينة وأخرى. وترى هناك حيوانات ميتة ملقاة في الشوارع العديمة التصريف، والمورد الوحيد للماء الكدر هو النهر، حيث تستخدم فيه الساقية ذات العجلات الفارسيَّة الصنع، ويجرها الثور في شكل دائري. وليس هناك ما يمكن إنجازه في المدينة من غير دفع رشوة؛ ولتجدنَّ التعذيب والجلد كأمر واقع وحتمي في السجون، وقد جمع موسى باشا حمدي ? حكمدار السُّودان (1861-1865م) ? بين أسوأ إخفاقات المجتمع وبشاعة الحيوان المتوحش. كانت هذه هي حال الأتراك-المصريين في السُّودان؛ فلم يكن قضاؤهم بالحق وأخذهم بالعدل، ولكن كانت شدة السلطان قتلاً بالسيف، وضرباً بالسوط، والظلم لا يكون إلا باتِّباع الهوى. وخلال أغلب أشهر السنة تبلغ درجات الحرارة أرقاماً عالية جداً، وعندما يهب الهبوب بالرِّمال يكسو السماء سواد ويصبح كالليل. ولعلَّ ذلك السبَّب هو الذي دفع الخديوي إسماعيل باشا أن يكتب إلى حكمدار السُّودان جعفر مظهر باشا (1866-1871م) مقترحاً له نقل العاصمة من الخرطوم إلى جزيرة توتي لصلاحيَّة الأخيرة من حيث الصحة، وعدم تناسب الأولى من ناحية انخفاض موقعها، وكثرة الرطوبة في جوها، ورداءة مناخها.
ومن بعد، عاشت الخرطوم واعتمدت في ذلك الحين من الزَّمان على ما أسموه “تجارة النيل الأبيض”. ومن غير تجارة النيل الأبيض ? والحديث هنا لصمويل بيكر، الذي زار المدينة لأول مرة العام 1863م ? لاختفت الخرطوم عن الوجود، ولم تبق شيئاً مذكوراً. وكانت هذه التجارة تتمثَّل في اختطاف أهالي البلد الأصلاء والقتل وجلب العاج، الذي بلغت قيمته السنويَّة للتصدير إلى الخارج 40.000 جنيهاً؛ إذ كان ذلك يُعد مبلغاً كبيراً في ذلك الرَّدح من الزَّمان. وكان التجَّار المشتغلون بهذه التجارة ? في جلب الرقيق والعاج معاً ? هم أناس من السوريين والأقباط والأتراك والشراكسة والأوربيين والعرب السُّودانيين.
الخرطوم أيام المهديَّة (1885-1898م)
ولكن بعد هزيمة السلطة التركيَّة-المصريَّة في السُّودان وسقوط الخرطوم في 26 كانون الثاني (يناير) 1885م بواسطة جيوش المهديَّة ومقتل الجنرال تشارلز غوردون باشا، أمر المهدي بإخلاء المدينة، إلا أنَّ ثلة من أقربائه اختاروا البقاء في المدينة، وأسكنوا أنفسهم وأهليهم في بعض المنازل الفاخرة التي كانت مملوكة للأجانب. وفي هذه الأثناء كانت أم درمان لا تساوي أكثر من قرية كبيرة يستظل بها صيادو الأسماك ويختلف إليها العصابة من حين إلى آخر. وعندما هجر المهدي الخرطوم ليجعل من أم درمان عاصمة له كان يهدف فيما أقدم عليه أن تصبح البقعة الجديدة معسكراً مؤقتاً ريثما يستأنف جهاده في القاهرة ودمشق، أو في أي مصير عظيم آخر. ومن ثمَّ نشأت أم درمان دون أيَّة رؤية مستقبليَّة للأجيال؛ إذ لم يعن هذا أنَّه كان هناك من هم أصحاب حرف في العمران وذووا الموارد الماليَّة لجعل المدينة جذَّابة معماريَّاً، حتى لئن كانت هناك عزيمة. أما الخليفة عبد الله التعايشي فكان أقلَّ أوهاماً من المهدي، الذي كان يحلم في أن يمسي حاكماً لإمبراطوريَّة عموم العرب، فاستقرَّ رأيه في أن تصبح أم درمان عاصمته الأبديَّة. ومع ذلك لم يبذل الخليفة عبد الله جهداً جهيداً لتطوير أو تحديث المدينة، التي ورثها. بيد أنَّ هناك استثناءاً واحداً كان قد أنجزه الخليفة عبد الله في إطار معمار المدينة، وكان ذلك لدواعي عسكريَّة وأمنيَّة بحتة، حيث تمَّ تشييد شوارع عريضة تقف البيوت على جوانبها، حتى يستطيع حرسه الوصول بسرعة فائقة إلى أي طرف من أطراف المدينة لإخماد ما يمكن أن يتطوَّر ويمسي عصياناً مسلَّحاً.
وبعد وفاة المهدي بعد ستة أشهر من سقوط الخرطوم، وانتقال السلطة إلى الخليفة عبد الله، ونقل العاصمة إلى مدينة أم درمان، التي أسموها البقعة، انتعشت المدينة. غير أنَّ كلمة أم درمان لها تأريخ طويل. إذ كانت أم درمان ابنة ملك “العنج” منذ قرون خلت، وكان درمان ابنها، وكانت آثار حائط مملكتهم باقية حتى وقت قريب في المنطقة المعروفة باسم بيت المال في أم درمان. ومن هنا أمست المنطقة تُعرف باسم أم درمان، ولكن المهدي سمَّاها “البقعة”. إذ ظلَّ محدثي يحدِّثني بأنَّه سمع شيخاً عجوزاً يترنَّم بقصيدة في حفل الشاي، حيث جرت عباراتها على النحو التالي: “بقعة أم درمان أمان الخائف/ ما يأباها غير الهايف.” بيد أنَّ البروفيسور دايفيد ليفيرنق لويس كتب أنَّ اسم أم درمان ناتج من أم در بمعنى ? والحديث هنا للبروفيسور لويس ? مكان الدرر.(11) إذ لم يذكر البروفيسور لويس مصدر معلوماته، مما نستطيع أن نخلص هنا إلى القول بأنَّ هذا جانب من جوانب التصحيف السياسي المتعمَّد، الذي اعترى كثراً من أسماء المدن والمناطق في السُّودان. مهما يكن من شأن، فقد كان الخليفة عبد الله مستاءاً الاستياء كله من حاشية المهدي وخاصته لأنَّهم اعترضوا على تعيينه خلفاً للمهدي في المهديَّة، وكانوا يريدونها وراثة، ثم كان الخليفة عبد الله يمقت أيما مقت حياة البذخ والرفاهيَّة االتي اعتادوا عليها وانغمسوا فيها. ففي آب (أغسطس) 1886م أمر الخليفة عبد الله بإخلاء الخرطوم تماماً في خلال ثلاثة أيام، وهدم كل المباني ذات الشأن العظيم، ونقل المواد الحديديَّة والخشبيَّة وأيَّة مواد البناء الأخرى إلى أم درمان لتشييد المنازل هناك.(12)
بيد أنَّ مما يجعل المرء يحتار ويتساءل لِمَ تمَّت الإشارة إلى الخليفة عبد الله بقبيله التعايشة ولم يجر الوصف ذلك على محمد أحمد المهدي ويُوصف بالمهدي الدنقلاوي، بل أصبح الأخير يزعم بأنَّه من الأشراف الذين سكنوا جزيرة لبب بالشماليَّة. فلا مريَّة في أنَّ النسب والحسب إلى القبيل من عادات وتقاليد العرب العريقة التليدة عبر التأريخ. فهناك أبو عبيدة بن مسعود بن معتَّب الثقفي (من قبيل ثقيف)، الذي كان على رأس الجيش الذي غزا فارس، ثمَّ هناك عبد الرحمن بن عوف الزهري (من قبيل بني زهرة). وكم قرأنا عن أمرؤ القيس بن حُجر الكِندي (من قبيل كندة)، وزهير بن أبي سُلمى المُزني (من قبيل مُزينة)، وعمرو بن كلثوم التغلبي (من قبيل تغلب)، وعنترة بن شداد العبسي (من قبيل بني عبس)، وكلهم من فحول شعراء العرب، وأكثرهم إجادة في تقريظ الشعر وأصحاب المعلَّقات، الذين ما فتأوا يفتخرون بقبائلهم العربيَّة، ويعتزون بها أيَّما اعتزاز. ومع ذلك يسمون هذه الأشعار بما فيها من سبك الحبك، ورصانة المعنى، وحلاوة الجرس الموسيقي، بالشعر الجاهلي، وذلك برغم من اشتمالها على الأبعاد الشعريَّة الأربعة وهي: اللغة بفروعها، والموسيقى بإيقاعها، والموضوع بروحه، ثمَّ التأثير في نفوس الناس. وإنَّا لنعجب في أشد ما يكون العجب لِمَ يسمون هذا الإنتاج الأدبي بالشعر الجاهلي مع أنَّ هذا الشعر المسمى بالجاهلي وحده يعد من أقوى وأضخم تراث شهدته العرب حتى عاد مرجعاً لتفسير القرآن الكريم كما قال ابن عباس المفسِّر الأول للقرآن، والذي لُقِّب بترجمان القرآن: “إنَّه إذا غمض شيء من معاني القرآن الكريم فعودوا إلى الشعر الجاهلي للاستعانة به على تفسير اللغة العربيَّة التي نزل بها القرآن الكريم.”
أيَّاً كان من أمرهم، فهناك مؤرِّخ المهديَّة الشهير عبد القادر الكردفاني، الذي أُردِف اسمه بمنطقته الإقليميَّة، ثم هناك حي ود نوباوي في أم درمان. ولكن في السُّودان تجري الأمور عكس المألوف تماماً. فيبدو أنَّ نسب الخليفة عبد الله إلى قبيل التعايشة في غرب السُّودان (دارفور) من قبل الذين ابتدعوا هذا الانتساب قصدوا به إذلاله وإهانته، وقد تبيَّن الإذلال جليَّاً في تمرُّد آل المهدي عليه وتآمره ضده. ولم تنجح هذه المغامرة، ولكن كانت هناك مغامرة أخرى أصابت من النجاح أسوأه وأبغضه، وهي إضفاء العنصريَّة على السلوك السياسي في السُّودان، وابتداع عبارات أولاد البحر وأولاد الغرب. فبدلاً من تركيز أولاد المهدي على المطالب السياسيَّة، التي طالب بها معشر التجَّار المتمدينين وسكان المدينة ? كإلغاء الجبايا على القوارب التجاريَّة والإبل، ورفع العشور على البضائع التي كانت تمر عبر بربر وأم درمان، وتوزيع السلع المخزونة في بيت المال وسط الفقراء المعوزين الذين لا يملكون شيئاً، وإلغاء الاعتقال التحفظي في البيوت لأبناء المهدي ? غير أنَّهم ركَّزوا على العنصريَّة والجهويَّة في تسييس القضايا العامة، وفي ذلك فإذا الخليفة عبد الله عليهم بالمرصاد. ومن ثمَّ أوفى الخليفة عبد الله بالمطالب السياسيَّة إيَّاها. كان الخليفة عبد الله يعيش في حال ارتياب وارتعاب ليس من أعدائه الذين كان يدعوهم “الكفار”، وهو الذي كان يأنس في نفسه الكفاءة بأنَّه قادر على تدميرهم، ولكن أسباب الريب والرُّعب مصدرها رفاقه الذين غلبهم بسحره، وجعلهم تحت سيطرته عن طريق السطوة التسلطيَّة.
أفأريتم “ما كان من موقفه (الخليفة عبد الله) إزاء حادثة الأشراف وافتئاتهم على خليفة المهدي، وتدبيرهم المؤامرة، وتصويبهم عليه الطلقات الناريَّة التي لم تصبه وهو في الجامع!” وربما كان من الخير أن نسوق هنا ما قاله الحردلو شعراً في هذه المناسبة في شيء من السخريَّة والهزء بليغ، وفي ذلك استطراداً في الحديث. إذ شبه الحردلو أعداء الخليفة عبد الله من آل المهدي بنبت الرُّبى، وإنَّهم لمأجورون في زمانهم، وهم أناس ذو بصر قليل، ثمَّ تعجَّب كيف يقبض واهن الشراك الذي يستخدم في القبض على أم قيردون، وهو ضرب من بغاث الطير، الفيل في ضخامته وهيبته. وهل هو إلا قول الشاعر الحردلو فيما أقبل عليه الأشراف:
أنصارك تامين عبرت الكـــــــــــــيل يشبهوا نبت الرُّبى عن ركوب الخيل
كان مأجور زمان وناساً بصرها قليل شرك “أم قيردون” كيفِن يقبض الفيل
ومع ذلك، كان الحردلو يتمنى نجاح المؤامرة، وفي نفسه شيء من الرغبة “في أنَّ لو كانت المؤامرة أدقَّ حبكة وأشدَّ إحكاماً وأوسع نطاقاً وأكثر اتفاقاً مع مكانة الخليفة (عبد الله)،” ولئن لم يفصح بها أو يشير إليها شعراً أم نثراً. على أيَّة حال، فلما “تعارضت أهواء المهديَّة، وبدأت الأطماع أشدَّ ما تكون وضوحاً وحدَّة سنة 1309هـ، وانشقَّ الأشراف على خليفة المهدي، واستطاع بدهائه وحكمته أن يخنق الفتنة قبل أن تستفرخ وتتَّخذ مظهرها الخطر بإلقائه القبض على زعمائها والضرب على أيديهم وزجهم في السجن، وإقصاء بعضهم إلى الرجَّاف وإلى غيره.” فلا ريب في أنَّ هذه الحادثة كانت قد كشفت جانباً من ضعف الحكومة أو ما شبه لهم كذلك، فوقف بعض الناس مبالغين “في تصوُّر أو تصوير هذا الوهن، حتى قال أحد شعراء الجعليين الحاج علي ود سعد النفيعابي معرضاً بسياسة الحكومة، ومستهجناً خطة الخلفاء في التصريح بأطماعهم والعمل في سبيلها على مرأى ومسمع من الرعيَّة التي أشركتهم بدورها في هذه الفوضى.”(13)
دنقرنا في العريان خــبط وقلبنا من الخوف ثـــــبت
أهل الرياسة لكوها وأبت بعد ما شابت عقبان حبت
هكذا كانت حال الخرطوم في بداية المهديَّة، وكيف نقل المهدي العاصمة إلى “البقعة”، أي أم درمان. بيد أنَّ فترة حكم الخليفة عبد الله التعايشي لم تكن مستقرة تماماً. إذ حُيكت ضده مؤامرات عنصريَّة من أبناء المهدي، الذين ارتأوا بأنَّهم أولى بورثة أبيهم لا الخليفة عبد الله التعايشي القادم من غرب السُّودان! أما السطور التالية فتحدِّثنا عن علاقة المهديَّة بالعالمين الخارجيين: الإقليمي (العلاقة مع إثيوبيا)، والدولي (العلاقة مع بريطانيا والصراع البريطاني-الفرنسي حول السيطرة على منابع النيل)، وما تبع ذلك من تأثيرات على الخرطوم في عصر الاستعمار البريطاني-المصري.
علاقة المهديَّة بالجارة إثيوبيا
بعد سقوط الخرطوم في في 26 كانون الثاني (يناير) 1885م ومقتل الجنرال غوردون “أمست المسألة بالنسبة لبريطانيا ? كما كتب هيربرت هوارشو كيتشنر ? محصورة بين الفوضى والعودة إلى الوحشيَّة والأهوال العظيمة المحدقة بمصر، أو تحديث تجارة عظيمة في إفريقيا الوسطى تحت حكومة جيِّدة.” بيد أنَّ المخاطر الجسام التي باتت تهدِّد مصر، واحتمالات انعاش التجارة في إفريقيا كانت ذات أهميَّة هامشيَّة في عيون كيتشنر. فالشيء المهم في نظره، مهما يكن من شأن، كان الثأر لدم غوردون. هكذا ظلَّت فكرة الانتقام عن غوردون معشعشة في مخيلة الرائد كيتشنر، ذاك الضابط الطموح في سلاح المهندسين الملكي، والذي كان ملحقاً بسلاح الخيَّالة المصريَّة، وكان قائداً لقوات الاستطلاع. إذ تجلَّت مهمَّته في مزاولة الاتصال مع غوردون ورفع تقارير دوريَّة عن شؤون ما يجري داخل أسوار مدينة الخرطوم التي كان يحاصرها أنصار المهدي حينذٍ.
لكن، أصحيح أنَّ السُّودانيين والإثيوبيين كانوا يخطِّطون في عمل عدائي مشترك ضد الغزاة وتعريض أمن مصر للخطر؟ أم كان ما تعاهدوا عليه هو فقط اتفاق دفاع مشترك لحماية أراضيهم ضد أي عدوان خارجي محتمل؟ أصحيح أنَّ الفرنسيين، الذين وضعوا أصابعهم على الكعكة، قد شرعوا يأتمرون في مد نفوذهم عبر أعالي النيل؟ أصحيح أنَّه لم يكن للبريطانيين حافز اقتصادي لغزو السُّودان برغم من الجهود العسكريَّة والسياسيَّة التي بُذلت، والأموال الضخمة التي صُرِفت، والخبرات الحربيَّة والموارد البشريَّة، التي سُخِّرت لاجتياح السُّودان؟ ثمَّ هل بات دم الجنرال غوردون ونداء الانتقام عنه قميص عثمان؟ أم أنَّ الحبكة كلها كانت من بنات أفكار رجال الأمن والاستخبارات والجيش لإقناع المؤسسة السياسيَّة لاتخاذ قرار سياسي لاحتلال السُّودان؟
فيما يختص بالأمر الأول، فكل الخطابات المتبادلة بين الخليفة عبد الله والإمبراطور الإثيوبي منليك الثاني كان الأول يطلب من الأخير اعتناق الإسلام كشرط لأي اتفاق أو تعاون بين البلدين المجاورين. وقد ذكَّر الخليفة نده النجاشي منليك ملك الملوك بأنَّه “شحذ الهالك النجاشي يوحنا العظيم (يوحنا الرَّابع) في أن يعتنق الإسلام، لكنه طغى وتجبَّر، وازدرى علينا، وقلب ظهره عن طريق الحق،” هكذا خاطب الحليفة عبد الله منليك كتاباً مقروءاً. ثمَّ استطرد قائلاً: “والآن نكتب إليك ثانياً، وندعوك أن تعتنق العقيدة الإسلاميَّة، وتمسي في صف أتباع المهدي. ومتى ما أصبحت أحد أنصار المهدي، الذين يتَّبعون الصراط المستقيم، ثق بأنَّنا سوف نتقبَّلك ونعيِّنك أميراً لتمثِّلنا على بلادك كله، ولكن عليك أن تبقى في حدود بلادك، ولا تعبر حدود الإسلام.” ثمَّ جاءت الرِّسالة التالية من منليك إلى الخليفة عبد الله بعد انتصار الأول على الطليان في معركة “عدوة”، طالباً من الأخير أن يهزمهم (أي الطليان) هو الآخر في كسلا. ومن بعد ذلك جاء خطاب الخليفة لمنليك فقرأه فإذا هو يقول: “فليكن معلوماً لديكم أنَّه ليس هناك أي حافز لأي أوربي أن يأتي إلى أرضنا الإسلاميَّة لامتهان البيع والشراء، أو ادِّعاء السفر. هناك فقط حرب بيننا وبينهم. إذا منعتم كل الأوربيين من دخول وطنكم، إلا في حال الحرب، حتى لا يكون هناك اتصال بينكم وبينهم ? كما هي الحال عندنا ? فعلى هذا الشرط يمكن عقد سلام بيننا وبينكم.”
وفي رسالتين شفاهيتين من منليك إلى الخليفة عبد الله اقترح الإمبراطور الإثيوبي إبرام عقد بين القوتين. إذ لم تكن بنودهما واضحة المعالم، فضلاً عن عدم الالتزام بهما. فقد دعت الاتفاقيَّة ? فيما دعت ? إلى إطلاق سراح الأسارى الإثيوبيين الذين أُسِروا قبل عشرة أعوم، وإرجاع التاج الأمبراطوري الذي أُخِذ من جثة يوحنا بعد قتله في المعركة التي خاضها حمدان أبو عنجة ضد الإثيوبيين، واستئناف التجارة بين البلدين، وانسحاب السُّودان من الأراضي المتنازعة عليها في غرب إثيوبيا والمعروفة ب”بني شنقول”، وعلى الإثيوبيين أن يعلنوا عزمهم على منع الأوربيين من غزو السُّودان عبر أراضيهم. وفي هذه الأثناء أمر الإمبراطور أمراءه أن يستظهروا المودَّة والإخوة الكاذبة لحكام أم أمدرمان، وبخاصة أنَّ الخليفة عبد الله كان في حاجة إلى تطمينات لأنَّه كانت هناك ثلاثة فيالق من الجيش الإثيوبي مرابطة على الحدود السُّودانيَّة-الإثيوبيَّة. وكانت قوات الأمير “مكونين” الإثيوبيَّة قد شنَّت إغارة خاطفة حول النيل الأزرق في منطقة بني شنقول، وكانت التعليمات السريَّة الصادرة له بأن يحتل الإقليم كله إذا سيطرت القوات البريطانيَّة على مدينة بربر على نهر النيل.(14) وحين لم يقم كيتشنر بذلك ? حتى ذلك الحين من الزمان ? انسحب الإثيوبيُّون، ومن ثمَّ زعم منليك للخليفة بأنَّ قواته جاءت للتأديب، وليس للبقاء، وعليك ألا تصدِّق أي خبر غير هذا، وإنَّ آفة الأخبار رواتها.
ولعلَّ من هذا السرد يتَّضح أنَّ ما قيل عن أو كتب في أمر التآمر بين الإثيوبيين والسُّودان ضد مصر كان تزيُّداً واستكثاراً وإمعاناً في التضليل. فالإثيوبيُّون لم ينسوا ما حاق بهم من جيوش الأنصار من تدمير لعاصمتهم غندار، وحرق أكثر من ستين كنيسة وغيرها، لذلك ظلَّوا عدواً شرساً ضد دولة المهديَّة، وظلوا يمارسوا الديبلوماسيَّة والحرب معاً في تعاملهم مع الأوربيين، فحقَّقوا لبلادهم نصراً مؤزَّراً ضد الطليان، واستمالوا قلوب الروس والبريطانيين، وغازلوا الفرنسيين بخدعة ماكرة، فطمعوا في أراضي السُّودان شرق النيل الأبيض، بينما طمع الفرنسيُّون في الأجزاء الواقعة غرب النيل الأبيض، وأخذ البلجيكيُّون يطرقون أبواب مقاطعة لادو في جنوب غرب السُّودان.
أما فيما يختص بأمر غوردون فقد وضح جليَّاً من السياسة البريطانيَّة آنذاك أنَّه لم يكن من أولوياتها. كان الإمبرياليُّون البريطانيُّون، في ذلك الرَّدح من الزَّمان، يرون أنَّ هذه الدولة الدِّينيَّة الصحراويَّة سوف تضعف وتنهار وتصبح قاعاً صفصفاً في نهاية الأمر، وذلك بسبب تناقضاتها ومشكلاتها الداخليَّة. بيد أنَّهم كان يساورهم قلق عميق وأدلَّة غير منتظمة بسبب النمو الاقتصادي المستمر، وعلائق دولة المهديَّة التجاريَّة مع إثيوبيا، وفي المدى البعيد مع شبه الجزيرة العربيَّة، حيث اعتمدت الدولة على تجارة الرقيق والذرة والصمغ وملابس القبائل النيليَّة، التي كانت ذات أهميَّة قصوى لدولة المهديَّة. ومع خبو جذوة التطرُّف الدِّيني كمصدر للسلطة برزت الديكتاتوريَّة العسكريَّة، وانتعشت التجارة، وبدأ الاهتمام بالتجَّار بعد أن كان قد تمَّ إهمالهم في بادئ الأمر، وازداد التهميش أو التصفية أو لعب القدر بالمحاربين ذوي الطموح والقدرات القتاليَّة الفائقة ? على سبيل المثال: مقتل عبد الرحمن النجومي في معركة توشكي في مصر العليا، ووفاة حمدان أبو عنجة بعد أن تناول عشباً مسموماً عن طريق الخطأ كمحاولة منه لعلاج سوء الهضم، ومقتل الزاكي طمل في السجن بالعطش ? حيث أيقنت المخابرات البريطانيَّة أنَّه لم يحن الوقت بعد لكي يستمع الحاكم في أم درمان لأي اقتراح إذا كانت هذه الفكرة تعشعش في مخيلة الحكومة المصريَّة.
المهديَّة والعلاقات الدوليَّة: بريطانيا وفرنسا والمنافسة في السيطرة على منابع النيل
إذن، في حقيقة الأمر، لم يكن الائتمار الذي زُعِم بأنَّه أخذ يتأطَّر في شكل تحالف استفزازي بين إثيوبيا والسُّودان ضد مصر، أو الثأر عن دم غوردون، لم يكن هذا كله هو الدَّاعي الأساس لغزو السُّودان بواسطة بريطانيا. إذ لم تحفل الحكومة البريطانيَّة كثيراً أو قليلاً بمساعدة الطليان، ولا باستحواز قطع صحراويَّة وراء وادي حلفا. إذن، ماذا كان الدافع وراء هذه المغامرة كلها؟ الغرض الأساس في الغزو كان يكمن في فرنسا. فالمشاريع الفرنسيَّة في أعالي النيل باتت تقلق مضاجع الحكومة البريطانيَّة في لندن بشيء من القلق شديد. فإذا استطاعت حكومة الملكة فيكتوريا أن تحتل أوغندا وتفلح في إنجاز مشروع العام 1895م ? برغم من تكاليفه الباهظة ? لربط ممباسا ببحيرة فيكتوريا بالخط الحديدي، فإنَّه لسوف يحل مشكلات بريطانيا الإمداديَّة في شرق إفريقيا في نهاية الأمر، ويأمِّن منابع النيل من ابتلاع القوى الأوربيَّة الأخرى. وفي فترة ما قبل احتلال السُّودان كانت البوابة الفرنسيَّة في الطرف الأخر من النيل رافعة العلم الفرنسي ذي الألوان الثلاثة باختيال وزهو شديدين، وبات الفرنسيُّون يرسلون ضباط البحريَّة للتفاوض وإبرام اتفاقات مع القبائل النيليَّة، وبشيء من حتى ? إذا كان بإمكانهم ? عقد اتفاقيَّة مع أمراء الخليفة عبد الله. لذلك كان الهدف الرئيس من الاحتلال هو الوصول إلى فشودة في جنوب السُّودان قبل الفرنسيين.
على أيَّة حال، فعندما وصلت طلائع وقوات كيتشنر إلى بربر، توقَّفت القوات الغازية هناك حيناً من الزمان ريثما تتلقَّى التعليمات وتأتي التعزيرات من بريطانيا قبل التقدُّم نحو أم درمان لخوض المعركة الفاصلة. وفي هذه الأثناء استشار الخليفة عبد الله قادته الشجعان، والذين أشاروا إليه بالخروج وملاقاة القوات الغازية ? أو الأتراك كما كان الأنصار يطلقون على كل أوربي أبيض ? في بربر والقضاء عليهم قبل اكتمال تعزيزاتهم العسكريَّة في التعداد والإمداد. غير أنَّ الخليفة عبد الله قال لهم: “إنَّه رأى في المنام نفسه على صهوة جواد في خضم المعركة في سهول كرري قبالة أم درمان، وهو في تلك الأثناء يسمع صرخات النَّصر وبكيات المهزومين، وإنَّه كذلك رأى السهول مبيضَّة بجماجم الكفار المذبوحين.” ففكَّر أنصاره المخلصون وقدَّروا، ثمَّ قالوا في أنفسهم لأنفسهم إنَّهم إن لم يفعلوا ما ارتأي الخليفة فقد خالفوا إرادته، وباءوا بسخطه وغضبه. ثمَّ أمر الخليفة عبد الله أمراءه وخاصته أن يصطفوا لأداء الصلاة، ويبسطوا أيديهم إلى السماء ضارعين إلى الله تعالى أن يكلأهم بعين رعايته، ويبسط لهم جناح رحمته، وأن يهيء لهم من أمرهم رشداً.
بناءاً على الحلم إيَّاه، وبعد أن توجَّه إلى الله تعالى بالضراعة والابتهال عسى أن يفرج كربتهم، ويجعل لهم من أمرهم مخرجاً، لم يغامر الخليفة في الخروج لملاقاة العدو في بربر، ولكن في الحين نفسه لم يكد يسمح “للأتراك” ? أي البريطانيين والمصريين ? أن يتقدَّموا صوب عاصمته “البقعة” (أم درمان) لتدميرها، ولذلك اختار منزلة وسطى بين المنزلتين. إذ أرسل الأمير محمود ود أحمد على رأس قوة قوامها 16.000 رجلاً لإعادة بربر إلى حضن دولة المهديَّة. وكان الخليفة عبد الله يقول في نفسه لنفسه إذا كان هؤلاء الرِّجال الغزاة من نمط القصب فإنَّ الرِّجال على شاكلة محمود ود أحمد لقادرون على صدهم، ولسوف لا يستطيعون معهم صبراً؛ أما إذا كانوا حقاً قوة مقاتلة يرتعب منهم، فلسوف يخسر فقط 16.000 رجلاً، ومن منطلق حظٍ عاثر يفقد أميراً واحداً من أمرائه.
وفي الحال تمَّ تعزيز قوات ود أحمد بقوات عثمان دقنة. وبعد أن وصلت قوات ود أحمد إلى بربر، بعد أن فقد ما يقارب الألف جندي عن طريق التخاذل والموت، التقى الجمعان في يوم الجمعة الحزينة (السابقة لعيد الفصح) (Good Friday) 8 نيسان (أبريل) 1898م وانتهت المعركة بعد بضع دقائق بهزيمة جيوش الخليفة عبد الله وأسر محمود ود أحمد وهروب عثمان دقنة، ومقتل 3.000 جندي من جنود الخليفة وأسر المئات منهم، بينما فقد البريطانيُّون والمصريُّون أقل من 600 جندي.(15) وكان مع القوات الغازية ما أسموهم “القوات الصديقة”، التي تكوَّنت من ميليشيات بلغ تعدادها 2.500 جندي من الجعليين والبشاريين والهدندوة والعرب، والتي وضعت تحت قيادة الرائد إدوارد مونتاقو-ستيوارت-وورتلي، وقادها كما تقاد السائمة البلهاء. أولئك هم الناس الماكرين الذين تستعين بهم الحكومات الاستعماريَّة على غزو القلوب الضعيفة وحيازتها بلا سفك الدِّماء، ولا إنفاق مال! وهم الذين يكونون دائماً في حاشية حكام المستعمرات ليعينوهم على ما هم آخذون بسبيله من الاحتلال والغزو. وبرغم من أنَّ المعركة كانت قد انتهت بهزيمة ود أحمد، إلا أنَّ روحه المعنويَّة كانت عالية حينما مُثِّل أمام كيتشنر. فكان له حضور جذَّاب، وطلعة بهيَّة. إذ أُعجِب كل من القسيس أوين سبينسر واتكينز والمراسل الصحافي لصحيفة “الديلي ميل” جي دبليو ستيفنز بالحديث الذي دار بين الرَّجلين. فماذا قيل في تلك الأثناء؟ طفق كيتشنر يسأل محموداً: “أأنت الرَّجل محمود؟” فردَّ ود أحمد بفخر واعتزاز واعتداد بالنفس: “نعم، أنا محمود، وإنِّي لمثلك.” ثمَّ استطرد كيتشنر سائلاً: “لماذا أتيت لتحارب هنا؟” هكذا سأل كيتشنر متناسياً أنَّه يقف على بعد 500 ميلاً داخل وطن محمود! إذ أجاب الأمير محمود: “جئت لأنَّني أُمِرت كما أُمِرت أنت.”
على أيِّ، فلا غضاضة في أن يأمل القائد في أنَّ قضيَّته ستؤول في نهاية الأمر إلى النَّصر الأكيد. غير أنَّ الإيمان الأعمى بالانتصار في المعركة قد يكون من أسمى الأشياء حين يكون القائد منطلقاً من قوة نيران أكبر، ووسائل استطلاع أحدث وغيرهما. ولكن عندما ينغمس القائد في هذه المغامرة من منطلق الضعف الشديد فعليه أن يبدئ ترتيباته وأولوياته، وإلا أصبحت الخسائر فادحة. وإيَّاكم والتهاون بالخصم. فمن حسن السياسة في الحرب، وإحكام التدبير لها ألا يغتر القائد بالعدو، وألا يستهين به، فالحرب لا يصلح لها إلا الرَّجل المكيث. فقد علمنا أنَّ المهلَّب بن أبي صفرة قد نصح عبد الرحمن بن الأشعث، وكان قد خرج لملاقاة الأزارفة من الخوارج في عشرة آلاف، فقال له: “يا ابن أخي خندق على نفسك وعلى أصحابك، فإنِّي عالم بأمر الخوارج، ولا تغتر. فأجابه: “أنا أعلم بهم منك، وهم أهون عليَّ من ضرطة الجمل.” فبيَّته قطري بن الفجاءة صاحب الأزارفة وهزمه، وقتل من أصحابه خمسمائة، وفرَّ ابن الأشعث لا يلوي على أحد، فقال فيه الشاعر:
تركتَ ولداننا تدمي نحورهُمُو وجئت منهزماً يا ضرطة الجمل
مهما يكن من شيء، فقد استمرَّت دولة المهديَّة حتى العام 1898م حين أغار عليها الجيش البريطاني-المصري بقيادة هيربرت هوراشو كيتشنر، وهزم جيوش الخليفة عبد الله التعايشي في معركة كرري في أم درمان في يوم الجمعة 2 أيلول (سبتمبر) 1898م. وهي أشرف وأبجل معركة خاضها السُّودانيون ضد غزو أجنبي حتى الآن، حتى أمست هذه الملحمة القتاليَّة مثلاً شروداً حين يأتي الحديث عن الرجولة والبطولة والتضحية في سبيل الأوطان. فحين يفتقد الناس الرِّجال لتجدنَّ قائل منهم يقول: “ويحكم تتحدَّثون عن الرِّجال! فإنَّ الرِّجال ماتوا في كرري”، أما ما بقوا على قيد الحياة فليسوا برجال.” فالجندي المهدوي كان قادراً على احتمال جسماني لم يكن له مثيل. وكان الجنود المهدويُّون يوصفون بأنَّهم يقفزون أحياءاً ليقتلون، حتى بعد انقضاء المعركة. وقد آمن البريطانيُّون والمصريُّون معاً بشجاعة السُّودانيين وبسالتهم؛ سواء كانوا من أولئك الذين حاربوا في صفوفهم (موقعة عطبرة)، أم الذين شمَّروا سواعدهم، ووقفوا ضدهم في حومة الوغي في كرري. فكان الأنصار يتدافعون نحو فوهات المدافع، و”نفوسهم فاضت حماساً كالبحار الزاخرة”، ويصرخون بأعلى أصواتهم “الدِّين منصور”، محاولين سد مواسير هذه المدافع، ريثما تكف عن إطلاق قذائفها المميتة. ثمَّ كان الأنصاري المخترم بالرصاص، أو المسربل بالدم، أو ا?
يا دكتور لايعقل أن تضيع كل مجهودا وتنزل هذا الموضوغ القيم هكذا.
كان يجب عليك أن تنزل كل يوم نصف صفحة مع صورة تذكارية للخرطوم حتى يستطيع كل القراء قراءته ، وبثه في الفيس بوك لكي تعم الفائدة الجميع .
قل “قبائل” وليس “قبايل”
انا الهندى عزالطين ساقط الشهادتين الدينة والمدرسية مابغلط فيها ياخ
ربنا يعطيك العافية يا دكتور عمر على هذا السرد التاريخي الرائع والذى افادنا كثيرا فى معرفة حقائق الاشياء التي كانت غائبه عنا .
اتمني ان تواصل كتاباتك الينا فقد غابت عنا كثير من المعلومات, فنحن اغنية تموت على اغتراب رحل الشذى عنها وجف رحيقها ولا سبيل لان ترد الى الحياة او بعض الحياة الا بكلماتكم هذه.
شكرا دكتور
كلمة الخرطوم يعنى بها خرطوم الفيل بعد إلتقاء النيلين فالخرطوم هو ما سار من النهر الى الشمال اما ام درمان يعنى بها كرش أو بطن الفيل تحوي كل أصناف الحشائش من ورد الى شوك فامدرمان فهي تحتوي كل الشعوب السودانية فسميت بامدرمان يعني كرش الفيل
يا راجل دا كتاب عايزنا نقراه على صفحات صحيفة الكترونية؟
دكتور في النسخ واللصق ..
على الباحث ان يقارن بين الروايات والافكار ويستخلص القوي المتواتر ويستبعد الضعيف الذي لا يسنده شي او يخالف ما هو اقوى منه ..
اعقتد ان كلمة امدرمان جات من عبدالرحمن حيث سكنت امراة من غرب افريقيا (الذين يمرون ع السودان في طريق الحج) لديها ولد يسمى عبدالرحمن لكن بلكنتها الافريقية تنده له درامان وكان العرب يسمونها ام درامان
الان تسمع في الكورة في مالي درامان تراوري اي عبدالرحمن تراوري ..
بحري سميت بحري وهي كلمة مقابلة لكلمة قبلي ( قبلي وبحري) تسمية مصرية ..
بالنسبة للخرطوم فهي كغيرها من اراضي السودان كانت ولا زالت حواكير لقبائل معينة وهي (البطاحين والمغاربة والعسيلات والعبدلاب والمحس والحسناب والعقليين والدباسين والجموعية والجميعاب والقريات)
قرأت حتى وصفك عبد الله تور شين بانه حكيم وداهية واستبنت انك عنصري من الطراز الأول .. رغم ان مقالة من البدء في اغاليط كثيرة وانت تحاول خدع القارئ الساذج بوضع ثبت للمراجع مع انها مراجع فشنق وهبابة .. عبد الله تور شين الفلاتي
كان عنصريا حاقدا وانانيا وهو بنفسه كان يشعر بالدونية لانه ليس سوداني اصلا وانما جده الفلاتي جاء عابرا للسبيل فستضافوه التعايشة ثم تزوج فيهم وانتسابة للتعايشة من باب رفع خسيسته والفلاته مشهورون باعمال السحر والشعوذة وهناك قول بان المهدي مات مسحورا… عبد الله تور شين وصمة عار في تاريخ السودان يجب ان يمحى .. ورط السودان والسودانيين وهجر الناس وقتل وذبح ربما بختنصر ما فعل مثله ولكن في اليهود ،، وكان متنعما ويحرم ابسط مقومات الحياة على الناس لآخر لحظة من هزيمته كان يمارس الدجل ويقول رأيت في الحضرة النبوية والناس رواني منتصرا وسذج السودانيين يصدقو ويتحمسو!؟ هذا الطاغية فتك بالناس بالسيف والسجن وومن تبقى بالجوع .. هجر قبائل الغرب لسوء طويته واحساسة بضعف البطانة وهو اول من مارس العنصرية القبلية الجهوية للناس اراد ان يحمل رعاع الناس على اسياد البلد والاشراف ,,, بالله عليكم كيف تقولون فيمن يخط خطاب لملكة بريطانيا ويعدها بالزواج!!؟ برؤيا شيطانية صف المسا . هجر قبائل الغرب لسوء طويته واحساسة بضعف البطانة وهو اول من مارس العنصرية القبلية الجهوية للناس اراد ان يحمل رعاع الناس على اسياد البلد والاشراف ,,, بالله عليكم كيف تقولون فيمن يخط خطاب لملكة بريطانيا ويعدها بالزواج!!؟ برؤيا شيطانية صف المسا!؟ هذا الطاغية فتك بالناس بالسيف والسجن ونبقي بالجوع .. هجر قبائل الغرب لسوء طويته واحساسة بضعف البطانة وهو اول من مارس العنصرية القبلية الجهوية للناس اراد ان يحمل رعاع الناس على اسياد البلد والاشراف ,,, بالله عليكم كيف تقولون فيمن يخط خطاب لملكة بريطانيا ويعدها بالزواج!!؟ برؤيا شيطانية صف المساكين الغلابة السذج الجوعى العرايا في كرري لما حصدت مدافع الانجليز الارواح البرئية ورأى الموت الأحمر بعيني راسه اطلق تورشين ساقيه وراح يسابق الريح الى اين الى دار فلاته .. لحسن الحظ لم يدعه الانجليز يفلت فادوه قتيلا مدبرا غير مقبل في شر قتله وذاق كاس الحنظل الذي طالما سقاه للمساكين ظلما وكفى الانجليز الناس شره.. لقد مثال للعنصرية والكراهية والحقد والانانية والغدر والبطش والبلطجة باسم الدين واذا الناس الأمرين حتى قال فيه ابوسن:
ناسا قبااااح من الغرب جونا
اولاد ناس عزاااااز مثل الكلاب سونا
يا يابا النقس يا الانجليز الفونا
وفعلا الانجليز الفونا وارحوا ناس من كابوس الجاهلية
الكلام ده منقول بضبانتو من :
“”تاريخ مدينة الخرطوم تحت الحكم المصري 1820-1885” في القاهرة، ورقم ايداعه بدار الكتب المصرية هو 7217/2000 ،ورقم ال ISBN هو 5 -6668-01-977 . الكتاب من تأليف د. أحمد أحمد سيد أحمد ، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في عام 2000م ، في سلسلة تاريخ المصريين تحت الرقم185، ويقع في 515 صفحة
احترم عقولنا يازميل عوض ابراهيم عوض
قام الامير محمود ود احمد وهو من عرب دافور (جنجويد الامس) بغزو المتمة منطقة الجعلييين وقد قام بابادة كل الرجال وحمل النساء سبايا الي ام درمان فتم بيعهن في الاسواق وتوزيع البعض كمكافاة لجند الخليفة واهله واليوم يقوم البشير الجعلي باستجلاب عرب دافور (جنجويد اليوم) للخرطوم لحمياته وتامينه سنشهد هذه المرة غزوة كافوري ولا ريب
المقال طويل وعبارة عن قصاصات ملصقة ومغالطات أخرى كثيرة كما ذكر الاخوة
بالاضافة الا ذلك العنوان المحدد عن الخرطوم (الخرطوم.. قصة صناعة عاصمة السُّودان)ولكن المواضيع المطروقة كثيرة ومختلفة عبار عن كشكول وهذا يؤدي الى تشتيت ذهن القارئ ويدخله في متاهات ( الخرطوم ,التركية , المهدية الاستعمار البريطاني , القاهرة,الجاهلية وعنترة بن شداد ….)؟؟!!!
الرؤية النقدية للكاتب غائبة ما هو الشئ الي يريد ان يسلط عليه الضوء ومالذي يريد ان يقوله بالضبط؟؟!!
لا شك أن الدكتور عمر مصطفى شركيان بذل جهدا يشكر عليه في جمع محتويات هذه المقالة المطولة والغنية بالمعلومات الثرة وان عابها عدم التوفيق في تفسير بعض الحقائق التاريخية في اغلب المواضع وقد اجد العذر للكاتب ان كان غير سوداني او نقل نقلا حرفيا من مصدر مصري او لمورخ او كاتب مصري فالمصريون ظل شغلهم الشاغل وعبر تاريخهم الطويل حيث حكمتهم كل امبراطوريات الارض هو مسح الهوية النوبية واخلا الارض التي حولهم منها وابعاد كل الانجازات التاريخية التي تثبت عنهم والهدف واضح هو ميراث ارضهم وتاريخهم والسبب ان بعض الحقائق الماثلة لا تغيب عن اي سوداني درس المرحلة الابتدائية بالمنهج السوداني في السودان وهي ان الخرطوم كانت عاصمة للملكة علوة النوبية وكانت تسمي سوبا وكون ان سوبا الحالية تبعد عن القصر الجمهوري الخالي ب 22 كيلومتر فهذا لا يعني ان ما نسميه الخرطوم اليوم كانت مفصولة او كانت مدينة اخري عن سوبا واستند هنا لاستخراجات العلامة د. محمد عكاشة في كتابه “قصص من بلاد النوبة” او ” القاموس النوبي” حيث يقول ان النوبين اطلقوا عبارة “سوبا” علي عاصمة مملكتهم الجنوبية وتعني منطقة العواصف الترابية “باللغة النوبي” واعتقد ان الخرطوم لا زالت افضل منطقة جغرافية تستحق هذا اللقب او الوصف الي يومنا هذا. وكون انهم بعدوا قليلا من ملتقي النيلين وذللك ليبتعدوا عن فيضان النيل المدمر الذي ياتي به النيل اللابيض والذي لا ليس بعميق كالنيل الازرق فتتسع مياهه لتدمير المباني والمزارع علي ضفتيها سنويا فابتعدوا قليلا ليكونوا علي ضفاف الازرق لاتساع جروفها وقلة حشراتها المميتة “باعوض الملاريا”. اما “خرطوم” نفسها وكما ذكر بالكتابين هي من عبارتين “قور + توم” و”قور” تعني أرض و “توم” كانت آله الأرض عند النوبيين والذين تأثروا بالمعتقدات الاغريقية القدية وبالتالي فكلمة “كرتوم” أو “خرطوم” تعني “أرض الاله توم” و”قري” بكسر الراء تعني بالنوبية الأرض الجرداء القاحلة والمليئة بالأحجار ومن يريد ان يتأكد من عبقرية هذا الوصف الذي اطلقه اصحاب الارض علي موطنهم أن يزور منطقة “قري” شمال بحري حيث مصفات الخرطوم للبترول وسيجد التطابق الذي لا تحتاج حتي لذهنية حصيف! ومن الثابت تاريخيا وما اتفق عليه مؤرخو العالم “لأن الحضارة النوبية ليست ملك للسودان أو مصر أو حتي للنوبيين انفسهم بل هو ارث انساني يهم العالم كله والمحافظة علية وتنقيبه يهم العالم كله ان كل الأثار التي تقع بين اسوان شمالا وحتي سنار في جنوب شرق السودان ومدينة الكوة علي النيل الآبيض جنوبا هي من صنع النوبيين وتنسب لهم لأن هذا المثلث تاريخيا هي بلادهم قبل ان يغزوهم الأحباش 300 ب م من الشرق ويدمروا حاضرتهم مروي والبجراوية ويستولى علي بلادهم ويسكونوا فيها ثم اتي الهمج أو العنج من الجنوب ليدمروا عاصمة ملكهم “سوبا” عام 540م بكل همجية ووحشية واميرتهم “عجوبة” التي اسروها هي “أجوه” بالنوبية وتعني الفتاة الحلوة “المصدر-قصص من بلاد النوبة – د. محمد عكاشة خليل” ولقد كانت بالفعل فاتنة وغاية في الجمال كما تقول الروايات ومنها اخذ السودانيون والعرب عجوه للتمر او البلح الأكثر حلاوة.والبجة ليس لديهم وجود علي النيل ابدا ولا يسكنون حوله الي يومنا هذا وحتي عندما خالطوا الأحباش الذين غزوا واستولوا علي مك النوبيين في مملكة كوش “المصدر السابق” ليكونوا قبيلة “الجعليين” الحالية ظلوا بعيدين في سكنهم عن النيل ويجلبون العبيد لكي يزرعوا لهم لأن كلا الأحباش والبجة قبايل رعوية ولا تمتهن الزراعة لذا فسكنهم الخرطوم بعيد عن الحقيقة ولم يقله غير المؤرخين المصرين والهدف ابعاد كون “الخرطوم” التي انشأها النوبيون عاصمة اقدم بكثير من القاهرة التي انشأها الفاطميون ولن أتي نوبي أخر هو الامام “المهدي” ليؤسس العاصمة الوطنيو “ام درمان” وهي ايضا اسم نوبي قديم ليس كما جاء بمقال الدكتور عمر مصطفى فلاسم ماخوذ اصلا “المصدرين القصص والقاموس” من قرية صغيرة تقع شمال ام درمان القديمة عندما دخلها المهدى علي النيل وصارت الآن جزءا من ام درمان الحال واسمها “أم در” والدر باللغة النوبية تعني “الحصن” او بيت الحاكم او بيت العمدة وكان هذا الأسر والي يومنا هذا موجود بهذه القرية وهي بقايا اسوار لبناء تاريخي قديم علي تلة مرتفعة تواجه النيل فسموها “ام در” وتعني القرية ام الحصن او مبني الحاكم او العمودية كما سماها اهلها النوبيون شعب مملكة علوة قبل استيلاء الاحباش ومن ثم الهمج علي اراضيهم وطردهم منها او من بعضها وعندما استولي عليها المهدى وعبر جنده الخرطوم ليحطموا ما تركه المصريون والانجليز واشاعوا الرعب والفزع في من بقي من سكان اطلق الامام المهدي عبارة “امدر امان” وذلك لتهدأة ثورة الانصار وتطمين رعايا الخرطوم ومن كان وقتها بام در قبل دخول الانصار فيها وكأنه كان يعيد مقولة الرسول الكريم محمد بن عبد الله عندما دخل مكة فاتحا ولتطمين اهله “من دخلها فهو آمن ومن دخل دار ابا سفيان فهو آمن) – المصدرين . “فتوتي” الجزيرة التي تقع شمال الخرطوم ليست كما يدعي الكثير تزيفا وبغباء هي عبارة بجاوية او عربية ونسوا أو تناسوا أن هذه الجزيرة من تخلق بالأمس وكانت وحتي قبل خمسمائة ضمن مملكة علوة النوبية ولأنها جزيرة رسوبية وتشبه “كرشة العجل” اوأي حيوان في خريطتها سموها اهلها النوبيون بذلك “تون تي” فعبارة “تون – الكرشة أو المعدة” و “تي – العجل” وهذا الحيوان كان مقدسا عند قدامة النوبين عندما ولد بينهم نبي الله ورسوله موسى وقصته معروفة للجميع وستجد عبارة “تي ” بعني عجل في عدد من مدن السودان النيلية مث “كورتي بالشمالية و”التي” بالجزيرة : المرجع: الكتابين المذكورين سابقا. انصح كل من يريد ان يعرف اصل تسمية المدن السودانية خاصة القديمة منها ان يحاول معرفة اللغة النوبية لفك شفرة تلك المسميات لأنها مسميات اطلقت وصفا جفرافيا لطبيعة القرية او الموقع أو المدينة وليس فكاهة ونسبا لعابر سبيل
اجتهد كثيرا ولكن رقم ذلك لي عليك بعض الملاحظات
1= اطلت المقال اكثر من اللازم لدرجة الملل
2- تحاملت كثيرا على الخرطوم واوردة مقالات من يحملة الحقد العنصرية لما قالوا واهملت مقالات من يحملون ايجابيات
3- اهملت جانب المكونات السكانية كالفتيحاب واللاماب والمحس وغيرهم كما يمكنك ايراد وصف الغربين لحلفاية الملوك
4- هناك حقيقة ربما لم تقف عليها بخصوص آثارمملكة سوبا وهي ان من بنوا الخرطوم قاموا بهدم أثار سبوبا لاستخدام الاحجار في المباني وبهذا قد حرمونا من كنز ثمين كان يمكن ان نفاخربة من حولنا