دروس وعبر

صدفة!
دروس وعبر من تجربة الثورة المصرية
تضامناً مع الميدان: فيصل محمد صالح
تابع السودانيون بحماس وانفعال كبيرين أحداث الثورة الشعبية المصرية، وقضوا أيامها الثمانية عشر كلها أمام شاشات الفضائيات يشاهدون تفاصيلها لحظة بلحظة. وبدون الحديث عن العلاقات الأزلية وشعارات وحدة وادي النيل، فإنّ كثير من السودانيين لم يكن لديهم شعور بأنهم يشاهدون انتفاضة شعبية في بلد آخر، وإنما كانوا يتفاعلون معها كجزء منها، ولو كانوا موجودين في القاهرة لانخرطوا فيها. وحتى كثير من السودانيين الذين لديهم موقف من رؤية وتعامل الأنظمة المصرية مع الشأن السوداني، لم يمنعهم ذلك من التعاطف مع الحراك الشعبي المصري، باعتبار أنّ الشعوب لا تتحمل دائماً وزر الأنظمة.
وقد حملت الثورة الشعبية في مصر، وقبلها انتفاضة الشعب التونسي دروس وعبر كثيرة لدول وشعوب المنطقة تستحق الوقوف عندها. صحيح أن مصر ليست تونس، والجزائر ليست مصر، والسودان ليس الجزائر أو اليمن، لكن كل هذه دول تتوق شعوبها للحرية والديمقراطية بعد أن عاشت عقوداً تحت وطأة أنظمة شمولية وإن تدثرت بعباءة اليمين واليسار والإسلام، لكن يتشابه جوهرها القمعي والشمولي الرافض للاعتراف بالآخر والذي لا يؤمن بحكم وإرادة الشعوب.
عند بداية تفجر الأزمة ظهر قادة النظام المصري القديم ومعهم حفنة من مثقفي ومفكري السلطة ليقولوا أنّ مصر ليست تونس، وهذا صحيح، لكنه لا يصلح مبرراً لكي يتوصلوا لنتيجة أنّ الشعب المصري ليس قادراً على الثورة.
نعم مصر ليست تونس، ومؤسسة الدولة فيها أقدم وأعرق وأرسخ، وأكثر مقاومة، لهذا فقد كان متوقعاً أن تكون الصورة والطريقة مختلفة، وإن كانت النتائج تتشابه. ولهذا رأينا في النتيجة النهائية كيف تمّ اجتثاث نظام مبارك من جذوره، وبشكل أسرع وأعمق من تجربة تونس..
انهارت إمبراطورية الأمن المركزي في ثلاثة أيام، ومن عاش في مصر يعرف ضخامة وسطوة هذه الإمبراطورية، وما كانت تخلقه من رهبة وخوف في قلوب المصريين، كما أنّ بنية الحزب الوطني الديمقراطي تحطمت وبلا عودة. وأذهلت جموع الشعب المصري، التي خرجت بالملايين، كل العالم وهي ترفض تنازلات النظام درجة بدرجة، حتى أطاحت به من جذوره، وكانت العبرة أن مصر فعلاً ليست تونس، لكن إرادة الشعوب واحدة، وهي الطرف الغالب والمنتصر في النهاية.
تغيرت صورة الإنسان المصري في كل العالم كله، وصار اسمه على كل لسان، وحركاته ترصدها أجهزة الإعلام بكل اللغات، والمهم أيضاً أنه تمّ تصحيح معلومة مغلوطة ظلت أجهزة الإعلام العربية والعالمية ترددها طوال الأسابيع الماضية، وهي أن الشعب المصري ظل طوال السنوات الماضية خانعاً، حتى فاجأ العالم بهذه الثورة، وكان الثورة لم تكن لها مقدمات، أو عملية بناء جماهيري طويلة ومعقدة. الحقيقة هي أن المجتمع المصري ظل في حالة موار طوال السنوات الماضية، حيث ظهرت حركة ?كفاية? منذ سنوات، ثم الجمعية الوطنية للتغيير، ومنذ عام 2008 تنشط حركة 6 أبريل في الشارع المصري وفي الفضاء الإسفيري، كذلك حركة ?كلنا خالد سعيد? التي نشأت في الإسكندرية. خلقت هذه الحركات عملية تراكم نضالي طويل وممتد حتى جاءت لحظة التفجير.
ولا يمكن أيضاً إغفال وإهمال الدور الذي لعبته الصحافة المصرية في التمهيد للثورة الشعبية في مصر. لقد أسهمت الصحافة المصرية في رفع سقف الحريات والنقد حتى وصل لرئيس الجمهورية وأسرته، ثم ملاحقة قضايا الفساد وكشفها بصورة هزت من مصداقية النظام ورجاله، وكسرت هيبته، وأظهرت نقاط ضعفه التي يخفيها مظهر القوة الباطشة البادية للعيان.
ولعل واحدة من البدايات الفارقة كان دور الصحافة الحزبية والمستقلة في مرحلة التسعينيات، والتي تمردت فيها على قيود المراحل السابقة. عندما صدرت صحيفة ?الدستور? في منتصف التسعينات، قدمت نفسها كصحيفة جريئة ومختلفة، تعمل على كسر كل التابلوهات والمحرمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومن على صفحاتها أطل إبراهيم عيسى وعادل حمودة، بلال فضل، محمد الكردوسي، خالد منتصر، صافيناز كاظم، وآخرون شكلوا كتيبة مصادمة أدخلت أصابعها في شقوق الثعابين.
وفي جبهة الصحف الحزبية تقدمت ?العربي? بجرأة شديدة لتواصل في نفس المشوار، ولعلها أول صحيفة تحمل عنوانا رئيسياً ?لا لحسني مبارك? في انتخابات رئاسة الجمهورية، عندما كانت الصحف والأحزاب الأخرى تقف بسقف خلافاتها عند رئيس الوزراء، ومن على صفحاتها رفع عبد الله السناوي وجمال فهمي وعبد الحليم قنديل راية التحدي.
ولعبت صحف أخرى مثل الأسبوع، والوفد، الأهالي، ثم الفجر ، وصوت الأمة، الكرامة، وحتى المصري اليوم، الشروق، البديل، واليوم السابع أدواراً كبيرة في تعرية النظام ورموزه، ولعل موقفها خلال انتخابات (عز-جمال مبارك) الأخيرة كان واحداً من الأدوار الكبيرة التي لعبتها ومهدت بها للانتفاضة.
و انتقل عدد من الصحفيين للفضائيات الخاصة والعامة، ولعبوا أدواراً مميزة وقدموا برامج ناجحة مثل وائل الأبراشي، محمود سعد، منى الشاذلي، عمرو أديب، أحمد المسلماني، بجانب معتز الدمرداش، لميس الحديدي وآخرين.
لا تحدث الثورة من فراغ، ولا صدفة، حتى وإن عجز الناس عن قراءة توقيتها ومعرفة اللحظة المناسبة، يحتاج الأمر إلى حس إنساني سليم وحدس وإلهام، وربما بعض التوفيق الإلهي الذي يتجسد في شكل إيمان عميق بحتمية النصر، حتى وإن بدا بالظروف المنطقية بعيداً.
وحين تقرأ كتاب الثورة المصرية، لا يمكن أن تتجاهل الدور التحريضي والتعبوي الذي لعبته حركة كفاية، والحركات الاحتجاجية الأخرى، والوقفات المتعددة أمام نقابتي الصحفيين والمحامين ومجلس الشعب، وحركة شعب دمياط ضد المصانع الضارة بالبيئة. وحين تحرك الأقباط في مصر وتظاهروا وقذفوا الشرطة بالحجارة، فتح البعض أفواههم بالدهشة، وتساءلوا :?حتى الأقباط؟?.. وذلك ببساطة لأنهم لم يعرفوا لغة العصر، وتواصل المجتمعات وتبادل التجارب والخبرات.
لقد حدث تراكم ثوري وتم تهيئة النفوس للثورة، ولكن حركات 25 يناير و6 أبريل و ?كلنا خالد سعيد? والحركات الشبابية الأخرى هي التي ملكت مفتاح التفجير، لأنها ملكت الشجاعة والجرأة والرغبة في المصادمة، ولم يكن لديها ما تخسره. والأهم أنها ملكت لغة العصر وأدواته وعقليته، وعرفت كيف تستخدمها.
كانت هناك معركة بين شباب يعيش بعقله وعمله وطموحاته في المستقبل، وبين نظام يعيش في غيبوبة الماضي لدرجة أن يحارب شباب الفيس بوك بالجمال والحمير، فهل كانت هناك أي فرصة لكي ينتصر نظام مثل هذا؟.
مبروك لمصر وشعب مصر ساعة النصر العظيم، ومبروك لكل الشعوب العربية والأفريقية، وعلى كل الأنظمة التي تعيش خارج العصر أن تبل
الميدان
الاستاذ العظيم / فيصل محمد صالح – وين يا استاذ طولت الغيبة علينا واشتقنا للقلمك المميز واسلوبك الجميل في التحليل وصمودك ضد القهر والاستبداد وانا من المتابعين للمواضعك الصحفية في جريدة الخرطوم عند ما كانت بتصدر من قاهرة المعز ، وبعد ما حضرت صحيفة الخرطوم الي الخرطوم بقي دكتور الباقر كوز اكثر من الكيزان ويطبل لهولاء العلوج اكثر ما يدافع ويطبل العنصرى الدلدول خال الرئيس الطيب مصطفي ، واخيرا استاذنا فيصل محمد صالح فان ثورة الاحرار والشباب سوف تقوم
في السودان لا محالة وان طال السفر 0
بسم الله الرحمن الرحيم
أستاذ فيصل ما معقول طولت شديد نحن في أشد الأحتياج لقلمك وتحليلاتك
نحن محتاجين لشجاعتك ويقوم عليكم انتم الصحفيين الذين تتبعون ضميركم
دور كبير في مقاومة الظلم وتبيان الحق والسعي للحرية الكاملة ومناصرة الشباب
الذين أبتداؤ دورة النضال التي لن تقف الا باسقاط النظام
لا لا لا لا تنقطع أخي فيصل والحمد لله على سلامتك
شكرا ايها الاصدقاء
أنا ما زلت اواصل الكتابة بزاويتي \\"أفق صغير\\" بجريدة الاخبار
http://www.alakhbar.sd
وآمل أن يواصل الاخوة في الراكوبة نقل العمود إلى هنا
فيصل محمد صالح