العنصرية في المُخيلة السوداء

@ العنصرية في المخُيلة السوداء
” ماك هوين
سهل قيادك
سيد نفسك
مين اسيادك ”
محجوب شريف
نقطة هامة:
_الكاتب لا يتبني فكرة وجود عوالم ?انسانية- سوداء ، واخري بيضاء . بالتاكيد هنالك فوارق عرقية ،وثقافية . ومع ذلك يظل الانسان هو الانسان ؛ حتي لو اختلفت السحنات ومستويات الوعي . يحب الابيض اللذة ويرفض الالم ، ذات الامر ينطبق علي الاسود . اذا سأتفق مع الكثير من البشر علي اننا سواسية وان اختلفت البيئات والثقافات . يكفي اننا بشر وتجمعنا روابط اقوي من العرق واللون، ومن حقنا ان نفتخر بذلك لكن دون التقليل من حق الكائنات الاخري التي تشاركنا نفس المشاعر .
ماهي العنصرية : اهتم الكثير من المفكرين والخبراء بصك تعريف جيد للعنصرية يواكب التطور الذي يشهده العالم ، ولكن مع ذلك ساعتمد علي التعريف الشائع عند الشارع السوداني وهي كل شعور بالتفوق أو سلوك أو ممارسة أو سياسة تقوم على الإقصاء و التهميش و “التمييز” بين البشر على أساس اللون أو الانتماء القومي أو العرقي.
*ماالغرض من كتابة المقال :
قد يتسائل بعض القراء عن مغذي المقال ، وما اذا كان الكاتب قادراً علي اضافة شيئاً ما ام لا . في الواقع حتي لا اصدم احدا ساكون واضحاً قدر الامكان : لا استطيع ان أعد احداً باضافة شيئا يذكر ..ولكن يكفي انني ساُساهم ولو بالقليل .
هنالك مجموعات كثيرة علي وسائل التواصل الاجتماعي وهي تهتم الي حد ما برصد كلما يعتبر عنصريا ، والتشهير بكل من يمارس فعلا قد يُعد عنصريا . صحيح ان مثل هكذا مبادرات قد تكون جيدة اذا ما كان الغرض منها هو دراسة ظاهرة العنصرية بصورة عقلية ومن ثم الغائها . اما اذا كان الهدف منها هو تحقيق ماَرب اخري فلتكن الطبيعة في عون الانسانية .
*هنالك تجسيدان للعنصرية :
– العنصرية الغيرية : اي تلك التي تُمارس علي الغير او الاخر المُختلف ؛ اسود ضد ابيض او العكس .
– العنصرية التي تقع داخل المجموعات المتشابهة ؛ ابيض ضد ابيض ، او اسود ضد اسود .
يُلاحظ كثيرا ان التجسيد الاول هو الرائج ، من يدري ربما ان هنالك جهات تسعي الي ان يكون هو الرائج والاكثر انتشاراً . قلما تجد مجموعات تسعي الي تسليط الضوء علي التجسد الثاني ، وان وجدت فهي شحيحة ومخجلة في كثير من الاحيان . وهنالك نماذج تؤكد ما اقول .
معظم الناشطين الذين تداولوا حادثة حرق كنبو_ افطس- الواقع بولاية الجزيرة ، وارجعوا الامر لاسباب عنصرية خالصة تجاهلوا ? بوعي او دون وعي ? حوادث اخري مشابهة . وتجاهلوا ايضا العنصرية التي تمارسها القبائل الزنجية بين عشائرها ..
هذا الامر يقودنا للتساؤل حول ما ان كنا جادين في محاربة العنصرية ام لا ، وما اذا كانت رغبتنا في محاربة العنصرية نابعة من ايماننا بان تلك الظاهرة ليست اخلاقية وانسانية ام ان الفكرة بحد ذاتها محاولة يائسة من لا وعينا لاخفاء دونويتنا واحتقارنا لانفسنا .
*الرهان الخاسر :
في العام 2014وفي تصريح مثير للجدل شخص روبرت موغابي زعيم الافريقانية بعض مظاهر العنصرية في :
-وجود سيارات بيضاء باطارات سوداء
-ارتداء الناس الملابس البيضاء في حفلات الزفاف والسوداء في العزاء والجنازات .
ثم اختتم تصريحاته بعبارات غير لبقة قائلا : ولكن هذا لا يهمني طالما انني لازلت استخدم اوراق تواليت بيضاء لمسح مؤخرتي السوداء. # ملاحظة :استدلال الكاتب بتصريحات موغابي فقط لشعبيته الكبيرة عند بعض الهتافين السودانين الذين يرفعون شعار مكافحة العنصرية.
عند تعريفي للعنصرية قلت انها : ممارسة اي تمييز سلبي ضد الاخر ؛ علي اساس اللون او الانتماء القومي والعرقي .جميل . هل هذا الامر ينطبق علي صانع السيارة . بالطبع لا . صحيح ان هنالك عوامل معينة هي من جعلت الصانع ينتقي اللون الاسود للاطارات ، ولكن ليس منها بالضرورة السخرية من اصحاب البشرة السوداء وازدرائهم . اذا طالما ان الامر كذلك فلم يصر موغابي علي الربط بين ظاهرة العنصرية وابداع الصانع ؟
يعرف أميل كريبلين البارنويا علي : ” انها ذهان يتميز بوجود هزيان ومشاعر الاضطهاد _والمريض يبني استنتاجاته دوما علي مقدمات خاطئة “.
ما مدي تطابق التشخيص السابق علي حالة الزعيم موغابي ؟ ترتبط الاجابة علي هذا السؤال بصورة كبيرة علي اجابتنا لتساؤلات اخري عما اذا كان المغذي من صناعة اطارات سوداء هو السخرية من السود ام لا _ وعما اذا كان ارتداء الملابس السوداء في العزاءات يحمل اية ايحاءات عنصرية ام لا ؟
أكدنا سابقا علي انه ليست هنالك توجهات عنصرية لصانع السيارة ، وان مسالة ارتداء الملابس السوداء في العزاءات هي الاخري ترتبط دوما بثقافة البشر وتوجهاتهم الفكرية والنفسية ..في دارفور علي سبيل المثال يرتدي الناس الملابس البيضاء في حفلات الزفاف والعزاءات ايضا ..اذا ليس هنالك ثمة اي ايحاء عنصري في هكذا تقليد شعبي .
علي ماذا يدل ذلك ؟ يدل علي ان العنصرية لا تكمن في عقل الصانع وانما تكمن في عقل الزعيم موغابي ..فقد بني هذا الاخير استنتاجه علي مقدمات خاطئة . ربما هي البارنويا او ان الامر يرتبط بصورة اخري بالدونية التي يستبطنها بعض السود علي انفسهم . فوجود اطارات سوداء تذكرهم دوما بذواتهم التي يتحتقرونها ؛ وان لم يكن الامر كذلك لما سخر موغابي وجوقته من البيض واعتبروا ان تنظيف المؤخرات بالمناديل البيضاء شيئا ” عظيماً” ويستحق الاحتفاء به.
باحدي المجموعات المهتمة بمحاربة ظاهرة الكتابات العنصرية اُرفق منشور مصحوبا بصورة يُعتقد انها نسخة من محادثة بين شخص يعتبر نفسه عربياً وفتاة تدل ملامحهها علي انها زنجية . خلال المحادثة حاول العربي استلطافها ولكن عندما تجاهلته اعلن بصورة وقحة انها ” خادم ” وهي مصطلح يرادف كلمة “عبد” عند السودانين . ما يهم في الامر ليس ما قاله هذا الشخص ،وانما ردود الافعال التي صحابت الحادثة بحد ذاتها . فقد صنعت من تلك الحادثة التافهة قضية ” راي عام ” اهم بكثير من قضايا الفقر ، البطالة ، الابادة الجماعية ، والازمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
هل يستحق هذا الامر كل هذه الضجة ؟ بالطبع لا . وهل التشهير بالشخص المعني يمكن ان يساعد في استئصال ظاهرة العنصرية ؟ الاجابة ايضا لا. اذاً لما كل هذا التهويل ؟
يقول “سيدني هاريس ” : لو ان شيئا صغيرا له القدرة علي ان يجعلك تغضب ، الا يشير هذا الي حجمك ” فان لم تكن فكرة العبودية مترسخة في ذهن هؤلاء لما تم تضخيم الامر هكذا ..ولم اهتم احدا بهذا الحدث التافه ..ولم شرعت الفتاة بالتشهير بالشخص المعني ..ففي النهاية يتعلق الامر بالقناعات ..فان كانت الفتاة علي قناعة من انها ليست “خادم” لتجاهلت هذا المريض..وارتحنا من عناء الكتابة عن هذه الظاهرة النتنة .
هذا الامر يستدعينا لاستحضار ” موزة الفيس ” . فبينما كان اللاعب البرازيلي يستعد لتسديد ركله ركنية قذفه احد جمهور الفريق المنافس باصبع موز الا انه ازاح الكرة جانبا ثم نزع قشرة الموزة واكلها قبل ان يقوم بتنفيذ الركلة .
وعندما سئل عن الواقعة قال : من رمي الموزة ..لا اعرف ، لكني اريد ان اشكره لانها اعطتني الطاقة لارسل عرضيتين تسببتا في هذا التعادل ” وتابع : عليك ان تقبل الموقف كما هو ، لاننا لن نغير الجماهير …وعليك فقط ان تضحك تجاه هذا التخلف .
بالنظر للحادثتين السباقتين وردود الافعال المختلفة نستطيع ان نؤكد ان المسألة برمتها تتعلق بشكل كبير بنظرتنا لانفسنا ومدي تقبلنا لها . احيانا نثور فقط لا لاننا نكره العنصرية باعتبار انها ظاهرة مرفوضة مبدئيا ولكن لانها تذكرنا بذواتنا التي نحتقرها ونرفض تقبلها باي شكل من الاشكال .
#نبش في الذات العنصرية
في دراسة اجريت علي اشخاص يُعتقد انهم يمتلكون ” ميولا عنصرية ” توصل الدارسين الي ان انتشار ظاهرة العنصرية بحد ذاتها ترتبط ارتباطا كبيرا بعقدة النقص التي يعاني منها الاشخاص المستهدفين . واشارو الي ان الشخص العنصري يلجا ل” ميكانيزم” التعويض ليحاول من خلاله التغطية علي ضعف او احساس بعدم الكفاءة في جانب من جوانب حياته .بمعني اكثر وضوحاُ : العنصري ليس سوياً ، وانما هو شخصا يعاني شرخاً نفسيا عميقاً . وممارسة العنصرية ليست سوي محاولة يائسة منه لاشباع النقص الذي يعاني منه .
اذا ما العمل ؟
ثمة قول ماثور يمكن ان يساعدنا في التعامل مع العنصري ” اذا عضك الكلب فلا تعضه ” صحيح ان المثل لا يتماشي والحالة هذه .وخاصة ان العنصري انسان مثلنا ويستحق كل التقدير والاحترام ..المثال هنا للتوضيح فقط ولا يحمل بين طياته اية تلمحيات قذرة. اذا عضك الكلب فانت بالتاكيد لا تعضه ، ذات الامر ينطبق علي تعاملنا مع الشخص العنصري ؛ بمعني ليس من الحكمة ان نجعل ردة فعلنا متساوية مع فعله .
فماذا لو انه قال عنك عبدا ، هل يثبت ذلك حقا علي انك في الواقع عبداً .بالتاكيد لا ..انت لست عبدا وبالتالي ليس هنالك ما يجعلك تثور وتتذمر . فالتذمر بحد ذاته مبرراً كافيا يدفع العنصري لتكرار ذات الكلمة وان كانت بشكل مختلف .سيُصر مرة اخري علي انك عبدا ،وان لم تكن كذلك لما ثُرت او تذمرت .
احمد داؤود
[email protected]
وتجاهلوا ايضا العنصرية التي تمارسها القبائل الزنجية بين عشائرها ..
كنت مع صديق من إحدى هذه القبائل في زيارة لأسرته ووافق أن تم رفض خاطب تقدم لأخته من قبيلة مشابهة بحجة أنهم ( عبيد ). أمضيت زيارتي مذهولا ضاربا كفا بكف وأهمس : وأنتم كمان عنكم ( عبيد ).
ونعود نحن لنصف من هم أفتح منا لونا بأنهم ( حلب) وهذه الكلمة لا تقل تحقيرا عن كلمة ( عبيد ). لنجد أنفسنا أيضا موصوفين ب ( عبيد) من قبل آخرين. ونحاول جاهدين تعريفهم بالفروق بين قبائل السودان لنخرج أنفسنا من ( العبودية ) وأظنهم أيضا يضربون كفا بكف كما فعلت أنا ويقولون وأنتم كمان عنكم ( عبيد ).
هذا الأمر جعلني عالي الحساسية لكل فعل حولي. لو حضرت اجتماعا مثلا أجلس في مكان مميز. وأقيم كل طلب مها كان يسيرا لأقرر الرفض أو الاستجابة. وأحيانا أمشي بقوة رافعا رأسي أكثر مما يلزم. ولا أتكلم إلا إذا صمت الجميع ولا أقبل مقاطعة. وربما أقفلت المايك لينتبه الحاضرون ويتركون الوشوشة.
مرة جاءني أحدهم شاكيا قال فلان يقول لي أسود مددت يدي مطيبا خاطره قلت: وأنا كمان أسود. قال: لا لا أنت ما مشكلة لك. يعني يقصد أنت أصلا ( عبد ).
خلاصة القول في رأيي أن هذه القضية باقية ولن تزول من على وجه الأرض إلى يوم القيامة. كما جاء في الحديث في معرض الذم والتبشبع ( شيآن في أمتي كفر إلى يوم القيامة النياحة على الميت والفخر بالأنساب)
كلنا ( عبييييييد ) لله رب العالمين طوعا أو كرها لا يخرج من ذلك الملحدون.
ابن نفسك وحقق أهدافك وعش حياتك بكل فخر وابدأ بنفسك في رفع راية التسامح وإشاعة روح المساواة ورفض الظلم أولا بعدم ممارسته.
أرجو أن يستمر طرح الموضوع حتى نفسل هذه الأدران. أشكر الكاتب على المقال الرصين في طرحه الواقعي في موضوعه المهم في وقته. مع وجود ( تكات ) صغيرة نتجاوزها.
الانهزام العنصري
اظن للتعادل النفسي للمتضرر و طرح الجهالات العنصرية الموجهه له و ابعادها من الساحة و الي الابد امر ليس بالهين و هو عمل شاق علي جميع الاصعدة فهناك الشأن التثقيفي بالمعني التعليمي و التربوي وهو ليس بالكفيل الكافي لتفتيت العنصرية و صرعها و لكن المعرفة التاريخية للجزور امر هام بالتعريف لحقائق اكثر اهمية لمسيرة الانسان و جرائم التاريخ المرتكبة و التي لا سبيل لمحاكمات لاحقة الا ادبيا و بعض المقارعات الثقافية لظهور ظاهرة أستقلال الانسان لاخيه الانسان و خصوصا المختلف او الغريب جغرافيا و التي لا سبيل لقفل بابها كلما كان هناك حدث و طارئي .فكون البعض يصدرها بشكل فردي او جماعي لا يخرج او يخرجون من بضع تفسيرات نري وجاهتها في:
أولا – الاستفراع التعويضي النفسي الجمعي والناشي تحت وطاءة تنافسية حادة. لا تجد غير سبيلها.
ثانيا – افرازات بنيوية نأشية لها ما يحفزها و يمكن تفسيرها بالمرض العضال و له تموضع جغرافي يتراوح و غير مرصود.و من محفزاتها العنصر المغلوب أو المتضرر و سالبياته.
ثالثا – و نورد هنا مثال الافرقانية و التضعضع الحضري في ظل فضاء اعلامي عالمي غير مستبصر او ذو ارتكاز عميق للحقائق يمكنه تجاوز الغشاء التاريخي الحديث و غلبة الكولونيالية و تكسبها الطامع. فقائمية الجيوبلوتيكية و استراتجيتها الان غير مناسبة و لها دور سالب.
فالعنصرية ليست نأشية حديثا و مع ظهور الراسمالية او التنافس الاقتصاية المحموم او حتي ( الكولونيالية) او احدي تمظهرات الاستعمارية الحديثة او التي ابتداءت خلال القرون القريبة بتمكن الاساطين البرتقالية أو الاسبانية و مؤخرا الانجليزية و السيطرة علي البحار الدافية وطرق التجارة و من ثم التوجه الاقتصادي القائم علي الرق و الاستعباد كجلبة لقوي عاملة او مورد بشري غير مكلف للعمال في الزراعة و الاقتصديات الاقطاعية المعروفة. و انما هو امر ضارب في القدم و لعله بتواجد الانسان نفسه و ابتداء في مجموعاته الاولي الغير معتمدة علي النشاط الغابي كالصيد و لقط الثمار. فالاستعبادية تاتي كفكرة و حاجة لقوي عاملة (الزراعة و البناء) و الحرب.!! فالبحث الانثروبولوجي في الامر هام جدا كمادة تحليلية تختص قبل الحداثية المعرفة بالانسنة و الاخيرة تتعلق بأطراف الديانات و العقائد.!!
و ما ظهور الديانات السماوية و رسالتها الا لقلب الامر و المفاهيم الخاطئة التي ظهرت بمسيرة الانسان و شانه المتصاعد للتملك و الحرز الجغرافي بمعني تنبه للمورد و حيازته تحت الاطر الاثنية و العرقية المتشكلة. اذا لابد من تسليط الضوء مرة اخري للرسالات السماوية و كشف المقاصد الكلية بعيدا او جنبا الي جنب لمفهوم العبادة الفردية (صلة الذات للعنصر الفرد بالخالق الذي يومن به) كون درس المقاصد الكلية ضعف بعض الشئ في خضم معركة الالزام او التنبه لتلكم الفردانية عبادة و هي اصل واصل للكلية المقصد المعنية بالتامل و التفكرالعقلاني و النصوص و شرعانيتها. و لا اظن كون جوهر الديانات السماوية لا يعارض الاستقلال القبيح كنزعة و فطريا ضدها.
فمثال الاسلام لا يستبطي النجز في امر العبودية الا ان بعض مفسري الشأن التاريخي يتمترسون بعوارات و سياجات دوغمائية تعيق البيان الحداثي و الموثوقية الكونية اتجه بعد التشكل الدويلاتي او القطري الماثل بعد ان بات التعريف بمعاير للقيم ملزم لتشارك يرضي التضامنية الدولية في ظل المستلزمات و الاتفاقيات شرط التداول و فرصه الممكنة و الضرورية بل الحتمية.
وتجاهلوا ايضا العنصرية التي تمارسها القبائل الزنجية بين عشائرها ..
كنت مع صديق من إحدى هذه القبائل في زيارة لأسرته ووافق أن تم رفض خاطب تقدم لأخته من قبيلة مشابهة بحجة أنهم ( عبيد ). أمضيت زيارتي مذهولا ضاربا كفا بكف وأهمس : وأنتم كمان عنكم ( عبيد ).
ونعود نحن لنصف من هم أفتح منا لونا بأنهم ( حلب) وهذه الكلمة لا تقل تحقيرا عن كلمة ( عبيد ). لنجد أنفسنا أيضا موصوفين ب ( عبيد) من قبل آخرين. ونحاول جاهدين تعريفهم بالفروق بين قبائل السودان لنخرج أنفسنا من ( العبودية ) وأظنهم أيضا يضربون كفا بكف كما فعلت أنا ويقولون وأنتم كمان عنكم ( عبيد ).
هذا الأمر جعلني عالي الحساسية لكل فعل حولي. لو حضرت اجتماعا مثلا أجلس في مكان مميز. وأقيم كل طلب مها كان يسيرا لأقرر الرفض أو الاستجابة. وأحيانا أمشي بقوة رافعا رأسي أكثر مما يلزم. ولا أتكلم إلا إذا صمت الجميع ولا أقبل مقاطعة. وربما أقفلت المايك لينتبه الحاضرون ويتركون الوشوشة.
مرة جاءني أحدهم شاكيا قال فلان يقول لي أسود مددت يدي مطيبا خاطره قلت: وأنا كمان أسود. قال: لا لا أنت ما مشكلة لك. يعني يقصد أنت أصلا ( عبد ).
خلاصة القول في رأيي أن هذه القضية باقية ولن تزول من على وجه الأرض إلى يوم القيامة. كما جاء في الحديث في معرض الذم والتبشبع ( شيآن في أمتي كفر إلى يوم القيامة النياحة على الميت والفخر بالأنساب)
كلنا ( عبييييييد ) لله رب العالمين طوعا أو كرها لا يخرج من ذلك الملحدون.
ابن نفسك وحقق أهدافك وعش حياتك بكل فخر وابدأ بنفسك في رفع راية التسامح وإشاعة روح المساواة ورفض الظلم أولا بعدم ممارسته.
أرجو أن يستمر طرح الموضوع حتى نفسل هذه الأدران. أشكر الكاتب على المقال الرصين في طرحه الواقعي في موضوعه المهم في وقته. مع وجود ( تكات ) صغيرة نتجاوزها.
الانهزام العنصري
اظن للتعادل النفسي للمتضرر و طرح الجهالات العنصرية الموجهه له و ابعادها من الساحة و الي الابد امر ليس بالهين و هو عمل شاق علي جميع الاصعدة فهناك الشأن التثقيفي بالمعني التعليمي و التربوي وهو ليس بالكفيل الكافي لتفتيت العنصرية و صرعها و لكن المعرفة التاريخية للجزور امر هام بالتعريف لحقائق اكثر اهمية لمسيرة الانسان و جرائم التاريخ المرتكبة و التي لا سبيل لمحاكمات لاحقة الا ادبيا و بعض المقارعات الثقافية لظهور ظاهرة أستقلال الانسان لاخيه الانسان و خصوصا المختلف او الغريب جغرافيا و التي لا سبيل لقفل بابها كلما كان هناك حدث و طارئي .فكون البعض يصدرها بشكل فردي او جماعي لا يخرج او يخرجون من بضع تفسيرات نري وجاهتها في:
أولا – الاستفراع التعويضي النفسي الجمعي والناشي تحت وطاءة تنافسية حادة. لا تجد غير سبيلها.
ثانيا – افرازات بنيوية نأشية لها ما يحفزها و يمكن تفسيرها بالمرض العضال و له تموضع جغرافي يتراوح و غير مرصود.و من محفزاتها العنصر المغلوب أو المتضرر و سالبياته.
ثالثا – و نورد هنا مثال الافرقانية و التضعضع الحضري في ظل فضاء اعلامي عالمي غير مستبصر او ذو ارتكاز عميق للحقائق يمكنه تجاوز الغشاء التاريخي الحديث و غلبة الكولونيالية و تكسبها الطامع. فقائمية الجيوبلوتيكية و استراتجيتها الان غير مناسبة و لها دور سالب.
فالعنصرية ليست نأشية حديثا و مع ظهور الراسمالية او التنافس الاقتصاية المحموم او حتي ( الكولونيالية) او احدي تمظهرات الاستعمارية الحديثة او التي ابتداءت خلال القرون القريبة بتمكن الاساطين البرتقالية أو الاسبانية و مؤخرا الانجليزية و السيطرة علي البحار الدافية وطرق التجارة و من ثم التوجه الاقتصادي القائم علي الرق و الاستعباد كجلبة لقوي عاملة او مورد بشري غير مكلف للعمال في الزراعة و الاقتصديات الاقطاعية المعروفة. و انما هو امر ضارب في القدم و لعله بتواجد الانسان نفسه و ابتداء في مجموعاته الاولي الغير معتمدة علي النشاط الغابي كالصيد و لقط الثمار. فالاستعبادية تاتي كفكرة و حاجة لقوي عاملة (الزراعة و البناء) و الحرب.!! فالبحث الانثروبولوجي في الامر هام جدا كمادة تحليلية تختص قبل الحداثية المعرفة بالانسنة و الاخيرة تتعلق بأطراف الديانات و العقائد.!!
و ما ظهور الديانات السماوية و رسالتها الا لقلب الامر و المفاهيم الخاطئة التي ظهرت بمسيرة الانسان و شانه المتصاعد للتملك و الحرز الجغرافي بمعني تنبه للمورد و حيازته تحت الاطر الاثنية و العرقية المتشكلة. اذا لابد من تسليط الضوء مرة اخري للرسالات السماوية و كشف المقاصد الكلية بعيدا او جنبا الي جنب لمفهوم العبادة الفردية (صلة الذات للعنصر الفرد بالخالق الذي يومن به) كون درس المقاصد الكلية ضعف بعض الشئ في خضم معركة الالزام او التنبه لتلكم الفردانية عبادة و هي اصل واصل للكلية المقصد المعنية بالتامل و التفكرالعقلاني و النصوص و شرعانيتها. و لا اظن كون جوهر الديانات السماوية لا يعارض الاستقلال القبيح كنزعة و فطريا ضدها.
فمثال الاسلام لا يستبطي النجز في امر العبودية الا ان بعض مفسري الشأن التاريخي يتمترسون بعوارات و سياجات دوغمائية تعيق البيان الحداثي و الموثوقية الكونية اتجه بعد التشكل الدويلاتي او القطري الماثل بعد ان بات التعريف بمعاير للقيم ملزم لتشارك يرضي التضامنية الدولية في ظل المستلزمات و الاتفاقيات شرط التداول و فرصه الممكنة و الضرورية بل الحتمية.
اسألوني قبل ان تفقدوني إنتوا الناس دي بتجيبوها من وين وكمان يكتبوا مقالات .
من يصف شخصا ب ( العبد ) ، هو في الحقيقة من يعاني عقدة النقص و النظر بعين معطوبة لحقيقة الأشياء . في سوداننا الراهن ينطبق هذا الوصف علي عدد مقدر ممن يسمون انفسهم ب ( عرب ) – مع انهم في الحقيقة ( زنوج ) بآثار طفيفة من دم عربي. لم توجد لهذه الكلمة اثر او ممارسة في المجتمعات الافريقية الا مع بزوغ فجر أفكار ( بني عربان ) ومن بعدهم زمرة الوافديين من ( الجوعان ) ، الذين جميعهم قد سمموا أجواء التعايش السلمي الاجتماعي بآفاتهم المدمرة أينما حلوا او نزحوا. زمرة من الجوعان تم ايوائهم مع الترحاب ، فما كان الجزاء الا العدوانية التي لا مبرر لها اطلاقا، خاصا ان الأفكار التي بنيت عليها قد ثبت تمام بطلانها و انها ليست الا محض خزعبلات في طريقها الي مزبلة التاريخ ، مكانها الطبيعي…
مقال جميل للغاية ويعكس نبل وأدب كاتبه….واصل الكتابة بذات المستوى وأمتعنا حفظك الله ورعاك
اسألوني قبل ان تفقدوني إنتوا الناس دي بتجيبوها من وين وكمان يكتبوا مقالات .
من يصف شخصا ب ( العبد ) ، هو في الحقيقة من يعاني عقدة النقص و النظر بعين معطوبة لحقيقة الأشياء . في سوداننا الراهن ينطبق هذا الوصف علي عدد مقدر ممن يسمون انفسهم ب ( عرب ) – مع انهم في الحقيقة ( زنوج ) بآثار طفيفة من دم عربي. لم توجد لهذه الكلمة اثر او ممارسة في المجتمعات الافريقية الا مع بزوغ فجر أفكار ( بني عربان ) ومن بعدهم زمرة الوافديين من ( الجوعان ) ، الذين جميعهم قد سمموا أجواء التعايش السلمي الاجتماعي بآفاتهم المدمرة أينما حلوا او نزحوا. زمرة من الجوعان تم ايوائهم مع الترحاب ، فما كان الجزاء الا العدوانية التي لا مبرر لها اطلاقا، خاصا ان الأفكار التي بنيت عليها قد ثبت تمام بطلانها و انها ليست الا محض خزعبلات في طريقها الي مزبلة التاريخ ، مكانها الطبيعي…
مقال جميل للغاية ويعكس نبل وأدب كاتبه….واصل الكتابة بذات المستوى وأمتعنا حفظك الله ورعاك