مقالات وآراء

المجنونة أهي!

 

مناظير السبت
زهير السراج

* أفصحت القيادية في الحركة (اللا إسلامية) وحزب المؤتمر (اللا وطني) المنحل (سناء حمد) عن ما في قلبها ونفسها من حقد شديد وغل لا حدود له على الشعب السوداني وثورته الظافرة التي قضت على نظامهم القاتل الفاسد وألقت به في مزبلة التاريخ في الحادي عشر من إبريل 2019، مما أدى لحرمانهم من المتاجرة بالدين الحنيف واستغلاله في سفك الدماء والنهب والسرقة وأكل أموال الشعب بالباطل وتمريغ شرف البلاد في الوحل والطين والحط من كرامة الإنسان السوداني التي كانت في أعلى عليين قبل سرقتهم للسلطة بقوة السلاح في يوم أغبر من تاريخ السودان في 30 يونيو 1989، وكانت حينها سمعة السودان وأبناء وبنات السودان لدى الأشقاء والأصدقاء والعالم الخارجي مثل (جنيه الذهب) أينما تضعه يكون هو الفائز، ومثل صحن الصيني (لا فيهو شق ولا طق)، ولكنها ما لبثت أن اضمحلت وتهاوت بعمالتهم الرخيصة وأفعالهم الدنيئة وتهافتهم على السرقة والنهب جرياً وراء المكاسب والمنافع الشخصية لدرجة أن رئيسهم المخلوع الذي قُبض عليه متلبسا بحيازة ملايين الدولارات في مقر إقامته بعد سقوط نظامهم الفاسد، اعترف في التحقيق الذي اُجرى معه وتُلىَّ أمام المحكمة التي انعقدت لمحاكمته في 19 اغسطس، 2019، بأنه حصل عليه (كهدية) من إحدى الدول العربية، فأدانته المحكمة بالفساد وحكمت عليه بالسجن لمدة عامين بتهمة التداول في النقد الأجنبي والتربح غير المشروع، وهى تهمة مماثلة للتهمة المزيفة التي أُعدم بها الشهيد (مجدي محجوب) في ديسمبر 1989 بعد مثوله في أغسطس من نفس العام أمام محكمة عسكرية إيجازية لم تتجاوز جلستها بضع دقائق ولم يُسمح له فيها بتوكيل محام للدفاع عنه، رغم إن المال الذي ضُبط في خزنة منزلهم لم يتجاوز (عشرة الف دولار امريكي) وكان ملكا لوالده رجل الأعمال المعروف ومالك شركة التأمينات الأهلية وعدة شركات أخرى والذي لم تفتح الخزنة منذ وفاته قبل استيلاء تجار الدين على السلطة، ورغم ذلك حُكم عليه بالإعدام شنقا ونُفذ الحكم في سرية تامة، بينما حصل رئيس العصابة المخلوع على (عامين فقط) في السجن رغم ثبوت التهمة عليه وحيازته للمال بطريقة غير مشروعة، ولو استمرت الثورة لظهرت الكثير من الفضائح والجرائم والسرقات التي تستحق السحل وقطع الرقاب ليس لرئيس العصابة وحده، ولكن لكل عضو فيها مهما صغر شأنه!

* جاء قبل يومين في منشور للسيدة آنفة الذكر ما يلي: “بثورة صبيانية غير محسوبة النتائج، لا دافع لها سوى التشفي والعمالة، تم استدراج شعبنا ليثور محاولا قطع الشجرة التي أظلته وأطعمته حتى اشتد عوده، ولكن أدرك بعد ذلك أن محاولة إزاحة المؤتمر الوطني المتجزر ليس في الحياة السياسية للشعب السوداني فحسب، بل في وجدانه أيضا، هى خسارة دفع ثمنها ذات الشعب. وحقا في الليلة الظلماء يفتقد البدر. ولكن للبدر أيام يغيب فيها ثم يهل ليذيق الناس ظلمات غيابه، وكل ذلك تدبير من الله، تحقيقا لسنته الكونية. ولكن سنعود، سنعود وسيقول الناس العودُ أحمدُ” إنتهى المنشور.

* تخيلوا كمية التشفي التي ينضح بها هذا المنشور مما يدل على ما في نفس صاحبته من حقد وغل على الشعب السوداني لا حدود لهما.

* ولكن دعونا فقط نبدأ بهذه العبارة المضحكة المبكية من حديث السيدة سناء .. “تم استدراج شعبنا ليثور محاولا قطع الشجرة التي أظلته وأطعمته حتى اشتد عوده” .. تخيلوا أولا هذا الغرور الغريب والنظرة المتعالية للشعب (صاحب الثورات المجيدة ومعلم الشعوب)، الذي تم إستدراجه كله مثل أى (معزة) أو (غنماية) لا عقل لها ولا فكر ولا حتى (فردة حذاء) للثورة على من أظله بظله وأطعمه حتى اشتد عوده، وهنالك أحد أمرين إما أن يكون هذا الشعب مجرد عبيط وساذج يمكن لأى أحد أن يستدرجه ويفعل به ما يشاء أو حتى يلقي به في جهنم مثله مثل أي قطعة جماد أو (سخل) ولد بدون عقل لا يحس ولا يرى ولا يسمع ولا يمأمئ ولا يفعل أى شئ أينما وضع ومهما كان مصيره)، أو جاحد لا أخلاق له ولا مبادئ له وناكر للجميل.

* كان يمكنك أيتها السيدة المغرورة أن تجعلي حديثك مقبولا بعض الشئ وتقولي “تم استدراج بعض الشعب أو حتى غالبية الشعب”، أما أن يتم استدراج كل الشعب، ثم يستجيب لهذا الاستغلال والاستدراج بدون تمييز أو إدراك منه، فهو أمر غريب وعجيب، ولكن ليس هنالك غرابة في هذا التفكير الشاذ والمتعالي لعصابة تجار الدين ومن ينتمي إليها، فهذه كانت ولا تزال نظرتهم للشعب بأنه مجرد (بهيمة لا عقل لها)، بينما هم وحدهم الذي وضع الله فيهم العقل والحكمة واصطفاهم لتربية وتأديب وحكم الناس!

* نفس هذا النهج من التعالي والغرور الذي وصفت به السيدة (سناء) مَن انقادوا للثورة، وصفت به مَن قادوا الثورة بأنهم مجرد صبية (جهلاء) لا يفقهون شيئا، مثلهم مثل الشعب الذي إنقاد إليهم، ورغم جهلهم أو (ربما براءتهم) إلا أن دافعهم للثورة، في رأيها، كان التشفي والعمالة!

* بالله عليكم كيف يكون دافع صبية (جهلاء) لا يفقهون شيئا أو أبرياء من القيام بثورة التشفي والعمالة، وكيف يمكن في الأساس لصبية جهلاء أو أبرياء القيام بثورة، إلا إذا كانت السيدة (سناء) مغرمة بأفلام الخيال العلمي التي يقوم بدور البطولة فيها أطفال في سنة الخامسة والرابعة يشعلون الثورات ويدمرون الكواكب ويحتلون الكون، أو أنها أصيبت بعد الثورة الظافرة التي أسقطت نظامهم الفاسد الفاشي، وجردتها هي بشكل شخصي من الكم الهائل من الوظائف الحكومية والحزبية الرفيعة التي كانت تتمرغ فيها، بلوثة عقلية جعلتها تهرف بما لا تعرف ولا تميز ما تقول، وهو الأرجح !

* ثم أي شجرة هذه التي أظلت وأطعمت الشعب حتى قوى عوده فخرج ثائرا عليها .. الشجرة التي دمرت مشاريعه كبيرها وصغيرها، وأحالت ملايين مواطنيه للصالح العام وجعلت ثلاثة أرباع الشعب تحت خط الفقر، وسفكت دماءه وبترت ثلث بلاده، واشعلت الحروب الأهلية في كل مكان، ونهبت بتروله وذهبه وثرواته وحولتها إلى قصور وفيلل وكنوز لأصحاب الشجرة في تركيا وماليزيا والخليج وكل بلاد العالم، وأخيرا جعلت من الشعب قتيلا وجريحا وخائفا ونازحا ولاجئا وجائعا ومتسولا ومُهاناً في كل مكان يأوي إليه، أم عن أي شجرة تتحدثين يا سيدة سناء، ولماذا يثور الشعب أو ينقاد لصبية جهلاء للثورة عليكم واقتلاع شجرتكم إذا أظلته وأطعمته وقوًّت عوده؟!

* لا شك أنك أصبت فعلا بلوثة عقلية حادة، وما يؤكد ذلك حديثك المضحك عن تجذر المؤتمر اللاوطني في وجدان الشعب. أى شعب هذا الذي يتجذر في وجدانه حزبكم الفاسد السارق الظالم يا سيدة سناء؟! اسمحي لي أن انصح أولياء أمورك وقادة حزبك اللاوطني أن يحتجزوك في أقرب مصحة عقلية خشية أن تتفاقم حالتك وتستحيل السيطرة عليك !

* نأتي الآن للغة التشفي التي نضح بها المنشور الغريب، والتي تعكس مدى الحقد والغيظ والغل الذي أصابها وأصاب العصابة التي تنتمي إليها بسبب سقوط نظامها الفاسد، فاشعلت الحرب وقتلت ودمرت وشردت وجوعت ومرغت كرامة الشعب السوداني في التراب ثم خرجت علينا السيدة سناء لتتشفي قائلة: ” ولكن للبدر أيام يغيب فيها ثم يهل ليذيق الناس ظلمات غيابه” .. تخيلوا هذا الحقد والتشفي على الناس على ما أصابهم من عذاب ومعاناة وتمريغ كرامتهم في الوحل بسبب ما أطلقت عليها العصابة حرب الكرامة، ولكن لا غرابة في ذلك فهي أخلاقهم وصفاتهم التي عرفها عنهم الشعب ولن يحيدوا عنها مهما حدث!

* وكعادة بقية أعضاء العصابة من تجار الدين الفاسدين، كان لا بد لصاحبة الكرامة أن تزين منشورها بالمتاجرة بالدين وتحميل وزر ما حدث من حرب وظلم وتعذيب للشعب السوداني لله، وإنه تدبير منه وتحقيق لسنته الكونية، بدون أن يطرف لها جفن أو يقشعر لها بدن وهي تتهم المولى عز وجل بالشر وقتل وتعذيب وتشريد الأبرياء!

* ثم تتمادى وتقول “أننا سنعود، سنعود، وسيقول الناس العودُ أحمدُ” .. نفس الناس الذين دمغتهم بالبله والسذاجة والانقياد للصبية والجهلاء عندما ثاروا عليهم، صاروا الآن في رأيها عقلاء وأسوياء وأذكياء لأنهم يرحبون بعودتهم ويقولون لهم العودُ أحمدُ .. إنه الصلف والغرور والعزة بالإثم والجنون الذي لا براءة منه، وكما قيل : ” في الجنون سعادة لا يدركها إلا المجانين” .. ألحقوا قائدتكم أيها الكيزان قبل أن تعثروا عليها في الشوارع تتبختر مثل فرعون وتلقي بالحجارة على الناس وهم يضحكون عليها ويصيحون في وجهها: (المجنونة أهي) !

[email protected]

الجريدة

‫13 تعليقات

  1. فعلاً إنهم مجانين! ومعها ذلك المخبول (بِتَاع كُلُّو أو الجوكر) المدعو ناجي مصطفى!!

  2. الاخوان المسلمين فى كل الدول العربية يعلقون فى المشانق ويقتلون مثل الصراصير لخطورتهم على المجتمع والدولة . الا فى السودان تركوا لهم الحبل على القارب فأحرقوا السودان ومزقوا نسيجه الاجتماعى وشردوا اهله ونهبوا امواله واضاعوا الوطن للابد . نعم للابد ولا تحلموا بوطن يجمعكم كسودانيين مرة اخرى ولن ترفع لكم راية وقد قالوها لكم موتوا فى منافيكم بلسان الاخوانى القذر فتح الرحمن . واليوم الاخوان بجناحيهم الجنجويد من جهة وجيش سناء من الجهة الاخرى اشعلوها حربا واحتارت ملائكة اسحاق تقف مع اى جانب وجعلوا ما كان يعرف سابقا بجمهورية السودان كومة ركام ينعق فيها البوم وهاجروا الى قصورهم واموالهم ونسائهم وما ملكت يمينهم فى العواصم العلمانية الكافرة وتركوا الشعب المسلم مشردا جائعا وميتا وعاصمة الخلافة الاسلامية الخرطوم تهدمت وتلاشت وغرقت فى الدم وذهب ريحها بمشروع التوجه الحضارى العربى الاسلامى . شريعة .. شريعة .. ولا نموت … الاسلام قبل القوت . اللهم شماته عديل كده . بختك ياعبدالحى كيف اجواء البسفور ونسائها الفاتنات ؟؟؟

  3. الدكتور البيطري الجليل زهير السراج
    تدهشني بكتاباتك لانك تكتب بنعرة حزبية ضيقة تفضح مستواك وتعري قيمك ، فسير على الدرب بثقة وثبات فلا تبالي ولا تلتفت فكتاباتك تسعد مرضاك.
    دمت ياايها الطبيب البيطري اللميع

  4. هذا ماجنته ايدينا، وهؤلاء، هم منا ولكل شعب اراذل والاسلاميون اراذل شعبنا، رضينا ام ابينا، عندما تم اعدام الشهيد مححمود محمد طه في يناير خمس وثمانون، كان الالاف من السودانيين امام سجن كوبر وامام المشنقه يهللون ويكبرون لان مرتدا قتل، وها نحن بعد اربعين من اعدام محمود محمد طه، نعاني من قتل وتشريد واغتصاب وسرقة مستقبلنا ومستقبل ابناءنا، لان من هللو وفرحو بقتل محمود محمد طه حكمونا لثلاثن عاما وما زالو يحكموننا بالسيف والبندقية، لان سكوتنا وصمتنا سابقا وحاليا ومستقبلا يشجعهم على قتلنا وحرقنا واعدامنا لاننا لا نشبههم ولا نصلى مثلهم

    1. اخي الكريم عدو الكيزان الاول: المئات وليس الالاف من الاشخاص الذين كانوا امام سجن كوبر وامام المشنقة يهللون ويكبرون لاعدام الاستاذ الشهيد محمود محمد طه لم يكونوا الا كيزان ومهووسين دينيا ولم تكن غالبية الشعب السوداني في صف هؤلاء القتلة. صحيح ان الصمت على افعال القتلة والمجرمين من تجار الدين هو الذين شجعهم على التمادي. ولكن كما قال استاذ محمود ان الكيزان سوف يحكمون السودان وسوف يتضح مدى زيف شعاراتهم التي خدعوا بها بعض الناس وانهم سوف يذيقون الشعب الامرين الى أخر نبوئته الشهيرة. احيانا اخي الكريم الوعي يتراكم مع مرور الوقت ولكن في النهاية لا يصح الا الصحيح ولك تحياتي.

  5. الاستاذ زهير السراج في هذا المقال
    الوافي والكافي أثلج صدور كل شخص
    له ضمير وان كان الكيزان لايستحقون
    الرد عليهم ببساطه لأنهم تجار الدين
    يظنون الدين تجارة ولايرون للشعب
    قيمة ابدا ويعملون علي تقسيم الناس
    بنشر الفتن وتقنين فيها لكن أمر الله
    غالب هؤلاء الخوارج وإذيالهم الي مزبلة التاريخ

  6. با زهير يا ارزقي الظاهر عليك اليوم لم تشاهد المقابلة التي أجراها السيد ياسر العطا رجل الساعة الصنديد المقدام عندما كشف عمالتكم وتحسر علي عليها وكشف أيضا انها ايام والنصر آت حينها يا مرتزقة الدعم السريع يا عملاء السفارات شوفوا لكم مكان غير السودان

    1. هسع الارزقي منو؟
      زهير إبن السراريج المعروفين لدى جميع السودانيين والطبيب البيطري المعلوم مصدر كسبه أم أنت يا فلنقاي؟
      قال غرابي قال.
      إلا كان غرابي نسبةً إلى الغُراب.

  7. بالرغم من أن المقال انطلقت كلماته كالسهام تصيب ليس فقط المجنونه فى مقاتل عده بل ايضا تعرى حركتها الاجراميه بالكامل وتكشف مدى حقدهم على الشعب والى اى مدى هم متمسكون بالعوده إلى السلطه ولو كلفهم ذلك المتاجره الرخيصه بالدين كما فعلت المجنونه وهى تحمل المولى عز وجل وزر القتل والتنكيل والتجويع ألذى تم على أيديهم الملوثه بالدماء وملطخه بعار النهب والسرقه.
    اقول بالرغم من ذلك إلا ان اكثر ما أعجبنى فى المقال هو العنوان ( المجنونه أهى) فلو لم يكتب الاستاذ زهير كلمه واحده بعده لكان العنوان كافى ووافى فى حد ذاته لأنه يعكس مدى هطل وضياع خضراء الدُمن سناء حمد وهى تتوهم امجاد زائفه لمؤتمرها الارهابي وقد تفضل بها على الشعب حتى تجزر فى وجدانه، هو نفس اللغه المتعاليه التى كان يستخدمها المجرم الهارب وزبانيته من السواقط امثال مامون حميده و مصاص الدماء نافع على نافع.

  8. يادكتور السراج .. ليس بعد الكوزنة ذنب؟؟؟؟

    يا دكتور الكوزنة وصمة وفضيحة وعار والانسان حينما ينحط ويتحول الى كوز فتجده يهرب من بيته والشارع الذي تربي فيه وترك اصدقاء الطفولة لانه يشعر بالعار والفضيحة بانه صار كوزا مع مجموعة الحرامية الشواذ اللصوص الفسدة ديل.

    عشان كدا الكوز مابيمشي الا مع كوز او كيزان زيه تماما حتى لايتم معايرته بانه كوزا.

    الكوز عارف انه لم يصبح كوز الا من اجل غرض في نفسه الا وهو السرقة والنهب وفعل المحرمات والفواحش وارضاء لنفسه المريضة.

    الكوز شخص فاقد للايمان يعانى من مشاكل نفسية وهو يظن ان الرزق لا ياتي الا عبر تنظيم الكيزان الارهابي الدموى الفاشل.

    الكوز دائما خجلان من انه كوز وتلقاهو مكسور ومقهور مع انو بيحاول يعطيك احساس عكس ذلك.

    الكوزنة اسؤا فضيحة وعار يمكن ان يصيب الإنسان.

    والاخطر والالعن والاحط من الكيزان ناس حركات مناوى وجبريل وطمبور وعقار واشراقة والتوم هجو وعسكورى واردول وكباشي وبقية كلاب النار هؤلاء

    الا لعنة الله علي الكيزان الارهابيين

  9. المقال أدناه…استأذن كاتبه .. لنشره على أوسع مدى …لأن فيه تشريح دقيق للحال الذي وصلنا إليه…

    «الانصرافي» ليس ذئبًا منفردًا

    محمد م. راجي
    “الانصرافي” ليس ذئبًا وحيدًا منفردًا (Lone wolf)، بمثلما يظن البعض، وإنما هو واجهةٌ أو أداة لمنظمةٍ استخباريةٍ، أو لفرع منها مختصٌ بعمليات الحرب النفسية وهندسة التجهيل، تلاعبًا بالعقول وعبثًا ببوصلتها بما يزعزع الثقة بالثوابت والقناعات والقيم الراسخة، ويهيئ العقول لتصديق ما لا يمكن تصديقه، وقبول ما لا يمكن قبوله، عبر عمليات تضليل استراتيجي مُمنهجة، يديرها خبراء.
    الأدوات: اختلاقٌ، واجتزاءٌ، وتشويه، وتشهيرٌ، وتشكيك، وإرباك، وسخرية، وشتمٌ، وسبٌ، وتحقيرٌ، والفاظ نابية، وبذاءةٌ لغويةٌ، واغراق الفضاء العام بروايات مكذوبة عن وقائع لم تحدث، وتصريحات لم تقال، ولقاءات لم تنعقد، وصفقات لم تتم، وهجمات لم تحدث، وأخبار ومعلومات وصور مزيفة ومحرفة، تدليسًا وتضليلًا (misinformation)، وتجهيلًا معرفيًا، في “زمن التفاهة” هذا الذي أصبح فيه التجهيل (Agnotolgy) علمًا له؛ مناهجه وأدواته، وصناعةً لها؛ مدخلاتها، ومخرجاتها، وعملياتها، ومنتجون، ورعاة، وممولون، ومسوقون.، كما اصبح أيضًا مجال دراسة أكاديمية سُمى “إدارة الإدراك أو التصور أو الفهم” (Perception Management)، مختص بدراسة الأساليب النفسية والإدراكية لتوظيف واستخدام المعلومات في غرس وترسيخ ثقافة الجهل والشك والوهم، بما يؤثر على تفكير الجمهور وصولًا لنتائج يستفيد منها أصحاب المصلحة.
    و”علم التجهيل”، تأسس في تسعينيات القرن الماضي على يد لوبي التبغ في الولايات المتحدة، الذي رعى أبحاثًا علمية مزيّفة غايتها تحسين صورة التبغ اجتماعيًا ونشر الجهل حول مخاطر التدخين، بإثارة الشكوك حول البحوث العلمية التي تربطه بالسرطان، ثم تبعتها شركة “كوكاكولا” العالمية التي أنفقت 5 ملايين دولار على بحوث علمية موجهة غايتها نفي علاقة “السمنة” بالمشروبات الغازية الغنية بالسكريات وتَوْجيه اللَّوم إلى عدم مُمارسة التمارين الرياضية، في محاولة تحسين مبيعاتها بنسبة 25% بسبب الربط بينها والسمنة. ثم بعدها تم توظيف هذا النوع من البحوث لاحداث تحولات تجارية وسياسية. وبدات المنهج يسوقوقون اليوم لأكذوبة أن من أشعل الحرب هي قوى الحرية والتغير وأنها الحاضنة السياسية للدعم متجاهلين بأن هذه كان أول منتقد للدعم السريع وأول من نادى بحله ودمجه في القوات المسلحة ونص على ذلك في الاتفاق الإطاري الذي صوروه كذبًا، بأنه كان سبب الحرب. وهكذا يُصنع التجهيل.
    المنهج: توجيه الجهد منظمًا وقاصدًا نحو مكونات العقل وآليات الوعي، تلاعبًا نفسيًا، وتخريبًا للمنظومة الفكرية، ببث الخوف وإثارة الشكوك وبث المعلومات المتضاربة، وتحشيد الرأي العام، مُكثفًا، حول أعداء متوهمين، وإشاعة للحيرة، بما ينتهي إلى تدمير مهارات التفكير النقدي (ملكات التفسير، والتحليل، والتركيب، والاستدلال، والاستنتاج، والاستقراء)، ويُهيئ المسرح لتمرير وقبول الأكاذيب المُرسخة لواقع بديل؛ تُصور فيه الرغائب والأوهام وقائع، والهزيمة نصًرا، والانسحاب تقدمًا، والخسارة ربحًا، والشر خيرًا، والذئب حملًا، والمؤتمن خائنًا، والرويبضة نبيًا، وحمدوك عميلًا، وتمبور بطلًا، وأردول راهبًا، والمصباح منقذًا.
    والغاية النهائية: زعزعة إيمان الناس بثورتهم، وتشكيكهم في رموزها وقياداتها، توطئةً لعودة النظام القميء الذي كنسه، الشعب ثورةً شعبية، وألقى به في مذبلة التاريخ.
    وتعديدًا للأصوات فالإنصرافي، لا يعمل وحيدًا وإنما محاط بشبكة اسناد مُنظمة وفاعلة، تعمل تحت مظلة واحدة، وتضم داخلها عشرات الكُتاب والخشامة والقوانات والمُغنيات واللايفاتية والخبراء الأمنيين والمحللين الاستراتيجين والدعاة وخطباء المساجد، الذين يتمثل دورهم في إعادة انتاج الوقائع البديلة وتوسيع دائرة انتشارها. وهي شبكة متفرغة تمامًا لأداء الدور نظير أجور

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..