هؤلاء هم الاوفياء للوطن .. و هؤلاء هم الفاسدين .. ؟؟

حمد مدنى

هل الذاكرة السودانية تتقاعد و تصاب  بداء النسيان و بالترهل بفعل عامل الزمن .. ؟؟ كنت دائما ما اطرح هذا السؤال على نفسى كلما  جاءت مناسبة وطنية  او مرت بالوطن ازمة  فاتذكر اولئك الرجال الرجال الاوفياء و المخلصون لمكانتهم و ولاءهم و انتماءهم و شهامتهم و رجولتهم و وفاءهم و اخلاصهم للوطن فتنهال علينا القصص  لامانتهم و عفة يدهم  : نتذكر الفريق عبود  بعد ان وافق على التنحى عن السلطة بعد الثورة على نظامه  العسكرى و هو يطلب ان تسمح السلطات الجديدة  لابنه بتكملة دراسته الجامعية  على نفقة الحكومة .. و يخرج من الحكم براتب تقاعدى و سمعة ما زلنا  نتحدث و نتفاخر بها حيث لا عمارات و لا شركات و لا ارصدة بالعملات .. ؟؟   نتذكر الازهرى  و هو فى قمة مجده  رئيسا لمجلس السيادة و هو  يستدين  و يعطى شيكا  و  قبل ان يحين موعد الشيك يتصل  بصاحب الشيك ليخبره  بتاجيل الشيك لعدم وجود رصيد و يطلب منه ان  يقترض منه مبلغا اخر على ان يقوم بتسديهم  معا من الراتب  ( صورة الشيك  موجودة فى النت ) .. و نتذكره و هو يحمل دفتر ( الجرورة ) لشراء رطل سكر من الدكان لعمل شاى لضيوفه و هو رئيس مجلس السيادة لا يمتلك  سكر فى بيته لاكرام ضيوفه .. اى صحابى هذا  .. ؟؟  اتذكر جعفر نميرى  و هو  يخرج من الحكم خالى الوفاض و قد كان مال الخليج و علاقته  بشيوخه تجعل منه امبراطورا ماليا الا ان النفس كانت كبيرة  و عفيفة  .. و تنساب الصور  امامنا لرجال اوفياء  و اتقياء و انقياء حينها اعلن ان ذاكرتنا ترفض الاحالة على التقاعد .. ؟؟

و من الجانب الاخر نشاهد رجالات الفساد اولئك القطط  السمان يتباهون بما جنوا من اموال من هذا الوطن بغير حق و على حساب هذا الشعب الوفى المخلص  و راينا شامخات العمارات و هى تخرج لسانها للشعب السودانى  يوميا  .. و احتفظوا بالارصدة   فى  عقارات دبى و فى بنوك و مصارف ماليزية و غيرها كرصيد لهم  و باسم شركات و حسابات خارجية و نسوا انها ستكون وبالا  عليهم و على ابنائهم و نارا يكتون بها يوم الدين يوم الحساب و يوم الحسرة و الندامة يوم لا ينفع مال و لا بنون  الا من اتى الله بقلب سليم ..  سليم من الغش و الخيانة ..؟؟

حينما احاول ان ادخل ذاكرتنا الى مؤسسة الصمت و التجاهل رغم انها ترفض و تعلن العصيان و تقوم بالتحدى فتفتح  خلايا الذاكرة ابوابها المغلقة لتبدا الصور تنساب  بعضها فوق بعض فما  زالت جديدة و تفوح منها رائحة الشهادة و الشهامة و الرجولة فلم  تاكلها الارضة و لم يمحها الزمن  .. فما زالت الصور تنساب فى كل مناسبة وطنية و تهدينا  نفسا جديدا و عمرا و املا جديدا نصبو اليه.. كنا  دائما ما نسمع قصصا  بطولية عن رجال هذا الوطن و عن مواقفهم و معاركهم ضد المستعمر البريطاتى و رجولتهم فى سبيبل تحقيق الاستقلال لهذا الوطن .. كنا نسمع عن نظافة ايديهم كعنوان للنزاهة .. لم نسمع بمن اختلس او نهب او تحلل من مال مسروق .. و ها نحن نشاهد الفاسدين يضعون نظارات سوداء على اعينهم  و يفلقون اذانهم  كلما   ذكر اولئك الرجال و مواقفهم و نزاهتهم لانهم لا يستطيعون مقارنة انفسهم باولئك الرجال الرجال و لان همهم الاول هو التنافس على زيادة الارصدة و كيفية جنى الاموال بطرقهم و طروحاتهم و استراتيجياتهم .. ؟؟

عند  مرور اى مناسبة وطنية  الاستقلال  و اكتوبر و مايو و الانتفاضة  و برغم اختلاف  الصور و الرؤى الا انها كانت  ذات هدف  هو الاصلاح و الوطن .. ؟؟ تنساب الصور لاولئك الرجال الاوفياء الازهرى و المحجوب  و على الميرغنى  و عبدالرحمن المهدى و الفريق عبود  و سر الختم الخليفة   مرورا بجعفر نميرى و سوار الدهب و الصادق المهدى و انتهاءا بالزبير و قولته المشهورة : ( انحنا اولاد فلاحين و اليوم التلقونا فيهو امتلكنا العربات و العمارات معناها نحنا فسدنا .. ؟؟)  فهولاء هم  الذين لم تتلوث ايديهم  بالمال الحرام  و لم نكن نسمع همسا عن فساد و مفسدين و لم  تمتلئ  ملفات المراجع العام  بالمليارت المختلسة  من المال العام ..   و غيرهم من رجالات  الوطن حين تكون ساحات الاحتفال نظيفة و الكراسى فى ابهى حلة و الاعلام تزين .. و صورهم امامنا  خالدة فى قلوبنا و عقولنا و برغم اختلاف رؤاهم و مشاربهم و طرقهم فى ادارة الدولة السودانية الا انه كان له هم واحد يعملون من اجله و هو رفعة هذا الوطن  و انسان هذا الوطن  فتركوا لنا وطنا جميلا واحدا موحدا  و  واحة استقرار .. لم يكن هناك مكان لفاسد تسول له نفسه العبث يممتلكات و مقدرات هذا الشعب و هذا الوطن .. لم يحاكم نظام حكم  فى السودان بتهمة الفساد المالى  .. تم جرد مالية عبود بالفلس بعد الثورة  و لم يجدوا عليه الا نظافة يد و نزاهة  .. و لم  تجد حكومة نميرى   فسادا ماليا و اختلاسا على حكومة الاحزاب ..  و حكومة الاحزاب الثانية   لم تجد على رجالات نميرى اى  فساد مالى و راينا ابو القاسم محمد ابراهيم اثناء المحاكمات يفتخر بنظافة اليد  و الطهر و العفاف  و النزاهة .. و عندما قامت الانقاذ حاولت ان تجد فسادا ماليا على الحكومة المنتخبة ديمقراطيا  لمحاولة تبرير الانقلاب على الحكومة المنخبة الا انها فشلت فى ذلك فقد كان كل شئ شفافا و تحت المجهر الديمقراطى فقد  كانت طاهرة و نظيفة اليدين .. ؟؟

تهل علينا الايام و  تزداد  الحياة  صعوبة عاما بعد عام حتى وصلنا لمرحلة انعدام الخبز  و  السيولة المالية فى البنوك ..  ؟؟  فتتدفق فى الذاكرة قصص و مواقف و معارك اولئك الرجال الاوفياء يتناقلها جيل بعد جيل لتنحت فى صخرة عقول ابناء هذا الوطن صورا لا تمحوها فساد الفاسدين و تملق المتملقين من المؤلفة قلوبهم و من المؤلفة جيوبهم و من قطط الانقاذ السمان  مهما كانت درجة مسؤليتهم و ليبقى هذا الشعب السودانى وفيا و مخلصا و منتميا لوطنه  و تراب وطنه .. ؟؟

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..