هؤلاء هم الاوفياء للوطن .. و هؤلاء هم الفاسدين .. ؟؟

هل الذاكرة السودانية تتقاعد و تصاب بداء النسيان و بالترهل بفعل عامل الزمن .. ؟؟ كنت دائما ما اطرح هذا السؤال على نفسى كلما جاءت مناسبة وطنية او مرت بالوطن ازمة فاتذكر اولئك الرجال الرجال الاوفياء و المخلصون لمكانتهم و ولاءهم و انتماءهم و شهامتهم و رجولتهم و وفاءهم و اخلاصهم للوطن فتنهال علينا القصص لامانتهم و عفة يدهم : نتذكر الفريق عبود بعد ان وافق على التنحى عن السلطة بعد الثورة على نظامه العسكرى و هو يطلب ان تسمح السلطات الجديدة لابنه بتكملة دراسته الجامعية على نفقة الحكومة .. و يخرج من الحكم براتب تقاعدى و سمعة ما زلنا نتحدث و نتفاخر بها حيث لا عمارات و لا شركات و لا ارصدة بالعملات .. ؟؟ نتذكر الازهرى و هو فى قمة مجده رئيسا لمجلس السيادة و هو يستدين و يعطى شيكا و قبل ان يحين موعد الشيك يتصل بصاحب الشيك ليخبره بتاجيل الشيك لعدم وجود رصيد و يطلب منه ان يقترض منه مبلغا اخر على ان يقوم بتسديهم معا من الراتب ( صورة الشيك موجودة فى النت ) .. و نتذكره و هو يحمل دفتر ( الجرورة ) لشراء رطل سكر من الدكان لعمل شاى لضيوفه و هو رئيس مجلس السيادة لا يمتلك سكر فى بيته لاكرام ضيوفه .. اى صحابى هذا .. ؟؟ اتذكر جعفر نميرى و هو يخرج من الحكم خالى الوفاض و قد كان مال الخليج و علاقته بشيوخه تجعل منه امبراطورا ماليا الا ان النفس كانت كبيرة و عفيفة .. و تنساب الصور امامنا لرجال اوفياء و اتقياء و انقياء حينها اعلن ان ذاكرتنا ترفض الاحالة على التقاعد .. ؟؟
و من الجانب الاخر نشاهد رجالات الفساد اولئك القطط السمان يتباهون بما جنوا من اموال من هذا الوطن بغير حق و على حساب هذا الشعب الوفى المخلص و راينا شامخات العمارات و هى تخرج لسانها للشعب السودانى يوميا .. و احتفظوا بالارصدة فى عقارات دبى و فى بنوك و مصارف ماليزية و غيرها كرصيد لهم و باسم شركات و حسابات خارجية و نسوا انها ستكون وبالا عليهم و على ابنائهم و نارا يكتون بها يوم الدين يوم الحساب و يوم الحسرة و الندامة يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من اتى الله بقلب سليم .. سليم من الغش و الخيانة ..؟؟
حينما احاول ان ادخل ذاكرتنا الى مؤسسة الصمت و التجاهل رغم انها ترفض و تعلن العصيان و تقوم بالتحدى فتفتح خلايا الذاكرة ابوابها المغلقة لتبدا الصور تنساب بعضها فوق بعض فما زالت جديدة و تفوح منها رائحة الشهادة و الشهامة و الرجولة فلم تاكلها الارضة و لم يمحها الزمن .. فما زالت الصور تنساب فى كل مناسبة وطنية و تهدينا نفسا جديدا و عمرا و املا جديدا نصبو اليه.. كنا دائما ما نسمع قصصا بطولية عن رجال هذا الوطن و عن مواقفهم و معاركهم ضد المستعمر البريطاتى و رجولتهم فى سبيبل تحقيق الاستقلال لهذا الوطن .. كنا نسمع عن نظافة ايديهم كعنوان للنزاهة .. لم نسمع بمن اختلس او نهب او تحلل من مال مسروق .. و ها نحن نشاهد الفاسدين يضعون نظارات سوداء على اعينهم و يفلقون اذانهم كلما ذكر اولئك الرجال و مواقفهم و نزاهتهم لانهم لا يستطيعون مقارنة انفسهم باولئك الرجال الرجال و لان همهم الاول هو التنافس على زيادة الارصدة و كيفية جنى الاموال بطرقهم و طروحاتهم و استراتيجياتهم .. ؟؟
عند مرور اى مناسبة وطنية الاستقلال و اكتوبر و مايو و الانتفاضة و برغم اختلاف الصور و الرؤى الا انها كانت ذات هدف هو الاصلاح و الوطن .. ؟؟ تنساب الصور لاولئك الرجال الاوفياء الازهرى و المحجوب و على الميرغنى و عبدالرحمن المهدى و الفريق عبود و سر الختم الخليفة مرورا بجعفر نميرى و سوار الدهب و الصادق المهدى و انتهاءا بالزبير و قولته المشهورة : ( انحنا اولاد فلاحين و اليوم التلقونا فيهو امتلكنا العربات و العمارات معناها نحنا فسدنا .. ؟؟) فهولاء هم الذين لم تتلوث ايديهم بالمال الحرام و لم نكن نسمع همسا عن فساد و مفسدين و لم تمتلئ ملفات المراجع العام بالمليارت المختلسة من المال العام .. و غيرهم من رجالات الوطن حين تكون ساحات الاحتفال نظيفة و الكراسى فى ابهى حلة و الاعلام تزين .. و صورهم امامنا خالدة فى قلوبنا و عقولنا و برغم اختلاف رؤاهم و مشاربهم و طرقهم فى ادارة الدولة السودانية الا انه كان له هم واحد يعملون من اجله و هو رفعة هذا الوطن و انسان هذا الوطن فتركوا لنا وطنا جميلا واحدا موحدا و واحة استقرار .. لم يكن هناك مكان لفاسد تسول له نفسه العبث يممتلكات و مقدرات هذا الشعب و هذا الوطن .. لم يحاكم نظام حكم فى السودان بتهمة الفساد المالى .. تم جرد مالية عبود بالفلس بعد الثورة و لم يجدوا عليه الا نظافة يد و نزاهة .. و لم تجد حكومة نميرى فسادا ماليا و اختلاسا على حكومة الاحزاب .. و حكومة الاحزاب الثانية لم تجد على رجالات نميرى اى فساد مالى و راينا ابو القاسم محمد ابراهيم اثناء المحاكمات يفتخر بنظافة اليد و الطهر و العفاف و النزاهة .. و عندما قامت الانقاذ حاولت ان تجد فسادا ماليا على الحكومة المنتخبة ديمقراطيا لمحاولة تبرير الانقلاب على الحكومة المنخبة الا انها فشلت فى ذلك فقد كان كل شئ شفافا و تحت المجهر الديمقراطى فقد كانت طاهرة و نظيفة اليدين .. ؟؟
تهل علينا الايام و تزداد الحياة صعوبة عاما بعد عام حتى وصلنا لمرحلة انعدام الخبز و السيولة المالية فى البنوك .. ؟؟ فتتدفق فى الذاكرة قصص و مواقف و معارك اولئك الرجال الاوفياء يتناقلها جيل بعد جيل لتنحت فى صخرة عقول ابناء هذا الوطن صورا لا تمحوها فساد الفاسدين و تملق المتملقين من المؤلفة قلوبهم و من المؤلفة جيوبهم و من قطط الانقاذ السمان مهما كانت درجة مسؤليتهم و ليبقى هذا الشعب السودانى وفيا و مخلصا و منتميا لوطنه و تراب وطنه .. ؟؟