سيدى الرئيس: أساتذة الجامعات شموع احترقت دون مقابل!!

سيدى الرئيس: أساتذة الجامعات شموع احترقت دون مقابل!!

بروفيسر/ نبيل حامد حسن بشير
جامعة الجزيرة [email][email protected][/email]

سيدى رئيس الجمهورية ? راعى التعليم العالى – والسادة مجلس الرئاسة
السلام عليكم ورحمة الله

نحن الجيل الذى اسس جامعتى الجزيرة جوبا ، وهو نفس جيل سيادتكم وجيل الوزراء السابقين والحاليين للتعليم العالى بروفيسر/ الزبير بشير طه وبروفيسر/ مبارك محمد على المجذوب وبروفيسر/ فتحى محمد خليفة وهم يعلمون بكل التضحيات التى قمنا بها منذ نهاية السبعينات من القرن الماضى حتى تاريخه وكيف رفضنا فكرة الاغتراب لجنى الأموال من دول الخليج ودول المهجر (بما فيها الولايات المتحدة) وغيرها وفضلنا عليها التفرغ لبناء الوطن والمواطن السودانى الذى قام بتأهيلنا على نفقته الخاصة رغما عن معاناته فى أكبر الجامعات الأميريكية والانجليزية والألمانية والفرنسية. عدنا من البعثات فى العام 1982 واندرجنا مباشرة فى تدريس الدفعات التى كانت توجد بالجامعة وهى الأولى والثانية والثالثة والرابعة (نحن الآن فى الدفعة 31) وقمنا بتخريج الدفعة الأولى فى العام 1984. كما أسسنا لبرامج الدراسات العليا والذى تخرجت أولى دفعاته متزامنة مع الدفعة الأولى بكالوريوس فى العام 1984.

بدأنا بأربعة كليات ووصلنا بها حاليا الى عشرين كلية عصارة جهد الأساتذة. انتشرت المراكز والمعاهد البحثية التخصصية بالجامعة والكليات المختلفة وتوسعت برامج الدراسات العليا بكل الكليات وأقمنا المؤتمرات العلمية المحلية والأقليمية والدولية ونشرنا مايربو على ثمانين كتابا علميا منهجيا ومرجعيا (قمتم سيادتك بدعمها عند زيارتكم للجامعة) وأسسنا مجلات علمية متخصصة كما قمنا بتدريب الكوادر التدريسية لكل الجامعات الجديدة للحصول على درجات الماجستر والدكتوراه بخلاف نشرنا لعدة آلاف من الأوراق العلمية بالمجلات العلمية المحلية والاقليمية والدولية كعصارة لجهد الأساتذة أيضا. رفعنا اسم السودان عاليا بالمنظمات الدولية والاقليمية نظرا لأدائنا العلمى المتميز وأدينا كل ماهو مطلوب من أستاذ الجامعة على اكمل الوجوه دون من أو أذى.حصلنا على جائز ة عالمية بجامعة الجزيرة كليات الطب والزراعة كعصارة جهد الأساتذة أيضا.

هذه الدفعة الذهبية التى من المستحيل لأن تعوض سيدى الرئيس بدأت فى الوصول لسن التقاعد منذ خمسة أعوام وآخرها سيصل الى سن التقاعد خلال عامين أو ثلاثة وستخلوا الجامعات السودانية من كل الكوادر التى تلقت تدريبها بدول العالم الأول.

سيدى الرئيس: العقد شريعة المتعاقدين. أستاذ الجامعة مثله مثل أى موظف بالدولة يعرف أنه سيتقاعد يموما ما، ويعرف أن له حقوق أثناء وبعد الخدمة منصوص عليها بادارة شؤون الأفراد بجامعته. وهو كمواطن مثقف يعلم بأن الدولة ملتزمة بهذه الحقوق ولن تتنكر لها ولن تتخلى عنه وستحترم مكانته وتضحياته لذا لم يلجأ الى مصادمات مع المخدم (كلاضرابات مثلا) وترك أمره للجهات المسؤولة من ادارة الجامعة ونقابة العاملين بالجامعة فماذا كانت النتيجة؟ منهم ،رغما عن كل شئ، رفض الهجرة وبقى بوظيفة لا يتعدى راتبها الفى جنيه بالعملة الحالية وهى لاتكفى أدنى متطلبات أسرته الشهرية بالرغم من وصوله لأعلى درجات السلم الوظيفى (بروفيسر). الغالبية منهم مهمومون بالديون كما لايملك أغلبيتهم منزل يلجأ اليه بعد بلوغ سن التقاعد، والمشكلة الأكبر عندما يتقدم أحدهم لاحدى بناته بغرض الزواج أو يرغب أبنه فى الزواج ويقف الأب مكتوف الأيدى ولا يستطيع مساعدته فى ذلك. هل كان حال أساتذة الجامعات الذين قاموا بالتدريس لنا نحن مثل هذا؟ هل يحدث هذا لزملائنا بالهيئات البحثية؟ فلماذا نحن دون الآخرين؟

أصل المشكلة سيدى الرئيس سبق وأن عرض لسيادتكم بواسطة مدراء الجامعات منذ عدة سنوات وقمتم سيادتكم بتوجيه السيد وزير المالية بحلها وتوفير المال اللازم ولم يستجد شئ حتى الآن وأصبح الأمر من الصعب السكوت عليه نظرا لضخامة حقوقنا المجمدة والتى نحن فى أشد وأمس الحوجة لها الآن قبل غد، خاصة وأن قرنائنا بوزارة العلوم والتقانة يتسلمونها وبانتظام وموزعة على أساس شهرى على مدار العام، كل فى الشهر الذى تم تعيينه فيه.

يرجع تاريخ مستحقاتنا هذه (تذاكر بقيمة 15 مليون بالعملة القديمة كل عامين) يرجع الى العام 1994 حتى 2004 بمقيمته 75 مليونا. أما فى الفترة من 2004 الى 2009 فلدينا استحقاقات التذاكر وبدل الترحيل وتعديل كادر تعادل 50 مليونا من الجنيهات القديمة لكل أستاذ. أى أن كل بروفيسر يستحق منذ 1994 حتى 2009 مبلغ 125 ألف جنيه بالعملة الحالية لم نتسلم منها شئ حتى مااقبل عيد الفطر أكثر من ألفى جنيه مع عدم توضيح كيفية سداد البقية، وماهو مصير المتقاعدين والذين سيتقاعدون بعدهم.

هنا يتساءل الأستاذ الجامعى: فيم أفنيت عمرى؟ ولماذا؟ هل أخطأت فى حق نفسى وحق أسرتى طوال هذه السنين؟هل ماقمت به طوال 33عاما (منها 16 عاما بدرجة البروفيسر) يستحق التنازل عن حقوقى وحقوق أسرتى؟ هل أخطأت بالاستمرار فى التعليم العالى مقارنة بالمراكز البحثية؟ هل كان من المفترض أن لا أعود من البعثة واتجه الى دول البترول أو أبقى بالدولة التى تلقيت تعليمى بها على نفقة المواطن السودانى المسكين؟ هل ستسامحنى الأسرة فى التفريط فى حقوقها؟ هل أستطيع تقديم المزيد من الجهد والعمل بنفس الهمة والجدية بعد أن صبرت 15 عاما دون جدوى حتى يحين موعد تقاعدى؟ هل أفكر فى وظيفة أخرى أثناء ساعات العمل الرسمية وأعطى الجامعة ساعات المحاضرات فقط؟ هل أفكر فى الهجرة والاغتراب فى هذه السن الحرجة؟

سيدى الرئيس، علمنا أن مستحقاتنا هذه تعادل عدة مليارات بالعملة القديمة. نعلم مقدرات الدولة ومتطلباتها والظروف الحرجة التى تمر بها،ونعلم أن سيادتكم تؤمن بأن يعطى العامل أجره قبل أن يجف عرقه، وتعلم سيادتكم أننا وأسرنا ظلمنا ظلم الحسن والحسين لفترة امتدت 15 عام، ولن ندعوا عليك كما يفعل المظلوم عادة ولكن سندعوا لك حتى يعينك الواحد الأحد فى أن تجد لنا مخرجا وتسترد لنا حقوقنا على أن تبدأ بالذين تقاعدوا، ثم الذين يلوهم فى الترتيب الزمنى حتى تسدد كل المستحقات التى لايمكن السكوت عنها الى الأبد.

سيدى الرئيس ليس هنالك أمامنا سواك بعد أن عرض الأمر على كل الجهات دون احراز أى تقدم. فنحن رعيتك بحكم القانون وحكم الدين وأنت المسؤول عنا وعن أسرنا وعن رد مظالمنا الينا غير منقوصة.

سيدى الرئيس: كل الأساتذة بكل الجامعات يودون أن يخاطبوا سيادتكم بخصوص هذا الأمر لكنهم لايجدون الجرأة اللازمة خوفا من أشياء كثيرة بداية من الادارات التى قد تحاسبهم انتهاءا بتخوفهم من أن يساء فهم أمرهم هذا بواسطة السلطات الأمنية. لست أشجع منهم لكنى أثق فى عدالتكم. تفضلوا سيادتكم بقبول وافر الشكر والاحترام والتقدير وكان الله فى عونكم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..