مقالات سياسية

كورونا.. و عقم الأمة الإسلامية!

بثينة تروس

في جائحة الكرونا ( فيروس الكوفيد-19 ) وحد الخوف المجتمع العالمي وجدانياً، اذ هو خوف الإنسان الموروث، منالمرض والفاقة والموت، وقد تكون المرة الأولي التي تعي فيها الإنسانية ان العدالة هي السبيل الوحيد للحياة نفسها، اذ صحة الفقير من صحة الغني وسلام الفقير من سلام الغني. وان الحياة التي طابعها الخوف غير ممكنة ان تعاش.

وفي زمان الكرونا تبرجت معايب المدنية الغربية الرأسمالية ، والتحدي الذي تواجهه تلك الأنظمة إعادة النظر في العلاقة بين الفرد والمجتمع، والرهان الآن هل سوف تضحي بحياة الضعفاء من مواطنيها، من أجل ان يستمر دوران عجلة المال و الاقتصاد العالمي أم ماذا؟

وبما انه لا يوجد لقاح أو مصل لعلاج الفيروس كشفت الجائحة حوجة الناس الروحية، ولجأ كل صاحب معتقد الي دينه سماوي أو أرضي! يرجو رحمة عليا تتولاه وتنقذه.

ولقد تعودنا كمسلمين اننا أمه مستهلكة و بالأحرى ( جاحدة)! للإنتاج العلمي للغرب الذي يدعوه رجال الدين والفقهاء ( بالكافر)! وحين تاخر الغرب هذه المرة ووقف حائراً في ايجاد علاج لوباء الكروانا حتي الآن!

وضعت الأمة المسلمة في المحك الذي يمتحن حقيقة ديننا ودنيانا، لقد ألفنا قول اننا ( خير أمة اخرجت للناس) ! ويجدر التساؤل ماذا سوف نقدم اليوم كخير أمة اخرجت للناس؟ وكيف نقدم حلول لحوجة البشرية الماثلة؟

لقد شهدنا كيف تباري الأثرياء في الغرب بدفع أموالهم بسخاء للباحثين والعلماء لاكتشاف الفيروس وتشييد أماكن مؤهلة للحجر الصحي ! لإيجاد علاج للجائحة، علي سبيل المثال بيل غيتس في امريكا، ومن إيطاليا مصمم الأزياء جورجيو أرماني، و لي كا شيينغ، من الصين ومواطنه جاك ما ، وغيرهم آخرون وهانحن ننتظر أثرياء المسلمين الذين هم أسواء من الرأسمالية في توزيع الثروات ! علهم يدفعون (بزكاة أموالهم) في نفع الإنسانية ورفع الضر!

أما من حيث الإسهام العلمي فلقد احتضن الغرب خيرة علماء وأطباء المسلمين، اذ وفرت لهم الكرامة الإنسانية والبيئة العلمية والعملية بحيث استفادت من مقدراتهم ودفعت بهمو عجلة والمعرفة في بلدانها.

بعد ان ان طردتهم بلدانهم بسبب التضييق في الحرياتز والفكر والمعارضة السياسية والتكفير الديني، وعدم تقدير البحوث العلمية ودعمها ، بعد ان ملكت إدارة مراكز البحوث العلمية لمن يتقرب للحكام، فصارت الأمة الإسلامية عاطلة عن الإنتاج الفكري و المعرفي، فنشطت بالمقابل الدراسات الدينية وصار حاملي الدرجات العليا في الفقه والشريعة لايحصى لهم عددا!

ومن سخرية الأقدار لقد لجأ للغرب حتي السلفيين والمتطرفين والإرهابين من المسلمين ليجدوا في الديموقراطية متسع لمعارضة تلك البلدان التي آوتهم من داخلها ، يحللون ويحرمون ويفتون وكانهم جهلوا ان الذي طفقوا يبحثون عنه تركوه خلفهم ببسطام !

وفي هذه الجائحة تشهد العوالم الإسلامية ارتفاع نسبة الخرافة ، والتهوس والخزعبلات ، واستعلاء الخطاب السلفي، كمساهمة بائسة في ايجاد علاج للكرونا، وكحصاد أمة لم تتبع بشارات نبيها عليه أفضل الصلاة والسلام لتصير خير أمة، اذ ظل الإسلام في المصحف لمفارقتهم للأخلاق وللأسف المصحف لاينطق وإنما ينطق عنه الرجال الصالحين!

وخطباء وأئمة المساجد كعهدهم ، يفلحون في إشاعة الجهالات بالخطب العقيمة التي تعقد لسان الدهشة.. ونورد من ماورد في آفاق الأسافير نموذج من خطب الجمعة، مثال دكتور محمود الحفناوي الأنصاري عنوان خطبته ( شكراً كرونا ) وبلغت مشاهداتها 30K

وكحال رجال الدين في كفاءة الخطابة التمثيلية والدراما، يشكر كرونا جزلاً فرحاً في انه تم إغلاق المقاهي ومحلات الشيشة والبارات .. ودور السينما في جميع العالم ( المسلم) و ( الكافر) .. ومنع الاختلاط بين الجنسين، والمباريات والنوادي ويعدد في أفضال كرونا حتي يخال انه لا فضل لغيرها! وكانما جميع تلك الحوادث قد دخلت في هذا الكون غصباً عن إرادة المريد الواحد! في الوقت الذي تقول بداهة المعرفة الإلهية لايدخل في ملكه الا ما يريد، والتطور هو مراد الله بالأصالة ، والرياضة والاختلاط ودور السينما هي من ارداته ، بل حتي الكفر والشذوذ الجنسي هو من اراده وخالق خلقه ولكنه لا يرضاه وهذا في فهم التوحيد ! وحين عجزت الدول الإسلامية في ان تقدم النموذج الذي يحتذي، تبعت الغرب متجاهلة النذارة! ( حتي لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه)

وانتقل الحفناوي من مدح الكرونا في تنفيذ إرادة الله، الي تطفيف امر العدوي من فيروس الكرونا! وأورد حديث عن ابي هريرة ( قال رسول الله : لا عدوى ولا صفر ولا هامة . فقال إعرابي : يا رسول الله : فما بال إبلي تكون في الرنل كانها الظباء , فيأتي البعير الأجرب , فيدخل بينها فيجربها ؟ فقال : فمن أعدى الأول ؟)

و لم يذكر الشيخ الحديث الذي أيضا أورده ابو هريرة !! عن التأني والحيطة والحذر من الإصابة بالعدوي (عن أُسَامَةَ بن زَيْدٍ عنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: إذَا سمِعْتُمْ الطاعون بِأَرْضٍ، فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإذَا وقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ فِيهَا، فَلاَتَخْرُجُوا مِنْهَا) .

وتجاهل التوجيه القرآني رالذي ريرتكز عليه رجال الدين حين يطلب منهم الوقوف في وجه الحكام وقول الحق ويتغافلون عن ذكره في موضع المرض ( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)

ولم يكن حال خطاب السلف في خطب الجمعة في الخرطوم بافضل حالاً ، اذ اعتلي الشيخ محمد مصطفي عبدالقادر، الذي اعتاد التهريج في اشرف المنابر الا وهي منابر المساجد!

غاضباً علي ارتداء المواطنين للكمامات الواقية وعدم السلام بالأيدي وغسلها بصورة مبالغة ! ليعلن بجهالة في الوقاية تجب فقط إذا علمت ان هنالك شخص مصاب بفيروس الكروانا! حينها يفر منه ! مستنداً علي حديث آخر لابي هريرة قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول (فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الْأَسَدِ ) ..

وبالطبع ان أشياخ الجهل تنقصهم ما احاط بمعرفته الأطفال في امر عدوي فيروس الكرونا وانتشار المرض وطرق الوقاية والحد من انتشاره!

وذاك الشيخ البذئ بمسجد عمر بن الخطاب المعترض علي قرارات وزارة الصحة في منع صلاة الجماعة بحجة ان ذلك مخالفة لرسول الله، متفوهاً بأسوأ الألفاظ السوقية في بيت يعبد فيه الله! ليس ملام وحده وإنما يلام المصلين وراء هؤلاء الأئمة ، لانهم لايقيمون لصلاتهم قدراً، في انها اشرف عمل العباد، ويجارون هؤلاء الدعاة الساقطين بالاستماع لخطبهم والمواصلة في الصلاة خلفهم .

وحتى تجد الامة المسلمة اجابات في كيف تساهم بنجاة العالم من الجائحة ! وتفهم ان الدين خلق لخدمة الأفراد والمجتمعات وليس العكس، فهلا تواضع رجال الدين الإسلامي وخطباء المساجد كتواضع سيد الخلق رسول الله حين ضاقت به الدنيا وطفق بأرجل دامية واعين دامعة وقلب كسير يطلب سعة العافية ( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلةحيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي.. إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك.. لك العتبى حتى ترضى، ولاحول ولا قوة إلا بك)

تحية لجهود وزارة الصحة و للكنداكات وشباب لجان المقاومة الذين يصنعون الكمامات وينشرون الوعي بخطورة المرض في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية في غاية التعقيد.
بثينة تروس
[email protected]

‫7 تعليقات

  1. يجب سن قوانين رادعه فى وجه هؤلاء الجهلاء. لا يمكن أن نسمح للجاهل أن يمارس ما يؤدى لفنائنا.

  2. اجلدوا المهووسين بكرابيج التوعية….. كرابيج الفكر …… اظهار تناقضهم مع قيم الدين.حبهم للدنيا….كذبهم الصريح و المخفي…… ممارساتهم الا لا أخلاقية….. ادخلوا لهم في المساجد حتى لا يجعلوها أوكار يتحصنون فيها وهذه نقطة مهمة جدا ان نستعمل منابر المساجد لكشف زيفهم و سوء اخلاقهم و مفارقتهم لأخلاق الدين .

  3. إقتباس//
    لقد ألفنا قول اننا ( خير أمة اخرجت للناس) !…//

    أولاً: هي آية في القرآن الكريم ((كنتم خير أمة للناس….إلخ)) صدق الله العظيم ، وأراك قد جعلت من الآية مقولة درج المسلمين علي قولها بلا وعي منهم…!!؟؟

    الحقيقة عنوان المقال يشي بأنك تكتبين بدافع الغبن من جماعة الأخوان المسلمين فطاش سهمك حتي أصاب كل الدين الإسلامي. ماهي الأدوات التي تملكينها حتي تقطعي بعقم الأمة الإسلامية…؟؟ أأنت أعلم أم الله..؟؟

    سيدتي. إن الله يحزن من غلظة قول العبد فأحذري. ((ويحذركم الله نفسه)) صدق الله العظيم

    1. يا محجوب
      أولاً
      الكاتبة قالت … لقد ألفنا قول اننا ( خير أمة اخرجت للناس) !…// و من حقي أن أقول إننا خير أمة أخرجت للناس و من حق البوذي أن يقول المسلمون خير أمة أخرجت للناس ولكن ليس من حقك أن تكتب – هي آية في القرآن الكريم ((كنتم خير أمة للناس….إلخ)) فهنا يجب أن تكتب الآية كاملة و لا تقوم بحزف كلمات منها و تضيف إليها ألخ داخل القوسين !! و يجب كتابتها كالتالي
      كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)
      ثانياً
      سارعت بإتهام الكاتبة بالإساءة للدين الإسلامي فقلت .. طاش سهمك حتي أصاب كل الدين الإسلامي. و كل هذا لأنها هاجمت علماء السلطان الذي افتوا بقتل ثلث الشعب السوداني المسلم سابقاً و الآن يريدون قتله بوباء الكوفيد ١٩ !!!
      نصيحة
      أعد صياغة تعليقك هذا مع الإعتزار لكتابتك الآية الكريمة خطأ

  4. هجرة العلماء و الباحثين الى الغرب لا ترجع الى اسباب دينية و اذا قامت الاستاذة باستعراض سريع و ليس بحثا لوجدت ان ما لا يقل عن 90% هاجروا لاسباب تتعلق بتشجيع البحث العلمي في الغرب و عدم الاهتمام به في بلادنا او الى اسباب سياسية بحنة او اسباب مادية او اسباب دينية عكسية بمعنى ان الشخص تم التضييق عليه في بلده فقط انه ملتزم .

    1. الكاتبة ذكرت كلامك دا برضو
      (أما من حيث الإسهام العلمي فلقد احتضن الغرب خيرة علماء وأطباء المسلمين، اذ وفرت لهم الكرامة الإنسانية والبيئة العلمية والعملية بحيث استفادت من مقدراتهم ودفعت بهمو عجلة والمعرفة في بلدانها. بعد ان ان طردتهم بلدانهم بسبب التضييق في الحريات والفكر والمعارضة السياسية والتكفير الديني، وعدم تقدير البحوث العلمية ودعمها ، بعد ان ملكت إدارة مراكز البحوث العلمية لمن يتقرب للحكام، فصارت الأمة الإسلامية عاطلة عن الإنتاج الفكري و المعرفي، فنشطت بالمقابل الدراسات الدينية وصار حاملي الدرجات العليا في الفقه والشريعة لايحصى لهم عددا!

  5. بارك الله فيك يابثينة ،،،هكذا يكون الحوار والكتابة،، السودان بخير انشاء الله.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..