أخبار السودان

الشروع في التنحي

حيدر المكاشفي

معروف عن الإمام الصادق المهدي أنه ليس راوياً للطُرف والمُلح والأمثال والحكم الشعبية فحسب، بل ومنتج ومؤلف لها، وأحياناً يطلقها عفو الخاطر هكذا «قطع أخضر» وليد لحظة الكلام ، ومن ما قاله الإمام ويعتبر أدخل وأليق وأقرب إلى أن يكون طرفة وملحة أكثر من كونه تحليلاً أو تعليلاً أو تبريراً، هو تلك العبارة التي رد بها على سؤال وجه له بعد خروجه من الاعتقال الذي تعرض له بسبب انتقادات عنيفة كالها لقوات الدعم السريع، وكان السؤال هل تقدم ابنك عبد الرحمن باستقالته عقب اعتقالك؟. ولتقرأوا أولاً رد الإمام على السؤال ثم أحكموا عليه بما ترونه مناسباً، وهل كان رداً منطقياً عقلانياً مقبولاً أم أنه كان نكتة تضاف إلى سجله العامر بالنكات واللطائف المضحكة. قال الإمام «طبعاً عبد الرحمن تقع عليه ضغوط كبيرة.. هو كتب خطاب الاستقالة وأعده لكن لم يقدمه! ».. وبهذا الرد اللطيف الظريف أعتقد أن الإمام قد رفد المكنكشين من أصحاب السلطان والصولجان بنوع جديد من الاستقالات مبرئ للذمة يمكن أن نطلق عليه مسمى «الشروع في الاستقالة»، إذ يكفي أيما مسؤول نافذ ومتنفذ بحسب نظرية الإمام هذه مهما قارف من بلاوي وارتكب من جلائط وخطايا كي يغسلها و«يتحلل» منها، أن يأتي فقط بورقة وقلم أو يجلس إلى جهاز حاسوبه أو «لابتوبه» ويكتب استقالته ثم «يسيِّفها» أو يودعها درج المكتب و«بس خلاص»، ويكون بذلك قد خرج مما ارتكب نقياً نظيفاً كما تخرج الشعرة من العجين، وكما يعود الحاج بعد أدائه الفريضة ويعود بعدها لما كان فيه وعليه، وهكذا دواليك ، وعلى طريقة الامام هذه سار عدد من الوزراء كانوا قد لوحوا باستقالاتهم ولكنهم نكصوا عنها ..
في الآونة الأخيرة وعبر كل الحوارات التي أجريت معه مؤخرا ، أكثر الامام من التلويح بتنحيه عن قيادة الحزب ، بل أنه وعلى مدى سنوات عديدة كان يلوح بهذا التنحي دون أن يفعله ، وكأني به كان يكتب بيان تنحيه ولا يذيعه على الملأ وانما يودعه درج مكتبه ، وهذا حال يجوز فيه القول بمثل ما قال في استقالة ابنه « الامام كتب بيان التنحي وأعده ولكن لم يعلنه » ..على ذكر عبارة «الشروع» هذه التي كانت قد شاعت على أيام التطبيقات الشائهة لقوانين الشريعة المشهورة باسم «قوانين سبتمبر»، حيث شاعت وقتها قضايا «الشروع» مثل الشروع في الزنا والشروع في السرقة والشروع في السُّكر. أذكر الحادثة الطريفة التي حكاها السفير السابق أحمد دياب في كتابه «خواطر وذكريات دبلوماسية»، قال إن شخصاً ما وُجد داخل زقاق مظلم وهو يضع يده داخل جيب جلبابه، وعندما شك فيه الشرطي وفتشه، اكتشف أنه يحمل زجاجة فارغة، إلا أن الشرطي أصر على أن يقتاده للمحاكمة بتهمة الشروع في السكر، لأنه يحمل «أدوات» السكر. وقتها ضحك الدكتور الترابي ضحكته الشهيرة بكل ما فيها من تقطعات وتلفتات، وقال لكن يجب ألا ننسى أن ذلك الرجل ما كان يحمل تلك الأدوات بحثاً عن حليب لأطفاله في ذلك الزقاق المظلم.

الصحافة

تعليق واحد

  1. مشكلة الصادق يا عزيزي انو شايف نفسه اشطر الشطار ، وكيف لا يأتيه هذا الاحساس وقد جلس في قيادة حزب الأمة منذ ان خرج من بطن أمه وإلي الان مستغلا أبشع الطرق في ذلك والتاريخ مبذول زي العيش ، كما أنه أصبح رئيس وزراء مرتين في هذا البلد الهامل التعيس . ولو نظر الصادق لمسيرته بعين ناقدة أمينة وصادقة مثل اسمه لأكتشف أنه ابلد البليدين وذلك بحسبة بسيطة وهي ان عدد معارضيه داخل حزبه أكثر من مؤيديه ثانيا لو لا دعم الانظمة الشموليه له خوفا من مؤيدين رعاع لا تزال الأساطير والخرافات تسيطر عليهم لما بقي يوما

  2. ورغم ما قلته في الصادق إلا أنه أجدر بالاحترام من الهالك الترابي وأليق بالتقدير من منافقي الحركة الإسلامية وتابعيها حشرك الله معهم وبعثك علي حالهم و أوردك موردهم

  3. يبدو أن الترابي في هذه الحادثة وهو من المفترض رجل قانون وشيخ الإسلاميين لم يتذكر قول الله تعالى لا تأخذوا الناس بالشبهات
    إلا أنه كان يبطن السوء كالعادة … فهو مدبر انقلاب 89

  4. برضو بيتعتبر رمز من رموز الحركة السياسية السودانية بشقيها الحديث والقديم…رغم علاته لم يكن اسوأ حالاً من السابقين ولا الموجودين حالياً.. ولو أني بتعتبر بروز وظهور الجبهة وتمكنها في ذلك الوقت هو من افرازات حزب[الامة والاتحادي] لانهما كانا مركزين فقط على الاسر العريقة والضخمة ذات المال والنفوذ.. فبنت الجبهة قاعدتها من القاع والناقمين على الحزبين.. فهاهي النتيجة اليوم!!!

  5. مشكلة الصادق يا عزيزي انو شايف نفسه اشطر الشطار ، وكيف لا يأتيه هذا الاحساس وقد جلس في قيادة حزب الأمة منذ ان خرج من بطن أمه وإلي الان مستغلا أبشع الطرق في ذلك والتاريخ مبذول زي العيش ، كما أنه أصبح رئيس وزراء مرتين في هذا البلد الهامل التعيس . ولو نظر الصادق لمسيرته بعين ناقدة أمينة وصادقة مثل اسمه لأكتشف أنه ابلد البليدين وذلك بحسبة بسيطة وهي ان عدد معارضيه داخل حزبه أكثر من مؤيديه ثانيا لو لا دعم الانظمة الشموليه له خوفا من مؤيدين رعاع لا تزال الأساطير والخرافات تسيطر عليهم لما بقي يوما

  6. ورغم ما قلته في الصادق إلا أنه أجدر بالاحترام من الهالك الترابي وأليق بالتقدير من منافقي الحركة الإسلامية وتابعيها حشرك الله معهم وبعثك علي حالهم و أوردك موردهم

  7. يبدو أن الترابي في هذه الحادثة وهو من المفترض رجل قانون وشيخ الإسلاميين لم يتذكر قول الله تعالى لا تأخذوا الناس بالشبهات
    إلا أنه كان يبطن السوء كالعادة … فهو مدبر انقلاب 89

  8. برضو بيتعتبر رمز من رموز الحركة السياسية السودانية بشقيها الحديث والقديم…رغم علاته لم يكن اسوأ حالاً من السابقين ولا الموجودين حالياً.. ولو أني بتعتبر بروز وظهور الجبهة وتمكنها في ذلك الوقت هو من افرازات حزب[الامة والاتحادي] لانهما كانا مركزين فقط على الاسر العريقة والضخمة ذات المال والنفوذ.. فبنت الجبهة قاعدتها من القاع والناقمين على الحزبين.. فهاهي النتيجة اليوم!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..