وفتاتنا قالت هذا طرفي من الاسلام

(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ
وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الأية)

وفتاتنا قالت هذا طرفي من الاسلام

محمد عبدالله
[email][email protected][/email]

دهشت وتألمت عندما قرأت ان وفدا من ممثلين للطائفة القبطية في السودان زار والي الخرطوم عبدالرحمن الخضر اول أمس وقدم إعتذاراً رسمياً عن الحادث الفردي الذي بدر من أحد أفراد الطائفة القبطية بتنصير فتاة مسلمة!
لم يكن الوالي لوحده. فقد لم اللقاء رئيس المجلس التشريعي لولاية الخرطوم، محمد الشيخ مدني، وحضره ممثلون للطرق الصوفية وأنصار السنة الذين اكدوا ضرورة الالتزام بالقوانين والمواثيق والاعراف السائدة منذ مئات السنين، والابتعاد عن كل ما يهدد أمن وسلامة المجتمع وإثارة الرأي العام.
تحيرت كثيرا ..
هل تغيير شخص من الدين الاسلامي الي دين آخر او حتي الي الالحاد هي جريمة توجب الاعتذار؟!
تنادي المواثيق الدولية, والتي التزم بها السودان, بكفالة حرية العبادة لجميع الأفراد وفي اختيار الدين، وفي حرية ممارسة شعائر العبادة.
بل ان دستور السودان في المادة 83 نص علي ان لكل إنسان الحق في حرية الضمير والعقيدة الدينية، وله الحق في إعلان دينه أو عقيدته، أو إظهارهما عن طريق العبادة والتعليم والممارسة أو أداء الشعائر أو الاحتفالات، وذلك مع مراعاة مقتضيات القانون والنظام العام. ولا يكره أحد على اعتناق دين لا يؤمن به أو ممارسة شعائر أو طقوس لا يقبل بها طواعية.
كلام واضح لا لبوس فيه, للانسان الحق في ترك الدين الاسلامي والتحول الي اي دين يشاء, او هكذا تنص مواثيق حقوق الانسان ودستور السودان.
اذن هذه ليست جريمة تستدعي الاعتذار. فماذا دار خلف الكواليس بين الوالي والاخوة الاقباط يا تري؟!
واضح من سرد الخبر ان ضغوطا بل تخويفا مورس لتقديم الاعتذار, فالوالي يشير بوضوح ان فتيل الأزمة نزع(؟! ), والا فان أمن وسلامة المجتمع ستكون مهددة وإثارة الرأي العام واردة! ضد من؟ ضد الاقباط؟ ضد المتنصرة؟
من المعروف ان النظام في السودان لا يعترف علي ارض الواقع بحرية الاديان ولذلك وضعته الولايات المتحدة ضمن أكثر الدول انتهاكا للحريات الدينية في تقريرها السنوي عام 2010م ورصدت وزارة الخارجية الامريكية في تقريرها العديد من الانتهاكات بحق الأديان الأخرى والاقليات المذهبية من المسلمين في شمال السودان.
بدلا من دراسة الاسباب التي ادت الي التنصير والي ظهور اعدادا من الشباب عازفة عن العبادة, تتخذ السلطة وجماعاتها التكفيرية اسلوب التهديد والاعتداء بل حتي القتل.
نفذت عام 2000 الهجوم على أحد المساجد في مدينة أم درمان مما ادي الي مقتل 20 من المصلين.
ونفذت عملية قتل دبلوماسي أمريكي اثر عودته من حفل راس السنة 01.10.2008. واستشهد معه سائقه المسلم.
الشابة المتنصرة هي طالبة جامعية, اي ان عمرها لا يتجاوز الثلاثين سنة. نمت وترعرعت في عهد سلطة التوجه الحضاري التي تعلن بشكل متواصل التزامها بتطبيق الشريعة. هي تري وتشاهد في الاعلام, المسموع والمرئي, وفي الخطب الحماسية, وفي اناشيد الجهاديين, وفي اغاني الدبابين, والفدائيين, وجماعات دفاعنا الشعبي, ان السلطة تطبق الشريعة الاسلامية بحذافيرها, ومتمسكة بها وانها لن تتنازل عنها.
ربما كانت فتاتنا في صغرها تترنم باناشيد الجهاد تلك وربما قالت معهم هي لله .. هي لله .. لا للسلطة ولا للجاه.
لكن فتاتنا كبرت, وتثقفت, ووعيت, وتأملت, وراجعت.
فماذا رأت فتاتنا من ممارسات علي ارض الواقع؟ ما الذي نفرها من الدين الاسلامي الذي عرفته من بيتها انه دين سماحة وتأخي ومحبة وسلام؟
حين جلست فتاتنا لوحدها تستغرض شريط الاحداث منذ انقلاب ـ 1989ـ اقشعر جسمها, وشعرت انها لا يمكن ان تنتمي الي امة من شاكلة الانقاذ, التي تدعي تطبيق الشريعة في كل اعمالها حسب ادعآتها.
ما راته كانت مروعا حقا, لا لينصر الفتاة المسكينة بل الكثيرين الذي ضللتهم السلطة بانها تمارس الدين علي حقيقته, بينما هي تسيء للدين الحنيف.
مر علي خيال فتاتنا شريط الاحداث, سمعت بانهم عام 1990 غدروا ب28 من رفاق لهم في القوات المسلحة واعدموهم ورموا بالجثامين في اماكن مجهولة في صحراء نائية في واحد من اشهر رمضان العظيم. مر بها شريط اصطياد التلاميذ في العيلفون كالارانب في مناسبة دينية يحترمها كل المسلمين, فحصدوا اكثر من 200 من الارواح البرئية في لحظات, ومر بها شريط الابادة في دار فور, وفي جبال النوبة والنيل الازرق, وكيف يقذفون الابرياء من نساء واطفال بالطائرات دون هوادة, وكيف يمنعون القوت والماء والدواء من قوم هم مسلمون, وتساءلت اي دين يبيح مثل هذا الاجرام؟ أهو الاسلام؟!
سمعت ورأت باعينها عمارات شاهقة يشيدها رموز النظام في كل مكان, بينما يقولون للعامة هي لله .. هي لله, تأملت اجسامهم المترهلة, والشحوم المتراكمة علي الاوداج والجعبات, بينما تركوا الشعب جائعا لا يجد ما يسد به الرمق. شمت رائحة الفساد فأزكمت انفها.
اشمأزت نفسها عندما مر عليها شريط قسوة النظام للنساء, من اغتصاب, واذلال, وتعذيب, وجلد, ومطاردات وكشات, ومصادرات . وتذكرت ذات البنطلون, وضحية قدو قدو, وعوضية, صفية اسحاق واغتصابها من قبل الامن السوداني, ونجلاء سيدأحمد, وست الشاي, بل المئات غيرهن.
تساءلت مرات ومرات هل هذا هو اسلام الذي يطبقه جماعة التوجه الحضاري؟! هي نشأت وتربت في عهد الانقاذ, لم تر حكما غيره ولا ثقافة غيره. لكنها اقتنعت تدريجيا بان هذه الممارسات هي اسلامية, او هكذا ترآي لها.
لكن تساءلت: لماذا يسكت رجال الدين علي التعدي علي الدين!!
راودتها فكرة ترك العقيدة.
ولكنها كانت تردد في كثير من الاحيان: لا حول ولا قوة إلا بالله, حتي تتركها الفكرة.
لكن مع مرور الزمن تراكمت وتصاعدت ممارسات النظام الوحشية, وحين تم اغتيال طلبة جامعة الجزيرة والرمي بجثثهم في ترعة مهجورة باسم الاسلام في ديسمبر 2012, اجهشت بالبكاء ولمت بها حالة من اليأس والدبرسة لعدة ايام متتالية, وقالت لو كان هذا هو الاسلام ـ وهو حسب ادعاء اولي الامر كذلك ـ فهذا طرفي منه.
[url]http://dubaisession.com/10885[/url]

تعليق واحد

  1. حين جلست فتاتنا لوحدها تستغرض شريط الاحداث منذ انقلاب ـ 1989ـ اقشعر جسمها, وشعرت انها لا

    يمكن ان تنتمي الي امة من شاكلة الانقاذ,،،

    ما راته كانت مروعا حقا, لا لينصر الفتاة المسكينة بل الكثيرين

    (أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم ، فبلغ ذلك ابن عباس فقال : لو كنت أنا لم أحرقهم ،

    لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تعذبوا بعذاب الله ) . ولقتلتهم ، لقول رسول الله صلى الله

    عليه وسلم : ( من بدل دينه فاقتلوه ) .

    الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري – المصدر: الجامع الصحيح – الصفحة أو الرقم: 6922

    خلاصة الدرجة: [صحيح])

    أترك روايه البخاري ترد عليك ي بتاع القانون انت ( ناس قاعدة ليها في دكاكين بتفتي

    بالقانون قال قانون ياااااااااااااخ قول لف بلا قانون بلا ………….

  2. المعلق (زروق) والسيد كاتب المقال

    ورد في الكتب المقدس في سفر “التثنية” الاصحاح 13/12-16 :
    ( وكذا لو ارتد اهل قرية فلابد ان يقتل جميع اهلها ودوابهم وتحرق القرية ومتاعهاواموالها وتجعل تلا ثم لاتبنى الى الدهر)

    و كذلك فى نفس السفر الاصحاح 17/ 2-7 :
    (لو ثبت على احد عبادة غير الله يرجم رجلا كان اوامرأة)

    ثم، ألم تسمعوا بالحوادث المتكررة بمصر لمسيحيات تم أختطافهن من قبل الكنيسة بعد أن أسلموا وفي حالات تم تسليمهم للكنيسة من قبل أمن الدولة بعهد المخلوع، ولا زال مصيرهن مجهولاً حتى الآن؟! ورغم ذلك لم نسمع من معشر المتباكين على الحريات وحقوق الانسان في مصر أو غيرها الكثير عنهن؟!

    المشكلة دائماً فيمن يريد أن يكون ملكياً أكثر من الملك!!

  3. [ ص: 16 ] كتاب المرتد المرتد : هو الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر ، قال الله تعالى : { ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { من بدل دينه فاقتلوه } .

    وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتد . وروي ذلك عن أبي بكر ، وعمر وعثمان ، وعلي ، ومعاذ ، وأبي موسى ، وابن عباس ، وخالد ، وغيرهم ، ولم ينكر ذلك ، فكان إجماعا . ( 7083 ) مسألة : قال : ومن ارتد عن الإسلام من الرجال والنساء ، وكان بالغا عاقلا ، دعي إليه ثلاثة أيام ، وضيق عليه ، فإن رجع ، وإلا قتل .

    في هذه المسألة فصول خمسة : ( 7084 ) الفصل الأول : أنه لا فرق بين الرجال والنساء في وجوب القتل . روي ذلك عن أبي بكر ، وعلي رضي الله عنهما . وبه قال الحسن ، والزهري ، والنخعي ، ومكحول ، وحماد ، ومالك ، والليث ، والأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق .

    وروي عن علي ، والحسن ، وقتادة ، أنها تسترق لا تقتل ; ولأن أبا بكر استرق نساء بني حنيفة ، وذراريهم ، وأعطى عليا منهم امرأة ، فولدت له محمد بن الحنفية ، وكان هذا بمحضر من الصحابة ، فلم ينكر ، فكان إجماعا . وقال أبو حنيفة : تجبر على الإسلام بالحبس والضرب ، ولا تقتل ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تقتلوا امرأة } . ولأنها لا تقتل بالكفر الأصلي ، فلا تقتل بالطارئ ، كالصبي . ولنا ، قوله عليه السلام : { من بدل دينه فاقتلوه } . رواه البخاري وأبو داود .

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ; الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة } . متفق عليه . وروى الدارقطني ، { أن امرأة يقال لها : أم مروان ، ارتدت عن الإسلام ، فبلغ أمرها إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فأمر أن تستتاب ، فإن تابت ، وإلا قتلت } . ولأنها شخص مكلف بدل دين الحق بالباطل ، فيقتل كالرجل . وأما نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل المرأة ، فالمراد به الأصلية ; فإنه قال ذلك حين رأى امرأة مقتولة ، وكانت كافرة أصلية ، ولذلك نهى الذين بعثهم إلى ابن أبي الحقيق عن قتل النساء ، ولم يكن فيهم مرتد . ويخالف الكفر الأصلي الطارئ ; بدليل أن الرجل يقر عليه ، ولا يقتل أهل الصوامع ، والشيوخ والمكافيف ، ولا تجبر المرأة على تركه بضرب ولا حبس ، والكفر الطارئ بخلافه ، والصبي غير مكلف ; بخلاف المرأة .

    وأما بنو حنيفة ، فلم يثبت أن من استرق منهم تقدم له إسلام ، ولم يكن بنو حنيفة أسلموا كلهم ، وإنما أسلم بعضهم ، والظاهر أن الذين أسلموا كانوا رجالا ، فمنهم من ثبت على إسلامه ، منهم ثمامة بن أثال ، ومنهم من ارتد منهم الدجال الحنفي .

    إتق الله يا إبن عبدالله

  4. رجاءً لا تربط تنصير الفتاة بكوارث الكيزان.. نعم قد تكون تصرفات البشر عندما تضفى عليها القدسية باعتبارها اوامر إلهية، مبعث للتنفير من العقيدة ككل.. ولكن اعتناق دين آخر يتطلب تفكير عميق وفهم شامل للدين الاول والدين الجديد.. فلا مجال للعواطف بما يتعلق بإختيار نمط عقائدى فى الحياة الدنيا او المصير الابدى بعد الموت.. لذا قد يكون تفكير هذه الفتاة هداها لاعتناق المسيحية كدين افضل، نحن لا ندرك ما بخائنة الاعين وما تخفى الصدور..

    من الافضل ترك اى انسان على راحته بما يخص المسائل العقائدية.. لان الاكراه على دين معين ليست له اى فائدة.. فماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟؟؟؟

  5. الهم ارنا الحق حقا وازقنا اتباعه,وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابة.
    الهم اصلحنا حتى ينصلح حكامنا
    ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذهديناوهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب.

  6. السيد (ود كردفان):

    أولاً: الخدم شئ والعبيد شئ آخر، والنص بتعليقي واضح في ذكره لـ “العبيد و”الخدم” كشيئين منفصلين! وأما قولك بأن العبودية كانت بعقد وليس إغارة فيناقضه كتابك المقدس والمنطق، فهل تعنى بأنه كان يذهب أحدهم للآخر ويقول له هلا وقعت على هذا العقد لتصبح عبداً لي؟ ويقوم الآخر بالتوقيع ليصير عبداً!

    والحقيقة التي تفضلت بها عن أن العبودية واقع بشري تعاملت معه الأديان وليس أصلاً في العقيدة هو حقيقة لا ننكرها، وليس غرضي مهاجمة المسيحية ولكني أريد توضيح مبداء معين حتى لا تستخدموا هذه الحجة ضد الاسلام والقرآن مجدداً بحجة أن القرآن به نصوص تتحدث عن السبي أو الرق.

    فالكتاب المقدس كما ذكر به نصوص تأمر بالسبي والاسترقاق (أخذ العبيد) والقتل والحرق وغيره، وحتى لو قلت لي بأن هذه النصوص من العهد القديم فقط مع التغاضي عن حقيقة أن هذا العهد القديم يعتبر جزءاً من كتابكم المقدس حتى اليوم، فسأقول لك بأن العهد الجديد أيضاً يتحدث عن العبيد في قصصه ونصوصه دون أن يذكر أي شئ عن رفضه لظاهرة العبودية هذه ودون أن يحض على التخلص منها، بل وأن المسيح عليه السلام في “العهد الجديد” يمجد بعض الانبياء السابقين ويقارن نفسه ببعضهم رغم أنهم أرتكبوا نفس هذه الافعال التي تثيرون بها الشبهات عن نبي الاسلام (صلى الله عليه وسلم):

    فمثلاً المسيح عليه السلام (إلهكم يسوع) قد مدح وعظم النبي سليمان بل وقارن نفسه به وقال: “هوذا أعظم من سليمان هنا”، وقال عنه أيضاً في (Lk:11:31): “ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم. لانها أتت من اقاصي الارض لتسمع حكمة سليمان”.

    وقد قال المسيح (يسوع) كل هذا عن النبي سليمان رغم أن النبي سليمان كان له سبعمائة من النساء السيدات وثلاثمائة من السراري وفقاً لكتابك المقدس (وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ [ملوك الأول: 11:3]) !!

    فإذا لم يكن المسيح عليه السلام (إلهكم) ينتقد النبي سليمان بسبب أنه كان له الف أمراءة ما بين سيدات وسرايا بل كان يمدحه ويبين حكمته التي سيأتيها رجال الدين من أقاصي الأرض، فبأي منطق تنتقدون نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم بحجة عدد زوجاته أو السرايا والذي يقل كثيراً عن عدد نساء النبي سليمان، وهل تعلمون ما يصح وما لا يصح أكثر من المسيح عليه السلام (إلهمكم يسوع)؟!

    وأيضاً، بخصوص حجتك عن التفريق بين العهد القديم والعهد الجديد، ألم يقل يسوع نفسه وهو رب “العهد القديم” و”العهد الجديد” في كتابه [Jgs:21:21]:

    (( وانظروا فاذا خرجت بنات شيلوه ليدرن في الرقص فاخرجوا انتم من الكروم واخطفوا لانفسكم كل واحد امرأته من بنات شيلوه واذهبوا الى ارض بنيامين ))!!

    أليس هذا قول يسوع نفسه، فماذا تسمي هذا؟!! ولا حظ أنني لم أستشهد لك بأقول بولس أو متى أو غيرهم ولكني أذكر لك أقوال المسيح نفسه التي أتت بكتابك المقدس!

    عموماً وكما قلت لك، ما يهمني حقاً هو أنني أريد أن ألفت نظرك إلى الازدواجية التي تمنطقون بها الاشياء وليس مهاجمة المسيحية، لأننا نؤمن بها كدين وإن أصاب كتابه التحريف وبقي بعضه دون تحريف ونؤمن أيضاً بأن المسيح عليه السلام هو من انبياء الله (أولو العزم) ولا يكتمل إسلام المسلم إذا لم يؤمن بعيسى عليه السلام وكافة الانبياء كما يؤمن بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

    وتظهر إزدواجيتكم في إنكاراأن لاسلام أيضاً قد حقق نفس الاهداف والفوائد التي تحدثت عنها بتعليقك والتي تكررونها دائماً، بل وحقق اكثر منها من حيث التعامل مع الرقيق كظاهرة بشرية موجودة، و قد حقق الاسلام ذلك بمجتمع كان الأكثر جاهلية على مر التاريخ حتى تطور هذا المجتمع لاحقاً بهذا الشأن فأصبح من كانوا بالجاهلية عبيداً مثل سيدنا بلال بن رباح (رضي الله عنه) أصبحوا أكثر فضلاً ورفعة شأن ممن كانوا بالامس أسياداً لهم، وحتى صار أحد أسياد الأمس يأخذ معه بلال بن رباح ليتوسط له عند أهل من يريد الزواج منها، وحتى يضع أحدهم وجهه على الارض بعد أن عاير سيدنا بلالاً ويقول لا أرفعه حتى يطاء بلالاً عنقي برجله، بل ويقول ثاني الخلفاء الراشدين عمر (أبوبكر سيدنا وقد أعتق سيدنا)، قاصداً إعتاق أبوبكر لبلال الذي إعتبره أيضاً سيده.

    ولكن المشكلة أنكم بإزدواجيتكم تنكرون كل هذه الشواهد وتريدون فقط تشويه الاسلام بحجة العبيد والرقيق رغم أن ما نقوله لكم هو نفس ما تقولونه عند دفاعكم عن المسيحية وربما أكثر. وتريدون الاتيان بالشبهات عن نصوص القرآن وتتناسون ما بكتابكم المقدس من نصوص لا يعد ما بكتابنا شيئاً أمامها، ولكن يبدوا أنكم لا تعرفون شيئاً عن نصوص كتابكم المقدس!

    والأمر الثاني، وبعد التسليم بأن الرق لم يكن مطلوباً في الاسلام ولا في المسيحية حيث لا يمكن التحجج بالنصوص الموجودة بالكتابين لإلصاق العبودية (كظاهرة إنسانية) بإعتبار أنها حدثت بسبب الشرائع، فإن الفرق بين كتابنا وكتابكم هو أن كتابنا قد حض على “العتق” وتحرير العبيد وجعله عبادة تقرب الى الله وأحدى طرق تكفير الذنوب، بينما كتابكم (وفق ما أعرف) لم يضع أي علاج لهذه الظاهرة وتركها فقط بحكم أنها مجرد ظاهرة بشرية، فعندما ظهر الإسلام كانت هناك قوتين عظمتين هما الفرس (المجوسية) والروم (النصرانية) وكانوا يبنون اقتصادهم على تجارة الرقيق ولم يكن في المسيحية أي حل لهذا الوضع حتى جاء الإسلام وظهر بعد مجيئه الحض على تحرير العبيد وأنتشرت الفكرة كقيمة إنسانية بمجتمعاته.

    وعموماً إن كنت مخطئاً فأرجوا منك تزويدي بالنصوص من كتابكم المقدس التي تحض على تحرير العبيد، ولاحظ أنني لا أقصد هنا مجرد النصوص التي تدعوا لقيم الخير عموماً حيث أستطيع أن آتيك منها بالكثير جداً من نصوص القرآن والسنة، كما يمكنني أيضاً مناقشتك في هذا الجانب لاحقاً، ولكنني أريد الآن نصوصاً تحض على “تحرير العبيد” على وجه الخصوص كواقع كان موجوداً عند مجئ المسيحية، حيث أن هذا هو محور ما نتحدث عنه الآن من حيث هجومكم على الاسلام بهذه الحجة مرددين بأن دينكم هو الداعي لتحرير العبيد على عكس ديننا الإسلام كما ألمحت بتعليقك!

    وخلاصة القول هو أنه عندما نتحدث عن “تحرير الرقيق” فلا أعتقد أنك تستطيع أن تأخذ هذا على الاسلام إن كنت منطقياً وأخذت في الاعتبار ما ورد في كتابنا عن العبيد وتحريرهم مقابل ما ورد بكتابكم بهذا الصدد!

    وأما بخصوص الاحداث التاريخية فلا أريد الدخول معك في جدال عنها رغم أنها أيضاً ليست في صالحكم حتى زماننا هذا، ولكن يهمني الآن فقط ما جاء بكتابنا (شريعتنا) وما جاء بكتابكم (شريعتكم). وأما الرد على من سيتحدث عن أفعال المسلمين هنا وهناك عبر الازمان فسيكون شبيهاً برد “لنكولن” على على متمردي الجنوب الامريكي والذين ثاروا بعد إعلانه عن تحرير العبيد ودخلوا في حروب أستمرت لسنين وقتلت قرابة المليون شخص فقط لأن لنكولن قد قرر تحرير العبيد (بمعنى، حاسبني على كتابي ولا تحاسبني على ما يفعله الناس، فكل دين به من لا يطبق شرائعه)!!

    وأما عن تحريف الكتاب المقدس، فمطلوب منك أنت أن تأتي بالكتاب الحقيقي والغير محرف حتى نحسم أمر الاختيار بين النسخ العديدة من الكتاب المقدس الموجودة الآن لدى الطوائف والكنائس المختلفة، وإلا فإن تعددية الكتاب المقدس في حد ذاتها تعتبر دليلاً على هذا التحريف!

    ومقدماً، فهنام فرق بين تعدد النسخ التي تختلف فيها النصوص كما بكتابكم حيث تجد آيات هنا لا تجدها هناك، وتجد من المعاني في هذه النسخة ما يتناقض تماماً مع معاني نسخة الطائفة الأخرى، وبين التعدد الذي تتحدثون عنه بخصوص القرآن والذي هو تعدد للقرآءات. فكما هو معروف فإن لغة العرب (ألسنتهم) قد كانت مختلفة وقد نزل القرآن بكل هذه الألسنة كما ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم فكان مما بهرهم وأعجزهم بفصاحته، ولكن ما يهمنا هو أك لن تجد إختلافاً كما في كتابكم المقدس بحيث تجد آية هنا ليست موجودة هناك أو آية هنا تتضارب مع الآية هناك.

    وعليه ما بكتابنا يسمى “تعدد القرآءات” وهو يشبه “للتقريب” تعدد الترجمات مع الاحتفاظ بالمعنى الأصلي، بينما ما بكتابكم يسمى “تعدد نسخ” لأنها تختلف عن بعضها البعض تماماً في النصوص ومعانيها، بل وتعارض نصوصها بعضها البعض.

    أضف إلى ذلك حقيقة أنه حتى بكتاب نفس الطائفة فإن كبار قساوستها يجتمعون كل فترة ويصدرون نسخاً جديدة (ما يمسى بالنسخ المنقحة) فيحذفوا بعض ما بالنسخ السابقة لأنهم إكتشفوا أنه !!تدليس!! ومثال ذلك معظم النصوص التي تناولت ألوهية المسيح بشكل مباشر والتي تم حذفها وقد كانت موجودة بنسخ سابقة، وهذا موضوع يطول شرحه ولكن لك ذلك إن أردت مستقبلاً.

    وكما قلت لك يا صديقي، ليس غرضي والله هو الطعن في المعتقدات، ولكن الغرض هو النقاش لمعرفة ما هو الحق الواجب إتباعه لأن خالقنا جميعاً هو نفس الخالق والأولى بنا جميعاً إتباع نفس الحق المنزل منه.

    أسأل الله أن يهدينا جميعاً الى الحق وأن ينير بصيرتنا وأن لا يحرم قلوبنا عن رؤية الحق بسبب أفعالنا ومعاصينا.

  7. السيد (ود كردفان):

    أولاً: الخدم شئ والعبيد شئ آخر، والنص من الكتاب المقدس بتعليقي واضح في ذكره لـ “العبيد و”الخدم” كشيئين منفصلين، وأما قولك بأن العبودية كانت بعقد وليس إغارة فيناقضه كتابك المقدس وكذلك المنطق، فهل تعنى بأنه كان يذهب أحدهم للآخر ويقول له هلا وقعت على هذا العقد لتصبح عبداً لي؟ ويقوم الآخر بالتوقيع ليصير عبداً!

    والحقيقة التي تفضلت بها عن أن العبودية واقع بشري تعاملت معه الأديان وليس أصلاً في العقيدة هو حقيقة لا ننكرها، وليس غرضي مهاجمة المسيحية ولكني أريد توضيح مبداء معين حتى لا تستخدموا هذه الحجة ضد الاسلام والقرآن مجدداً بحجة أن القرآن به نصوص تتحدث عن السبي أو الرق.

    فالكتاب المقدس كما ذكر به نصوص تأمر بالسبي والاسترقاق (أخذ العبيد) والقتل والحرق وغيره، وحتى لو قلت لي بأن هذه النصوص من العهد القديم فقط مع التغاضي عن حقيقة أن هذا العهد القديم يعتبر جزءاً من كتابكم المقدس حتى اليوم، فسأقول لك بأن العهد الجديد أيضاً يتحدث عن العبيد في قصصه ونصوصه دون أن يذكر أي شئ عن رفضه لظاهرة العبودية هذه ودون أن يحض على التخلص منها، بل وأن المسيح عليه السلام في “العهد الجديد” يمجد بعض الانبياء السابقين ويقارن نفسه ببعضهم رغم أنهم أرتكبوا نفس هذه الافعال التي تثيرون بها الشبهات عن نبي الاسلام (صلى الله عليه وسلم):

    فمثلاً المسيح عليه السلام (إلهكم يسوع) قد مدح وعظم النبي سليمان بل وقارن نفسه به وقال: “هوذا أعظم من سليمان هنا”، وقال عنه أيضاً في (Lk:11:31): “ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم. لانها أتت من اقاصي الارض لتسمع حكمة سليمان”.

    وقد قال المسيح (يسوع) كل هذا عن النبي سليمان رغم أن النبي سليمان كان له سبعمائة من النساء السيدات وثلاثمائة من السراري وفقاً لكتابك المقدس (وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ [ملوك الأول: 11:3]) !!

    فإذا لم يكن المسيح عليه السلام (إلهكم) ينتقد النبي سليمان بسبب أنه كان له الف أمراءة ما بين سيدات وسرايا بل كان يمدحه ويبين حكمته التي سيأتيها رجال الدين من أقاصي الأرض، فبأي منطق تنتقدون نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم بحجة عدد زوجاته أو السرايا والذي يقل كثيراً عن عدد نساء النبي سليمان، وهل تعلمون ما يصح وما لا يصح أكثر من المسيح عليه السلام (إلهمكم يسوع)؟!

    وأيضاً، بخصوص حجتك عن التفريق بين العهد القديم والعهد الجديد، ألم يقل يسوع نفسه وهو رب “العهد القديم” و”العهد الجديد” في كتابه [Jgs:21:21]:

    (( وانظروا فاذا خرجت بنات شيلوه ليدرن في الرقص فاخرجوا انتم من الكروم واخطفوا لانفسكم كل واحد امرأته من بنات شيلوه واذهبوا الى ارض بنيامين ))!!

    أليس هذا قول يسوع نفسه، فماذا تسمي هذا؟!! ولا حظ أنني لم أستشهد لك بأقول بولس أو متى أو غيرهم ولكني أذكر لك أقوال المسيح نفسه التي أتت بكتابك المقدس!

    عموماً وكما قلت لك، ما يهمني حقاً هو أنني أريد أن ألفت نظرك إلى الازدواجية التي تمنطقون بها الاشياء وليس مهاجمة المسيحية، لأننا نؤمن بها كدين وإن أصاب كتابه التحريف وبقي بعضه دون تحريف ونؤمن أيضاً بأن المسيح عليه السلام هو من انبياء الله (أولو العزم) ولا يكتمل إسلام المسلم إذا لم يؤمن بعيسى عليه السلام وكافة الانبياء كما يؤمن بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

    وتظهر إزدواجيتكم في إنكاراأن لاسلام أيضاً قد حقق نفس الاهداف والفوائد التي تحدثت عنها بتعليقك والتي تكررونها دائماً، بل وحقق اكثر منها من حيث التعامل مع الرقيق كظاهرة بشرية موجودة، و قد حقق الاسلام ذلك بمجتمع كان الأكثر جاهلية على مر التاريخ حتى تطور هذا المجتمع لاحقاً بهذا الشأن فأصبح من كانوا بالجاهلية عبيداً مثل سيدنا بلال بن رباح (رضي الله عنه) أصبحوا أكثر فضلاً ورفعة شأن ممن كانوا بالامس أسياداً لهم، وحتى صار أحد أسياد الأمس يأخذ معه بلال بن رباح ليتوسط له عند أهل من يريد الزواج منها، وحتى يضع أحدهم وجهه على الارض بعد أن عاير سيدنا بلالاً ويقول لا أرفعه حتى يطاء بلالاً عنقي برجله، بل ويقول ثاني الخلفاء الراشدين عمر (أبوبكر سيدنا وقد أعتق سيدنا)، قاصداً إعتاق أبوبكر لبلال الذي إعتبره أيضاً سيده.

    ولكن المشكلة أنكم بإزدواجيتكم تنكرون كل هذه الشواهد وتريدون فقط تشويه الاسلام بحجة العبيد والرقيق رغم أن ما نقوله لكم هو نفس ما تقولونه عند دفاعكم عن المسيحية وربما أكثر. وتريدون الاتيان بالشبهات عن نصوص القرآن وتتناسون ما بكتابكم المقدس من نصوص لا يعد ما بكتابنا شيئاً أمامها، ولكن يبدوا أنكم لا تعرفون شيئاً عن نصوص كتابكم المقدس!

    والأمر الثاني، وبعد التسليم بأن الرق لم يكن مطلوباً في الاسلام ولا في المسيحية حيث لا يمكن التحجج بالنصوص الموجودة بالكتابين لإلصاق العبودية (كظاهرة إنسانية) بإعتبار أنها حدثت بسبب الشرائع، فإن الفرق بين كتابنا وكتابكم هو أن كتابنا قد حض على “العتق” وتحرير العبيد وجعله عبادة تقرب الى الله وأحدى طرق تكفير الذنوب، بينما كتابكم (وفق ما أعرف) لم يضع أي علاج لهذه الظاهرة وتركها فقط بحكم أنها مجرد ظاهرة بشرية، فعندما ظهر الإسلام كانت هناك قوتين عظمتين هما الفرس (المجوسية) والروم (النصرانية) وكانوا يبنون اقتصادهم على تجارة الرقيق ولم يكن في المسيحية أي حل لهذا الوضع حتى جاء الإسلام وظهر بعد مجيئه الحض على تحرير العبيد وأنتشرت الفكرة كقيمة إنسانية بمجتمعاته.

    وعموماً إن كنت مخطئاً فأرجوا منك تزويدي بالنصوص من كتابكم المقدس التي تحض على تحرير العبيد، ولاحظ أنني لا أقصد هنا مجرد النصوص التي تدعوا لقيم الخير عموماً حيث أستطيع أن آتيك منها بالكثير جداً من نصوص القرآن والسنة، كما يمكنني أيضاً مناقشتك في هذا الجانب لاحقاً، ولكنني أريد الآن نصوصاً تحض على “تحرير العبيد” على وجه الخصوص كواقع كان موجوداً عند مجئ المسيحية، حيث أن هذا هو محور ما نتحدث عنه الآن من حيث هجومكم على الاسلام بهذه الحجة مرددين بأن دينكم هو الداعي لتحرير العبيد على عكس ديننا الإسلام كما ألمحت بتعليقك!

    وخلاصة القول هو أنه عندما نتحدث عن “تحرير الرقيق” فلا أعتقد أنك تستطيع أن تأخذ هذا على الاسلام إن كنت منطقياً وأخذت في الاعتبار ما ورد في كتابنا عن العبيد وتحريرهم مقابل ما ورد بكتابكم بهذا الصدد!

    وأما بخصوص الاحداث التاريخية فلا أريد الدخول معك في جدال عنها رغم أنها أيضاً ليست في صالحكم حتى زماننا هذا، ولكن يهمني الآن فقط ما جاء بكتابنا (شريعتنا) وما جاء بكتابكم (شريعتكم). وأما الرد على من سيتحدث عن أفعال المسلمين هنا وهناك عبر الازمان فسيكون شبيهاً برد “لنكولن” على على متمردي الجنوب الامريكي والذين ثاروا بعد إعلانه عن تحرير العبيد ودخلوا في حروب أستمرت لسنين وقتلت قرابة المليون شخص فقط لأن لنكولن قد قرر تحرير العبيد (بمعنى، حاسبني على كتابي ولا تحاسبني على ما يفعله الناس، فكل دين به من لا يطبق شرائعه)!!

    وأما عن تحريف الكتاب المقدس، فمطلوب منك أنت أن تأتي بالكتاب الحقيقي والغير محرف حتى نحسم أمر الاختيار بين النسخ العديدة من الكتاب المقدس الموجودة الآن لدى الطوائف والكنائس المختلفة، وإلا فإن تعددية الكتاب المقدس في حد ذاتها تعتبر دليلاً على هذا التحريف!

    ومقدماً، فهنام فرق بين تعدد النسخ التي تختلف فيها النصوص كما بكتابكم حيث تجد آيات هنا لا تجدها هناك، وتجد من المعاني في هذه النسخة ما يتناقض تماماً مع معاني نسخة الطائفة الأخرى، وبين التعدد الذي تتحدثون عنه بخصوص القرآن والذي هو تعدد للقرآءات. فكما هو معروف فإن لغة العرب (ألسنتهم) قد كانت مختلفة وقد نزل القرآن بكل هذه الألسنة كما ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم فكان مما بهرهم وأعجزهم بفصاحته، ولكن ما يهمنا هو أك لن تجد إختلافاً كما في كتابكم المقدس بحيث تجد آية هنا ليست موجودة هناك أو آية هنا تتضارب مع الآية هناك.

    وعليه ما بكتابنا يسمى “تعدد القرآءات” وهو يشبه “للتقريب” تعدد الترجمات مع الاحتفاظ بالمعنى الأصلي، بينما ما بكتابكم يسمى “تعدد نسخ” لأنها تختلف عن بعضها البعض تماماً في النصوص ومعانيها، بل وتعارض نصوصها بعضها البعض.

    أضف إلى ذلك حقيقة أنه حتى بكتاب نفس الطائفة فإن كبار قساوستها يجتمعون كل فترة ويصدرون نسخاً جديدة (ما يمسى بالنسخ المنقحة) فيحذفوا بعض ما بالنسخ السابقة لأنهم إكتشفوا أنه !!تدليس!! ومثال ذلك معظم النصوص التي تناولت ألوهية المسيح بشكل مباشر والتي تم حذفها وقد كانت موجودة بنسخ سابقة، وهذا موضوع يطول شرحه ولكن لك ذلك إن أردت مستقبلاً.

    وكما قلت لك يا صديقي، ليس غرضي والله هو الطعن في المعتقدات، ولكن الغرض هو النقاش لمعرفة ما هو الحق الواجب إتباعه لأن خالقنا جميعاً هو نفس الخالق والأولى بنا جميعاً البحث عن الحق المنزل منه وإتباعه.

    أسأل الله أن يهدينا جميعاً الى الحق وأن ينير بصيرتنا.

  8. في قضية التنصير: التربية قبل التعليم

    في كل يوم نسمع عن قصص غريبة عن تردي الأخلاق وجرائم أخلاقية لم يتعودها الشعب السوداني وآخرها قضية التنصير التي حدثت لفتاة جامعية. مضافاً إيها ما سمعناه قبل يومين عن تلك الأم التي قتلت طفلها لرفضه حفظ القرأن الكريم.
    لقد كتب عن ذلك الكثيرين من وجهات نظر مختلفة ولكني أود في هذا المقال أن أتناول أهمية التربية والتي اعتبرها الأساس للسلوك الحضاري والإلتزام بالدين الإسلامي الحنيف والأهم من ذلك اعتبرها من أهم أخطاء الأمهات والآباء في فهم التعليم كعملية تربوية.
    المنهج الإلهي يعمل على تربية الضمير الإنساني وتهذيب السلوك والتصرفات، كذلك المحبة والسلام والأمانة والطمأنينة وتزكية النفس والصدق والإحسان والإخلاص والوفاء والمساواة والكرامة.
    إن هذه القضية لها علاقة كبيرة بالتنشئة الإجتماعية والتربية داخل الأسرة قبل أن تكون مناهج وتدريس ومحاضرات دينية كما أن لها علاقة بالصحة النفسية التي تتجاهلها الدولة ولا نسمع عن أي أنشطة لها إلا من خلال الصحف.
    لقد اقتصر دور المدارس على المعارف والعلوم دون الأخلاق والسلوك، ودون التربية والتزكية؟
    أركان الصحة النفسية في بناء شخصية المسلم تتطلب تنمية قوة الصلة بالله والثبات والتوازن الانفعالي والصبر عند الشدائد والمرونة في مواجهة الواقع والتفاؤل وعدم اليأس وتوافق المسلم مع نفسه وتوافقه مع الآخرين.
    إن حادثة التنصير التي حدثت في الأسبوع الماضي تدل على غياب الوعي بالصحة النفسية وأهميتها لدى مجتمعاتنا عامة ولدى الأسر والأمهات خاصة.
    عليه لا بد من العمل على تجنب تصدع شخصية أبنائنا من سن الطفولة وأن نعمل بقدر المستطاع على بث الطمأنينة والدفء لكي لا ينشأ الطفل متصدع الشخصية وهذا لا يعني إكراه أطفالنا على حفظ القرآن الكريم مثل ما فعلت تلك المرأة التي قتتلت طفلها قبل يومين لأنه رفض حفظ القرآن الكريم.
    وكلنا يحفظ ذلك الحديث المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان رديف المصطفى صلى الله عليه وسلم فالتفت إليه في كلمات حانية وتوجيهات مربية قائلاً: (يا غلام! إني أعلمك كلمات) إنه لم يرد عليه الصلاة والسلام ذلك التعليم الذي ينتهي أمره إلى الحفظ، ومآله إلى الكتابة في الاختبار، ومصيره إلى الكتب التي تلقى في صناديق النفايات، ولكنه أراد أن يحفظها في قلبه، وفي نفسه، وفي سلوكه، وفي كل جوانب حياته وتعاملاته.
    قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها) رواه مسلم في صحيحه.
    التعليم يؤدي إلى تربية، والتربية مصدرها ومبناها هو جزء من أساسياتها في ذلك التعليم، وليس في التعليم الذي هو متعلق بكتاب الله أو بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فحسب، بل كل العلوم قائدة إلى تعميق الإيمان وترسيخ اليقين، وكل العلوم فيها لفتات وتوجيهات وإرشادات ودلالات على عظمة الخالق وعلى عظمة ما جاء به منهجه وتشريعه، ألسنا اليوم نعلم ما هو معلوم من الإعجاز العلمي في كتاب الله وسنة رسوله؟! ألسنا ندرك أن عظمة الخلق التي ندرسها في الفيزياء أو الكيمياء أو الأحياء إنما هي شواهد على عظمة الخالق وعلى دقة خلقه جل وعلا، وعظمة ذلك؟ أليس جديراً بنا أن نلفت نظر أبنائنا وبناتنا إلى ذلك؟ أليس من المطلوب أن نستل من ذلك ما فيه ومضات إيمان وإشراقات أخلاق وإرشادات سريعة عظيمة مؤثرة بليغة؟
    الكثير منكم قد لا يعلم ان عملية التنصير فى السودان ليست حديثة عهد ولكنها كانت موجودة منذ أكثر من مائة عام. ولقد درست أنا في المدارس الإنجيلية الأمريكية وكانت الديانة المسيحية أحد المواد التي تدرس ضمن المنهج وقد حصلت على مجموع 95% في مادة الديانة المسيحية.
    ولكن للتربية والتوعية الدينية كان لها أثر بالغ في تمسكي بإسلامي، وهنا أود أن أشيد بالمعلم والفقيه مولانا الأمين الطيب أبوقناية فكان له الفضل في توجيهنا. وهذا ما أكده لي لاحقاً أساتذتي الكرام عبد الباقي يوسف نعمة وأستاذ محمد الأمين صبير وأستاذ سمساعه وغيرهم من أفاضل العلماء. ضربت مثلاً بذلك لأدلل بأن عملية التنصير وحتى عملية الدعوة ليست عملية تعليمية بحتة بل هي تربوية قبل أن تكون تعليمية.
    إن مهمة معلمينا ومعلماتنا لأبنائنا وبناتنا أن يدركوا ذلك، ولابد لهم من أن يكونوا متفوقين على طلابهم ليس في العلم فحسب، بل في العلم والسلوك والأخلاق؛ لأنه لا يمكن أن يعطوا علماً ما لم يكونوا عالمين، ولا سلوكاً ولا خلقاً ما لم يكونوا مستقيمين. الأمر الثاني: العناية بالزيادة والتنمية للعلم والمهارة والمعرفة.
    وأخيراً أود أن أؤكد على أهمية التعليم واتخاذه سلاحاً من أسلحة القوة ومن أسلحة العصر بالتركيز على أهمية التربية والتزكية والتقويم السلوكي والفكري والنفسي الذي له ثماره الحميدة.

    د. زينب الأمين سنهوري – خبيرة علم نفس تربوي
    7 يناير 2013

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..