ذكرى رحيل صاحب العمق الاجتماعي للأدب (1)

٭ في النصف الأول من سبتمبر رحل نجيب محفوظ بعد عطاء دام سبعين عاماً في مجال الأدب الذي أكسبه بعداً اجتماعياً فريداً.. ورحيل نجيب محفوظ عن دنيانا لا يعني رحيله عن دنيا المجتمع الانساني.. وان كان الموت هو سبيل الأولين والآخرين وهو الحقيقة الكبرى.. لكنه في عالم المبدعين تضعف هذه الحقيقة ويبقى الابداع خالداً ليقهر الموت.. فإن ذهب نجيب محفوظ جسداً فإنه باق ما بقيت الدنيا.. رحم الله نجيب محفوظ بقدر ما أعطى.
٭ منذ عرفت عالم الابداع حددت اقامتي داخله متلقية نهمة ولم أفكر في مغادرته ولو من باب التغيير وفي هذا العالم عرفت نجيب محفوظ المفكر العملي بكل ما تحمل هذه العبارة من معنى وعرفت البعد الانساني للشخصية المصرية.
٭ فعالم نجيب محفوظ هو عالم الانسان الذي يجاهد من أجل تحقيق انسانيته لأنه لا يستطيع أن يعيش بلا هدف وبلا معنى والبساطة والأصالة والحس الذهني والبعد النفسي هي مقومات أعمال نجيب محفوظ الفنية زايداً الرؤية التاريخية وتحليل جميع ظواهر الحياة في تطورها الاقتصادي وربطها بأسرار النفس الانسانية فالتحليل الاجتماعي عنده هو الذي يتيح رؤية الحياة في تناقضاتها الحقيقية وجعل ظواهرها وشخصياتها نموذجية.
٭ نجيب محفوظ يغوص في أعماق الحياة المصرية وينقلنا بتدرج هرمي من خان الخليلي.. القاهرة الجديدة وزقاق المدق والسراب وبداية ونهاية وبين القصرين وقصر الشوق والسكرية.
٭ الثلاثية التي كتبها قبل الحرب العالمية الثانية وحاز بها على جائزة الدولة في ستينات القرن الماضي وكانت هي أيضاً التي حاز بها على جائزة نوبل للآداب عام 8891م.
٭ والثلاثية عالجت حياة ثلاثة أجيال.. الجيل الذي عاش قبل ثورة 9191 والجيل الذي عاصر تلك الثورة والجيل الذي جاء بعدها ومهد لثورة الثالث والعشرين من يوليو 2591 عالج قضايا هذه الأجيال الثلاثة بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفسية والانسانية كل هذا من خلال أسرة أحمد عبد الجواد البقال بالنحاسين بما فيها من الأبناء والأحفاد والجيران والأصدقاء كرمز انساني صادق لتطور المجتمع المصري في تلك المرحلة التاريخية الطويلة من مختلف الزوايا السياسية والاجتماعية والفكرية.
٭ بهذا أردت أن أجدد الدعوة لقراءة أعمال نجيب محفوظ، أقرأوها مرة ثانية وثالثة في اطار حديث مكسيم جوركي الأدب هو أكثر الفنون انسانية وبوسعنا أن نقول عن الأدباء إنهم انسانيون بالمهنة منتجو النزعة الانسانية، اقرأوها مرة ثانية وثالثة.
٭ خان الخليلي.. وزقاق المدق.. وأولاد حارتنا.. ومصر الجديدة.. وبين القصرين.. وقصر الشوق.. والسكرية والسراب.. وميرامار.. وثرثرة فوق النيل.. والسحاب والخريف.. واللص والكلاب.. وخمارة القط الأسود.. والوجه الآخر.. والكرنك وغيرها.. وغيرها.. من أعمال المبدع الفنان نجيب محفوظ. أقرأوها وأطلبوا له الرحمة.
أواصل مع تحياتي وشكري
الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..