
رغم وجودنا في دولة شهد الجميع لها بمدرسة متميزة في تقديم الخدمات العامة ، إلا أن سفارتنا السودانية في أبوظبي ظلّت في معظم مانظمته من مناسبات خلال العامين الأخيرين مثار جدل ، ففي وضع حجر الأساس قبل الأخير للسفارة لم تنس الذاكرة سوء التنظيم ، وسفارتنا ظلّت على مدى سنوات تعتز بوضع كل سفير يأتي لحجر أساس مبناها الحالي حتى جاء السفير أحمد يوسف ووضع حجر الأٍاس والبناء ، وأوقف مهزلة إعلان وضع حجر أساس في كل مرة لذات الأرض الخالية ، وحتى القاعة الرئيسية لم تكنمل حتى بعد تاريخ قيام كلاسيكو الهلال والمريخ ، ووعد مصطفي الشريف وقتها بمتابعة إكمالها من الداخل ، وجاءت زيارة رئيس الوزراء بماشهدته من ارتباك في تغيير المكان في وقت حرج ، وحشر المئات في فناء السفارة الضيق ، ومشاكل الصوت التي أخّرت اللقاء والفوضى التي عمّت حركة الوقوف والدخول والإجلاس ، لتكشف أكبر سوءات الخلل التنظيمي المزمن الذي تعانيه سفارتنا .
ما تابعناه قبل يومين عبر وسائل التواصل من تزاحم لايشبه مابناه الانسان السوداني في الامارات من إنطباع ذهني عنه ، واحد من حلقات الفشل التنظيمي الذي يجب أن نقف عنده طويلا ، فالسفارة ملك لكل سوداني ، ومايحدث فيها يفرح أو يؤلم كل حامل لهوية الوطن .
ومن غريب الأمر أن مانراه فشلا ، تراه السفارة دائما نجاحا خارقا ، ربما لرمد مزمن في عين التقييم ، ومن غريب وعجيب الأمر أن بعض زملاءنا الاعلاميين يمتدحون التنظيم في كل مرة ماخلق عنهم انطباعا ذهنيا خاصا لدى المتلقّى خاصة من يكون شاهدا على الحدث أو جزء منه .
، وعلى عكسها تماما يكون تنظيم معظم المناسبات والأحداث التي تقوم بها القنصلية السودانية بدبي والامارات الشمالية ، ربما لأن القنصلية رغم شموليتها لست إمارات ، تستعين دائما بأبناء الجالية بحسب تخصصاتهم واحتياجات كل مناسبة لها ، وأيضا تستعين بالأندية السودانية ، فالأندية السودانية برغم التّحفظات والجدل الدائر حولها بدءا بمشاكلها المزمنة ، وكم العضوية ، والجدل حول اللجان ، والصراعات التي يتداولها الجميع ، إلا أنها في تنظيم الفعاليات والمناسبات ، أثبتت قدرتها على التنظيم.
وظلّت عونا للخط الخدمي وداعما للقنصلية حتى في الأوقات التي كان فيها مجرد دخول القنصلية مشكلة تتبعها سياط التصنيف ، مرورا بفترة مابعد الثورة والتي ازدادت فيها الثقة وقوة التلاحم بين الجالية وبعثتها الدبلوماسية خاصة في دبي والامارات الشمالية ـ والحملة الخدمية الناجحة التي قادها القنصل الشاب النشط غانم ـ وهو أول قنصل للقنصلية بعد الثورة ، ومعه طاقم القنصلية الذي أذهل الجميع بقيامه مجتمعا من العامل حتى القنصل العام ، كفريق موحد في تذليل العقبات في ذروة جائحة كورونا ، والجهود الكبيرة والمذهلة التي تمت بشأن العالقين ـ.
وما نشرته الآن على الأسافير من تسهيل رائع لتقديم خدمات التجديد عبر مناديب يصلون الشخص في مكانه أيا كان الموقع ، ويستلمون منه الجواز ويعيدوه إليه في مكانه دون تزاحم وتدافع وفقدان أعصاب وإهدار كرامة وتضييع وقت ، وهو إنجاز يحسب للقنصلية ، ولمجلس الأندية رغم رأينا الواضح فيه .
على سفارة أبوظبي أن تستعين بالجالية ، فالكل فيها لن يتأخر عن تقديم أية خدمة تطوعية تحافظ على إسم البلاد ، ومبادرة حاضرين ياوطن كانت خير أنموذج لذلك التكامل ـ ومحاولات البعض داخل السفارة للقفز فوق لجان الجالية والأندية ، ومحاباة أندية على حساب أخرى وكأنها سفارة لدولتين لادولة واحدة ، ومحاولة تهميشها برغم رأينا في الكثير من مجالس الأندية وفي مجلس الجالية ،كانت واحدا من أسباب ذلك الفشل المتواصل .
فالعمل العام لايحتمل الشخصنة أو الرؤية بالأذنين بدل العينين ، والكل يعرف بل ويتهامس ويجاهر بمن يتسبب دائما في خروج تنظيم السفارة للأحداث بتلك الصورة المهزوزة الهزيلة ، ويعرف من هم الذين يشابهون الأخسرين أعمالا ـويملكون نزعة العمل الفردي لا الجماعي .
ومن سفارتنا نعبر لدولتنا التي أثار تسمية الولاة فيها جدلا كبيرا ، وبعيدا عن مختلف الرؤى المتباينة فإن الخطأ الأكبر الذي ارتكبته الحكومة هو انتهاج اسلوب المحاصصة ، وقد كان من المفترض أن يجمع رئيس الوزراء في كل ولاية مختلف إداراتها الأهلية ويطلب منهم التوافق على تسمية من يحكمهم طالما أن لنهج الذي تم اتباعه هو أن يكون حاكم كل ولاية من أبنائها ،.
فالإختيار الحالي جعل حاكم كل ولاية من أحزابها ، وهي خطوة من المفترض أن تتم بعد زوال الفترة الانتقالية ودخول الاحزاب الانتخابات ، عندها لا أحد يملك سببا لرفض والي أتت به الصناديق ، أما الآن فمن الواضح أن رئيس الوزراء لن يتراجع عن ترشيحاته ، وأن المحاصصات الارضائية التي قام بها ستتناسل محاصصات مختلفة داخل كل ولاية ، ويترهل العمل المدني وتبتعد أحلام الشعب بالثورة عنه رويدا رويدا .
القادم لو لم يتحلّى الجميع بالحكمة ، قاتما جدا ، ولازلنا نصرخ بأعلى صوتنا لكل مسؤوول .. البلد تحتاج الكفاءات لا المحاصصات .. البلد ستعبر بها الكفاءات لا الكفوات ، البلد تحتاج التنمية لا الارضاءات ، وقد بلغت