السنهوري.. رجل تطارده الأشواق (من بغداد إلى الخرطوم)

بروفايل: الخواض عبدالفضيل
علي الريح الشيخ السنهوري سياسي ومفكر سوداني، أمين سر حزب البعث العربي الاشتراكي (قطر السودان)، عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي. ولد السنهورى بعروس الرمال مدينة الأبيض بشمال كردفان، كان قائداً في القطاع الطلابي، ومؤسساً لجمعية أنصار الثورة الفلسطينية. شارك وأسس اتحاد الكتاب والأدباء التقدميين العرب، واتحاد المحاسبين العرب. بدأ العمل السياسي منذ المرحلة المتوسطة وتم القبض عليه في العديد من المرات وأطولها فترة 5 أعوام في حقبة الرئيس جعفر النميري وآخر اعتقال له كان خلال ثورة ديسمبر 2019 تم اعتقاله من داخل “موكب المهنيين” كأول زعيم حزبي في تاريخ السودان يتم اعتقاله من داخل مسيرة احتجاجية.
السنهوري وناصر
ظهور أول بوادر الوعي والفهم السياسية لدى الأستاذ علي الريح السنهوري حينما بدأ يؤمن بشكل ضبابي بالفكر القومي منذ أن كان في العاشرة من عمره إبان حرب قناة السويس على مصر وكان يتفاعل مع تجربة جمال عبد الناصر. وفي عام 1962م بدأ وآخرون تشكيل مجموعات قومية عربية من طلاب مدرسة (خور طقت) الثانوية ومن ثم تم الانتقال إلى المحيط الخارجي بتشكيل وحدات شعبية، ثم التقى بالمرحوم بدرالدين مدثر وكان حينها مطروحاً تنظيم ‘‘الاشتراكيين العرب’’ كتنظيم يضم كل التيارات القومية في الساحة السودانية من ناصريين وبعثيين وقوميين وغير منتمين واعتمد هذا التنظيم على نظرية الخط التقدمي العربي العام وتم الاتفاق على عقد موتمر للاشتراكيين العرب في الأبيض في عام 1965م، ومن تنظيم الاشتراكيين العرب بدأ التطور نحو حزب البعث العربي الاشتراكي باعتباره حركة شعبية ثورية ونضج هذا الأمر إثر العدوان الصهيوني على مصر وسوريا والأردن في عام 67.
الانتماء الفكري
لم يكن في يوم من الأيام السيد علي الريح السنهوري ينتمي الى طائفة أو طريقة صوفية بالرغم من أن السناهير في واقع الأمر هم ختمية وأغلبهم في الحزب الوطني الاتحادي، لكنهم متحررون من الطرق الصوفية والطوائف، الدليل على ذلك أنه عند انقسام الحزب الى وطني اتحادي واتحادي ديمقراطي ذهب غالبيتهم إلى الوطني الاتحادي وانضووا تحت لواء الزعيم الأزهري حيث كانوا يميزون بين الدين والسياسة، والانتماء الى طريقة أو طائفة لا يعني أن يترتب عليه عمل سياسي حيث يرى في التعصب أو الانتماء الطائفي أنه طريق يولد الجهوية والقبلية والعنصرية ذلك إيماناً منه بالسودانوية والانتماء الى الوطن دون التمترس وراء كيانات تفرق أبناء الوطن، توازن الأسرة في حرية الانتماء الحزبي ساعدته كثيراً وجعلته يسلك طريقاً آخر مختلفاً عن المتعارف عليه في السودان.
قربه من صدام يدل على نبوغ السنهوري وإيثاره القيم والمبادئ النضالية بالإضافة الى عضويته في قيادة الحزب القطرية، ويرد في مسار عمله السياسي أنه في العام 1975م أعيد انتخابه مرة أخرى لقيادة الحزب، وحينها كان معتقلاً، وفي المؤتمر الثاني عشر للحزب الذي عقد في بغداد تم انتخابه عضواً في القيادة القومية للحزب كان ذلك في عام 1992م.
عودة وقيادة
بعد سقوط العراق على يد الجيش الأمريكي في عام 2003م ظل السيد علي السنهوري موجوداً بالعراق مع رفاقه في حزب البعث العربي من أجل مقاومة الاحتلال الأمريكي، إلى أن كتب له الخروج من العراق والرجوع الى وطنه السودان في عام 2006م أي بعد ثلاث سنوات من سقوط بغداد حيث لم يلبث كثيراً حتى انضم الى التحالفات السودانية المعارضة لنظام الإنقاذ المباد بقيادة الحراك السلمي عبر تحالف نداء السودان وتحالف قوى الحرية والتغيير. ليصبح الآن رقماً تطارده التساؤلات وكيف صار أحد الذين يديرون المشهد السياسي بما ناله من ثقة رفاقه السياسيين في تحالف قوى الحرية والتغيير وأحد المهمين في هذه الخارطة التي تثير الآن جدلاً واسعاً. وقد حظي أيضاً بتداول واسع عقب المحاولة الانقلابية الأخيرة من وعلاقته بالعسكر وغيره من الأقاويل التي تتحكم فيها الساحة السياسية اليوم.
تاريخ حافل
وقال القيادي بحزب البعث العربي حسن إدريس أبو رأس لـ(اليوم التالي) إن السيد علي السنهوري له تاريخ حافل، فهو أحد المناضلين السودانيين العظماء في تاريخ السودان الحديث منذ نعومة أظافره بمدينة الأبيض التي شهدت ميلاده ودراسته الابتدائية وخور طقت الثانوية، كان من المؤسسين لجمعية أنصار الثورة الفلسطينية في الأبيض وهو عضو مجلس المحاسبين العرب وأيضاً عضو في جمعية الكتاب والفنانين التقدميين العرب بشمال كردفان وتم اعتقاله في يوليو 1971م عند انقلاب هاشم العطا بعد عودة نميري للحكم. مرة أخرى تم اعتقاله سنة 1972م وشخصي ومجموعة من الشباب بتهمة تنظيم جسم موازٍ للاتحاد الاشتراكي وقدمنا لمحاكمة عسكرية بسجن الأبيض، ثم تم الحكم عليه ومعه عبد الله مالك بـ(5) سنوات لافتًا الى أن علي الريح السنهوري وهو في المعتقل تم انتخابه عضواً في القيادة لحزب البعث العربي ذلك لدوره المعروف وأشار بعد خروجهما من السجن هو والمرحوم بدرالدين مدثر وبخروج بدرالدين خارج السودان أصبح القائد الحقيقي للحزب السيد علي الريح السنهوري واستمر هذا الأمر حتى انتفاضة أبريل 1985م ظل هو المحرر السياسي لخط الحزب داخل القطر وخط التعبئة والنضال الجماهيري في القيادة الميدانية للحزب مضيفاً أنه رغم الاعتقالات والأحكام التي صدرت ضده ظلت شخصيته قوية وناهض باسم حزبه اتفاقية ‘‘كامب ديفيد’’.
بعد سقوط بغداد رجع السيد علي السنهوري الى القطر بقرار من القيادة القومية بأن يعود كل المناضلين العرب إلى أقطارهم، ثم عاد الى القطر وسار في دوره النضالي. وأشار الأستاذ إدريس الا أه بعد وفاة الأستاذ بدر الدين مدثر أمين سر الحزب، انتخب السيد علي السنهوري أمين سر الحزب لقيادة القطر وجدد انتخابه مرة أخرى في 2013م أميناً لسر الحزب إلى أن تم اعتقاله في انتفاضة 2018م من قبل جهاز أمن البشير عقب خروجه من المعتقل واصل في نضاله عبر التظاهرات مع الثوار وكان عضواً في التفاوض مع الحرية والتغيير مع المجلس العسكري، وللسيد علي السنهوري تاريخ طويل في حركة النضال السوداني.
=اليوم التالي