مقالات وآراء

حوارات الغرف المغلقة للوصول لمبادرة وطنية

أجريت اتصالات عديدة مع عدد من قيادات في العمل السياسي، بعد ما تأكدت أن هناك حوارات سرية جارية بين بعض من القوى السياسية، إلي جانب أيضا بعض من قيادات الحركات المسلحة، تهدف إلي كيفية التغلب علي التحديات التي تواجهها الفترة الانتقالية، إن كانت تحديات داخلية أو خارجية لها تأثيرا مباشرا علي مجريات العمل السياسي في البلاد، حيث أن نجاح الفترة الانتقالية مسألة ضرورية، للانتقال إلي مرحلة جديدة يكتمل فيها البناء الديمقراطي. جاء أهتمامي بعد ما استمعت للقاءات أجرتها عدد من القنوات التلفزيونية مع الصادق المهدي و عدد من قيادات الحزب الشيوعي السوداني حول مفاوضات السلام الجارية في جوبا، حيث هناك اتفاق في رؤية الحزبين ” الأمة القومي – الشيوعي”علي إنهما غير راضيين علي هذه المفاوضات، و يعتقدان إنها لن تحقق الأهداف المطلوبة. و كان الحزب الشيوعي من قبل قد أرسل ناطقه الرسمي فتحي فضل إلي باريس، و ألتقى مع عبد الواحد محمد نور، حيث أكد الآخير في تصريحات تطالب أن تنتقل مفاوضات السلام للخرطوم رغم موقفه من الجنرالات في السلطة، و قال أن أجندة السلام لا تتعلق بمناطق محددة، بل يجب أن تشمل جميع السودان. و أيضا كان هناك اتصال بين الحزب الشيوعي و الحركة الشعبية شمال ” عبد العزيز الحلو” في جانب آخر رغم أن الشيوعي التقي مع حزب الأمة في مدنية السلطة لكن إختلفا في أن الحزب الشيوعي يعتقد أن المدنية يجب أن تتم بصورة كاملة في الفترة الانتقالية، التي تؤسس لعملية التحول الديمقراطي، بعد إكمال كل متطلبات الفترة التي تليها. و أن حزب الأمة يعتقد أن مدنية السلطة تكتمل بإجراء أنتخابات في البلاد مبكرة إذا فشلت الفترة الانتقالية. أن حزبي الأمة و الشيوعي يمثلان قاعدة أجتماعية عريضة إلي جانب بعض الحركات. و قبل الدخول فيما يجري في الغرف المغلقة هناك مقدمة لابد منها.
المسألة الأولي: في بداية الثورة و قبل أجراء المحادثات بين تحالف قحت و المجلس العسكري، قدمت دولة الأمارات العربية المتحدة دعوة لعدد من قيادات الأحزاب السياسية و الحركات المسلحة، فالدعوة كانت علامة استفهام في المسيرة السياسية، و تبنت بعض الحركات مقترح أن تجري مفاوضات السلام في دولة الامارات العربية. و بعد ما تعقدت مفاوضات السلام بين وفدي الحكومة و الحركة الشعبية ” الحلو” تمت دعوة حركة الحلو لزيارة دولة الأمارات بهدف تذليل العقبات. مما يؤكد أن هناك دول تمد أنوفها يشكل مباشر في مفاوضات السلام الجارية في جوبا. الأمر الذي جعل بعض الأحزاب تطالب بسحب القوات السودانية من اليمن، باعتبار أن هذا التدخل يتأتى من هذا المدخل. كما أن هناك قيادات سياسية لا تخف قلقها من أن هناك علاقات غير واضحة بين قيادات عسكرية و دولتي الامارات و السعودية، و يعتقدون أن هذه العلاقة سوف يكون لها أثرا سالبا علي عملية التحول الديمقراطي في البلاد.
المسألة الثانية: يعتقد الحزب الشيوعي أن المكون العسكري لم يشتغل كثيرا بالوثيقة الدستورية و قد تجاوزها من خلال . تكوين المجلس الأعلي للسلام، و جعل مفوض السلام المنصوص عليه في الوثيقة و تابع للسلطة التنفيذية مقررا للمجلس الأعلي للسلام، و أصبح العسكر هم الذين يديرون محادثات السلام. إلي جانب تعين نائبا لرئيس مجلس السيادة، ثم البطء في تنفيذ شعارات الثورة. و رغم حل حزب المؤتمر الوطني و مصادرة دوره و ممتلكاته، إلا أنهم دائبي الحركة، و ظهر ذلك من خلال مسيرتي الزحف الخضر، ثم بدأت تظهر شائعات تسيطر علي مساحة واسعة من وسائل الاتصال الاجتماعي، بأن هناك تخطيط يقوم به عضوية الحزب المحلول بهدف عمل انقلاب علي السلطة من خلال عضويتهم في الأجهزة العسكرية، هذه الشائعات كانت محاولة لإرباك الجانب الأخر، و بالفعل استطاعت بعض القوى داخل تحالف قحت أن تتعامل مع هذه الشائعات بأنها حقائق، و تربك العمل السياسي، و دلالة علي ذلك البيان الذي أصدره تجمع الاتحاديين، و تصريحات وجدي صالح بأنهم قدموا معلومات للأجهزة الأمنية بمخطط لقيام الانقلاب. رغم أن هناك قوى داخل قحت تعتقد كل ما يجري الهدف منه ليس انقلاب بل محاولة لإفشال الفترة الانتقالية و قيام انتخابات مبكرة، كل هذه تخلق حالة نفسية لعدم الاستقرار. و عندما سألت أحد القيادات السياسية لماذا لا تقيم القوى السياسية في تحالف قحت ندوات سياسية لكي توضح مدى قرب الجماهير منها. قال: بعض القوى السياسية تتخوف من الندوات السياسية بعدم حضور الناس لها، أو معرفة قوتها في الشارع.
كان الشيوعيون بعد نجاح الثورة قد راهنوا علي إنهم قادرين علي استقطاب عدد كبير من الشباب الثائر، لذلك هم الذين أطلقوا أسم لجان المقاومة في الأحياء، ثم استعجلوا العمل من أجل تكوين النقابات في ظل حالة الإرباك التي تشهدها الساحة السياسية، لكن الزملاء وجدوا هناك عقبات عديدة أعاقت عملية الاستقطاب وسط الشباب الثائر، و ذلك يعود للموقف السالب للشباب تجاه الأحزاب السياسية، حيث كانت رؤية الشباب و رغبتهم و طموحاتهم، باعتبار أنهم هم الذين قاموا بالثورة و اسقطوا النظام يجب أن يكونوا جزءا من السلطة الجديدة، و لكنهم فوجئوا أنهم بعيدين عن ذلك تماما. المسألة الثانية أن القوى السياسية تواجه تحدي كبير في تكوين النقابات. بسبب موقف وفد منظمة العمل الدولية الذي رفض الاعتراف بتجمع المهنيين، و اعتبره تنظيم سياسي و ليس نقابيا. إلي جانب ضعف الحكومة و عدم قدرتها علي السيطرة علي السوق، و تخفيف معاناة الجماهير. و سوف تكون بيئة صالحة للثورة المضادة أن تعبئ الشارع التحالف.
هناك حركة للقوى السياسية و الأفراد الذين كانوا قد شاركوا في حوار الوثبة، و لكنهم لم يشاركوا في هياكل النظام، حيث التقوا بعدد من القيادات السياسية في تحالف قحت، و رفضت بعض القوى السياسية مقابلتهم، لكن عدلت عن موقفها بعد ذلك، ثم بدأت تعقد معهم اجتماعات حوارية في الغرف المغلقة، و هؤلاء ليس لديهم رغبة في المشاركة في هياكل السلطة الانتقالية، لكن رغبتهم المشاركة في المؤتمر الدستوري، باعتباره يصنع الوثيقة التي تحكم البلاد مستقبلا، و هذا ما أكد عليه الحزب الشيوعي في بيانه بمناسبة ذكرى انتفاضة إبريل حيث قال ” و أنجاز مهام الفترة الانتقالية بقيام المؤتمر الدستوري في نهايتها لبقرر شكل الحكم و وضع دستور ديمقراطي بإشراك الجميع” و هؤلاء كانوا قد بدأوا اللقاء مع الصادق المهدي ثم البرهان و عدد من القوى السياسية بينهم قيادات في الحزب الشيوعي و قيادات بعثية و كان آخر القاء أجتماع عقدوه مع تجمع الاتحاديين في دارهم، بل ذهبوا إلي جوبا و التقوا بعدد من قيادات الجبهة الثورية هناك، بهدف توصيل رؤيتهم الهادفة إلي خلق توافق وطني. و أيضا ألتقوا بعدد من القوى الإسلامية و طالبوهم بعدم التعرض لسلطة الفترة الانتقالية، و أن يكون الحوار حول كيفية الوصول إلي الانتخابات بعد صناعة الستور الذي يجب أن تشارك فيه كل القوى السياسية. و قالوا قد وجدوا استجابة من بعض الإسلاميين أن يتعرضوا لسلطة الفترة الانتقالية.
هذا الحراك السياسي ولد حالة جديدة من التفاهمات، و لكنها لم تخرج للعلن، لكنها فتحت بابا جديدا للحوار هذه المرة من داخل القوى المتحالفة في السلطة، حيث تعتقد بعض القوى السياسية أن الثورة تتعرض لتحديات عديدة داخلية و خارجية، ليست تهدد فقط شعارات الثورة بل تهدد وحدة الوطن، لذلك كان الحوار مع بعض القوى غير المتحالفة في قحت، و كان في أضيق نطاق، حيث شمل فقط ل القوى السياسية التي لها قواعد اجتماعية مؤثرة في الشارع، بهدف إحداث تفاهمات سياسية، و تمحور النقاش علي عدد من النقاط التي وجدت القبول من قبل كل الذين كانوا قد شاركوا في الحوار و تمحور في الأتي:-
1– تصحيح مسار الثورة و مواجهة التحديات، حتى لا تؤثر علي إكمال عملية التحول الديمقراطي في البلاد.
2- العمل من أجل نجاح الفترة الانتقالية، و تفكيك دولة الحزب الواحد لصالح دولة التعددية السياسية.
3 – وقف التراشق و الاتهامات بين القوى السياسية بما يخدم علمية التوافق الوطني المطلوبة، و العمل سويا علي تحقيق شعارات الثورة و تخفيف معاناة الناس.
4 – تحصين النظام الديمقراطي الذي أحدثته الثورة من أي جهات أو عناصر مغامرة تهدد السلم الاجتماعي في البلاد.
5 – أن لا تكون الخلافات السياسية و تباينات الفكرية عائقا في عملية التحول الديمقراطي في البلاد.
6 – عمل سويا من أجل عقد المؤتمر الدستوري الذي يجب أن تشارك فيه كل القوى السياسية في البلاد.
7 – رفض التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي للبلاد، و رفض أي أي وصاية من قبل أي جهة.
8- القوى التي شاركت في النظام يجب أن تقدم نقدا ذاتيا و تعتذر للشعب السوداني و تؤكد إنها لا تستخدم أي أدوات للعنف و تؤكد إنها تؤمن الوصول للسلطة من خلال الآدوات الديمقراطية.
الهدف من هذا الحراك السياسي الاستشعار بأن هناك تهديدات تواجه عملية التحول الديمقراطي أن كان في الداخل أو في الخارج. و لابد من خلق جبهة وطنية عريضة تؤمن بالديمقراطية طريقا وحيدا للحكم في البلاد. لكن يصبح السؤال كيف يتم نقل الذي يدور داخل الغرف المغلقة للعلن، في ظل حالة الاستقطاب الحاد في الشارع؟ هناك مقترح أن تتبنى مؤسسة قومية سياسية أو أكاديمية في البلاد الفكرة، و تقدم مبادرة وطنية تهدف إلي تجديد التأييد للثورة و تعمل من أجل نجاح الفترة الانتقالية، و في ذات الوقت ما يحقق التوافق الوطني، و يؤمن النظام الديمقراطي في المستقبل.
قال الفريق أول ياسر العطا عضو مجلس السيادة لجريدة الصيحة “وليطمئن حمدوك وكل الوزراء والأحزاب السياسية والحرية والتغيير والشعب السوداني والشباب ولجان المُقاومة بأنه لن يحدث انقلابٌ في هذا الوطن ونحن موجودون، وستمضي مسيرة الديمقراطية والثورة لغاياتها حتى يعم السلام والاستقرار البلد.” و إذا لم يكن هناك تهديد بانقلاب لكن هناك أنحراف للثورة حيث قال سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب لجريدة التيار ” أن الثورة أنحرفت و سيعملون علي إصلاحها و أضاف لابد من الوصول لحكومة مدنية” و هذه تتطلب أن تكون هناك قناعة في الشارع السياسي بعملية الإصلاح، و توافق وطني لكي تنجح الفترة الانتقالية للوصول لانتخابات تقول الجماهير فيها كلمتها. و نسأل الله حسن البصيرة.

زين العابدين صالح عبد الرحمن

‫2 تعليقات

  1. كان ممكن تكون رؤية واقعية اذا تمت محاسبة كل رموز النظام وتمت استعادة كل اموال الشعب المنهوبةوهيكلة الجيش ودمج او تسريح الدعم وتفكيك جهاذ الامن واعادو تاهيلة وايضا كتائب الظل والدفاع والامن الشعبي، وتقديم القتلة في مجزرة القيادة الي العدالة ، لكن الي اليوم لم تتم محاسبة كوز واحد ! ولم نسترد اي اموال، ياخي دي حكومة بتاعة قريبي وقريبك وصاحبي ونسيبنا وود جيران خالتنا و عيييييييك. بلد مافيهو سياسي واحد ولا عسكري واحد عندو انتماء حقيقي لهذا التراب ،معقولة كل واحد فيهم عندو مرجعية خارج الحدود !!؟ دي خسة شنو ورزالة شنو وانحطاط شنو !!؟
    ربنا يتقبل الشهداء ، انضف شباب وازكي دماء واشجع من مشي علي هذا التراب، هنيئا لهم ، الواحد ممغوص لان من قتلهم هو السياسي و العسكري من ذوي الخسة و الرزالة والانحطاط واصحاب المرجعيات عابرة الحدود الخونة العملاء ، ألا لعنة اللة علي الظالمين .

  2. أكبر عقبة في تصوري هم عساكر ما يسمى مجلس سيادة، هؤلاء من بقايا المؤتمر الوطني إذن فلابد من اقصاء هؤلاء برهان وششلته يجب ان يحالوا فورا للمعاش

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..