مقالات سياسية

تدهور المعيشة خطر مباشر على الثورة

تاج السر عثمان 

كل يوم تزداد الأحوال المعيشية تدهورا ، وازمات البلاد من نقص في الوقود ، الغاز ، الدقيق ، والخبز الذي تضاعف سعره  في الخرطوم وأصبح 2 جنية للتجاري، وتستمر الأسعار في الارتفاع مع ارتفاع سعر الدولار وانخفاض قيمة الجنية السوداني، وضعف الأجور مع الارتفاع المستمر في الأسعار، ويتصاعد نشاط الثورة المضادة والفلول مستغلين الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد ، كالمظاهرة التي نظموها الخميس 9 أبريل 2020 ، رغم حظر التجمعات بسبب كرونا، وتساهل السلطات معهم ، وهتافاتهم باسقاط حكومة حمدوك ، والتناقض في شعاراتهم مثل: ” نحنا الشعب السقط بشة”، ” الليلة ما بنرجع الا البشير يرجع”، فكيف يرجع من اسقطته؟!!، وهم السبب الرئيسي في تفاقمها، نتيجة لتهاون الحكومة وعدم الاسراع  في تغيير العملة ، وفي استعادة الأموال المنهوبة منهم التي يضاربون بها و يحولونها الي عملة صعبة ، مما أدي لتصاعد سعر الدولار، اضافة لتهريب السلع الأساسية من : ذهب ووقود، ودقيق ، ومحاصيل نقدية، وحرق القمح بالجزيرة، وتسيير المواكب المسلحة، ونسف الأمن، وتهاون السلطة معهم ، بعدم سن القوانين الرادعة  لبسط الأمن، ووقف التهريب وتدمير الاقتصاد الوطني.

اضافة للفساد الموروث من النظام البائد، وأزماته الاقتصادية التي تركها في : عجز ميزان المدفوعات والميزان التجاري، وديون خارجية بلغت حوالي 55 مليار دولار،منها 3 مليار دولار واجبة السداد للصندوق والبنك الدوليين، وتعوق الحصول علي تمويل خارجي.

من جانب آخر يصر وزير المالية علي الاستمرار في السياسات الاقتصادية للنظام البائد كما في مقترحاته لميزانية 2020 لرفع الدعم أو زيادة الأسعار ، تعويم الجنية ، الخ من توصيات صندوق النقد الدولي التي جربها السودان منذ العام 1978 ، وأدت لتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، والانخفاض المستمر لقيمة الجنية السوداني ، والزيادات المستمرة في أسعار الوقود والخبز وبقية السلع الأساسية، وأدت للاطاحة بدكتاتورية النميري في انتفاضة مارس- أبريل 1985 ، وبالطاغية البشير في ثورة ديسمبر 2018 ، فلماذا اصرار البدوى علي تجريب المجرب والسير في طريق النظام البائد ، وعبد الرحيم حمدى ومعتز موسي التي زادت الاوضاع تفاقما، بدلا من الاسراع في استرداد الأموال المنهوبة ، ومكافحة غسيل الأموال، التي دخلت البلاد و بلغت 3,8 مليار دولارفي الثلاثة أشهر من العام 2020 ( راجع د. كمال الشريف : 4 مليار تدخل لغسيلها في السودان، سودانايل ، 7 /4/ 2020).

لماذا قام الشعب أصلا بالثورة ليصر البدوى علي السير في الطريق الذي أدي لقيامها؟ ، علما بأنها قامت لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، ومن المهم أن يشعر الناس في ظل برنامج واضح شفاف شاركت فيه الجماهير والمختصون، أنهم يسيرون نحو تغيير حياتهم الي الأفضل، وتتوفر احتياجاتهم الأساسية من : تعليم وصحة، وخدمات وبيئة نظيفة.

وجاءت آثار كرونا التي تتطلب حسب برنامج الأمم المتحدة الانمائي: توسيع شبكة الضمان الاجتماعي ، والدعم النقدي المباشر ، والاكتفاء الذاتي، وتحسين امدادات المياه ، وانخفاض أسعار اللحوم بسبب القيود علي الصادرات، والتوسع في منتجات الألبان. الخ.

كان من المتوقع انخفاض سعر الدولار بعد جائحة كرونا مع تقلص الواردات، وانخفاض حركة السفر والتجارة الخارجية ، لكن حدث العكس استمر في ارتفاع جنوني ، التخوف من الانهيار الاقتصادي والبنوك، وتآكل المدخرات ، أدي لتراجع تحويلات المغتتربين، واتجاه العديد لتحويل مدخراتهم ، الي عملات صعبة وعقارات، بسبب  الاوضاع السيئة المتوقعة بسبب كرونا.

كل ذلك يتطلب حشد الامكانيات لمواجهته، بتوفير المعينات الطبية، والاسراع في تغيير العملة واستعادة كل الأموال المنهوبة من رموز النظام البائد ، وشركات الذهب والبترول  والمحاصيل النقدية. ، وشركات القوات النظامية للدولة والمالية، الذي يشكل البديل لمقترحات وزير المالية في رفع الدعم، فضلا عن تجاوز الاتفاق مع قوى التغيير بعدم رفع الدعم حتى المؤتمر الاقتصادي، وتجاهل توصيات الخبراء.

بالتالي ، مهم اتخاذ قرارات حاسمة لتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية ، وتركيز الأسعار، مع زيادة الأجور، ووقف التدهور الاقتصادي، وزيادة ميزانية الصحة ، وتقليل منصرفات الأمن والدفاع والقطاع السيادي والحكومي، وتحقيق السلام الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة، ودعم المزارعين ، والغاء الجبايات الكثيرة، باعتبارهم المصدر لتوفير الغذاء ، وتوفير العناية الصحية والتعليم والخدمات لهم.

كما يتطلب دعم الدولة للعاملين طيلة فترة الحظر المنزلي ، والفئات التي تعمل برزق اليوم باليوم وتحسين المواصلات منعا للازدحام، واستقرار خدمات المياه والكهرباء وخدمة الانترنت.

إعادة هيكلة النظام المصرفي ، وضم بنك السودان لمجلس الوزراء واستقلاله ، والعمل بقانون 1959 وقانون الرقابة علي النقد الأجنبي، ومحاربة تجار العملة والمهربين وسن القوانين الرادعة ، ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي والحيواني والخدمي، وتاهيل السكة الحديد وقطاع النقل، وتوفير فرص العمل للشباب، وتقوية  الصادر الذي يعزز قوة الجنية السوداني.

تاج السر عثمان
[email protected]

‫3 تعليقات

  1. لن ينصلح حال الاقتصاد من غير رفع الدعم عن الوقود خاصة. أيهما اكثر عددا السيارات الخاصة ام سيارات النقل؟ لماذا ندعم البنزين لمن هو قادر على شرائه بأي ثمن؟ لماذا سعر البنزين في السودان ارخص من سعره في كثير من الدول المنتجة للبترول. من المتضرر من رفع الدعم؟ المتضرر الاساسي هم موظفو الدولة نسبة لثبات رواتبهم ثم الطلاب خاصة موضوع الترحيل ثم المعاشيين. هذه الفئات يمكن وضع معالجات تمييزية لها. بقية الفئات من المنتجين في القطاع الصناعي والراعي بشقيه الحديث والمطيري وقطاع الرعاة والقطاع غير الرسمي في المدن سترتفع دخولهم تلقائيا ولن يتاثروا الا لفترة محدودة في بداية رفع الدعم. نعم هي توصيات مؤسسات التمويل الدولية مثل صندوق النقد وغيره لكنها توصيات اتباعها ضروري في حالة السودان لبداية تحريك الاقتصاد. اعتقد انه من الضروري مغادرة مرحلة الشعارات الطلابية والعمل على وضع الحلول العملية رغم تكلفتها الاجتماعية قصيرة المدى.

  2. مين يسمع يا أستاذ. ،،، اهم جزئية تغيييييير العملة لمنع المضاربة بها من ظلاميي و صعاليك الجبهة القومية الاسلامية ،،، هنالك تهاون واضح و فاضح في ضرب سدنة النظام السابق مع العلم ان ذلك لا يناقض شعارات الثورة لانها أصلا قامت ضد هؤلاء الجرابيع ،،،، معا من اجل تغير العملة و ضرب المتأسلمين بيد من فولاذ ،،،

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..