كورتيس يارفين… يميني متطرّف روّج لتحويل غزّة إلى شركة

ينسب مراقبون للمبرمج المعلوماتي كورتيس يارفين المولود في العام 1973، فكرة تحويل إخلاء غزة من سكانها وتحويلها إلى مشروع عقاري عملاق، وهو المشروع الذي تبناه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي دعا إلى تحويل غزّة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”، فقد دافع يارفين Curtis Yarvin، الذي يسخّر رؤاه لدعم “اليمين الجديد” عن فكرة تحويل قطاع غزة إلى شركة Charter city، يمكن أن تتداول أسهمها في البورصات العالمية.
خصخصة غزة
يتصوّر كورتيس يارفين، الذي أصبح فاعلاً إيديولوجياً خطيراً ومؤثراً في إدارة ترامب وخصوصاً نائب الرئيس، أنّ خصخصة قطاع غزة المحتل من قبل دولة الاحتلال عبر تحويلها إلى شركة تستند إلى مشاريع عقارية على البحر الأبيض المتوسط وإخلائها من الفلسطينيين، ترسخ حقيقة جديدة يجب الشروع في الاعتياد عليها.
المهندس في المعلومات البالغ من العمر 51 عاماً، الذي درس في أشهر المدارس الأميركية، له تأثير كبير يمتدّ من سيليكون فالي إلى البيت الأبيض، هذا ما يؤكده العديد ممّن تناولوا سيرته.
وعبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في الفترة الأخيرة عن الكثير من المواقف التي تجد سندها في ما يخطه اليميني المدون كورتيس يارفين، المعروف لدى الجمهور الأميركي تحت اسم مينسيوس مولدبوغ Mencius Moldbug. وأضحى رأي هذا المدون المناهض للديمقراطية، مطلوباً من وسائل إعلام أميركية، إذ استضافه برنامج توكر كارسون، الذي تبثه قناة فوكس نيوز في 2021، كما استضافته “نيويورك تايمز” إذ أتيحت له الفرصة للتعبير عن آرائه.
دعوة لتفكيك البيروقراطية
ويُحيل مراقبون على بودكاست لنائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، في 2021، يشيد فيه ببيان لكورتيس يارفين، الذي حمل عنوان “إقالة جميع موظفي الحكومة”، إذ يدعو إلى تفكيك البيروقراطية الفيدرالية الأميركية، وتكريس نوع من الحوكمة المركزية والمستبدة. عُرف هذا المهندس بسيليكون فالي، من الجمهور الأميركي عبر مدونته، التي أثارت انتباه اليمين الأميركي ونخبة وادي السيليكون، خاصة أولئك الذين يضيقون ذرعاً بالدولة والديمقراطية.
يعرف عنه أنّه مقرب من الملياردير بيتر تييل، المؤسس المشارك لمنصة باي بال، ومارك أندرسين الملياردير والمستشار غير الرسمي للرئيس دونالد ترامب، وكذلك جي دي فانس. وهناك من ينسب له الفضل في الصعود السياسي لإيلون ماسك.
سلط وصول ترامب إلى البيت الأبيض، الضوء على حركة ثقافية تلهم أولى التدابير التي اتخذتها الإدارة الجديدة، وهي حركة ينظّر لها المدون كورتيس يارفين وتحمل اسم “التنوير المظلم”.
في تصوراته السياسية، يلح كورتيس يارفين على مسألة فاعلية الأنظمة السياسية، فهو يعرف السياسة بأنها صراع بين النظام والفوضى، ويعتبر أنّ أي نموذج سياسي يكون جيداً عندما يحول دون بروز النزاعات.
هامشية قضية الفقر
هاجس الفاعلية يدفعه إلى التأكيد على أن قضايا مثل الفقر والاحتباس الحراري هامشية، فهو يرى الدولة الأميركية باعتبارها شركةً عملاقة غارقة في انعدام الفعالية. يذهب إلى أن الديمقراطية تحتضر والجماهير غير قادرة على حكم نفسها، ويدعو إلى التخلّص من فكرة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مقترحاً عمل الحكومة بطريقة شركة سيادية، يتولى أمرها رئيس تنفيذي، ينفرد باتخاذ القرارات بهدف ضمان الرفاه الاقتصادي للدولة، ويعتبر أن الرئيس التنفيذي للحكومة أو الشركة سيتصرف مثل ملك.
فهو يعتقد أن المَلكية تكون أكثر استقراراً من الديمقراطية، كما يشيد بالنموذج الاقتصادي الذي يغلّب الرفاه ويغيّب السياسة في هونغ كونغ ودبي وسنغافورة، داعياً الأميركيين إلى التخفف من خوفهم من الديكتاتورية. يعتبر المؤرخ جوشوا تايت، الذي أصدر كتاباً قبل خمسة أعوام تحت عنوان “المفكرون الرئيسيون في اليمين الراديكالي” أنّ كورتيس يارفين، بمثابة مثال مبكّر للاتجاهات الجديدة المهمة في الفكر والنشاط اليميني المتطرف، ويلاحظ المؤرخ أن كورتيس يارفين ساهم في الترويج لتوجه مناهض للديمقراطية، والمحافظة التقليدية، والتطبيع مع وجهات النظر العنصرية التي كانت غائبة عن التيار المحافظ الأميركي.
العربي الجديد