عمر الدقير.. ثمن الصراحة والوضوح

كل الانقسامات التي تشهدها الأحزاب والقوى السياسية السودانية حاكمة أو موالية أو معارضة تنتج بسبب النقص الحاد في هرمونات التحمل وقبول الرأي الآخر ونقص المناعة الديمقراطية في الشخصية السياسية السودانية.
لذلك تجد كل الكيانات الجماعية تستمر حتى تصل نقطة قريبة من نقطة البداية يظهر فيها تيار تجديد أو تطوير فتنهار على الفور, لأنها في الحقيقة كيانات ضعيفة تفتقد مقومات البقاء والتطور..
وإلا فاعطني نموذجا واحدا فقط لكيان أو حزب سياسي سوداني غير مصاب بمرض هشاشة العظام والاستعداد التلقائي للانقسام والتهشم في أي منعطف أو مطب يواجهه..
بل اعطني مؤسسة جماعية أهلية مدنية خيرية نقابية أيا كانت غير مصابة بفيروس الانقسام والانشطار كفيروس محمول في داخلها ولديه استعداد للتنشيط متى ما وجد الفرصة أمامه للانقضاض على الجسد الجماعي وكسر وحدته بكل سهولة.
حزب مثل المؤتمر السوداني خرج رئيسه الباشمهندس عمر الدقير في حوار مع صحيفة اليوم التالي قبل يومين وأدى جميع فروض المعارضة ومناسكها السياسية من تأكيد بقاء حزبه في خطوط المقاومة الأمامية للنظام الحاكم بل قال نصا حين سأله الزميل الزين عن موقع المؤتمر السوداني الآن قال (هو في خندق المقاومة يواجه عواصف السياسات الإنقاذية بما ملكت يداه من وسائل المقاومة السلمية ويدفع الثمن ? مع كثيرين غيره ? سجناً وملاحقات ومحاكمات، ورغم ذلك لن يخلع المؤتمر السوداني ضميره الوطني كحذاءٍ ضيق.. سيستمر في بذل كل ما في وسعه للمساهمة في إنجاز التغيير ويمدُّ يده للجميع من أجل الوصول لهذا الهدف).
لكنه ? أي المهندس عمر الدقير ? برغم كل ذلك لم يخرج من هذا الحوار مبرءا من اتهام أسافير المعارضة له بأنه بدا متراجعا عن موقفه وموقف حزبه (المصادم) وأنه أصبح قريبا في لغته من لغة النظام الحاكم وأنه باع القضية وسيضيع كسب الحزب النضالي بل صدرت مقالات من كتاب معروفين مثل الدكتور زهير السراج تحمل كل هذه التساؤلات الاتهامية لعمر الدقير.. هل تعلمون لماذا؟
لأن عمر الدقير المعارض الذي جدد موقفه وموقف حزبه في هذا الحوار وقع بنظرهم في خطيئة لا تغتفر حين قدم نقدا ذاتيا للقوى المعارضة وأطلق عبارات في وصف عجزها وضعفها وقال إنها (فالحة) في الشعارات وتوقيع المواثيق.
فانقلبت عليه الأسافير المعارضة و(ردمته) بالهجوم العنيف والانتقادات وتحول في لحظة واحدة من مناضل جسور يمدحونه صباح مساء إلى متهم بالتواطؤ وبيع القضية.
بل صدرت عناوين بعض الصحف بعد يوم واحد فقط من الحوار تحمل مواقف مغايرة للحزب غير تلك التي قدمها الدقير في حواره مثل الموقف من الانتخابات القادمة حيث كان قد تحدث عن عدم حسم الحزب للموقف من الانتخابات القادمة حتى الآن فاذا بمينشيت أخبار اليوم بعد ساعات من تصريح الدقير يقول (حزب المؤتمر السوداني يعلن مقاطعته للانتخابات القادمة) مما يؤكد أن الأمور قد تفجرت داخل الحزب مع رئيسه بعد الحوار الصحفي وأن المؤتمر السوداني في طريقه إلى أن يتحول إلى (مؤتمرين سوادنيين) ثم مؤتمرات سودانية عديدة مثل حالة قطاع الشمال وحزب الأمة والاتحادي والإسلامي والشيوعي والسلفي والصوفي وكل القوى السياسية وغير السياسية التي يحاول فيها القدر فعل شيء معاكس لإرادة الثبات والتجمد والتحنط والتخلف السياسي وفتح باب النقد الذاتي والمراجعة لبعض المواقف.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
اليوم التالى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..