اليورانيوم.. ليس كل ما يلمع ذهباً!

ماوراء الخبر

كان غريباً أن تعلن الحكومة عن فتح باب الاستثمار في معدن اليورانيوم، ضمن قائمة المعادن المعدة للاستثمار من قبل وزارة المعادن، وجاء ذلك متزامناً مع توقيع اتفاق مع الحكومة الروسية لبناء محطة نووية، وأكد الخبير الجيولوجي علي السيد ابراهيم إلى أن الدراسات الجيولوجية غير المتعمقة التي أجريت حول في وقت سابق حول اليورانيوم أكدت وجوده بكميات لا بأس بها بمنطقتي أرو بمحلية الرشاد بجنوب كردفان وبجبل الداير، غير أن هذه الاكتشافات تحتاج لدراسات أكثر عمقاً لتأكيد حجم الاحتياطي وخاماته، مؤمناً بحتمية أن يخضع الاستثمار في اليورانيوم الى ضوابط صارمة بالتنسيق مع وكالة الطاقة الذرية، والتأكد من استخدام المكتشف منه في الأغراض السلمية، وأضاف إن اليورانيوم من المعادن الاستراتيجية ويدخل في الصناعات الحربية الدقيقة ويستخدم في الوقت نفسه كوقود للغواصات الضخمة والسفن السياحية الكبرى، وفي المفاعلات النووية لأغراض حربية كما يستخدم في توليد الطاقة الكهربائية، وقال إن السودان يتمتع باحتياطي ضخم من اليورانيوم، خاصة في دارفور والتي تأخذ حيزاً معتبراً من المخزون العالمي، وكذلك جبال النوبة وجنوب كردفان واستخراجه يحتاج لرأسمال ضخم وتقانة عالية تتطلب شراكات خارجية متمكنة لاستخراجه وفق نسب متفق عليها، مؤكداً على العائد السريع والربحية العالية والمجزية من الاستثمار فيه.
خبراء يقولون إن أسعار اليورانيوم الخام في الأسواق العالمية تتأثر بعاملي العرض والطلب، وكان العام الماضي قد شهد ارتفاع أسعار اليورانيوم بنسبة 19%، حيث بلغ سعر الطن من اليورانيوم عالي النقاء نحو (100,000) دولاراً، بعد أن قررت كازخستان أكبر منتج لليورانيوم في العالم زيادة انتاجها، وتراجعت أسعار اليورانيوم بنسبة 41% خلال عام 2016 ووصلت أدنى مستوياتها بفعل الكميات الكبيرة المعروضة.
اليورانيوم سلعة استراتيجية وهو ليس معروضاً لمن يدفع أكثر، ولا لأي مشتري، ويخضع تداوله لرقابة أجهزة الاستخبارات العالمية، وكان سبباً في حروب كثيرة ومات دونه الآلاف.
وعليه فلا يمكن السماح بالاستثمار فيه إلا وفقاً لاشتراطات المصلحة الاستراتيجية والأمن القومي الوطني والاقليمي، ولذلك لا يمكن فتح الاستثمار فيه لكل من هب ودب.
ربما يذكر البعض الرواية عن (4) كيلو غرام من اليورانيوم المخصب التي تواجدت في السودان أيام الديمقراطية الثالثة والتي ربما كانت سبباً اضافياً لمباركة بعض الجهات لوصول الانقاذ للحكم في عام 1989م، فضلآ عن قرار الإسلاميين بالاستيلاء على السلطة في كل الظروف، وسط تكهنات بوصول هذا اليورانيوم الى إيران عبر وسطاء عراقيين موالين لطهران، وربما كانت هي البداية التي مكنت إيران من العمل على برنامج سري لإنتاج سلاح نووي، وهو ما يفسر موافقة إيران على الاتفاق النووي مع دول (5+1) بنسبة تخصيب على اليورانيوم لا تتجاوز 20%.
ما يجب التحذير منه، أن الحديث عن الاستثمار في اليورانيوم بهذه الطريقة يفتح الباب لكل صائدي المعدن المشع، وربما يدخل البلاد في أتون الحروب الغامضة، وشكوك حول وقوعه في أيدي جهات غير مرخص لها بانتاج اليورانيوم المخصب، وبالذات الجماعات الارهابية. وليس كل ما يلمع ذهباً.
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..