حتي يكون التغير … محاولة لدراسة التظاهرات الاخيره 1/2

ان خفوت وتيرة الاحداث والمظاهرات في السودان بعد استمرارها مابين النظام والمناهضين لفترة زمنية يحتاج منا الي اعادة نظر متانية حول الاساليب المتبعه من قبل المعارضين والي تقييم تحليلي موضوعي لدعاوي الخروج عبر وسائل التواصل الاجتماعي للوقوف علي عمق الازمة التي تعيشها المعارضة وايضا لرؤية المستقبل القريب الذي سوف يعيشة السودان في ظل الازمة المالية المصطنعه من قبل النظام في الخرطوم .
بداءت الاحتجاجات ضد النظام جراء السياسات التقشفية ورفع الدعم عن كل السلع الاستهلاكية مع بداية العام الحالي بعدد من مدن السودان المختلفة وسقط خلالها عدد من القتلي جراء اطلاق النار الحي كما حدث في مدينة الجنينة ، دخلت الخرطوم علي خط المواجهه بعد اسبوع اويزيد بسبب التردي الاقتصادي وارتفاع جنوني للاسعار يعزي وعلي حسب راي اقتصاديين ليس لسياسات التقشف المفروضة علي الاقتصاد السوداني ولكن لتفشي وانتشار الفساد الاداري وترهل الهيكل الحكومي بصورة مرضية الامر الذي كان لة ابلغ الاثر في غضب تحتي غير مبلور من الشعب ضد الحكومة السودانية في تلك الاثناء تقدم الحزب الشيوعي السوداني وحزب المؤتمر السوداني بمذكرة للسلطات تطالب فيها بتسير مسيرة سلمية لتسليم مذكرة تندد بزيادة الاسعار لحكومة ولاية الخرطوم تمت الموافقة علي الطلب وفق شروط وضعتها السلطات الولائية وفي ذهنها ان الحزب الشيوعي فاقد الاهليه والمد الجماهيري .
وفي اليوم المحدد تفأجاء النظام بالتعاطف الكبير من قوي سياسية اخري وناشطين وتحولت المسيرة الي تظاهرة حقيقية وتتابعت بعد ذلك دعاوي التنظيمات السياسية للخروج في امدرمان وشمبات والجريف شرق داخل العاصمة اعتقلت الشرطة السودانية وجهاز وعلي حسب البلاغات الجنائية المفتوحة اكثر من 1500 ناشط او كادر تنظيمي منذ بداء الاحتجاجات الي الان افرجت عن جزء منهم ومازال البقية داخل سجون او معتقلات النظام ، كما كان للاعتقالات التحفظية دور كبير في تحجيم وعرقلة الاحداث لعدد مقدر من قيادات التنظيمات المناهضة للنظام ، ودخل لاول مرة في تاريخ تصفية الحسابات السياسية اعتقال الرهينة بان تم اعتقال ابناء احد القيادات كرهائن الي ان يتم اعتقال القيادي وهذا مؤشر علي ان النظام اخذ منحي جديد في مسألة تصفية الحسابات السياية مع الخصوم تشمل كامل الاهل .
ولكن يكون السؤال وبعد كل تلك التراجيديا التي خلقها النظام في مقابلة المناهضين هل نجحت حكومتة في استيعاب وكبح جماح قوي المد الثوري وضبط الحراك الجماهيري المتصاعد تجاة الانفلات في وجهه النظام .
الي الان لانستطيع الاجابة علي ذلك السؤال باختصار ان الضائقة المالية الرهيبة التي تمر علي حكومة السودان تنذر بان النظام يعيش اكثر ايامة تعقيدا وليس لة حلول اقتصادية واضحة لمواجهه تدهور العملة واقتصاد السودان غير الضغطة الامنية التي تزيد الامر تعقيداً.
وفي مقارنة بسيطة لاحتجاجات بداية العام الحالي مع احتجاجات مماثلة في سبتمبر 2013 نجد ان نهج النظام تغير في الية القمع ولو الي حين ونوعية المنفذين للقمع ايضا خلاف المنفذين في العام 2013 لعل ذلك يرجع الي التغيرات العالمية التي طراءت اتجاة السودان فمازال سيف ملف العقوبات المطروحة من قبل مجلس الامن مرفوعا علي رقبة النظام ومن ناحية اخري فان منفذين اغتيالات هبة سبتمبر المجيدة قوات الجنجويد وقيادتها ممثلة في شخص حميدتي الان هم من ضمن المعادلة السياسية وليست تنفيذية كما كان سابقا فهنالك خوف حقيقي من ان يفلت زمام السيطرة علي قيادة تلك المليشيا بسبب طموح حميدتي والذي طالب في وقت سابق بعد اخمادة لثورة سبتمبر بوزارة الدفاع ، والان تنامي الي سمع القيادة داخل قصر غردون انباء عن ذلك الحراك الذي لم تتضح تفاصيلة في تغيير انقلابي لعل ُ قيادة الجنجويد يعول عليها كثيرا فية بالتعاون مع مدير المخابرات السابق الحالي قوش ، وبالتالي لم يكن امام البشير ورهطة الا خلق عدو وهمي متمثل في شكل حشود عسكرية مصرية علي حدود السودان الشرقية لشن هجوم مشترك مع الجارية الارتيرية هكذا كان السيناريو ضعيف الاخراج ووهمي التنفيذ بان تم افراغ العاصمة من اغلب قوات الجنجويد اتجاة الشرق وان يتم تسويق السيناريو لضرب الخصوم المعارضين .
اذن تضافرت عدة عوامل داخلية وخارجية عملت دون استخدام النظام للالية القمعية والرصاص كما حدث في سبتمبر وايضاً يتثني لنا ان نوضح حقيقة مفصلية حول الطبيعية التشريحية لهبة سبتمبر والتظاهرات الجارية الان وتكون في نوعية الكادر المشارك ففي الاولي التي اشرنا اليها سابقا باسم هبة سبتمبر كانت الخروج تلقائي من الشعب وسجلت قيادة التنظيمات السياسية غياب تام حتي في شجب السياسات الاقتصادية ورفع الدعم وفي الوعي السياسي للدكتاريويات فان تلاحم الشعب حول قضية معينة اكثر خطورة من احتجاجات التنظيمات السياسية التي تقيس كل خطوة تخطوها ومدي الخطورة عليها وايضا هنالك نقطة مساومة يمكن ان تصل اليها التنظيمات والاحزاب المعارضة مع الديكتاتور عكس الحراك الشعبي المتصاعد والذي يمكن ان يصل الي غضب يصعب السيطرة عليه .
لذلك اعتمد النظام في سبتمبر علي عنصر المفاجاءة والصدمة فكان ان كسر شوكة المد الثوري حتي لايتصاعد الي تعاطف اكبر من الجماهير كسر الشوكة بالخوف واوكل مهمة التنفيذ الي من لاينتمون الي تراب الوطن الي مرتزقة تقتل من اجل المال وبذلك تم القضاء علي علي الثورة بالدماء في صمت رهيب من قيادات التنظيمات السياسية التي تضع يدها مرة اخري علي يد النظام .
وما يشاهده السودان اليوم يمكن ان نقول انه يمثل احتجاجات قوي المعارضة الحزبية والناشطين دون اي مد تعاطفي نوعي من الشعب ، وهذا بدوره يعيدنا الي موقف السودان الحالي من تحالفاتة الاقليمية والدولية ويضع كثير من علامات الاستفاهم حول جدية المجتمع الدولي والاقليمي حول حقيقة نيته لتغيير النظام في الخرطوم والزيارة الاخيرة لرئيس مجلس الوزراء ورئيس شؤون الرئاسة بدولة الامارات العربية المتحدة منصور بن زايد ال نهيان تلك الزيارة التي كانت بتكتم تام وسرية لمناقشة عدد من القضايا والتي استمرت حوالي الخمس ساعات والمتسرب منها انها تضمنت عدد من الملفات اهمها عاصفة الحزم ومشاركة جنود المشاه وتطرق الاجتماع وفي عجاله الي الازمة الاقتصاديه في السودان ووعود غير ملزمة مع ضرورة اتخاذ الخرطوم بعض التعديلات في الخارجية وجهاز الامن والمخابرات وايضا تهدئة الاوضاع السياسية الي ابعد مدي لمنع الحرج عن دول مجلس التعاون الخليجي امام مجلس الامن في الشان السوداني .
من الواضح ان المصالح العالمية الان لها مؤطي قدم داخل ارض كوش وسجد النظام مكبراً بالخليج ومسبحا بحمد الولايات المتحدة الامريكية امام تلك الضغوط والمصالح الخارجية في ارض السودان والتي لاتري الي الوقت الحالي ان نظام الخرطوم يشكل لها توتر كما كان في السابق برعايتة للارهاب السني بل يمكن السيطرة علي راس النظام حتي ولو حاول الخروج عن بيت الطاعة الخليجي الامريكي كما حدث عند زيارة الرئيس السوداني الي روسيا او عند استقبال اوردغان او حتي عندما حاول خلق ازمة مفتعلة مع مصر كل تلك الامور لم تجعل النظام يسحب قواتة من حرب اليمن التي يمثل الجندي السوداني فيها مرتزقة تحارب من اجل المال وايضا لم يقوم النظام بنقل تحالفة الي المعسكر الاخر كما كان متوقع مع بدايات الازمة المالية ومن الواضح ان النظام ليس لدية اي حلول يستطيع ان ينفذها لانقاذ الاقتصاد من التهاوي خلاف الحلول الامنية في تثبيط المناهضين له .
والي الان نري ان الاحتجاجات علي نظام الخرطوم مازالت محدودة النطاق ذات طابع محدود لم تشارك فية بقية قطاعات المجتمع السوداني بصورة فاعلة في عملية الحراك الديناميكي للعمل الثوري السلمي من اجل التغيير وبرغم ارتفاع تكاليف المعيشة واتساع الفوارق الطبيقية الاقتصادية والاجتماعية وانتشار الفساد الذي اصبح يمشي علي جراح المستضعفين من المواطنين لم تكن هنالك اي ردة فعل منطقية من اغلب الشعب السوداني في التلاحم مع دعاوي الخروج لمواجهه النظام ولعل ذلك يرجع الي فقد ثقة الجماهير في الدعاوي او مطلقيها . وظل الشعب يمارس الحذر ويراقب المظاهرات والمسيرات بترقب وخشية من مسافة بعيدة وتتقاطع العوامل لدي الجماهير السودانية من خوف الي احباط الي سخط حتي من الناشطين وكودار التنظيمات .
لم تستطيع الاحتجاجات التي قامت منذ بداية العام الحالي ان تتطور في كيفية البناء الجماهيري ومسالة الدعم البشري بل كانت حكراً علي نوعية معينة وكادر نوعي محدد مما سهل الامر كثيراً علي النظام في القمع الممنهج فكانت ان سجن عدد كبير منهم في المعتقلات واُنًهاك اكثرهم ما بين الهروب من الامن والشرطة وطاقة الهتاف ووصل الامر الان الي الفصل من العمل للغياب و الاستاعاء المتكرر لمباني الجهاز .
يرجع عدم تجاوب شرئحة كبيرة من السودانيين الي الخروج مناهضين الي نوعية الالية الكلاسيكية التي انتهجتها التنظيمات السياسية والناشطيين في الدعوة الي الخروج ان التركيز علي شكل واحد لمناهضة النظام وبتلك الصورة المكشوفة يضع علامة استفاهم كبيرة في العمل المعارض وهذا يفسر هذا العدد الكبير من المعتقلين في اربعة دعاوي للخروج والذي سبقة اعتقالات تحفظية لقيادة التنظيمات في المنطقة التي يتم تحديدها في مواقع التواصل الاجتماعي ، من الواضح ان هنالك تاثير كبير بتجارب الربيع العربي وبالاخص جمهورية مصر العربية التي تختلف اختلافا كبيراً في نسبة الوعي الالكتروني وعدد الذين يتعاملوا مع وسائل التواصل الاجتماعي وايضا في طبيعة البنية التحتية لدولة مثل مصر وتونس مقارنة مع السودان في شكل ميدان التحرير الذي لا يوجد مثله من الناحية الجغرافيه والمداخل في السودان ولا بد ان نضع في الحسبان ان طبيعة ثوار الربيع العربي تختلف عن الشخصية النمطية للموطن السوداني وبالتالي فان مثل هذه الدعاوي في منطقة محددة للتجمع والهتاف تريح النظام كثيراً من الشلهتة وحرب الشوارع داخل الحي والمخاطرة بالاعتقالات داخل البيوت وقت التظاهر او الاحتجاج .
نقول والرأي لنا وقد يرأي غيرنا خلاف ذلك ان عدم التخطيط السليم اصبح سمه من سمات العمل المناهض للمعارضة السودانية فمن الواضح ان التنظيمات السياسية الان تتنافس في مناطق النفوذ بالمسيرات الاحتجاجية من امدرامان الي شمبات الي شرق النيل ما عمق مفهوم الازمة حتي للتنظيمات في خلق نمط جديد لمناهضة النظام .
ومن المثير للاهتمام نجد ان الحكومة نفسها تعمل علي تغذية الغضب الجماهيري وتقدم الكروت الرابحة للتنظيمات الحزبية لتلعب بها ولكن لا حياه لمن تنادي وعن ميزانية 2018 نحكي وما صرح به المسؤول بان الميزانية التي طرحت علي البرلمان لم تتضمن تفاصيل معدن الذهب ورائحة الفساد بخور طاغي .
نقول ان مناهضة النظام لاتقتصر فقط علي دعوي الخروج الي جغرافيا محدده سابقة ومن ثم الهتاف بزوال النظام بل هنالك انماط وانواع وخطط مرسومة تشمل كل فئات المجتمع سوف نتطرق الي ذلك في مقال منفصل يشرح تعريف وانواع المظاهرات وكيفية وضع الخطط ودراسة العدو والتنبوء بالحدث .
وندلل علي تخبط المعارضة ماحدث في تابين الراحل محمود عبدالعزيز والصدمة حقيقية لاغلب الناشطين فقد كانت هنالك فرصة للتعبير عن رفض لسياسات النظام الاقتصادية ولكن الذي كان من قبل المؤتمر الوطني ان سبق القوي المناهضة له من خلال قرءاة استباقية للاحداث فكان ان احبط المخطط مع سبق الاصرار والترصد وتحولت الليلة من سانحة للمعارضة للتعبير الي دعم غير مباشر للنظام .
علينا ان نفيق ونعلم ان استقراء الواقع والتحليل السليم للعدو المتمثل في نظام الخرطوم هو الضمان الاكيد لاستمرارية وسيلة المظاهرات للوصول الي غاية ازاحة النظام وبناء السودان الديمقراطي اذن تعدد وسائل الاحتجاج وخلق جسر الثقة مابين لناشطين والاحزاب مع شرائح المجتمع السوداني بمختلف كياناتها هو الان نقطة انطلاق الثورة.

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..