مقالات وآراء

الوالي العاصي !

مناظير – زهير السراج
* الإقالة هي أقل عقوبة يستحقها والى الخرطوم المعزول (احمد عبدون)، وفى الكثير من الدول لو ارتكب هذا الوالي ما ارتكبه من جرم بإشهار العصيان للسلطة الاتحادية وكتابة خطاب استفزازي للوزير المسؤول يرفض فيه تنفيذ قرارات الدولة في ظروف عصيبة مثل التي يعانيها العالم الآن، لكان الآن قابعا بالسجن في انتظار المحاكمة بتهمة عصيان الأوامر، وبما أنه لا يزال في الخدمة العسكرية فإن أقل عقوبة ستقع عليه هي التجريد من الرتبة العسكرية والسجن 10 سنوات، ولو كنا في بلد تطبق عقوبة الأشغال الشاقة (مثل مصر) لسُجن 10 سنوات مع الأشغال الشاقة، أما لو كنا في العصر الأموي أو العباسي لضُرب عنقه .. ولا ادعو لتطبيق هذه العقوبات الوحشية في السودان ولكنني فقط أريد توضيح مدى فداحة الجرم الذى ارتكبه هذا الرجل غير المسؤول !
* العالم يواجه وباءا قاتلا وخطر داهما لا يعرف له أحد (اول) ولا (آخر)، ولا يوجد له علاج أو لقاح حتى هذه اللحظة، ولا يعرف أحد متى سيحدث ذلك بالضبط، وتشير أكثر التقارير تفاؤلا ان اللقاح لن يتوفر قبل مرور 18 شهرا على الأقل من الآن، حيث يتوجب أن يمر بمراحل عديدة تستغرق وقتا طويلا لاختبار سلامته وفعاليته في حيوانات التجارب أولا ثم في الإنسان قبل الإجازة بواسطة السلطات المختصة والسماح باستخدامه وتسويقه !
* في بعض الأحيان يأخذ إنتاج الادوية واللقاحات أكثر من 5 أو 10 أعوام، والأمثلة كثيرة لا اريد أن أزحم بها العمود .. كما أن الكثير من الأدوية واللقاحات سحبت من الأسواق بعد اجتيازها للاختبارات والتجارب والإجازة الرسمية بدون مشاكل، ولكن لم تتبين مخاطرها الا بعد وقت طويل من استخدامها بشكل مكثف!
* المثال الأبرز لذلك عقار (الثاليدومايد) الذى صُنع للمرة الأولى في ألمانيا الاتحادية عام 1954 واستخدم في بادئ الأمر لعلاج الأعراض المرتبطة بنزلة البرد كالصداع والرشح ..إلخ ولم تعرف له أي آثار جانبية خطيرة خلال فترة الاختبارات أو السنوات الأولى من الاستخدام حتى أنه كان يباع بدون روشتة طبية، ثم اسُتخدم لاحقا كمهدئ لأعراض الوحم (الغثيان) لدى الحوامل واعتبره الكثيرون الحل السحري لهذه الاعراض فاستخدم بشكل واسع تحت 40 اسم تجارى في دول عديدة كبديل لأدوية أخرى لها أعراض جانبية كثيرة، الأمر الذى ترتب عنه حدوث كارثة عالمية كبيرة بولادة مئات الآلاف من الأطفال المتخلفين عقليا، ومَن أسعدهن الحظ فقدن اطفالهن قبل الولادة، وكانت فضيحة بجلاجل هزت العالم باسره ترتب عنها سحب الدواء من الاسواق وتسديد الشركة المنتجة لمليارات الدولارات كتعويض للأسر المتأثرة، التي لا يزال بعضها يعانى حتى الآن بسبب معاناة أبنائها الذين ولدوا مشوهين عقليا وظلوا على قيد الحياة، وفيما بعد اكتشفت استخدامات أخرى للدواء لعلاج الجزام وبعض الاورام الخبيثة!
* بما أن الكثير من المعلومات عن الفيروس الجديد لا تزال خافية، والى متى سيستمر انتشاره، فإن الطريقة الوحيدة لتفادى العدوى وانتشار الفيروس بشكل واسع وتقليل الإصابات والوفيات والخسائر الأخرى هي العزل الاجتماعي وتفادى الزحام ومنع التجمعات بكافة أشكالها الأمر الذى قاد الى اغلاق معظم الأعمال والأنشطة في غالبية دول العالم، واضطر الكثير منها لفرض حظر التجوال الجزئي أو الكامل، وكان لا بد للسودان اتخاذ إجراءات مماثلة خاصة مع وجود توقعات بارتفاع عدد الاصابات بشكل كبير بالإضافة الى هشاشة النظام الطبي مما حدا بالدولة فرض حظر التجوال ومنع التجمعات واغلاق دور العبادة، وهو إجراء لم تتورع عن اللجوء إليه الدول التي تحتضن الأماكن الدينية المقدسة مثل المملكة العربية السعودية التي منعت الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي وبقية مساجد المملكة !
* غير أن والى الخرطوم الذى يريد ان أن يتمظهر بأنه أكثر حرصا على الدين من الدين نفسه الذى امر بحماية النفس، رفض التقيد بقرارات الحكومة وأعلن تمرده على الملأ فاستحق الإقالة، ولو كنت المسؤول لألقيت به في السجن في انتظار العقوبة التي يستحقها، وحتى يكون عبرةً وعظةً لغيره!
الجريدة

‫8 تعليقات

  1. لو كان السيد الوالى المقال حصيفا لاخذ العيرة من ان اول وثانى وثالث قبلات المسلمين حظرت فيها الصلوات الجماعية ولاخذ المبادرة قبل ان تصدر بها توجيهات من السلطة التنفيذية الانتقالية التى يخضع لها شاء ام ابى . . اعتقد ان السيد الوالى السابق ( والذى تم تكليفه بالمنصب قبل تشكيل الحكومة الانتقالية ) اعتقد انه معين من راس الدولة وقد يعمق من شعوره هذا البزة العسكرية التى يلبسها ناسيا انه استدعى للمنصب من المعاش حيث تمت اعادته للخدمة . السلطة التنفيذية بيد رئيس الوزراء والولاة تحت امرته . الخطأ الاساسى هو ان ياتى شخص عسكرى فى الخدمة ليؤدى وظيفة مدنية فما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه …والله اعلم

  2. أنت الان في كندا جسب مقال سابق لك و بالقرب منك جغرافيا رفض والي نيويورك تصريحات الرئيس ترامب بأن له السلطة فيما بتحديد وقت ايقاف حالة الاغلاق و الرجوع الى الحالة الطبيعية في الولايات و لم يقل احد بأنه يجب سجنه او مساءلته.
    في الدولة العباسية او الاموية لم يكن هناك وزراء بالمصطلح المعروف الان و كان الوالي يمثل الخليفة تمثيلا تاما في ولايته.

    1. يا حيدر يجب ان تقرأ المقال مرة اخرى لانه الظاهر عليك ما عرفت الفرق بين ما كتبه الاستاذ زهير وبين ما قاله حاكم نيويورك..حاكم نيويورك ذكر بانه لن يطيع قرار طرمبة لانه يعرض حياة المواطنين للخطر ..وده نفس قرار الوالي المقال فهمت ولا نقول تاني!!!

  3. يا استاذ زهير قديما قيل التركي ولا المتروك،، السعودية حيث بيت الله الحرام اوقفت الصلاوات الجماعية في الحرم المكي والازهر منع الصلوات الجماعية، يبدو ان والي الخرطوم المقال مركب مكنة المخلوع المشير

  4. بالفعل لم يكن مناسبا لاشغال هذا المنصب ولم يقدم أي شيء أو يقوم بأي مبادرة لتحسين الأوضاع فى العاصمة، وختمها لمعارضته إجراءات السلامة بغباء مذهل ظننا منه أنه يعلو على نظم السلامة و حماية المواطنين التى اقرتها السلطات و خبراء الصحة و السلامة، نحن لا نزال نعاني من بقايا الكيزان.

  5. مقالك غير موفق يا زهير، السيد الوالي أغير منك على دين الله ، أولاً الحالات التي في السودان كله ثلاثون حالة فقط وهذا لا يستدعي حظر شامل ومنعاً للصلاة في بيوت الله فمن الأفضل أن نموت في بيوت الله ونحن ساجدين لله ليرفع عنا البلاء من أن نموت في غيرها. أنت تعلم أن هذا القرار سياسي بحت لأن قحت فشلت في حل أزمات البلاد مثل صفوف الجاز والغاز وصفوف العيش

    1. اتمنى انك تكون متابع التعليقات عشان تجي تقول لي حاليا الاصابات كم والمتوقع شنو
      تبا” لكم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..