مقالات وآراء

قال لا في وجه من قالوا “نعم”….!

(١)
لست في مقام المتحدث الذي يعرف المناضل الجسور معرفة لصيقة ، فسنوات نضاله هو السنوات ” البيولوجية” لكاتب السطور و بمعنى أخر معرفتي له كمعرفة أي شاب يقتدي بمن يرى فيه القدوة الحسنة و القائد الحكيم و الثوري الحقيقي المشبع بالرضى أو كما قال في قصيدته الموسومة بالأم ؛
النشوة التي أحسن إلى أن أعيشها
و لعمؤي كله
أن ألاقي أمي
ألبي ندائها
و أبت في رغباتها القوة
أحرار
أنا و أنت
لأستطيع بعدها أن أستلقي بسلام
مشبعاً بالرضى

(٢)
” الأحياء هم الأموات و الأموات هم الأحياء ” ما بين القوسين كلام جدلي و إثباته حسب إيمان الشخص ، و لو حاولنا الشرح فإن هنالك بعض الأحياء يتمنون أن يكونوا هم في أعداد الموتى ليحيا من ماتوا و بمفهوم المخالفة هنالك موتى أحياء و لكن بفكرهم و أفعالهم في الحياة.

(٣)
المبدئية ، الشجاعة ، النزاهة ، الإستقامة و الزهد عند المغانم صفات نادرة قلما نجده في كل القادة بإستثناء من يقولون ما يفعلون و يفكرون كما يريدون ، والنضال عندهم ليست “نزهة ” و ( خراب بيوت ناس ) ..! و المثقف العضوي الذي يحمل شُعلة الإستنارة لا يعرف الخيانة و الغدر .. و لا نريد أن نحشد كلمات لا تليق بمن نتحدث عنه ، لانه في درجة واحدة مع من يعمل من أجل الإنسانية جمعاء ، لذلك سنكلف القارئ الفطن أن يعمم كل ما هو نقيض للعدالة الإجتماعية و النزاهة والشجاعة و الإستقامة و نكران الذات و إصلاح بيوت الناس و ليس ” خرابها ” أن يعمم القارئ كل ذلك لمن يرأه إنه يقوم بنقيض ما يقوم به الراحل الجسور .

(٤)
الجسور الذي هزم موته الأحياء الباقون ” ولكن ليس للأبد ” أرتحل و هو يردد لا في وجه من قالوا ” نعم “….! و في قاموسه لا يعرف سياسة العصا المرفوعة و أخرى مدفونة ، و لا يمسكها أي العصا من النص ، صريح لحد السخرية ، يمتاز بالذكاء الإجتماعي و نستشف ذلك في أرائه الساخرة عن خصومه و أصدقائه و ( أعدقائه )..! يكفيه أنه أعترف و بكل شجاعة في رسالة معنونة للشعب و قال علينا أن لا نبكي ، فقد حدث ما حدث لنا لأننا رفضنا أن نكون عقلاء ، لذلك علينا أن نكون عقلاء و يقظين..!

(٥)
و لسان حال الراحل الجسور يردد أبيات أمل دنقل .

كلمات إسبارتكوس الأخيرة للشاعر أمل دنقل

ﺍﻟﻤﺠﺪ ﻟﻠﺸﻴﻄﺎﻥ ﻣﻌﺒﻮﺩ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ
ﻣَﻦ ﻗﺎﻝ ” ﻻ ” ﻓﻲ ﻭَﺟْﻪ ﻣَﻦ ﻗﺎﻝ ” ﻧﻌﻢْ ”
ﻣَﻦ ﻋﻠَّﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥَ ﺗﻤﺰﻳﻖَ ﺍﻟﻌﺪﻡْ
ﻭﻗﺎﻝ ” ﻻ ” ﻓﻠﻢ ﻳﻤﺖْ ﻭﻇﻞَّ ﺭﻭﺣًﺎ ﺃﺑﺪﻳﺔَ ﺍﻷﻟﻢْ
***
ﻣُﻌَﻠَّﻖٌ ﺃﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﻧﻖِ ﺍﻟﺼَّﺒﺎﺡْ
ﻭﺟﺒﻬﺘﻲ – ﺑﺎﻟﻤﻮﺕِ – ﻣَﺤﻨﻴَّﻪْ
ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃَﺣْﻨِﻬﺎ … ﺣَﻴَّﻪْ !
***
ﻳﺎ ﺇﺧﻮﺗﻲ ﺍﻟﺬﻳﻦَ ﻳﻌﺒُﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻥ ﻣُﻄﺮِﻗﻴﻦْ
ﻣُﻨﺤﺪﺭﻳﻦ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔِ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀْ
ﻓﻲ ﺷﺎﺭِﻉ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭِ ﺍﻷﻛﺒﺮْ
ﻻ ﺗﺨﺠﻠﻮﺍ … ﻭﻟﺘﺮْﻓﻌﻮﺍ ﻋﻴﻮﻧَﻜﻢ ﺇﻟﻲّْ
ﻷﻧﻜﻢ ﻣُﻌﻠَّﻘﻮﻥَ ﺑﺠﺎﻧﺒﻲ … ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﻧِﻖ ﺍﻟﻘﻴﺼَﺮْ
ﻓﻠﺘﺮﻓﻌﻮﺍ ﻋﻴﻮﻧَﻜﻢ ﺇﻟﻲّْ
ﻟﺮﺑﻤﺎ … ﺇﺫﺍ ﺍﻟﺘﻘﺖْ ﻋﻴﻮﻧُﻜﻢ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕِ ﻓﻲ ﻋَﻴﻨَﻲّْ
ﻳﺒﺘﺴﻢُ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀُ ﺩﺍﺧﻠﻲ … ﻷﻧﻜﻢْ ﺭﻓﻌﺘُﻢ ﺭﺃﺳَﻜﻢْ … ﻣﺮَّﻩْ
ﺳﻴﺰﻳﻒُ ﻟﻢ ﺗﻌﺪْ ﻋﻠﻰ ﺃَﻛﺘﺎﻓِﻪِ ﺍﻟﺼَّﺨﺮﻩْ
ﻳﺤﻤﻠُﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳُﻮﻟﺪﻭﻥَ ﻓﻲ ﻣﺨﺎﺩِﻉ ﺍﻟﺮﻗﻴﻖْ
ﻭﺍﻟﺒﺤﺮُ – ﻛﺎﻟﺼَّﺤﺮﺍﺀِ – ﻻ ﻳﺮﻭﻱ ﺍﻟﻌﻄَﺶْ
ﻷﻥَّ ﻣَﻦ ﻳﻘﻮﻝُ ” ﻻ ” ﻻ ﻳﺮﺗﻮﻱ ﺇﻻَّ ﻣَﻦ ﺍﻟﺪُّﻣﻮﻉْ
… ﻓﻠﺘﺮﻓﻌﻮﺍ ﻋﻴﻮﻧَﻜﻢ ﻟﻠﺜﺎﺋﺮِ ﺍﻟﻤﺸﻨﻮﻕْ
ﻓﺴﻮﻑ ﺗﻨﺘﻬﻮﻥَ ﻣﺜﻠَﻪ … ﻏﺪًﺍ
ﻭﻗﺒِّﻠﻮﺍ ﺯﻭﺟﺎﺗِﻜﻢ – ﻫﻨﺎ – ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺭﻋﺔِ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖْ
ﻓﺴﻮﻑ ﺗﻨﺘﻬﻮﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ … ﻏﺪًﺍ
ﻓﺎﻻﻧﺤﻨﺎﺀُ ﻣُﺮٌّ
ﻭﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕُ ﻓﻮﻕ ﺃﻋﻨﺎﻕِ ﺍﻟﺮِّﺟﺎﻝِ ﻳﻨﺴﺞُ ﺍﻟﺮَّﺩﻯ
ﻓﻘﺒِّﻠﻮﺍ ﺯﻭﺟﺎﺗِﻜﻢ … ﺇﻧِّﻲ ﺗﺮﻛﺖُ ﺯﻭﺟﺘﻲ ﺑﻼ ﻭﺩﺍﻉْ
ﻭﺇﻥ ﺭﺃﻳﺘﻢ ﻃﻔﻠﻲَ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﻛﺘُﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﺭﺍﻋِﻬﺎ ﺑﻼ ﺫﺭﺍﻉْ
ﻓﻌﻠِّﻤﻮﻩُ ﺍﻻﻧﺤﻨﺎﺀْ
ﻋﻠِّﻤﻮﻩُ ﺍﻻﻧﺤﻨﺎﺀْ
… … …
ﺍﻟﻠﻪُ … ﻟﻢ ﻳﻐﻔﺮْ ﺧﻄﻴﺌﺔَ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥِ ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻝ ” ﻻ ”
ﻭﺍﻟﻮﺩﻋﺎﺀُ ﺍﻟﻄﻴﺒﻮﻥْ
ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳَﺮِﺛﻮﻥَ ﺍﻷﺭﺽَ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔِ ﺍﻟﻤﺪﻯ
ﻷﻧﻬﻢ … ﻻ ﻳُﺸﻨَﻘﻮﻥْ
ﻓﻌﻠِّﻤﻮﻩُ ﺍﻻﻧﺤﻨﺎﺀْ
… … …
ﻭﻟﻴﺲ ﺛَﻢَّ ﻣﻦ ﻣَﻔَﺮٍّ
ﻻ ﺗﺤﻠُﻤﻮﺍ ﺑﻌﺎﻟَﻢٍ ﺳﻌﻴﺪْ

ﻭﺧﻠْﻒَ ﻛﻞِّ ﺛﺎﺋﺮٍ ﻳﻤﻮﺕُ : ﺃﺣﺰﺍﻥٌ ﺑﻼ ﺟﺪﻭﻯ
ﻭﺩﻣﻌﺔٌ ﺳُﺪﻯ
***
ﻗﺪ ﺃﺧﻄﺄﺕُ … ﺇﻧﻲ ﺃﻋﺘﺮِﻑْ
ﺩﻋﻨﻲ – ﻋﻠﻰ ﻣِﺸﻨﻘﺘﻲ – ﺃﻟْﺜُﻢُ ﻳَﺪَﻙْ
ﻫﺎ ﺃﻧﺎ ﺫﺍ ﺃﻗﺒِّﻞ ﺍﻟﺤﺒﻞَ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﻋُﻨﻘﻲ ﻳﻠﺘﻒُّ
ﻓﻬﻮ ﻳﺪﺍﻙَ، ﻭﻫﻮ ﻣﺠﺪُﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠِﺒﺮُﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﺒُﺪَﻙْ
ﺩﻋﻨﻲ ﺃُﻛَﻔِّﺮْ ﻋﻦْ ﺧﻄﻴﺌﺘﻲ
ﺃﻣﻨﺤﻚَ – ﺑﻌﺪ ﻣﻴﺘﺘﻲ – ﺟُﻤْﺠُﻤَﺘﻲ
ﺗﺼﻮﻍُ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻚَ ﻛﺄﺳًﺎ ﻟﺸﺮﺍﺑِﻚ ﺍﻟﻘﻮﻱِّ
… ﻓﺈﻥ ﻓﻌﻠﺖَ ﻣﺎ ﺃﺭﻳﺪْ
ﺇﻥْ ﻳﺴﺄﻟﻮﻙَ ﻣﺮﺓً ﻋﻦ ﺩَﻣِﻲَ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪْ
ﻭﻫﻞ ﺗُﺮﻯ ﻣﻨﺤﺘَﻨﻲ ” ﺍﻟﻮﺟﻮﺩَ ” ﻛﻲ ﺗﺴﻠُﺒَﻨﻲ ” ﺍﻟﻮﺟﻮﺩْ ”
ﻓﻘﻞْ ﻟﻬﻢ : ﻗﺪ ﻣﺎﺕَ … ﻏﻴﺮَ ﺣﺎﻗﺪٍ ﻋﻠﻲَّ
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺄﺱُ – ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖْ ﻋﻈﺎﻣُﻬﺎ ﺟﻤﺠﻤﺘَﻪ –
ﻭﺛﻴﻘﺔُ ﺍﻟﻐُﻔﺮﺍﻥِ ﻟﻲ
ﻳﺎ ﻗﺎﺗﻠﻲ : ﺇﻧﻲ ﺻﻔﺤﺖُ ﻋﻨﻚْ
ﻓﻲ ﺍﻟﻠَّﺤﻈﺔِ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﺮﺣﺖَ ﺑﻌﺪَﻫﺎ ﻣﻨِّﻲ
ﺍﺳﺘﺮﺣﺖُ ﻣﻨﻚْ
ﻟﻜﻨﻨﻲ … ﺃﻭﺻﻴﻚَ – ﺇﻥْ ﺗﺸﺄْ ﺷﻨﻖَ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ –
ﺃﻥ ﺗﺮﺣﻢَ ﺍﻟﺸﺠﺮْ

لوار نيوك المحامي

كاتب صحفي جنوب سوداني

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..