مقالات ثقافية

وقفات مع المديح النبوي في رحاب المولد النبوي الشريف

 يوسف عيسى عبدالكريم 
أورد زكي مبارك في تعريفه للمديح النبوي بأنه ( فن من فنون الشعر التي أذاعها التصوف ، فهي لون من التعبير عن العواطف الدينية ، وباب من الأدب الرفيع ؛ لأنها لا تصدر إلا عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص) المدائح النبوية في الأدب العربي ، تأليف زكي مبارك ، منشورات المكتبة العصرية ، صيدا بيروت ، الطبعة الأولى 1935، ص17. ويعتبر النبي صلى الله عليه وسلم محور هذا النوع من الفن حيث مثلت شخصيته وسيرته العطرة مصدر الهام للمادحين منذ فجر الإسلام وعلى امتداد التاريخ الإسلامي وصولا الى عصرنا الحديث . واهتم المادحون في مدحهم للنبي صلى الله عليه وسلم بالوقوف على صفاته الخلقية واوصافه الجسدية وتعداد صفاته ومحاسنه واخلاقه كما ذكروا غزواته وانتصاراته وحاله مع أصحابه واهل بيته واشتمل المدح على كرماته ومعجزاته وبشريات ميلاده ومرثيات وفاته ومناقب زوجاته و أصحابه وال بيته الطاهرين . وقد اعتمد المديح على مجمل السيرة النبوية دون تقيد بمضبوطات الاخبار ولا محددات الحديث والفقه لذا نجد الاحداث المتواترة يوردها المادح بصورة جزلة فتأتي في وصف بديع يترك اثرا في النفس ، كما تنافس المادحون في اظهار الشوق الى زيارة المسجد النبوي والروضة الشريفة وقبر النبي ومقابر الصحابة بالبقيع مع اتخاذ القبة الخضراء والحمام بالمدينة المنورة كرمزية فيها إشارات للبقاع النبوية الطاهرة . وقد اشتهر عدة مادحون في التاريخ الإسلامي منهم من التقى النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ومدحه ونال منه على جائزة ومنهم منهم من جاء بعده ونذكر منهم
حسان بن ثابت – عبد الله بن رواحة – كعب بن مالك – كعب بن زهير – الفرزدق – الأمام البوصيري .
يعتبر المديح النبوي من مرتكزات الثقافة الإسلامية لا سيما وان الدين الإسلامي في السودان ذو طابع صوفي شعبي مرتبط بالهوية السودانية وتعتبر الطرق الصوفية احد اهم المواعين التي أسهمت في تطوير وتجديد المديح النبوي في الثقافة السودانية ويعتبر هذا النوع من الادب قديما بقدم الإسلام في هذه البلاد و يعد اشهر شعراء المديح النبوي في السودان حاج الماحي – محمد حياتي – أحمد أبو شريعة – أحمد ود سعد – محمد حسن ود حاجة – عبدالرحيم البرعي .
وللحقيقة يلاحظ ان المديح النبوي في السودان قد استمد صوره واساليبه من الموروث الشعبي للذاكرة السودانية من حكايات واحاجي وقصص عن الكرامات والمعجزات والنوادر والطرائف المذكورة من عدة طرق.
والغريب في بحثي للتحضير لهذا المقال لاحظت ملاحظة هامة جدا ارجو ان يلتفت اليها الباحثون والمهتمون بهذا النوع من الادب . وهي انني لم اقف في اطلاعي على قصيدة مديح واحدة كتبها شاعر ينتمي للجماعات السلفية في السودان او حتى مقال او بحث يقع في هذا الاطار ولعمري ان هذا الامر جدير بالدراسة لان هذه الجماعات وبالرغم من انكارها على مخالفيهم بعدم اتباع السنة والتفريط في أمور الدين وبرغم محاولاتهم لطرح انفسهم كنسخة وحيدة واصيلة للإسلام الا انني اكاد اجزم ان قلوبهم ليس فيها من المحبة او العشق المعروف عند سادتنا الصوفية للنبي من الشي الكثير والدليل هو عدم اهتمامهم واعراضهم عن هذا الميدان الادبي المشهور والمتواتر منذ ميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم .صلى عليك الله يا علم الهدى ما هبت النسائم وما ناحت على الأيك الحمام .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..