أخبار السودان

اتخذت أعماله موقعها في المتاحف العالمية، إلى جوار أعمال بيكاسو ..إبراهيم الصلحي.. الزرماطي العظيم!!

(1)

عرّف الفن التشكيلي عمومًا بأنّه كل ما يُؤخذ من الواقع الطبيعي ويعيد الفنان صياغته بطريقة مختلفة أي أنه يُعاد تشكيله بشكل جديد ومُختلف عما كان عليه في الطبيعة، ويُطلق عليه أيضًا تكوين الفنان، لأن دور الفنان التشكيلي إعادة صياغة هذه العناصر إلى أشكال جديدة بناءً على مفرداته وأفكاره وبيئته ووفقًا لنهجه الخاص .. ولعل الفنان السوداني العامي (إبراهيم الصلحي) هو نموذجٌ باذخٌ لذلك التعريف وهو يمثل بريشته الأنيقة ملمحاً سودانياً محضاً يعبر عن كل السودان من خلال ريشته وأنامله ذات الفضاء الخاص.

(2)

وُلد بمدينة حي العباسية أم درمان في ٥ سبتمبر ١٩٣٠، وتلقى تعليمه العام فيها، ثم درس الرسم والتلوين في مدرسة التصميم بكلية غردون التذكارية التي أسّسها المستعمر الإنجليزي في العاصمة السودانية الخرطوم، كما درس في معهد الخرطوم الفني. وتم ابتعاثه لبريطانيا وواصل دراسته مدة ثلاث سنوات (1954 حتى 1957) في مدرسة سليد للفنون بكلية لندن الجامعية. وبعدها درس التصوير الفوتوغرافي في جامعة كولومبيا في نيويورك (1964 – 1965).

(3)

بدأ حياته المهنية مُدرِّساً بالمرحلة الثانوية، وبعد عودته من الدراسة في بريطانيا، درّس في كلية الفنون الجميلة بالخرطوم، ثُمّ ابتعث للعمل في الملحقية الثقافية بالسفارة السودانية في لندن. وفي عام 1969 تم انتدابه لشغل وظيفة مدير مصلحة الثقافة بوزارة الإعلام السودانية بالإضافة إلى إدارة المجلس القومي لرعاية الآداب والفنون، وبعدها تم تعيينه وكيلاً لوزارة الإعلام.

(4)

غادر السودان بعد خروجه من السجن في 1976، واستقر في قطر، وعمل خبيراً استشارياً بوزارة الإعلام القطرية منذ عام 1977 إلى 1982، وفي 1984 اختارته منظمة اليونسكو للقيام بإعادة تنظيم وزارة الإعلام بالصومال، بعدها عاد إلى عمله بوزارة الإعلام القطرية، ثم بالديوان الأميري حتى عام 1998. وفي عام 1998 تفرّغ للعمل التشكيلي واستقر بمدينة أكسفورد بالمملكة المتحدة، ثم عاد إلى السودان عام 2015.

(5)

عرض أعماله التشكيلية في عدة معارض من بينها متحف الفن الحديث ومتحف الميتروبوليتان وغاليري الشيز مانهاتن في نيويورك، ومتحف الفن الأفريقي بواشنطن، ومتحف جوجنهايم أبوظبي، ومكتبة الكونغرس، والناشيونال غاليري بسيدني، وغاليري لامبير بباريس، والناشيونال غاليري في برلين، ومصلحة الثقافة بالخرطوم، وفاز بجائرة الأمير كلاوس الهولندية المرموقة عام 2001.

(6)

كما قدم برامج تلفزيونية في السبعينات، منها برنامج “بيت الجاك”، وأيضاً خاض تجربة في التمثيل، حيث جسّد شخصية “الحنين” في فيلم “عرس الزين” للمخرج الكويتي خالد الصديق، والمأخوذ عن رواية بذات الاسم للروائي السوداني المعروف الطيب صالح. كما صدر في عام 2005 كتاب “بيت الجاك” الذي ضم حواراً طويلاً أجراه المؤلف فتحي محمد عثمان مع الصلحي. كما قامت جامعة كورنيل في نيويورك بتبني مشروع توثيق شامل وكامل لكافة أعمال الصلحي منذ الخمسينات، والذي تضمن إصدار كتابين عن تجربته التشكيلية، بالإضافة إلى كتاب آخر يحتوي على حوار وسجال بينه وبين حسن موسى والذي امتدّ لما يُقارب الـ13 عاماً تقريباً .

(7)

ويقول الصلحي في أحد حواراته: “بلادنا تتميز بوجود الشمس الساطعة، والمعروف أن الضوء القوي الساطع كشمسنا يُسطِح الأشكال، ولا يعطيك الشكل الحقيقي، حيث ترى فقط الألوان القاتمة، إضافةً إلى تقديري الخاص، في أنّ كثافة الألوان أو قوس قزحية الألوان، لا تعطيك المعنى والعمق الحقيقي للأشياء، وهذه الأسباب مُجتمعة دفعتني لاختزال الألوان واكتشاف درجات لونية جديدة”. فالصلحي هو الطفل الذي التجأ إلى التشكيل في صباه الباكر حينما تأمل “اللوح” و”الشرافة”، في خلاوي تحفيظ القرآن الكريم، واتخذت أعماله – في نهاية الأمر – موقعها في المتاحف العالمية، إلى جوار أعمال بيكاسو ورفاقه من أساطين التشكيل.

(8)

ويقول الصلحي عن مسيرته الطويلة (اعتقد أن الذي حققته انني ارتحت نفسياً ووفقاً لتهيئتي الطبيعية من ناحية الرسم والفنون والأشكال.. الخ، وكوني انتميت إلى هذه الفئة من الناس الذين يَعملون بالفنون هذه راحة نفسية كبيرة، وأعتقد بأنّني حقّقت الشئ الذي أريده بصرف النظر عن وجهات النظر العامّة بالنسبة لها والراحة أتت في أنه المجال الطبيعي بالنسبة لي وثَبَتُّ نفسي على ذلك.. والله الذي تحقق قليلٌ لذلك لن استطيع القول بأنني سعيدٌ لكني حمدت الله في أن جزءاً بسيطاً قد تيسّر والإنسان يُحاول ولكل مُجتهدٍ نصيب. والنصيب هو أن يحقق الإنسان لنفسه ولأبنائه وبناته أشياءً كثيرة وهذه لم تحدث بعد.

الصيحة

‫3 تعليقات

  1. قد لا يعلم ابنائى انى عشت فى بيت بحى العرب وجيرانى كانوا ناس عم عوض والد الفنان الذرى ابراهيم عوض وجارنا الشاعر عبد الرحمن الريح وكوكبة من المبدعين وأذكر أن أحد الجيران كان طيار ودائما ما يحضر لزوجته فى البيت سينما متجولة وكان ذلك فى النصف الاول من خمسينيات القرن الماضى وكنت طفلا جميلا بريئا فنساء الحى الامدرمانى من ليس لديهن أطفال فى سنى يطلبن منى الذهاب للدكان لشراء ما يحتاجن دون غيرى ، فعلاقتى بالفن والفنانين تواصلت حتى ١٩٦٨م – ١٩٧٣م حيث عشت فى أسوار المعهد الفنى وتعرفت على الأساتذة الصلحى وشيرين وبقية العقد الفريد

    1. أمد الله في عمركم وباركه بالصحة والعافية عمنا باشمهندس سلام ويا ريت كتبوا لنا عن ذلك الزمن الجميل وعن العلاقات الإنسانية السمحة …

  2. يا الديمقراطى سنوات الدراسة المعهد الفنى كانت تضم الى جانب استاذنا ابراهيم الصلحى واحمد محمد شبرين ابن بربر عشرات العلماء والفنانين وكانت لابراهيم الصلحى شقيقة اسمها سعدية الصلحى قمة فى الطيبة والتواضع والمعرفة وهذه الأسرة عبارة عن فنانين مطبوعين وهنالك ما بين بيتنا فى حى العرب الأمدرمانى وبيتنا بمعهد المساحة العالى داخل مبانى المعهد الفنى سابقا ذكريات لا تنسى واذكر ان اى طالب يكون عنده ملحق حين يأتى لامتحان الملاحق تكون اشجار المانجو داخل اسوار المعهد الفنى قد اثمرت ونضجت فمن يجد امام اسمه مادة ملحق يقول كويس منها ناكل مانجو ولن انسى شاب صغير يسكن اشلاق المقرن كان فنان موهوب نصطحبه معنا فى رحلاتنا لجناين الكاملين وبعضها مملوك لناس خالنا طلق النار وبابكر ود جبور وبمرور السنوات كبر هذا الفنان وخرج من البيضة ما عرف بالموصلى
    كل شىء فى زماننا كان جميل حتى جاء حكم الكيزان فشوه كل شىء

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..