خوضوها … ضد المجرمين

أتابع باهتمام ما طرحه عدد من المفكرين والسياسيين بشأن التفكير في خوض الانتخابات القادمة ضد البشير وزمرته باتجاه إسقاط النظام .. وكنت قد كتبت مقالا في هذا الشأن في أوائل عام 2014 نشرته الراكوبة ونقلته عنها مواقع قبل الانتخابات الرئاسية الماضية ” 2015 ” طرحت فيه ما يطرح الآن على الساحة بقوة .. ولم أشأ أن أبدل فيه شيئا .. رغم أن تفاصيله تتعلق أحيانا بأحداث أو شخوص تغير موقعها على المسرح والخارطة لكن تبقى الفكرة والدوافع وأسبابها ومآلاتها كما هي وما أشبه الليلة بالبارحة .. ولذلك أعيد نشره كما هو وإن كنت لو أعدت كتابته لربما عدلت فيه بعض الشيء :-
قبل فوات الأوان .. النهار الساطع .. أو الطوفان
January 15, 2014
قيل إن الإمام الخميني الذي ظل يرفض توقيع اتفاق وقف الحرب مع العراق لثمان سنوات وصف اضطراره أخيرا للتوقيع بالقول إنه يوقعه كمن ? يتجرع السُّم ? وهذا الموقف شبيه بما ندعو إليه المعارضة وهو تجرع السُّم وهي توافق على خوض الانتخابات ضد النظام الحاكم.
في مقابل الفجر الجديد ، نطرح النهار الساطع ، أو أي تسمية أخرى وهي دعوة لاتفاقية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار وذلك للتخلص بعد قرابة ربع قرن من حكم الإخوان المسلمين وهي فترة لم تكن متوقعة لجميع المراقبين والعارفين بالشعب السوداني الذي أطاح بنظامين عسكريين ديكتاتوريين في أقل من عشرين سنة ، ولا شك أن نظام الإنقاذ قد تعرض لهزات عنيفة خلال هذه الفترة وقد جرب كل بطريقته محاولات إسقاط النظام بدءا بمحاولات انقلابية انتهى بعضها بإعدامات وحشية رهيبة فجر عيد الفطر رغم أن مدبريها لم يزهقوا روحا ولم يسفكوا دما لكن السلطة أرادت أن تقطع الطريق أمام المحاولات تلك وإرسال رسالة لمدبري الانقلابات بان النهاية الحتمية هي الموت في حال فشلها وربما نجحت الإنقاذ في ذلك خاصة بعد أن أقدمت على تصفية الجيش السوداني وأجهزة الأمن عامة من جميع الذين لهم انتماءات سياسية وسيطر الإخوان المسلمون بعدها على مفاصل القوات الأمنية كلها ثم كانت المحاولات الجادة التي قادتها الحركة الشعبية لتحرير السودان والانتصارات التي حققتها على الأرض ومن ثم انضمام معظم أحزاب المعارضة إليها فيما عرف بالتجمع الوطني الديمقراطي وهو الكيان الوحيد الذي كان قاب قوسين أو أدنى من إسقاط النظام لكن عملت السلطة على تفكيكه لحد كبير ولا بد من الإشارة إلى أن الحركة الشعبية قد استطاعت أن تخدع الجميع عبر شعارها البراق فكسبت تأييد أحزاب الشمال لها في وجه نظام الإنقاذ العقائدي الذي أبدى نواجذه وكشر عن أنيابه منذ الأيام الأولى وأخذ طابعا دينيا عنيفا تحت شعارات المد الحضاري و ? ليكم تسلحنا ? ويمكن أن نقول إن الحركة الشعبية قد حققت أهدافها دون أن نقلل من التضحيات الجسيمة التي بذلتها في وجه نظام شرس جيّش الجيوش وأثار العواطف الدينية ودفع بأبناء الشمال لمحرقة الحرب في الجنوب حيث يَقتُلون ويُقتَلون ولكن الحركة حققت بنهاية المطاف أهدافها ما ظهر منها و ما بطن وكان الانفصال هو الهدف الباطن بخلاف الشعار الذي جذب تحت رايته أبناء الشمال ليقاتلوا تحته بالبندقية والقلم واللسان ، نقول إن الانفصال كان الهدف الخفي دون أن نشكك في مشاعر قائد فذ هو الدكتور جون قرنق لكنا نرى بخلاف من جنحوا للخيال أن جون قرنق مهما كان عمق مشاعره الوحدوية ما كان بإمكانه أن يجبر شعب الجنوب على تغيير قناعاته خاصة أنها قناعات عززها التاريخ المأساوي للعلاقة بين أبناء الشعبين في الشمال والجنوب التي كانت خلال خمسين عاما خليطا من الدم والدمع والتمييز العنصري البغيض كما أنها قناعات شكلها التاريخ وعززتها الجغرافيا وكرسها الاستعمار وجعلتها ممارسات الإخوان واقعا كريها ملموسا.
لكن الإنقاذ كسبت الكثير بموت جون قرنق صاحب الشخصية الكاريزمية التي كان من الممكن لها أن تكسر حاجز التاريخ والجغرافيا وتصل خلال الفترة الانتقالية لرئاسة السودان ? لاحظ أن الانتخابات السودانية كانت ستكون بعد وصول الأمريكي الأسود باراك أوباما للبيت الأبيض ? وكان من المؤكد أن يلقي ذلك بظلاله على انتخابات السودان ? وربما كان ذلك هو المسار الوحيد الذي يضع بعض الأمل في ? وحدة السودان ? المفقودة ،ولكن مات جون قرنق وبقي الدكتور منصور خالد مهندس مشاكوس وراعي نيفاشا واستطاعت الإنقاذ خلال مسيرتها اللعب بالسلطة والثروة وأغرت العديدين من رموز الأحزاب وشقتها وصنعتها واستوزرتها فأصبح لكل حزب أصل وفرع ولكل فرعَ فرع ولكل حزب عدد من الصفات والنعوت التابعة من الكلمات التي تدل على تفريخ جديد واستخدمت أساليب مناورات عديدة فعقدت الاتفاقيات ونقضتها وأبرمت المواثيق ورمتها وسطرت العهود ونكثت بها .. وبلغ بها الدهاء الخبيث والغباء المنكر من خصومها حد شق الصف لتفصل بين الأب وابنه والأخ وأخيه والمرء وزوجه ? يتعلمون منهم ما يفرقون به بين المرء وزوجه ? ! ! حتى تمكنت من أن تستوزر أبناء زعماء الأحزاب الكبرى المعارضة وتمنحهم لقب مساعد الرئيس فيما بقي الآباء يزعمون قيادتهم للمعارضة !!
نظام الإنقاذ ليس قويا بما يمكنه من الاستمرار بعد الآن وخاصة في أعقاب انتفاضة سبتمبر التي أظهرت مدى فزعه إذ لم يتورع عن استخدام الرصاص ضد الصبية وتلاميذ المدارس وهي أيضا أدت إلى التغيير الذي جرى مؤخرا بما يشبه تفكيك النظام حيث تم استبعاد أركانه القوية وهو الآن يقف على ما يشبه منسأة / عصا سليمان التي أكلتها دابة الأرض لكن المعارضة اليوم بدرجة من التشرذم والضعف بحيث لا تقوى على إسقاطه حتى وإن بلغ ضعفه مداه ووصلنا مرحلة نقول فيها حين نرى منكرات أفعال الإنقاذ بنفسها وشعبها ? دعوها فإنها ستسقطها ? ! و? ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل!?
ومع أنني من حيث المبدأ مع إسقاط النظام بكافة الوسائل المتاحة سلما أو حربا ومع مواصلة المقاومة بشتى الوسائل لحين الوصول لاتفاق إلا أن علينا أن نعترف أن ضحايا الحرب ووقودها من الأبرياء ولذلك ، مقابل ما عرف بالفجر الجديد نطرح رؤية ? النهار الساطع ? وهي دعوة تتوخى التخلص من النظام بتفكيكه لتجنيب السودان الدخول في أتون المزيد من معارك لا تبقي ولا تذر خاصة أن نُذُرَها تلوح في الأفق ولعل ما يدفع لذلك هو ما نراه يدور في سوريا فالحرب مستمرة لما يقارب ثلاثة أعوام وقد دمرت كل شيء ولن يرث المنتصر سوى خرائب وذكريات أليمة وحين تضع الحرب أوزارها لن تجد حتى من يحتفلون بها لأن معظم الذين حلموا بالتغيير أو الذين أصروا على البقاء صاروا بين شهيد وقتيل ، وفي اليمن توقفت الحياة لعامين وخسرت خيرة شبابها وما تزال ليبيا تنزف دما وتتمزق شيعا وقبائل وأمامنا الآن فرصة حقن الدماء والتغيير السلمي عبر الانتخابات على ان يتم الاتفاق على الآتي وغيره :
1- أن تتبنى جميع الأحزاب المعارضة والقوى الحديثة والهيئات الشعبية الديمقراطية دعوة وحدة جمع الصف وتحدد هدفها بإسقاط النظام عبر صندوق الانتخابات وأن تبدأ فورا اجتماعات جدية تضع فيها الخطوط العريضة للتحرك المبكر وتتواصل اجتماعاتها للاتفاق على التفاصيل لاحقا لأن أي خسارة لساعة واحدة سوف تصب في مصلحة النظام .
2- تطالب المعارضة بتمديد أجل إجراء الانتخابات مع تعهدها بخوضها وأعتقد أن الحكومة ستقبل بذلك مع ضرورة ألا يطول أمد التمديد لأن النظام الآن في أضعف حالاته وأي فترة إضافية قد تكون لصالحه أكثر مما هي لصالح المعارضة.
3- تتعهد المعارضة أنها لا تسعى للحكم ولكنها تسعى لإقرار نظام ديمقراطي راسخ خلال فترة مؤقتة وأنها ستقوم بإعداد ميثاق يقطع الطريق أمام أي انقلاب عسكري وتضمن ذلك في الدستور وتودعه لدى الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية مثل الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية والاتحاد الأوربي ومجلس الأمن وغيرها لمنع أي تعاون مع أي نظام يسيطر على الدولة بالقوة مرة أخرى .
4- تكون المعارضة الموحدة وفدا للتفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال / الجبهة الثورية لوقف الحرب خلال فترة يتفق عليها والانخراط في التوجه نحو التغيير الديمقراطي مع الاحتفاظ لها بمواقعها وعتادها في المناطق التي تسيطر عليها.
5- تتصل المعارضة الموحدة بحكومة جنوب السودان لإقناعها بأن التوجه الجديد سيكون في خدمة البلدين الشقيقين مستقبلا ومن ثم تطلب منها تجميد ملفات النزاع ، أبيي ، مع الحكومة وحصرها في أضيق نطاق وذلك لنزع أهم أسلحة الدعاية التي تستغلها السلطة في الزعم بأنها مستهدفة .
6- تؤسس المعارضة قناة فضائية أو قنوات وصحف تكرسها لفضح سياسة النظام وتسليط الضوء على ممارساته خلال العقدين ونيف الماضيين والاستفادة من كافة كوادرها في الداخل والخارج عبر المناظرات والبرامج الحوارية والوثائقية وكشف ما تتعرض له من أي مضايقات تقوم بها السلطات لنشاطها خلال الفترة الانتقالية ولا حجة لها بعد الآن للتذرع بأن الحكومة تسيطر على أجهزة الإعلام لأن الفضاء صار متاحا للجميع وأجزم أن فرص المعارضة لاحتلاله ستكون أكبر من فرص الحكومة وكلنا يذكر كيف استطاع جون قرنق أن يحشد جمهرة المستمعين عند الثالثة عصرا عبر إذاعته في وقت لم تكن فيه فضائيات وفي ذات الوقت كانت للحكومة عدة إذاعات وتلفزيونات.
7- تشترط المعارضة على النظام توقيع اتفاقية بكفالة حرية النشاط الإعلامي والسياسي خلال الفترة المتفق عليها لإجراء الانتخابات وخاصة الصحف على أن توقع بشهادة منظمات محلية ودولية ولا نستبعد قبول النظام توقيعها إذا أقرت المعارضة التوجه السلمي ونبذ استخدام القوة لإسقاطه.
8- تقوم الأحزاب الدينية والعلمانية والقومية العربية والمنظمات والكيانات الديمقراطية كل فيما يخصه بحملة توعية كبرى تكشف فيها زيف ادعاءات السلطة وممارساتها التي لا تنسجم مع صحيح الدين ولا الديمقراطية وفضح الاستراتيجيات والتكتيكات التي اتبعها النظام إقليميا ودوليا وأضرت بالبلاد والشعب وهددت استقراره ووحدته وما تزال .
9- توحيد شعار المعارضة تحت عبارة ? التغيير السلمي الديمقراطي? أو ما شابه ذلك ومنح الأحزاب الكبرى حرية إعادة اللحمة لأحزاب تم تفريخها منها إن شاءت.
10- تؤسس المعارضة صندوق تبرعات من الداخل والخارج لتكون مصادر تمويلها مكشوفة ومعروفة حتى لا يتذرع النظام بدعاوى التمويل الخارجي ولا يمكن تصور أن تكون جميع الأحزاب غير قادرة على إنجاح حملة تمويل الانتخابات .
11- الاتفاق على وسائل إدارة الحملات والتصريحات والبيانات والتفاوض حول وضع إستراتيجية تحفظ الحقوق وتمنع الانشقاقات والإنفراد بالرأي. ( أنظر الفقرة 3)
12- أن تكون جميع مناقشاتها للوصول إلى الاتفاق بحضور من يرغب وعلى الملأ حيث لا أجندة سرية فيها فهي ? كالنهار الساطع ?.
13- نظرا لكون الرئيس أبدى رغبته صراحة في عدم الترشح مجددا نعتقد أن قرار محكمة العدل الدولية سيظل دافعا قويا لإقناعه من قبل تنظيمه بالترشح لسببين الأول أن التنظيم ليس له شخصية شعبية غيره يمكن أن تحل محله وتضمن الفوز في المنافسة والثاني أن منصب الرئيس يحميه من الملاحقة القضائية ولذلك نقترح أن تتعهد المعارضة بعدم تسليمه لمحكمة الجنايات في حال لم يرشح نفسه أو حتى في حال خسر الانتخابات وفي ذات الوقت تتعهد بالسماح للجهات القضائية بقبول والنظر في الدعاوى الجنائية التي تقدم ضده خاصة وأن القضاء في النظام الديمقراطي يكون قضاء محايدا ونزيها وهذا المقترح لسببين الأول أنه قد يشجع الرئيس نفسه على عدم خوض الانتخابات وهو الشخصية الأكثر نفوذا بينهم بلا ريب والثاني يجعل فقدانه أو فقدان حزبه لمنصب الرئاسة أو أغلبية أعضاء المجلس نتيجة غير مخيفة تدفعهم للتمسك بالسلطة كما أنه يتماشى مع قرار الاتحاد الإفريقي الذي سيكون النظام القادم في حال فوز المعارضة جزءا منه. .
لماذا نطرح هذه الرؤية ؟
? لا شك أن النظام الآن في أضعف حالاته منذ وصوله للسلطة وبالمقابل فالشعب في أقصى درجات كراهيته للنظام وحماسه لإسقاطه بأي شكل من الأشكال نظرا للضائقة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وليس من المتوقع أن يتمكن النظام من إيجاد حلول لها مهما تعدد محاولات الترقيع التي لن تجدي نفعا .
? النظام في حالة تفكك واضح ليس أدل عليها من انشقاق الحزب الوطني نتيجة الصراع بين البشير والترابي وفيما بعد تمرد وانشقاق د.غازي صلاح الدين وجماعته ثم ما رشح عمن سموا أنفسهم ? السائحون ? وأخيرا التفلُّت الذي طال المؤسسات الإخوانية العسكرية والأمنية والمليشيات الشعبية / الحرس الرئاسي ? ود إبراهيم ? ومن ثم محاولة الانقلاب ? المخابرات ? التي خطط لها صلاح قوش ومهما يكن من أمر محاولات ترميم التصدع في الحزب والنظام الحاكم فهي لا بد أن تترك آثارها على بنية التنظيم كما أن ما حدث بينهم من مفاصلة وسجن واتهامات لا يمكن أن تذوب آثاره بإطلاق سراحهم بعد اتهامهم بالتآمر وإبعادهم ولا بد أن يكون في النفس شيء من الغبن والحقد على زملاء الأمس الذين غدروا بهم.
? كذلك علينا أن نقر أن فترة ربع قرن قد مرت والمعارضة تعد بإسقاط النظام دون أن تسفر تلك الوعود عن نتيجة وأصبح لزاما علينا أن نفكر في تفكيك النظام بصورة مغايرة لتلك التي ظللنا نتبعها ولا يمكن البقاء على نهج تم تجريبه دون فائدة
?علينا أن ندرك من تجارب شعوب الربيع العربي أنه يستحيل على الجماهير إسقاط هذه الأنظمة المستعدة للقتل بوحشية دون مساندة من الجيش ونحن نعلم تماما أن السلطة قد أبعدت من الجيش كافة العناصر الوطنية التي يمكن أن تنضم للجماهير ولذلك فإن من العبث إخراج الجماهير لتقتل دون ضمان انحياز الجيش لها كما أن السلطة قد خلقت أجهزة قمعية موازية قد تتصادم مع الجيش نفسه في حال وجد فيه من يصطف مع الجماهير.
? إن أي محاولة لدفن الرؤوس في الرمال أو محاولات تغيير النظام عبر أحلام اليقظة ستمنح النظام المزيد من الوقت لاسترجاع قوته ونفوذه ولهذا وجب التحرك قبل فوات الأوان.
? إن سلاح المقاطعة تم تجريبه وربما كانت الانتخابات الماضية بوجود الحركة الشعبية هي الفرصة التي أضاعتها المعارضة وإذا كانت حجة المقاطعين هي عدم إعطاء شرعية للنظام فلا بد أن نقر بأن جميع الأحزاب قد أعطت الشرعية للنظام بما لا يحتاج لشواهد وزعيما الحزبين الكبيرين دفعا بإبنيهما لمنصب مساعد الرئيس وعقدا معه الاتفاقيات كما أن الأحزاب شاركت في المجلس الأسبق بما فيها الحزب الشيوعي وأن جميع الأحزاب تقريبا حضرت التوقيع على اتفاقية نيفاشا وغير ذلك مما هو معروف أما حجة التزوير فهناك ألف طريقة وطريقة للمراقبة اللصيقة والجادة لمنع أي تزوير .
ونود أن نشير إلى مؤشرات مشجعة على كسب الانتخابات تتمثل في التالي:
? استطاع مالك عقار الفوز بمنصب والي النيل الأزرق رغم المنافسة الشرسة وغير المتكافئة مع الحكومة التي استخدمت المال وكافة الوسائل الأخرى .
? بغض النظر عن الوسائل التي استخدمها النظام في جنوب كردفان ليفوز أحمد هارون ، يمكننا القول إن الفائز حقيقة كان منافسه عبد العزيز الحلو وذلك لحصول أحمد هارون بحسب نتيجة الحكومة نفسها على مائتي ألف صوت في حين حصل الحلو على مائة وخمسة وتسعين ألف صوت أي بفارق خمسة آلاف فقط رغم دعم الحكومة له حتى أن الرئيس نفسه زار كادوقلي قبيل الانتخابات لدعمه وهذا يؤكد أن أي انتخابات حرة لا يمكن للسلطة أن تكسبها خاصة في الظروف المأساوية وحالة التشرذم التي تمر بها الآن.
? ما زال حزب الأمة له الأغلبية في عدة مناطق في غرب السودان والنيل الأبيض وغيرها كما أن الاتحادي له ثقل ملحوظ في شمال كردفان وشمال شرق السودان وهنا ننبه إلى أن الأنظمة العسكرية لا تستطيع تغيير التركيبة الطائفية إلا بقدر ضئيل وشاهدنا أن الأحزاب استطاعت اكتساح الانتخابات في أعقاب سقوط نظام النميري .
? المدن التي اكتوت بنيران الغلاء في حياتها اليومية والسكن والإعاشة والعطالة والبطالة لا يمكن أن تكون في صف الإخوان المسلمين ومعظم أهلها ممن ينتمون للقوى الحديثة واليسارية والقومية والهيئات والمنظمات المدنية والشعبية المعارضة.
? أن القمع الذي واجهت به الحكومة انتفاضة سبتمبر ما زال متقدا في ذاكرة ووعي الجماهير وعلى المعارضة الضغط للكشف عما أسفرت عنه التحقيقات والقيام برصد وإحصاء الشهداء والمصابين وإجراء المقابلات معهم لكشف زيف إدعاءات السلطة خاصة أن بينهم تلاميذ و أن تطالب المعارضة بسرعة الإعلان عن نتائج التحقيقات وتقديم المجرمين للعدالة .
? إن تجربة مثل الراكوبة كموقع إسفيري نشط وجذاب هي تجربة رائدة يمكن الاستفادة منها وتطويرها وخلق مواقع موازية لها للتعبير عن خطط المعارضة وبرامجها ولا أحسب أن سودانيا ممن لهم وسيلة للدخول للانترنت لا يبدأ بها يومه .
? النظام يشعل حربا في كل أرجاء الوطن دارفور وكردفان والنيل الأبيض وهناك تململ في الشرق ومناوشات في الشمال وكل هؤلاء لا يمكن أن يصوتوا لسلطة الإنقاذ.
أسوأ الخيارات:
– حتى نكون أكثر موضوعية فقد يكون حظ البشير أفضل من منافسيه نظرا لبقائه على رأس السلطة لفترة طويلة وإن كنا نرى أن المعارضة لو اتفقت على شخص واحد مقبول ودعمته بصدق واختارته قبل فترة كافية من الانتخابات حتى يعرض نفسه وبضاعته على الشعب قد يكون منافسا قويا ولا بد أن نأخذ في الحسبان أن فوز الرئيس لا يعني فوز النظام إذا تمكنت المعارضة من الفوز بمقاعد مجلس الشعب حيث يكون المجلس مقيدا لتصرفات الرئيس الذي ينبغي أن ينص في الاتفاقية على أنه لا يجوز للرئيس حل المجلس .
– إن المعارضة في حال فوزها بغالبية أعضاء المجلس تستطيع أن تكون فاعلة وفي ذات الوقت مقيدة للرئيس وتستطيع مراقبة أداء المجلس والاعتراض على هدر المال وسياسات التمكين وكل موبقات نظام الإنقاذ.
– حتى لو لم تفز المعارضة بالأغلبية فسوف يكون لها عدد مقدر من النواب بما يمكنهم من إحكام الرقابة.
– نقول ذلك حتى لا نمنح النظام فترة أربع سنوات أخرى ليسرح ويمرح ويعيد قوته باستخدام الثروة والسلطة لإعادة بناء تنظيمه الذي هو الآن على شفا الانهيار .
? لدي قناعة ربما يشاركني فيها آخرون وعبرت عنها في مقال سابق وهو أن الإخوان المسلمين لم يعودوا حريصين على التشبث بالسلطة بل يكفيهم الخروج أمنين بأموالهم وأولادهم وفي أذهانهم التغيير الدموي الذي حدث في بلدان الربيع العربي وأسفر عن تشريد وقتل وسجن ومصادرة أموال وممتلكات رموز تلك الأنظمة وربما يفكرون في العودة مجددا بعد هدوء العاصفة التي يخشون أن تكتسحهم وسيلعب حسين خوجلي وأمثاله ، الذي يتم تدريبه حاليا ، للعب دور المدمر للنظام الديمقراطي القادم كما فعل من قبل للتمهيد للعودة ، أما الآن فهم يشعرون بأن الأفق مسدود أمامهم ومن الأفضل لهم الانسحاب التكتيكي والتحول للمعارضة وهم يعلمون أن من سيجيء بعدهم ستعترضه عقبات تجعل من الصعب عليه إحداث إصلاحات ملموسة في مدة وجيزة نظرا للخراب والدمار الذي سيرثه منهم .
? هذه مجمل أفكار لم أجد الوقت الكافي لتنقيحها وعلى كل من يقرأها أن يقرأها بتدبر وأن يتأمل غاياتها وليأخذ منها ويزيد عليها أو يطرح منها ما لا ينفع الناس أما أن نكتفي بموقع المعارضة ومقاطعة الانتخابات كفعل سلبي دون القيام بأي فعل إيجابي ونعيد تجربة المجرّب فذلك يجعلنا كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى .. فلنحمل قلم التوقيع لتجميع المعارضة أولا ثم للتوقيع وإن كان بمرارة توقيع الخميني.
يقول ريتشارد نيكسون في كتابه The Real War : ? إنها إستراتيجية سيئة ، حتى عندما تكون قويا ، أن تجعل من نفسك تبدو ضعيفا لأن هذا قد يؤدي لسوء تقدير خطير من جانب خصمك “.
[email][email protected][/email]