مقالات سياسية

احزاب الهبوط الناعم، وبوخة المرقة، إختشوا.. 

خليل محمد سليمان

سألت استاذة جامعية عقِب الإنتخابات الامريكية السابقة، لمن ذهب صوتك؟

قالت: انا في الاصل جمهورية انحدر من اسرة محافظة، للدين مساحة كبيرة في حياتي، ولكن في السنين السابقة ذهب صوتي الي الحزب الديمقراطي، لما يُقدمه من برامج ارى انها مُقنعة، ومُفيدة، وتساعدني كأسرة في المعيشة.

اعتقد هذا هو الوعي الحقيقي لماهية، العمل السياسي، والإنتماء، والديمقراطية.

للمعلومية انا لا اتبع لأيّ حزب سياسي، ولا اشعر بالميل لأحد سياسياً، ولا فكرياً، ولا ايديولوجياً.

كنت من انصار النظرية التي تقول لا يمكن ان تستوي العملية السياسية في السودان بلا احزاب.

الآن ايقنت بما لا يدع مجال للشك ان الاحزاب السودانية عاجزة عن التغيير في صفوفها، و بالضرورة هي تمثل الحوامل للعملية السياسية، والديمقراطية، فهي غير جديرة بالإحترام.

لا تزال كل الاحزاب السودانية تعيش بعقلية القرون الوسطى، في الحشد، والتبعية، وعنجهية النُخب المتسلطة بحكم الوراثة.

للأسف حتي جيل الشباب في تلك الاحزاب، و الكيانات يقوده الإنتماء بلا تفكير موضوعي، فحتى الاخطاء مُبررة عندهم بحكم الإنتماء، والإنقياد، الاعمى.

للأسف كل الثورات السودانية قزمتها الاحزاب السياسية، التي تُعلي قيمة الفكر، والإنتماء، علي مبادئ الاحزاب الحديثة في خدمة المجتمع، وتطوره، والإرتقاء به.

من المؤسف ان نرى ثورة ديسمبر المجيدة تتقاذفها الاحزاب، والنخب التي ادمنت الفشل.

عندما كان شباب الثورة يتساقطون برصاص النظام البائد، كانت الاحزاب تفاوضه لأجل الهبوط الناعم، وتقاسُم الكيكة، بل ذهب الإمام المهدي ليصف هذه الثورة العظيمة ببوخة المرقة، حتي المفردة سوقية هابطة تؤشر إلي ضحالة، وتخلف هذه النُخب عن العصر الذي نعيشه.

إنشغل الشباب عن امر ثورتهم، للقيام باعمال هي في الاساس من صميم مهام الحكومة في الخدمات، ومراقبة السلع، وتوفيرها، وتوزيعها.. في ذات الوقت تجتمع هذه النُخب الفاشلة، لتقرر مصير الثورة في الصالونات، و المجالس الاسرية، والصداقات.

الشباب مكانهم الطبيعي المنتديات السياسية، والإجتماعية، والثقافية، لرفع درجة الوعي، والمعرفة، والمشاركة الفاعلة في صنع القرار، و ليس في صفوف الغاز، والخُبز، والوقود.

اعتقد هذا الوضع السياسي المُترهل، و المهترئ يحتاج إلي تغيير جذري، حتي تتحقق معاني الثورة، في الشكل، والمضمون، لا تستثني احد، لنواكب العصر الذي نعيشه، و إستحقاقات الديمقراطية الحقيقية المبنية علي البرامج، والخدمات التي تستهدف المجتمع في عيشه، ورفاهيته.

نحتاج إلي نهضة حقيقية قوامها الشباب، لتضع حداً للفشل، الذي لازم الدولة الوطنية منذ الإستقلال، وحتي الآن، لتنزل اهداف الثورة علي الارض، حرية سلام، وعدالة.

خليل محمد سليمان
[email protected]

تعليق واحد

  1. أحييك يا سيد خليل على هذا التشخيص البليغ لعمل الأحزاب سماسرة السياسة والعمل السياسي الذي لا محل له من الإعراب في سياق إدارة الدولة التي هي تنسيق وتكامل وتعامل بقوة القانون بين مؤسساتها الدستورية والتنفيذية بهدف إدارة الدولة وموارد البلاد لخير ورفاهية الشعب ويكفي لذلك نظام الدولة المدنية بمكوناتها الأربعة وهي التشريعية في حدود الدستور والتنفيذية في حدود القانون والقضائية في حدود الدستور والقانون والرقابية في حدود القانون وتشمل المواطن والصحافة فأين موقع الساسة وأحزابهم إذا كانت مهمتهم المعارضة فقط فهي موجودة بمعنى الرقابة على وضع وتنفيذ سياسات ومخططات الدولة من خلال مؤسساتها التشريعية والتنفيذية وإن سلطة المواطن الرقابية بما في ذلك الصحافة هي التي تقوم بهذا الدور امام المؤسسات الرقابية الرسمية، الإدارية والفضائية العادية والدستورية صاحبة القول الفصل فيما تتخذه المؤسسات التشريعية والتنفيذية من سياسات وعلى كيفية تنفيذها فلا مجال لشخصنة الوظيفة العامة لا رئيس ولا وزير ولا مدير فكل وظيفة خاضعة لشروطها ولرقابة المواطن وصحافته وخضوعه للمساءلة امام المؤسسات الرقابية الإدارية والقضائية ولا موظف كبير على القانون.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..