السودان والبعد الإفريقي

عادل إبراهيم حمد

لا أقصد بالعنوان الدور الممكن للسودان في العلاقات العربية الإفريقية، فهذا -على أهميته- لا يتأتى إلا عندما يكمل السودان جهده الداخلي في خلق التناغم الضروري بين مكونه الإفريقي مع مكونه العربي، وهو أمر وجد داخل السودان نقاشاً مهماً تجاوز الدعوات الخارجية لأن يضطلع السودان بدور الجسر بين إفريقيا والعالم العربي. تلك الدعوة التي كادت تصبح (قشرة) من كثرة تردادها بلا وعي بمضمونها.

شهد الأسبوع الماضي مهرجان الكونجقار الذي تنظمه قبيلة (الأما) الإفريقية. وهو مناسبة تشبه عيد الحصاد حسب تقليد قديم عند النوبة أصحاب الحضارة العريقة. وقد درج أبناء قبيلة (الأما) على إحياء هذه المناسبة في العاصمة (القومية) للمحافظة على تراثهم أينما حلّوا، خاصة أن ارتباط (الكونجقار) بالإنتاج والحصاد من دواعي فخر أصحاب المهرجان. عكس المهرجان صوراً من الثقافة المحلية للقبيلة الإفريقية من رياضات أبرزها المصارعة وأغنيات طرب لها حتى الذين لم يفهموا معاني الكلمات، ورقصات تعبر عن معاني الحصاد وأفراح أخرى. إجمالاً يمكن القول إن (الأما) قد قدموا تراثاً يعبر عن غنى ثقافي وعراقة حضارية تؤهلهم بجدارة للتكامل مع غيرهم من أبناء الوطن الذين يحملون أيضاً حصيلة ثقافية وحضارية ثرية، فيبني الجميع وطناً يفاخر بتنوعه وغناه المادي والحضاري. وقد أجمع كل من حضر المهرجان من أبناء القبائل الإفريقية الأخرى ومن القبائل العربية أن التنوع السوداني يبطن كثيراً من أسباب القوة والنهضة، إذا تعارف أهل السودان ثقافياً وأحسنوا توظيف هذا التنوع. وتكون المقدمة الصحيحة لإنجاح المسعى بإزالة عقلية الإقصاء والانتقاء التاريخي والثقافي.. لكن آخرين يزعمون بعدم وجود عقلية إقصائية بينما يدعي الذين يشكون من الإقصاء أن رموزهم الثقافية والتاريخية لا تجد متسعاً في المنهج المدرسي والإعلام القومي.. يشيرون على سبيل المثال إلى السلطان عجبنا الذي ورد اسمه كثيراً ضمن فقرات مهرجان الكونجقار، ويتساءلون عن سر تجاهل اسم بهذه القامة في المنهج المدرسي. وكذلك الحال مع السلطان إبراهيم قرض والمك آدم أم دبالو. ويبلغ التجاهل مداه بإغفال السلطان تاج الدين الذي قاد المساليت في معركة دروتي ضد الفرنسيين، واستشهد السلطان بين جنوده كأبلغ ما تكون البطولة. لكن دروتي معركة لا يعرف عنها (المثقف) السوداني شيئاً رغم معرفته بواترلو. ويشير المنادون بضرورة التوازن الإفريقي العربي إلى فجوات في تدريس التاريخ السوداني، متسائلين عن سر معرفة بعانخي البعيد زمانياً وعدم معرفة تاريخ دولة المقرة وطمر دولة سوبا التي لا يعرف عنها المعاصرون سوى خرافة عن (عجوبة) التي خربت سوبا.

يقول أصحاب نظرية اختلال التوازن إن العقلية غير الموضوعية التي فارقت أساسيات المهنية والمنهجية في طرائق المناهج المدرسية والبحث قد أضرت بالسودان كثيراً، وهي تظن أنها تحسن صنعاً بترجيح الثقافة العربية التي لا تحتاج بقوتها إلى انحياز.. وقد أعد الأستاذ صهيب حامد بحثاً قيماً عن تاريخ العاصمة الاجتماعي بعد سقوط المهدية وإلى قيام ثورة 24، حيث لاحظ أن قيادة المجتمع في تلك الفترة (المتجاهلة) قد تركزت في سودانيين من أصول تعود إلى جنوب السودان وإلى النوبة، تشربوا الثقافة الحديثة من وجودهم السابق في مصر.. هم من شكلوا المجتمع الجديد وهم من أرسوا مفاهيم سياسية جديدة، وهم من نظموا وقادوا ثورة 24.. ولما وئدت الثورة أعمل المستعمر كل جهده للقضاء على هذه الشريحة الجديدة الخطيرة.. ومن علامات ذلك أن ابن البطل عبدالفضيل ألماظ قد مات حدّاداً فقيراً في ورشة بأم درمان بعد أن سد عليه المستعمر بتعليمات صريحة فرص التعليم في كل المدارس الابتدائية.
هل يمكن أن يستنتج من بحث
الأستاذ صهيب أن التوازن الطبيعي قد اختل بعد قمع المستعمر لثورة 24 التي قادها سودانيون أفارقة كان من الممكن أن يشكلوا طليعة المجتمع السوداني في كل مناحيه؟.. قطعاً لن يكون هذا الاستنتاج صحيحاً، وإلا يكون أصحابه قد وقعوا في ذات الخلل الذي ينعونه على أصحاب فكرة ترجيح العروبة. لكن الدراسة تقدم دليلاً عملياً لتجربة إفريقية ناجحة في قيادة المجتمع السوداني، ومن ثم يؤكد أن الدعوة للتوازن دعوة تدعمها شواهد تاريخية.

? [email][email protected][/email]

العرب

تعليق واحد

  1. … البقرا كلامك ده بتخيل حاجة واحده انو بما يسمى بهذا السودان دولة شامية او خليجية وهناك (اقليات افريقية) ؟؟؟ تسكن هذا الوطن الكبير ..

    … والله حاجة تحير … يااخ بنظرة خاطفة سريعة فى اى بقعة من بقاع السودان ده ما بتشووف الا افريقيا … كرهتونا …

  2. انت عارف كل القبائل السودانية تدعي العروبة وليس القبائل السودانية فقط بل كل القبائل الافريقية واصبح الانتماء للعرب نوع من الفخر بالرغم من انو العرب جرب زي ما يقولو وانو الصحابة كافة كانو يفتخرون بالانتماء للدين الاسلامي وهناك مقولة لسيدنا عمر رضي الله عنه وارضاه قال (نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فانبتغينا العزة بغيره اذلنا الله) ودي حكمة ينبغي ان يقتدي بها كل سوداني والمشكلة الاخرى انو اي سوداني وان اختلف شكله ولونه عن بقية معظم السودانيين السود او السمر سمه ما شئت فانه لن يكون ضمن قوافل فبائل العرب التي تعيش في الجزيرة العربية وليس له مكان بينهم وهذه تجربة قد مر بها كل سوداني في الخليج وخاصة السعودية كثير من التجارب التي نسمع بها هنا وهناك كلها تصب في خانة ان كل سوداني افريقي وحتي الرشايدة فهم لايعترفون بان السودانيين عرب فهم ينظرون لانفسهم فقط فتجدهم يطلقون علي السودانيين بانهم عجمان فاذا يا اخواني السودانيين تعالو الي كلمة سواء بيننا جميعا بان ننبذالخلاف ونعيش في سلام ويتحقق الامن للجميع

  3. المكون العربي الذي تتحدث عنه لا وزن ولا قيمة له عند العرب العاربة وانت عارف الحقيقة دي كويس ،لكن ممكن تقول السودانيين أفارقة ذوي ثقافة إسلامية من غير تنظير وكلام كتير

  4. المقال متوازن وجاد – ولم ارى داعيا لانتقاده هكذا ( حسب رأي المتواضع على الاقل ) بل دعى الى اعطاء الفرصة لكل المكونات بالتساوي وهذا هو المطلوب ان نحترم بعضنا البعض وهذا مدخل للعيش بسلام
    الموضوع الان موضوع وطن لابد من التوحد وازاحة الكيزان الذين جعلوا من الوطن ملك لهم عاثوا فيه فسادا وسرقات وتخريب وفرقة وتقتيل

  5. الا يعرف كاتب المقال ان اطراف السودان كلهم رطانة اي افارقة ودا بخلاف الوجود الكثيف في اوساط السودان

  6. … البقرا كلامك ده بتخيل حاجة واحده انو بما يسمى بهذا السودان دولة شامية او خليجية وهناك (اقليات افريقية) ؟؟؟ تسكن هذا الوطن الكبير ..

    … والله حاجة تحير … يااخ بنظرة خاطفة سريعة فى اى بقعة من بقاع السودان ده ما بتشووف الا افريقيا … كرهتونا …

  7. انت عارف كل القبائل السودانية تدعي العروبة وليس القبائل السودانية فقط بل كل القبائل الافريقية واصبح الانتماء للعرب نوع من الفخر بالرغم من انو العرب جرب زي ما يقولو وانو الصحابة كافة كانو يفتخرون بالانتماء للدين الاسلامي وهناك مقولة لسيدنا عمر رضي الله عنه وارضاه قال (نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فانبتغينا العزة بغيره اذلنا الله) ودي حكمة ينبغي ان يقتدي بها كل سوداني والمشكلة الاخرى انو اي سوداني وان اختلف شكله ولونه عن بقية معظم السودانيين السود او السمر سمه ما شئت فانه لن يكون ضمن قوافل فبائل العرب التي تعيش في الجزيرة العربية وليس له مكان بينهم وهذه تجربة قد مر بها كل سوداني في الخليج وخاصة السعودية كثير من التجارب التي نسمع بها هنا وهناك كلها تصب في خانة ان كل سوداني افريقي وحتي الرشايدة فهم لايعترفون بان السودانيين عرب فهم ينظرون لانفسهم فقط فتجدهم يطلقون علي السودانيين بانهم عجمان فاذا يا اخواني السودانيين تعالو الي كلمة سواء بيننا جميعا بان ننبذالخلاف ونعيش في سلام ويتحقق الامن للجميع

  8. المكون العربي الذي تتحدث عنه لا وزن ولا قيمة له عند العرب العاربة وانت عارف الحقيقة دي كويس ،لكن ممكن تقول السودانيين أفارقة ذوي ثقافة إسلامية من غير تنظير وكلام كتير

  9. المقال متوازن وجاد – ولم ارى داعيا لانتقاده هكذا ( حسب رأي المتواضع على الاقل ) بل دعى الى اعطاء الفرصة لكل المكونات بالتساوي وهذا هو المطلوب ان نحترم بعضنا البعض وهذا مدخل للعيش بسلام
    الموضوع الان موضوع وطن لابد من التوحد وازاحة الكيزان الذين جعلوا من الوطن ملك لهم عاثوا فيه فسادا وسرقات وتخريب وفرقة وتقتيل

  10. الا يعرف كاتب المقال ان اطراف السودان كلهم رطانة اي افارقة ودا بخلاف الوجود الكثيف في اوساط السودان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..