الناقمون والبدلاء

حامد إبراهيم حامد

أزمات السودان المستفحلة بسبب عدم الثقة بين الشركاء في الحكم أوجدت على المتنفذين في الحزب الحاكم البحث عن سبل وبدائل للي اذرع الشركاء المتشاكسين الناقمين على سياساته ولذلك كلما دخل الحزب في ازمة ما مع شريك ما لجأ لهذه الوسيلة، وآخر إبداعات البدلاء عن الناقمين هو إعلان القيادي في الحركة الشعبية قطاع الشمال دانيال كودي عزل كل من مالك عقار وياسر عرمان وعبد العزيز الحلو وآخرين من مناصبهم وتولي هو القيادة ليس من النيل الازرق ولا جنوب كردفان وانما من الخرطوم قيادةالحركة والتى يعلم انه لن يستطيع قيادتها وان ما فعله هو مجرد املاءات من الشريك الجديد ليكون بديلا مقبولا عن هؤلاء القادة حتى إشعار آخر.

فإعلان دانيال كودي عزل قادة حركته بجرة قلم ليس هو الاول ولن يكون في السياسة السودانية الراهنة، فقد سبقه آخرون كثر تعامل معهم الحزب الحاكم بعدما انشقوا عن أحزابهم الرئيسية ولكن رغم ذلك فإن أزمات السودان تظل هي هي، لأن الهدف ليس حلها وانما تسكينها بوجوه جديدة من الصف الثاني أو الثالث من حزب شريك متشاكس أو حركة متشاكسة.

فقد تعامل الحزب الحاكم مع مجموعة الراحل زين العابدين الهندي كبديل للحزب الاتحادي الديمقراطي عندما طرح زعيمه مقولة سلم تسلم، ولكن ظل الاتحادي هو هو، بعدما انقسم الى فصائل واجنحة، بعض قادته مع المؤتمر الوطني والآخرون ما بين من يتعاملون معه وفقا لاملاءات الزعيم محمد عثمان الميرغني والبعض يتفرج على الوضع المزري لحزب الاستقلال.

وتعامل الحزب الحاكم أيضا بسياسة البدلاء والناقمين مع مجموعة مبارك الفاضل المهدي عندما رفض الامام الصادق المهدي الدخول في شراكة معه وانشق مبارك الفاضل بمجموعته التي انشقت على نفسها واصبح لكل قيادي في المجموعة حزب فيما عاد مبارك الفاضل الى حظيرة الحزب.

وتعامل النافذون في الحزب الحاكم مع الحركة الشعبية بعد وفاة زعيمها الراحل جون قرنق بسياسة ايجاد البديل فظهر لام اكول بحزب الحركة الشعبية للتغيير ولكنه فشل في ايجاد ارضية في الجنوب المنفصل، فاصبح الحزب لا هو شمالي ولا هو جنوبي خاصة بعدما اكتشف الجنوبيون حتى لقيادات في المؤتمر الوطني الحقائق التي كانت غائبة عنهم بعدما اجبروا عنوة للذهاب للجنوب، الامر الذي جعل الدكتور رياك قاي القيادي السابق بالمؤتمرالوطني يعلن تسليم مفاتيح ومعدات وسيارات المؤتمر الوطني بالجنوب لشباب الحركة الشعبية.

ولم يقف التعامل مع الجنوب ولا حزبي الامة والاتحادي وانما تعداه لدارفور بعد توقيع اتفاقية ابوجا والتي جاءت بمني اركو مناوي زعيم حركة تحرير السودان لمنصب كبير مساعدي الرئيس، والذي غادر الخرطوم لا حقا بعد اقل من اربع سنوات ناقما على شركائه الذين تعاملوا معه ايضا بسياسة البديل الجاهز باستقطاب عدد من قادة حركته فأسسوا حركة موالية واعلنوا على عجل اعفاء مناوي من منصب رئيس الحركة وقائد جيشها.

ولكن رغم ذلك إلا أن الحزب الحاكم لم يمنحهم ما كانوا يطمعون فيه، وظل مناوي زعيما لحركته بل تحالف مع الحركة الشعبية ورفيقه السابق عبد الواحد محمد نور وازداد خطورة اكثر فيما ان البدائل اصبحوا يتحدثون في مناسبات من الخرطوم ولا اثر لهم خارجها. والحزب الحاكم الذي هندس لهم هذا الو ضع يدرك ذلك جيدا ولكنه يبحث عن بديل آخر لهم يجب ما بعد مناوي وابوجا التي ذهبت الى مذبلة التاريخ بوفاة مهندسها الاول الراحل الدكتور مجذوب الخليفة وخلاف مهندسها الثاني مناوي مع الشركاء وخروجه من القصر الى غابات الجنوب.

هذه هي الحلول الجاهزة التي ظل الحزب الحاكم يطرحها للجميع للخروج من ازمات يدخل فيها نفسه عمدا، أو عندما يريد ان يجر شريكا قويا كحزب الامة أو الاتحادي الديمقراطي للشراكة في الحكم، فأتى بلام أكول للي ذراع الحركة الشعبية بعدما تعثرت اتفاقية نيفاشا خلال فترة الشراكة وفشل المصفوفات، ولكن الاتفاقية مضت بشرها وخيرها وانفصل الجنوب، ولكنها أتت للسودان بجنوب جديد متاخم للجنوب السابق، واخذ هذا الجنوب الجديد من الاتفاقية حقوقا جعلت من جنوب كردفان والنيل الازرق وابيي بؤرا ملتهبة بعلم ورغبة الحكومة السودانية التي تبحث الان عن بديل للجنوب الجديد بقادة جدد يقودهم دانيل كودي.

المعضلة الرئيسية ان الخرطوم تعلم علم اليقين ان دانيال كودي ليس البديل المناسب ولا المؤهل لعقار وعرمان والحلو، لان هؤلاء معهم جيش جرار من المقاتلين وعلاقات خارجية ليس دولة الجنوب المتهمة بالتورط في خلق ازمات الشمال فقط وإنما دول أخرى جارة للسودان الشمالي ، ومعهم أيضا المجتمع الدولي الضامن لاتفاقية نيفاشا التي قبرتها التطورات الأخيرة بأبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق.

فما حدث هو إعادة إنتاج الأزمة بوجوه جديدة وتحاشي الوجوه المعروفة التي هي الاساس وحل لأي أزمة في الجنوب الجديد بدونها، فكان الاجدر أن تتعامل الخرطوم مع الواقع الجديد الذي فرضه انفصال الجنوب بأكثر قدر من المرونة، فالوجود المسلح للحركة الشعبية بجنوب كردفان والنيل الازرق مقنن بالدستور الانتقالي والحكومة تدرك ذلك جيدا ولكنها في إطار كيدها للحركة الشعبية بعد انفصال الجنوب تريد تجريدها من السلاح ومنعها من العمل السياسي بالشمال.

وهذا الوضع قاد إلى هذا التدهور المريع والعودة لمربع الحرب، وإعادة إنتاج الأزمة من جديد بدخول السودان في نفق الحرب التي كان الجميع لم يتحسبوا لها بعد نيفاشا وانفصال الجنوب، فلا نيفاشا حققت الاستقرار للشمال والجنوب ولا انفصال الجنوب منع الحرب في الشمال والتي انتشرت من دارفور غربا حتى النيل الأزرق على الحدود الاثيوبية شرقا.
هذا الواقع لا تنفع معه سياسة التعامل مع البدلاء عن الناقمين من الشركاء، وإنما التعامل مباشرة مع الناقمين الأصليين لانهم هم الذين بأيديهم القرار، فدانيال كودي لن يحل أزمة الجنوب الجديد مثلما لم يحل مجموعتي الهندي ومبارك الفاضل مشكلة عدم مشاركة الصادق المهدي والميرغني في الحكم، ومثلما لم تحل بدلاء مناوي بالخرطوم أزمة دارفور. فلا غنى عن عقار في حل أزمة الجنوب الجديد إلا عقار نفسه، فإعلان الحرب عليه والإيعاز بطرده من رئاسة حركته من قبل بدلاء موالين للحزب الحاكم انتحار سياسي قبل أن يكون عملا عسكريا.

الراية القطرية

تعليق واحد

  1. كلام موضوعى جدا . ويا ليت القوم يدركون قبل فوات الاوان . التساوى وبداية السباق من جديد ، مافى مشكلة يا نافع . ان تاتى متاخرون خير من ان لاناتى . ختو الرحمن فى قلبكم . وليبقى الجميع على قدر المسؤولية .

  2. اذا فشل حزب المؤتمر الوطني هل الحركة الشعبية هو السبب في ذلك ……………؟
    اللاوطني يا استاذ/ دائما بتنقد المواثيق والاتفاقيات والدساتير…………..

  3. بصراحة أنا لست مؤتمر وطني و ليس معارضة ايضاً حادب فقد على غستقرار و مصلحة البلاد العليا و قد أعجبني ورود التحليل الآتي في الموضوع أعلاه الذي ربما يكون عاكساً لصلب المشكلة المجمدة! و هو (المعضلة الرئيسية ان الخرطوم تعلم علم اليقين ان دانيال كودي ليس البديل المناسب ولا المؤهل لعقار وعرمان والحلو، لان هؤلاء معهم جيش جرار من المقاتلين وعلاقات خارجية ليس دولة الجنوب المتهمة بالتورط في خلق ازمات الشمال فقط وإنما دول أخرى جارة للسودان الشمالي ، ومعهم أيضا المجتمع الدولي الضامن لاتفاقية نيفاشا التي قبرتها التطورات الأخيرة بأبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
    فما حدث هو إعادة إنتاج الأزمة بوجوه جديدة وتحاشي الوجوه المعروفة التي هي الاساس وحل لأي أزمة في الجنوب الجديد بدونها، فكان الاجدر أن تتعامل الخرطوم مع الواقع الجديد الذي فرضه انفصال الجنوب بأكثر قدر من المرونة، فالوجود المسلح للحركة الشعبية بجنوب كردفان والنيل الازرق مقنن بالدستور الانتقالي والحكومة تدرك ذلك جيدا ولكنها في إطار كيدها للحركة الشعبية بعد انفصال الجنوب تريد تجريدها من السلاح ومنعها من العمل السياسي بالشمال.
    وهذا الوضع قاد إلى هذا التدهور المريع والعودة لمربع الحرب، وإعادة إنتاج الأزمة من جديد بدخول السودان في نفق الحرب التي كان الجميع لم يتحسبوا لها بعد نيفاشا وانفصال الجنوب، فلا نيفاشا حققت الاستقرار للشمال والجنوب ولا انفصال الجنوب منع الحرب في الشمال والتي انتشرت من دارفور غربا حتى النيل الأزرق على الحدود الاثيوبية شرقا.
    هذا الواقع لا تنفع معه سياسة التعامل مع البدلاء عن الناقمين من الشركاء، وإنما التعامل مباشرة مع الناقمين الأصليين)
    لك الله يا سودان لك الله يا سودان و حسبنا الله و نعم الوكيل من كل مدمر للسودان.

  4. الكلام هذا كيف يا ناس الموتمر الوثني أفيدونا علما …..
    يا عالم الدجل و الكذب و النفاق

    قيادات المؤتمر الوطني تتذمر وعمر البشير يغمى عليه بعد اتصال من ديبي
    September 11, 2011
    ( حريات خاص)
    أبلغ (حريات) مصدر مطلع وموثوق بأن عمر البشير أغمى عليه اثر اتصال هاتفي من الرئيس التشادي ادريس ديبي يوم الثلاثاء 6 سبتمبر .
    وأكد المصدر لـ (حريات) بأن الاتصال تضمن معلومات صاعقة لعمر البشير تتعلق بحركة العدل والمساواة ، وامتنع المصدر عن اضافة أية معلومات اخرى ، ذاكراً بأن اوانها لم يحن بعد ، وربما يحين قريباً .
    وأضاف بأنه مما فاقم أزمة عمر البشير وأدى الى دخوله في (الكوما) ، ورود تلك المعلومات في وقت اندلعت فيه الحرب في النيل الأزرق ، وجبال النوبة ، فضلاً عن تنامي السخط في أوساط قيادات المؤتمر الوطني النافذة على طريقة ادارة الحرب السياسية والعسكرية في المنطقتين .
    وقال ان ما يؤكد معلوماته عن اغماء البشير غيابه عن اجتماع المكتب القيادي للمؤتمر الوطني يوم الثلاثاء 6 سبتمبر ورئاسة الاجتماع بواسطة علي عثمان محمد طه .
    وأضاف بانه للتأكيد فان غياب عمر البشير عن المكتب القيادي يختلف عن غيابه عن اجتماع مجلس الوزراء يوم الاثنين 5 سبتمبر ، ففي الحالة الأولى كان الأمر يتعلق بضرورة دفع علي عثمان لاتخاذ موقف واضح من الحرب في النيل الأزرق وقيادته للتعبئة حتى يقطع عليه الطريق من ادعاء انه مع السلام ، خصوصاً وان قرار الحرب اتخذته المجموعة التي ترى بان الحرب سببها نيفاشا كاتفاقية وليس التنصل من تطبيقها وانكار حق القوميات المهمشة في حقوقها السياسية والتنموية والثقافية ، ويقودها الطيب مصطفى في تحالف بين اسرة البشير وعبد الرحيم محمد حسين وتهدف للاطاحة بعلي عثمان .
    وأكد بأن غياب عمر البشير عن اجتماع المكتب القيادي لم يكن لأسباب سياسية تكتيكية وانما لأسباب صحية .
    ومن جهة اخرى ولكن ذات صلة أضاف المصدر ان قيادات المؤتمر الوطني النافذة لم تعد تخفي امتعاضها ، فيقول نافع علي نافع بأنه غير مقتنع بما يجري ولهذا رفض الظهور في المؤتمر الصحفي لكمال عبيد وسناء حمد السبت 3 سبتمبر وتركهما لوحدهما رغم اعلان حضوره في البداية .
    و يقول غازي صلاح الدين انه نقل لعمر البشير بأن الحملة الدولية حول الأوضاع في جبال النوبة والنيل الأزرق تتصاعد ، وان هناك أنباء عن نشاط في الشرق لفتح جبهة عسكرية جديدة ، وان قيادات عربية نصحته بأن ما يجري في المنطقة ربما ينتقل الى السودان ، واقترحوا اجراء معالجات سريعة . وبحسب رواية غازي فان عمر البشير قال له بان ( الخواجات) ( حيكوركو ويسكتو) ، فلا تهتموا لامرهم ، ولكن أريد منكم الاهتمام بالقوى السياسية وبالاعلام .
    وأضاف المصدر بان توجيه البشير بالاهتمام بالقوى السياسية يهدف الى ارباكها بحيث لا تترافق أي تحركات لهذه القوى مع الحرب في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور ، فينفرد المؤتر الوطني بالحركات المسلحة وظهره مؤمن في الخرطوم .
    وقال ان هذا السبب فيما يتسرب حالياً عن مشاركة حزب الأمة واعطاء 50% أو 60% من المقاعد للمعارضة ، فالهدف ارباك هذه القوى وجعلها تناقش هذا الأمر الزائف وتنشغل به الى حين تحقيق انتصارات عسكرية في المناطق الساخنة حالياً . وقال ان هذا الأمر زائف لأن السلطة الحقيقية لدى عمر البشير شخصياً ، وحتى قيادات المؤتمر الوطني ليس لديها حالياً سلطات معتبرة. هذا اضافة الى سيطرة عمر البشير والمؤتمر الوطني على الأجهزة العسكرية والأمنية والخدمة المدنية والقضاء والمال والاعلام وغيرها من مصادر السلطة مما يعني انه حتى لو تم اشراك قوى اخرى وبنسبة تصل الى 80% من مجلس الوزراء فانها لا تعدو كونها ( مكياج) لسلطة الانقاذ الحقيقية التي تريد تخفيف الضغط عليها وتخشى من اندلاع انتفاضة ضدها في وقت انشغالها بالمعارك العسكرية الساخنة .
    وأضاف المصدر المطلع والموثوق لـ (حريات) بأن قيادات نافذة عديدة في المؤتمر الوطني ، من بينها علي عثمان ونافع وغازي صلاح الدين ومصطفى عثمان ، اضافة الى أعداد كبيرة من القيادات العسكرية صاروا يعلنون ضيقهم بالدور المركزي الذي يشغله الطيب مصطفى ، ويرون بأنه مع عمر البشير ، يتحمل المسؤولية الرئيسية عن انفجار الحرب في جبال النوبة والنيل الأزرق .
    وصارح غازي صلاح الدين عمر البشير بذلك ولكنه رد عليه بان الحرب قررتها القوات المسلحة وغير قابلة للمناقشة ، ولم يجرؤ غازي على الرد بان كثيرين من ضباط القوات المسلحة يرون نفس آرائه وغيره من المدنيين ، ولكنه يتهكم للمقربين منه بأن الطيب مصطفى بعد ان اشعل الحرب لم يتقدم الى طليعة (الجهاد) وازور وترك الأمر لسناء حمد ( وزيرة الدولة للاعلام، حديثة التخرج من الجامعة وتعمل الى وقت قريب كرئيسة تحرير للصحيفة الطلابية للمؤتمر الوطني ) .
    وعلق محلل سياسي لـ (حريات) بأن هذه المعلومات مهمة من جهة معرفة المناخ المعنوي في المؤتمر الوطني ، ولكن لابد من أخذها في اطار ان هؤلاء يتذمرون وفي ذات الوقت يتزلفون ويتبعون عمر البشير .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..