رجعنالك!

فى أيام الجاهلية، كانت النساء يغرفن بأيديهن من تراب الأرض ويهلنه على رؤوسهن تعبيراً عن حزنهن على من يتوفى من أقاربهن . وفى السودان فى أزمنة أخرى ، كانت النساء يمارسن تلك العادة مقرونة بلفظ نواح : ( الحى ووب)!

وفى وقت لاحق ، وقبل ظهور (الدش) -بضم الدال- كان الإستحمام يتم بالجردل، ويكون المرء داخل (طشد) حديدى أو نحاسى،يغرف من الماء الموجود بالجردل ويهيله على جسده الساكن داخل الطشد. كنى السودانيون العملية التى يجرى بها ذاك الإستحمام بنفس عبارة النواح (الحى ووب)، وذلك لتشابه الحركة العضلية فى كلتيهما ،مع اختلاف (المصبوب) على الرأس.

فى الأيام الفائتة أجاز البرلمان قانون (مكافحة الفساد والشفافية والاستقامة) ، ومسمى القانون أولاً – إن صح هذا الإسم الذى تناقلته الصحف – من ناحية اللغة فيه خلل باد للعيان، إذ أن ( المكافحة) هنا تنصرف للفساد والشفافية والإستقامة ! بمعنى أوضح، وكأنما يرغب القانون فى مكافحة الثلاث معا !!!!! فحرف الواو المكرر يسمى (واو المعية)!

على أى حال ليس هذا بطلبنا . ثم منذ متى كان يستقيم الظل و (العود) أعوج ؟!!

المهم، شهدت جلسات البرلمان المعنية باجازة القانون جدلاً بين رئيس البرلمان (إبراهيم أحمد عمر) والعضو القانونى (عبدالباسط سبدرات ). وملخص الجدل أن سبدرات قد أبدى اعتراضا على إلحاق صفة (الاستقامة) بإسم المفوضية المراد إنشائها كآلية تعين على حصر الفساد! ! وقال أن هذا إسم يدعو للسخرية. ونافح رئيس البرلمان عن صفة الإستقامة وبرر دفاعه عنها بأنها كلمة (قرآنية ومرتبطة بالشريعة)، متهماً فى ذات الوقت السيد/سبدرات بعبارات تشى بأن الأخير وكأنه يعمل من أجل إقصاء المسميات الإسلامية أو يسخر منها . الجدير بالذكر أن سبدرات كثرت فى الآونة الأخيرة مناوشاته البرلمانية .

بعد أن ماتت تجربة الإسلام السياسى فى السودان، وتأكد الناس من ذلك، فإن السيد رئيس البرلمان بدى وكأنه يهيل التراب على رأسه نائحا: (الحى ووب على التجربة ) ،ويحاول إعادتها للحياة ولو (بكلمة) ،بينما يغرف سبدرات من (الجردل) ماء طهورا ليغسل به (بعضاً ) من آثار تجربته مع الإنقاذ وهو قابع فى (طشدها) مغنيا :( رجعنالك، وكيف نرفض رجوع القمرة لى وطن القمارى)!

ثم يصرخ:(الحى ووب) من برودة ماء الجردل!

محمود، ،،،،،
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..