دارفور ( المال مقابل السلاح )

في الايام السابقة نشطت صحافة الخرطوم في نشر مانشيتات وعناوين تتحدث عن عملية جمع السلاح بدارفور ، وهي خطوة مهمة وضرورية في سبيل وقف حمام الدم الذي جعل اجفان الامن لا تنام في دارفور ، واصبح الموت فيه سهلا وبلا اسباب .
وفي ذات الوقت تظل خطوة جمع السلاح خطوة صعبة ومعقدة في ظل عدم استباب الامن بالإقليم ، فان كان توفر السلاح هو سبب في عدم توفر الامن فان عدم توفر الامن هو سبب رئيسي لامتلاك الاهالي والقبائل لهذا السلاح ( الدجاجة من البيضة والبيضة من الدجاجة ) . هكذا يقول الواقع الامني في دارفور .
كما ان القيام بخطوة جمع السلاح دون خطة محكمة وتنفيذ شفاف وعالي الدقة ، أي ان فشل عملية جمع السلاح يعني اشتعال الاقليم ، واعلان لفشل أي محاولة اخر لجمع السلاح مستقبلاً .
ان عملية جمع السلاح هي عبارة عن رصاصة واحدة في خزنة الدولة فان فشلت في اصابة الهدف فليس هنالك طريقة لمحاولة واحدة ، وحديثنا هذا ليس دعوة لتأخير تلك الخطوة ولكن هو دعوة للتخطيط الجيد لتلك الخطوة والعملية .
لماذا انتشر السلاح بدارفور ؟؟؟
الاجابة على هذا التساؤل ومعرفة سبب المشكلة هو مرتكز اساسي في معالجتها ، ولانتشار السلاح بدارفور اسباب تتمثل في الاتي .
1-مصدر رزق
أ – تجارة السلاح فالمعلوم ان تجارة السلاح تمثل العنصر الثاني الاكثر خطورة الذي يواجه كل الدول والمجتمعات بغض النظر هذه المجتمعات كانت تنعم بالأمن او تشهد اضطراب امني ، فتجارة السلاح تأتي مباشرة بعد تجارة المخدرات . من حيث الخطورة على الدول .
وان وجدنا العذر للدول الذي تشهد اضطرابات امنية فان هنالك دول تعاني من امتلاك الافراد للسلاح وتأتي امريكا على راس هؤلاء برغم ان القانون الامريكي وتشريعاته تسمح بذلك ، الا ان ذلك يمثل خطر امني عليها فهنالك ما يقارب 10 الف حالة قتل سنوية بأمريكا بسبب هذا القانون فتجارة السلاح العالمية او المحلية هي مصدر رزق كثير الربح .
ب- ان دارفور ومن نهاية القرن الماضي كان ينشط فيها ما يسمى بالنهب المسلح وهو مصدر رزق لجماعات ظلت تمتهن تلك الافعال ، وزاد الامر بازدياد انفراط عقد الامن .
2-السلاح ثقافة
يقول اهلنا ( العصاية من الكلب والسكين من السلب ولقمة الصباح مسمار قلب ) فهذه ثقافة تدعو كل فرد لامتلاك شيء يحمي به نفسه ، ويتطور هذا الشي بتطور الحاجة فتصبح السكين كلاش ودوشكا .
3-السلاح مصدر اجتماعي .
وبقدر ما تمثل الفيلا والسيارة مصدر اجتماعي مهم في كثير من ثقافة الناس فان نوع السلاح الذي تمتلكه اصبح يمثل مرآة تعكس بوضوح مكانتك الاجتماعية .
4-الخلفية العسكرية .
بالرجوع الى شخصية انسان دارفور تجد انه عرف بالفروسية والرجولة وحبه للعسكرية ، ولقد لعبت الحكامات دور كبير في تعزيز تلك الثقافة ، ونجد ان ابناء دارفور بالمؤسسات العسكرية كانوا يمثلون قرابة الثمانين بالمائة من قوام الجيش السوداني (راجع الكتاب الاسود) والمعلوم ان مرتبات الجيش لا تمثل مصدر اغراء للانضمام اليه ولكن حب ابناء دارفور للعسكرية هو ما جعلهم بهذه النسبة في تكوين الجيش .
5-السلاح ضرورة
ان اعتماد انسان دارفور على الزراعة والري جعل امتلاك اهل الزراعة او الماشية للسلاح ضرورة ملحة لحماية ممتلكاتهم في ظل كثرت الامطار وقلتها وحركة الرعاة من منطقة لأخرى .
6-الاضطراب الامني
ان الاضطراب الامني الذي تشهده دول الجوار لإقليم دارفور ( ليبيا ? تشاد ? افريقيا الوسطى ? جنوب السودان ) ساعد بصورة كبيرة في سهولة تدفق السلاح لهذا الاقليم في ظل اضطراب الاقليم نفسه .
7-تسليح القبائل
بقيام حركات التمرد في دارفور ( خليل ? عبد الواحد ? مناوي ) ومشتقاتها وظهور الجنجويد والدعم السريع تسارعت وتيرة التسليح وتطورت انواع الاسلحة وانتشرت ثقافة السلاح بين الكل .
وزاد التوتر بين القبائل واصبحت الحرب بين القبائل مستمرة بلا توقفات .
هذه بعض الاسباب التي ادت الى انتشار السلاح بين المواطنين ولمعالجة هذه المشكلة لابد من معالجة الاسباب ، فالواقع يقول ان لكل ظاهرة اسبابها وتظل هذه الظاهرة قائمة ما لم تنتفي الاسباب التي ادت الى قيامها . وعلى الدولة ان تقوم بالاتي قبل بداية الاجراء الفعلي لجمع السلاح .
أ ? بسط الامن
على الدولة ان تبسط وجودها الامني ، حتى يحث كل مواطن بانه ليس بحاجة فعلية لامتلاك السلاح ، وهذا الامر ما لم يتنزل على ارض الواقع فان الخطب والتصريحات لا تجدي نفعاً فيه .
كما ان على الدولة ان تعمل على الوصول الى سلام عادل وحقيقي مع الحركات المسلحة ، فالحسم العسكري ليس وحده كافي لتحقيق الامن .
ب- الجانب الاعلامي
لابد ان يكون للإعلام دور كبير في نشر رؤية جمع السلاح وذلك من خلال وسائل الاعلام الجماهيرية ومواقع التواصل الاعلامي ومن خلال اللقاءات الجماهيرية ، وتفعيل دور قادة ورموز المجتمع ذات القبول لدى المواطنين وزعماء القبائل .
ج -التسليم الطوعي
لابد ان تكون هنالك فترة سماح طوعية للأهالي لتسليم السلاح الذي بحوزتهم ، وهذا الامر يتطلب جزئيتين مهمتين هما .
1-المال مقابل السلاح
فعلى الدولة ان تقوم بواسطة خبراء في الاسلحة بالعمل على تقييم قيمة كل سلاح ، ولابد ان يكون التقييم حقيقي لقيمة السلاح ، حتى يكون هنالك مقابل لتسليم الاهالي اسلحتهم التي اشتروها بمالهم .
وهذا الاجراء يساعد الاهالي على تسليم اسلحتهم كما انه يمنع تسرب هذا السلاح الى دول الجوار .
كما ان وجود مقابل مادي نظير تسليم السلاح يوفر للدولة واجهزتها الامنية سلاح كانت تشتريه من الخارج بعملة صعبة مما يضعف مخزون العملة الاجنبية بالبنك المركزي ، ويجعل هذا المخزون يتجه لاحتياجات اخرى مثل توفير الادوية بالبلاد .
اضافة الى ان وجود مقابل مادي نظير تسليم السلاح ، يضمن عدم تسرب هذه الاسلحة من المسؤولين عن جمع السلاح الى المواطنين مرة اخرى ( اعادة تدوير ) فدفع مقابل يعمل ايجاد حصر دقيق للسلاح الذي تم جمعه من الاهالي ، وحرص كل مواطن على اخذ قيمة سلاحه الذي سوف يقوم بتسليمه يجعل عملية التسليم تتم عبر القنوات المخصص لها .
2-اختيار الكفاءة والصدق
لابد على لجنة جمع السلاح ان تختار افراد ومنظومة على قدر كبير من الكفاءة والمصداقية والثقة لان وجود خلل في هذه العملية يكتب فشلها للابد ، بل ان اختيار الكفاءات عامل حاسم ومهم في نجاح عملية جمع السلاح .
فوجود عناصر وافراد غير صداقة ونزيهة يعمل على اعادة تدوير السلاح مرة اخرى الى ايدي المواطنين .
شترة
لو بتصدق الحدثك
بتصدق قول الناس
اضربني بمسدسك
املاني انا رصاص
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. مقال جيد جدا تشكر عليه يا ريت المسئولين فى السودان يعملوا به وهناك اشياء اخرى لم تذكرها مثل الجهل وسهولة اختراق الحدود من الدول المجاورة ودخول غرباء بثقافات السرقة والنهب والاحتماء ببطون لها فى دارفور وثقافة القتل لاتفه الاسباب دون اللجوء الى القانون فبعض القبائل عندها قتل الانسان شئ عادى جدا بينما بعض القبائل عندها قتل النفس اثم كبير ايضا ثقافة التمييز والتعصب للقبيلة او العنصر او اللون كذلك وجود غبن موروث لابد من معالجته …الخ.

  2. السلاح الذي بايدي المواطنبن في دار فور كله يتبع للنظام لانه هو الذي سلح القبائل التابعه له والافراد التابعين للحزب لحمايته والان يتكلم النظام كذبا عن اسباب اخري لانتشار السلاح

  3. فى التسعينات حاولت الحكومة جمع السلاح فى غرب دارفور عندما كان عبدالرحيم محمد حسين وزيرا للداخلية فتم نزع الصلاحيات الأمنية من والى الولاية محمد فضل وتعيين اللواء أحمد الدابى مسؤولا عنها ولكن الذى حدث أن الحكومة كانت تنزع سلاح المساليت بينما تسلح المجموعات العربية المحلية والمتدفقة من تشاد ثم حدثت عملية أشبه بالإبادة ضد المساليت العزل فتم حرق قراهم ومقتل الآلاف منهم دون أن تتحرك الحكومة لحمايتهم،، واليوم نتيجة لتلك المأساة والأحداث المشابهة التى أصابت القبائل الأفريقية الأخرى خاصة الفور والزغاوة لا يثق أحد فى جدية الحكومة لنزع السلاح وهى التى سلحت قبائل بأكملها ووافدين لإبادة قبائل أخرى وهى حقيقة يعرفها حتى راعى الضأن فى خلاء دارفور الواسعة.

  4. مقال جيد جدا تشكر عليه يا ريت المسئولين فى السودان يعملوا به وهناك اشياء اخرى لم تذكرها مثل الجهل وسهولة اختراق الحدود من الدول المجاورة ودخول غرباء بثقافات السرقة والنهب والاحتماء ببطون لها فى دارفور وثقافة القتل لاتفه الاسباب دون اللجوء الى القانون فبعض القبائل عندها قتل الانسان شئ عادى جدا بينما بعض القبائل عندها قتل النفس اثم كبير ايضا ثقافة التمييز والتعصب للقبيلة او العنصر او اللون كذلك وجود غبن موروث لابد من معالجته …الخ.

  5. السلاح الذي بايدي المواطنبن في دار فور كله يتبع للنظام لانه هو الذي سلح القبائل التابعه له والافراد التابعين للحزب لحمايته والان يتكلم النظام كذبا عن اسباب اخري لانتشار السلاح

  6. فى التسعينات حاولت الحكومة جمع السلاح فى غرب دارفور عندما كان عبدالرحيم محمد حسين وزيرا للداخلية فتم نزع الصلاحيات الأمنية من والى الولاية محمد فضل وتعيين اللواء أحمد الدابى مسؤولا عنها ولكن الذى حدث أن الحكومة كانت تنزع سلاح المساليت بينما تسلح المجموعات العربية المحلية والمتدفقة من تشاد ثم حدثت عملية أشبه بالإبادة ضد المساليت العزل فتم حرق قراهم ومقتل الآلاف منهم دون أن تتحرك الحكومة لحمايتهم،، واليوم نتيجة لتلك المأساة والأحداث المشابهة التى أصابت القبائل الأفريقية الأخرى خاصة الفور والزغاوة لا يثق أحد فى جدية الحكومة لنزع السلاح وهى التى سلحت قبائل بأكملها ووافدين لإبادة قبائل أخرى وهى حقيقة يعرفها حتى راعى الضأن فى خلاء دارفور الواسعة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..