وزير الري والموارد المائية للراكوبة: سوف لن نبني سد كجبار لكي يغرق أراضي زراعية أو أثرية

* سوف لن نبني سد كجبار لكي يغرق أراضي زراعية أو أثرية

* موقفنا التفاوضي في سد النهضة بعد الثورة أكثر جرأة و أعظم قوة

* السودان يقف مع بناء السد لما له من فوائد للسودان على الرغم من وجود بعض السلبيات

* لم نتمكن من الدخول إلى مبنى مركز الإدارة العامة للدراسات منذ 24 مارس الماضي

حوار: سارة ضيف الله

بعد مضي عام على ثورة ديسمبر المجيدة تواجة حكومة الثورة عددا من التحديات و المصاعب و هناك ملفات أكثر صعوبة من غيرها لأنها ذات أبعاد إقليمية و دولية.
في هذا الحوار تقدمت الراكوبة ببعض الأسئلة لدكتور ياسر عباس وزير الري و الموارد المائية، لتسليط الضوء على ملفات بالغة الحساسية في تشابكاتها المحلية و الإقليمية و الدولية، فهذه الملفات بعضها يعتبر من تركة الإدارة السيئة للنظام البائد و فساده و بعضها خلف مرارات غير منسية، مثلما حدث في شمال السودان و مناطق أخرى من البلاد.. فإلى مضابط الحوار :

* د. ياسر أين تجد نفسك بعد مرور عام على ثورة ديسمبر… أحد أركان الثورة و خبيرها ام رجل الدولة و الكفاءة ذات المهام المحددة؟؟

مع ان مهام العمل اليومى بوزارة الرى استغرقتنا تماما لكن كان يجب الاهتمام اكثر بالواجب الثورى نحو تفكيك دولة الظلم لكى تكون البدايات صحيحة و المضي قدما نحو تحقيق شعارات الثورة بوتيرة أسرع مما هي الآن.

* السيد الوزير انت خبير في مجال الهيدروليكية (Hydraulic machinery)‏ و أنظمة الموارد المائية و بلادنا تتعدد بها مصادر المياه ما هي الأنظمة الحديثة المتوقع استخدامها، وما هي خطتكم في هذا المجال؟؟؟

هدفنا هو تعظيم الفائدة من مواردنا المائية سواء ان كان فى الأنظمة القديمة في مشروع الجزيرة و خزان سنار و باستخدام الطافة الشمسية فى مشروعات حصاد المياه من اجل توفير مياه الشرب في الارياف بأحدث الطرق. نعمل على إعادة تأهيل مشروع الجزيرة لكي يلعب دورا اكبر فى الاقتصاد السودانى كما نعمل على بناء مشروعات جديدة فى الرهد المرحلة الثانية و فى أعالي عطبرة وفق أحدث النظم.

* السودان لديه أكثر من ستة سدود إلى خزان مائي للري و توليد الكهرباء هل مازال هناك حاجه للمزيد؟؟؟

نعم هناك حوجة إلى المزيد من التوليد الكهربائى فى السودان نسبة لضعف تغطية الامداد الكهربائى و لزيادة الطلب على الكهرباء بنسبة تفوق ل 15% فى السنة.
تتعدد مصادر التوليد الكهربائى من الطاقة الشمسية أو التوليد الحرارى – لكن يظل التوليد المائي هو أرخص وسائل التوليد. سنعمل على تحديث دراسات السدود السابقة لكي لا تتسبب فى أضرار للسكان المحليين – مثلا بالاستفادة من التخزين في سد النهضة الاثيوبى لبناء سدود في السودان من غير بحيرات تخزين كبيرة و بالتالى عدم التسبب فى إغراق مساحات كبيرة على النيل ما يسمى بـ run-of-the-river dams

* ماهو موقفكم المتمثل في حكومة الثورة من سد كجبار الذي يقع في منطقة أثرية وذات بعد ثقافي و تاريخي.؟ وأين يقف هذا الملف؟؟؟

المؤسف ان حكومة العهد البائد تسببت فى كثير من المآسى بدعوى التنمية و ما تم فى كجبار أحد الأمثلة الصارخة لهذا الخطل. و الصحيح أن التنمية تبدأ من السكان المحليين و بمشاركتهم أى ما يسمى بال participatory planning. . سوف لن نبني سد كجبار لكي يغرق أراضي زراعية أو أثرية – و لكن كما اسلفت أعلاه سنعمل على تحديث دراسة السد مستفيدين من التخزين الإثيوبي لمعرفة ماذا إذا كان مجديا بناء خزان لتوليد الكهرباء و لكن بنفس منسوب الفيضان الحالي – أى من غير بحيرات للتخزين.

*سيادة الوزير كأحد أعضاء فريق التفاوض الخاص بالمياه العابرة و آثار سد النهضة الإثيوبي قبل سقوط النظام السابق و بعده.. هل اختلف موقف السودان السياسي في بعض الرؤى لصالح المصلحة العليا للبلاد وكيف؟؟؟

هذا سؤال جيد. موقف السودان الفني لم يتغير باعتبار أن السودان يقف مع بناء السد لما له من فوائد للسودان على الرغم من وجود بعض السلبيات – و الطبيعي أن ينبني الموقف السياسي على المعطيات الفنية. لكن نجد ان موقفنا التفاوضى بعد الثورة أكثر جرأة و اعظم قوة باعتبار أننا مسنودين من قبل الشعب السودانى مفجر ثورة ديسمبر العظيمة.

* اتهامات تواجه السودان حول ميوله إلى الطرف الأثيوبي في اتفاقية سد النهضة ماهو ردكم؟؟؟

السودان لا يميل إلى الطرف الإثيوبي و لا الطرف المصري – قلناها مرار و تكرارا ان السودان يميل نحو مصالحه فقط – و كما أسلفت السودان يرى بعض الفوائد من قيام سد النهضة أكثر من الآثار السالبة عليه. و نؤمن بأن مصالح السودان لا تهدد مصالح إثيوبيا ولا مصالح مصر طالما التزمنا بقواعد القانون الدولي للأنهار العابرة و التي تعبر عن الاستخدام المنصف و المعقول بواسطة الدول المتشاطئة من غير إحداث ضرر ذو شأن على الآخرين.

* من المقرر أن تبدأ اثيوبيا ملء السد في يونيو المقبل كأحد إنجازاتها لعبور الانتخابات ماهو الأثر المتوقع على السودان خاصة أن السد غير مكتمل التشييد؟؟؟

نعمل هذه الايام فى التواصل مع جمهورية مصر و كذلك دولة إثيوبيا للرجوع للتفاوض لتكملة الجزء المتبقي من الاتفاق الذى قطع مراحل طويلة قبل أن يتوقف بسبب غياب اثيوبيا عن الاجتماع الاخير فى نهاية فبراير الماضى و حدوث جائحة الكرونا في مارس و ابريل. والسودان يعمل باصرار على توقيع اتفاق قبل البدء فى ملء السد نسبة لتأثره المباشر من تشغيل السد.

*ما هي الأضرار المتوقعة على السودان من سد النهضة الإثيوبي على المدى المتوسط و كيف يمكن تعويضها سريعا؟؟؟

الأضرار المتوقعة من تشغيل سد النهضة الاثيوبى تتمثل فى تخفيض مساحات الجروف و مساحات الري الفيضي – و يمكن العمل على تحويل هذه المساحات من ري موسمي الى ري مستدام في المستقبل. ايضا تقليل الطمي فى النيل على الرغم من فوائده الكبيرة فى تقليل الاطماء بالخزانات و قنوات الري لكن نتوقع أن تحدث بعض التغيرات المورفولوجية فى النهر – شبيهة بالتغيرات فى نهر النيل بعد قيام السد العالي – وهي اضطراب حركة الطمي فى النهر نسبة لحجز الطمي فى سد النهضة.

* هناك حديث من المعارضة الإثيوبية عن خلل في بناء سد النهضة كيف يتم النظر لموضوع السلامة الإنشائية في التفاوض؟؟؟

موضوع سلامة السد من المواضيع الهامة التى تم التركيز عليها منذ البداية في عام 2013 و ما بعده فى إجراء بعض التعديلات التصميمية التي زادت من سلامة السد الانشائية و تمت الإشادة بذلك فى إعلان المبادئ الذى تم التوقيع عليه بواسطة الدول الثلاث فى عام 2015. لكن أمان السد ايضا يشمل الجوانب التشغيلية و كمية المياه التى تعبر السد فى الأوقات المختلفة و تبادل البيانات مع سد الروصيرص و هذا من صلب مسودة اتفاقية سد النهضة التى يجري التفاوض حولها الآن .

*لماذا يتم إدارة ملف سد النهضة من قبل المخابرات المصرية عوضا عن الخبراء في هذا الملف الحساس ذو الطبيعة الفنية؟؟؟

هذا السؤال يوجه الى الأخوة في مصر – لكن لتعقيد طبيعة مثل هذه الملفات و تداخل الجوانب الفنية مع الجوانب الأمنية و السياسية تجد أن وفد التفاوض من كل دولة يتكون من ممثلين من وزارات الري و الخارجية و جهاز الأمن و المخابرات.

* مركز الادارة العامة للدراسات و نظم المعلومات التابع لوزارة الري الذي تم الاستيلاء عليها أين وصل هذا الملف وهل كان هناك فقدان لأي مستندات؟؟؟

ما زال الأمر معلقا بيد مجلس الوزراء و اتصالاته مع المجلس السيادي. لا نعلم ما إذا كان هناك تلف أو فقدان لأى من المستندات لأننا لم نتمكن من الدخول إلى المبنى منذ 24 مارس الماضي.