مقالات سياسية

تقتيل و تمثيل وحرق للجثث في نهار رمضان… أي نوع من البشر أنتم !!؟

أحمد محمود كانم

تقوم القبلية أساساً  على التضامن والتنافس وفق مبدأ التعارض التكاملي “أنا ضد أخي، وأنا وأخي ضد أبناء عمنا، ونحن وأبناء عمنا ضد أهل الأرض أجمعين”. وهذه الفوضى المنظمة شيئا ما والناتجة عن هذه الآلية المزدوجة في الانفصال والاتصال كانت دائما تنعت في الوظائفية كخصيصة جوهرية للمجتمعات القبلية “الانقسامية” والتي توصف أحيانا بأنها “بلا زعيم” أو “بلا دولة”. والصراع الفردي (الثأر) أو الجماعي (الحرب بين القبائل) هو الوسيلة الأساسية وربما الوحيدة التي كانت هذه المجتمعات تحل بها التناقضات التي تنشب بين أفرادها أو جماعاتها.

* ولأن السودان كغيره من الدول القبلية فعادة ما تتمحور أسباب الصراع القبلي المسلح فيه حول أحد الأمور الثلاثة :
إما بأوامر وتوجيهات  مباشرة  من قبل بعض المسؤولين الحكوميين الصاعدين إلي الهرم  المناصبي علي أكتاف وجماجم قبائلهم  مستغلين نفوذهم  السلطوي في تركيع بعض القبائل المحيطة المختلفة عنهم في اللون أو اللسان أو غيره  عن طريق إنتزاع أموالهم وممتلكاتهم وحتي أراضيهم الزراعية  .وهذا يرجع في ذاته لأحد السببين : اما إنتقاما من هذه القبيلة  بسبب خصومة سابقة  كامتناع أفرادها في يوم ما عن دعم المسؤول المعني في محطة من محطات قذارته  ، أو طمعا في أرضها وممتلكاتها  وأسباب أخرى يعلمها جوكية  النزاعات في الأنظمة الشمولية المتعاقبة تحت ذرائع ومبررات مختلفة .
* أما الأمر الثاني : فهو  الصراع حول  المراعي وموارد المياه  ،  وهو أمر شائع  وسط جميع قبائل السودان الزراعية والرعوية  منذ القدم ، تقل أو تكثر حسب وعي أفراد القبيلة وقادتها ..

وما أقلهم اليوم  _خصوصاً في دارفور _ رغم التقدم العلمي والمعرفي!

* و الثالث من دوافع إشتعال نيران الحرب بين القبائل في السودان :  السرقة والنهب المسلح  ، وهو أخطر أنواع الدوافع  وأكثرها انتشاراً وأبشعها نتاجاً.

وذلك لأن اللصوص الجناة  عادة ما يتسللون إلي مناطق إحدي المناطق و الفرقان الآمنة  فينهبون ويَقْتِلــــونَ وأحيانا يتصدى لهم أرباب الأملاك  فيٌقْتلــــون ومن ثم يستترون خلف قبائلهم  ، لتعقب ذلك ردود أفعال أكثر قساوة من قبل الكيانات القبيلة الحاضنة لكل من المعتدي والمعتدي عليه ، مما ينمي عوامل الخطورة بين الطرفين ، وتدور عجلة الثأرات  التي ستحل بالدمار علي جميع منتسبي القبيلتين  ويقع فأس الخراب علي رؤوس الأبرياء  فتٌيَتَّمَ أطفالٌ و تٌثْكَل أمَّهات وتٌرَمَّل نساء و لم يسلمن في أحيايِينَ كثيرة مِن الإغتصاب.

ويقتل ويصاب ويجنن العشرات أو المئات من الطرفين بسبب لص حقير لا يساوى ما كان ينوي انتهابه  ظفرا من أظافر من ماتوا من الطرفين .

بينما يتلذذ أولئك اللصوص الأوغاد  بتقتيل الأبرياء والتمثيل بجثثهم  ونهب ما تبقي بحوزتهم من أموال !

* لكن المحزن حقا أن كل تلك البشاعات تواجه بصمت مطبق من قبل السلطات التي تتثاقل كعادتها في فض مثل تلك النزاعات  ومحاسبة الجناة وزعماء تلك الكيانات حسبما تقتضيها مصلحة الحفاظ علي أرواح وممتلكات المواطن كحق يكفله  له الشرع و الدستور.

وهو ما شجع اللصوص علي التماضي في ارتكاب ذات الجرائم بصور أكثر بشاعة  بلا حسيب أو رقيب  في ظل  انتشار واسع للسلاح بأيدي المواطنين.

وما وقائع التقتيل الحالي بين قبيلتي الرزيقات والفلاتة منذ الثلاثاء الخامس من شهر مايو حزيران الجاري إلا نموذج  قليل بين المئين من النزاعات القبلية الفارغة.

لأن المنطق الفطري يقول : من أمن العقاب أساء الأدب.

فأي بشاعة وقساوة أوصلت مجتمعاتنا إلي هذا الحد من استسهال واسترخاص الأرواح المحرمة حتي في نهار رمضان !
وأي نوع من البشر أنتم !؟

أتمنى من الحكومة الانتقالية أن ترينا نمطاً مغايراً لما اعتدنا عليه في عهد النظامين السابقين  الدمويين(حزب الأمة _المؤتمر الوطني)  اللذين يعتبران أفشل نظامين في إدارة فض النزاعات القبلية في تاريخ السودان القديم والحديث.

إذ أن احتكار شرعية ممارسة العنف الجسدي  تعتبر من أهم مهامات دوائر سلطة الدولة .. لا القبيلة .

أحـــــمد محمود كـــانِمْ
8 مايو 2020
[email protected]

‫4 تعليقات

  1. شاهدت خبر هذا الصراع الدموي في القناة الفرنسيه وكانت صياغة الخبر كالاتي: ( صراع دموي بين قبيلة عربيه واخري افريقيه في دارفور)
    قبيلة عربيه!!! والمقصود بها الريزيقات المكون الاساسي لعصابات الجنجويد التي قتلت المعتصمين واستباحة العاصمه بعد تلك الجريمة النكراء شاهدت هولاء الريزيقات الجنجويد في العاصمه لاول مرة .لم استطيع ان افهم كلامهم يبدو ان لغتهم خليط بين العربيه ولغتهم الخاصه ولم اميزهم عن بقية القبائل الافريقيه في السودان او القاره الافريقية جمعاء.
    متي يفيق اهل السودان من وهم التشبث بخيط العروبه العنكبوتي ويتفاخروا بسودانيتهم التي لا بديل لها..
    اما عن قبيلة الفلاته هولاء الاخوه حلوا بين ظهرانينا قادمين من نيجيريا منذ مئات السنين وانتشروا في بقاع السودان المختلفه يمتازون بصفاء النفس المشبعه بروح التصوف فهم اتباع الطريقه التيجانيه. لم نسمع من قبل بانهم اعتدوا
    او سرقوا او اغتصبوا او قتلوا غيرهم كما تفعل قبيلة الريزيقات.
    اللهم احفظ اخوتنا الفلاته وكل اهل السودان من كل بلاء وابعد عنهم الفتن و شرورها..

  2. الكاتب المحترم حاول أن يضع حزب الأمة والمؤتمر الوطني في سلة واحدة ، رغم أن الفرق واضح وجلي..كما ان الأمة لم يحكم منفردا (طبعا يذكر الديمقراطية الأخيرة من1986-1989) حيث كان يشاركه الاتحادي والحزب القومي وحزب سانو ومرة حزب الجبهة الإسلامية ومرة دخل في الحكومة الحزب الشيوعي ..كل هذه الأحزاب كانت مشاركة في الحكومة انذاك …يعني ما كانت حكومة حزب الأمة لوحده…طبعا الكاتب في خبث أراد ان يلصق الدموية بحزب الأمة (يقصد أحداث الضعين) ..وهي بالطبع مسؤولية الحكومة بجميع مكوناتها لأنه لم يثبت أن حزب الأمة كان مشاركا في تلك المجزرة البشعة….أعتقد أن المكتوب الآن ماهو الا شيطنة demonization لحزب الأمة ومحاولة لأبعاده عن الساحة بأي شكل …تقبل تحياتي..

  3. عزيزي الكاتب صدقت حين قلت افشل حكومتين وكمان دمويتين هما حكومة الفاشل الصادق المهدي والمجرم عمر البشير مشكلة كل السودان تكمن هنا في الخرطوم العقلية التي تدير البلاد , تسلح هذا وتجرد ذاك تعلي من شأن هؤلاء وتقربهم وتذل اولئك وتبعدهم وتلعب علي المتناقضات الموجودة والموروثة في الهامش كل ذلك لكي تظل متربعة علي عرش السلطة!!!نتمني من حكومة حمدوك تغير هذا النهج لكي ينعم الكل بالسلام والرفاة وذلك فرض هيبة الدولة علي الكل دون تمييز وبحزم وحسم

  4. من اول لص سمحتم له بدخول أرضكم المقدسة انا اذا لست انا لا تزر وازرة وزر أخرى فهمتم mind your own land and bussiness

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..