مقالات سياسية

بل اختلافكم مع الصادق رحمة

محمد موسى جبارة

قال الدكتور صدقي كبلو عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني في لقاء مع قناة الخرطوم إن فلول النظام لا تخيفهم بل الذي يخيفهم الخلاف داخل قوى الحرية والتغيير، مضيفا في ذات الوقت إن تحالفهم مع حزب الأمة قديم منذ زمن السيد عبد الرحمن المهدي والسيد الصديق المهدي. وكان ذلك ردا على سؤال حول طلب حزب الأمة تعليق عضويته في قوى الحرية والتغيير.

تزامنا مع ذلك اللقاء أصدر الحزب الشيوعي بيانا “يحنِّس” فيه الصادق المهدي بأن يتراجع عن تجميد عضويته في قحت. 

ابتداءً، من الخطأ المفاهيمي اعتبار الصادق المهدي امتدادا للسيدين عبد الرحمن والصديق في العمل السياسي. ففي عهدهما على الأقل كان هناك حزب أمة واحد وقيادة واحدة للأنصار، وقد كان الرجلان من الذين يهتمون بأتباعهم وبالوطن أكثر من نفسيهما وأبنائهما المباشرين.

حزب الأمة الذي تحدث عنه الحزب الشيوعي ود. صدقي اصبح أكثر من حزب الآن، وتفرق أنصاره أيدي سبأ، بل رفع بعضهم السلاح إلى جانب الحركات المسلحة في وجه النظام البائد دون انتظار إشارة من السيد الامام، وكل ذلك بما كسبت أيدي الصادق من سوء إدارة للحزب وشؤون الأنصار حيث أراد أن يجعل من الحزب ملكا عضوض لأنجاله.

تحالفتم مع السيد عبد الرحمن المهدي، والسيد الصديق المهدي ولم يحنثا بعهدهما معكم بل عندما هاجمكم شيخ الغبشاوي في جامع ود نوباوي في عام 1954 ووصفكم بأقذع الالفاظ،  دافع عنكم السيد عبد الرحمن، ونفى عنكم ما اتهمكم به شيخ الغبشاوي بأنكم تتزوجون امهاتكم واخواتكم، وكانت تلك إحدى الادعاءات التي زودت بها المخابرات الامريكية الأخوان المسلمين في السودان.

الصادق رجل لا يمكن الركون إليه او إقامة تحالف معه لأنه معروف بنقض العهود وفركشة الجموع.

فعل ذلك عندما ترك التجمع في القاهرة بظهر ليل وأتى خلسة إلى جنيف ليلتقي صهره الترابي ويتفق معه، في وثيقة ممهورة بخط يده، على اقتسام السلطة، وربما يخرج انجال الترابي تلك الوثيقة ذات يوم من أضابير ملفات والدهم.

لم يجف مداد ذلك الاتفاق حتى طار الصادق لجيبوتي ليطلع البشير على ما دار بينه والترابي وبعدها حدث ما حدث، انشق حزب المؤتمر إلى حزبين وقبع الترابي في السجن شهورا عددا،

إذاً ما الذي يدعوكم كحزب للحرص على التحالف مع رجل كهذا؟.

يقيني إن كل البلبال الذي يحدث داخل قوى الحرية والتغيير سببه حزب الأمة أو بالأحرى الصادق المهدي الذي لا يرضيه كالطفل الصغير المدلل، سوى تحقيق رغباته. ورغباته واضحة، أن يكون رئيسا لقحت ومن ثم رئيسا لمجلس الوزراء، ولهذا السبب هو يسعى لإعادة هيكلة الحرية والتغيير.

الشعب السوداني أيها الرفاق لا يهتم كثيرا باختلافكم أو ائتلافكم مع الصادق المهدي، الشعب يريد فقط أن تصل ثورته لمنتهاها ألا وهو تفكيك نظام الإنقاذ بالكامل، وهو الشيء الذي يرفضه الصادق المهدي لأن أبناءه وأنسابه كانوا من المنتفعين من نظام الإنقاذ حتى لحظة سقوطه، و لم يكن الهجوم على لجنة تفكيك النظام إلا بإيعاز من الصادق المهدي.

بسبب مماحكة قوى الحرية والتغيير وارتكانها لإملاءت الصادق المهدي وحلفاءه الجدد في المؤتمر السوداني، لم يُفاجأ أحد بتواجد البعض في شوارع الخرطوم يندد بحكومة الثورة ويطالب بذهابها في الذكرى الأولى على سقوط حكومة الاسلام السياسي.

وليس كل الذين خرجوا يومذاك كانوا من الكيزان أو الدولة العميقة إذ كان بينهم من شارك أيضا في سقوط النظام البائد وينتظر التغيير المتوقع. 

في مقال سابق عبّرت عن رفضي لمشاركة العسكر في الحكم بأية صورة من الصور، بل وصفت تلك المشاركة بالعيب وأعيد تأكيد هذا الأمر بأنه كان سفها وغفلة من السياسيين.

حاليا يبدأ ما حذرنا منه في الوضوح والتمدد الأفقي، وتظهر الصورة جلية ومن غير رتوش بأن المشاكسات بين المكون العسكري والمدني، وبين المدنيين أنفسهم هي التي تحد من وصول الثورة لغاياتها المنشودة. 

ولو كنت مكان قادة الانقاذ لاكتفيت بما حققه لهم النظام الحالي من مكاسب، فقد أراحهم من عبء مسئولية سياسية لم يرتقوا إلى مستواها، بينما تظل كل السلطات الفاعلة في الدولة تحت سيطرتهم. الجيش وجهاز الأمن والشرطة والقضاء والخدمة المدنية، غير أن الغباء السياسي للإسلاميين لا يدانيه أي غباء آخر سوى غباء احزاب قوى الحرية والتغيير التي تركتهم يرتعون على هواهم.

أول ما يستبين من هذه الأمور جهل الشعب بمن يحكمه، والسبب في ذلك أن الجهات الثلاث المسئولة عن إدارة الدولة لا تريد أن توصف بالفشل في حال انهيار كل شيء بما في ذلك شعارات الثورة، وسيحمّل كل طرف الطرف الآخر المسئولية عن ذلك الفشل.

ثانيا: الفراغ الدستوري الذي ظل فاغرا فاه ومادا لسانه من عدم انشاء المجلس التشريعي لسبب واهٍ ألا وهو ضرورة الاتفاق مع الحركات المسلحة قبل تشكيل ذلك المجلس، رغم أن في ذلك مخالفة صريحة للوثيقة الدستورية، علما بأن من بين تلك الحركات توجد حركتان فقط لهما وجود عسكري وسلاح وأراضي تسيطران عليها. أما باقي الحركات فهي مجرد قيادات تعيش على هامش ماضي بلا سيقان تحملها للمستقبل.

انتظار الوصول لاتفاق مع هذه الحركات سيطول، وذلك يعني استمرار المكون العسكري في املاء إرادته على المدنيين والسيطرة على السلطة، وعلى وجه الخصوص السلطات الإقليمية التي تقع بكاملها تحت سيطرة الحكام العسكريين في الوقت الحالي.

ثالثا: ما زالت محاكمة رموز الإنقاذ تراوح مكانها ولا أحد يدري لماذا؟ هل هو رفض المكون العسكري للمحاكمات؟ أم ضعف أداء النيابة العامة التي خذلنا في إدارتها صديقنا وزميلنا تاج السر الحبر؟ أم الخوف من انحياز قضاة التمكين للذين سيتولون محاكماتهم؟

تنفيذ حكم محكمة المدانين في قتل الشهيد احمد الخير، لا أحد يستطيع التكهن به.

رابعا: عدم العمل الجاد لحل الضائقة المعيشية لأسباب مجهولة رغم أن هناك أموال لدى نافذي الإنقاذ تم الحصول عليها عن طريق الفساد يمكن استعادتها على وجه السرعة وتوفير النقد الأجنبي الذي يحتاجونه في الوقت الحاضر، وقد سمعنا سابقا عن تبرعات كثيرة من قوات الدعم السريع ومن دول صديقة ومن الاتحاد الأوروبي ومن فرنسا وألمانيا بل سمعنا عن ملياري دولار تبرعت بها شركات الأمن، اين ذهبت كل تلك الأموال؟ مع العلم بأن أموال المغتربين التي كان من الممكن رفد خزانة الدولة بها ما زالت تنتظر في جيوبهم بسبب الخمول الذهني لوزير المالية ومحافظ بنك السودان.

خامسا: انعدام الرؤية الواضحة لكيفية إدارة الاقتصاد والارتهان لنظريات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي علما بأن هاتين المؤسستين، ، لن تقدما شيئا في الوقت الحالي في ظل قائمة الإرهاب التي يتربع على عرشها السودان. 

سادسا: إسراع البعض في تولي مناصب ليس لديه الكفاءة أو الخبرة بها، علما بأننا بصدد إدارة ازمة وليس إدارة وزارات في زمن عادي، وما لم نحدد معالم تلك الأزمة لن نستطيع إدارتها، إدارة الازمات تحتاج لرؤية واضحة وإرادة موحدة وهذا ما ينقص الذين يتولون زمام الأمور في السودان. 

سابعا: الواقع المظلم الذي ينتظر السودان ليس هو عودة الإنقاذيين للحُكم في شكلهم السياسي الذي حكموا به السودان، فهؤلاء لن يعودوا إلا كما يعود النهر صعودا في مجراه. الذي ينتظر السودان هو انهيار الدولة بكاملها وانتشار الفوضى التي لن يشهد السودان مثيلا لها وسيكون ضحية ذلك الشعب السوداني الذي ناضل من اجل اقتلاع النظام بينما لن تتضرر القيادة او المكون العسكري ونداء السودان والجبهة الثورية وغيرهم من العاطلين عن حس المسئولية والمزايدين على مصير الهامش.

كل شيء ممكن…السلام على الأبواب…المساعدات آتية…ورفع اسم السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب في طريقه للحل.

أحلام وردية لا تستوي على ساقين يبنى عليها المسئولون آمال عراض بدل الانتقال إلى البدائل الممكنة.

هل ينتظر هؤلاء القوم ان يمدهم الله بملائكة من السماء تحمل عنهم المسئولية؟

انتبهوا أيها الرفاق “الْمي الحار ولا لعب قعونج”

محمد موسى جبارة
9 مايو 2020م

‫2 تعليقات

  1. لا ينكر الا مكابر ان حزب الامة له جماهير عريضة في السودان واحتراما ودعما لها لابد من الحوار مع الصادق المهدي اولا حفاظاً على وحدة ما تبقى من حزب الامة وجمع شمله أن امكن لانه في تشتت حزب الامة خطر على السودان، وثانيا دعماً لجماهير حزب الامة ورغبتها الصادقة أن تكون ضمن القوى الثورية في البلاد وحقيقة جماهير حزب الامة ثورية بطبعها ولا نرغب ان تتشتت تلك الجماهير بين امرين احلاهما مر ما بين ثورتهم وحزبهم.

    وهذا الكلام لا يعني الخضوع لاملاءت الصادق المهدي ولا رفضها ولكن للوصول لحلول وسط ترتضي الطرفين ، وتقطع الطريق امام الكيزان في استمالة الصادق المهدي وحقيقة الامام لديه خيارات وعروض مغرية من الاسلاميين بمختلف تنظيماتهم للتحالف وخلق قوى اسلامية يقودها الصادق المهدي ونضع خطيين تحت (يقودها الصادق المهدي) والسياسة فن الممكن ولا تدار بالصراخ والمظاهرات والعصبية والتمني ولا مكان للمستحيل في السياسة ولو لم نحافظ على الصادق المهدي (حزب الامة) ضمن قوى الثورة كانما نرمي حزب الامة في احضان الكيزان، ومن لايحترم خصمه سوف يتلقى ضربة ربما قاتلة ، الاسلاميين ليس بالقوة السهلة التي يستخف بها حتى نسلمهم حزب الامة بهذه السهولة ،

    الا يكفي أن الكيزان قد استمالوا الكثير من شباب الثورة وشباب دارفور من حيث يعلمون او لايعلمون اصبحوا يخدمو اجندة ومخطط الكيزان وهاهم يغنون ويصدحون على عزف الكيزان ليل نهار بـ قحاطة وكلام فاضي وكان القحاطة حزب، لدرجة اصبحوا يهاجمون حمدوك ويكذبونه جهارا نهاراً ويطلقون عليها الاكاذيب والاشاعات ،

    نعم هناك بعض من شباب الثورة يفعلون ويقولون في حمدوك ما لم يتجزاء الكيزان في قوله، هل نبيع حزب الامة لنتكي على هؤلاء الشباب الغير منتمي قليل الخبرة والصبر والفهم السياسي لا ويتفاخرون بانهم غير منتمين وكأن عدم انتماء وعدم التنظم والانتظام في منظومة والفوضى شرف بالنسبة لهم، هؤلاء يقومون بثورة ضد الجوع والاضهاد ممكن اما ان يعملوا عمل سياسي ومنظم وطويل لايمكن صراحة، ام نتكي على قوى الكفاح المسلح والتي لا تجيد العمل السياسي وقد فشلت في جنوب السوداني وغيره كما هو معروف.

    لابد من بقاء حزب الامة ضمن قوى الثورة وبررررفوا الحزب الشيوعي

    1. احييك على هذا الكلام المنطقى وكلام عقل لاكلام ثرثرة فى الفاضى كلام رجل سياسى يدرى بمايدور فى السودان احييك مرة ثانيه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..