التسلسل الفلسفي للمُعبِرات الشمولية لقراءة الكون

مشاكل الكون وتعقيداته والنظر اليها أحيانا من زاوية دينية أو بيولوجية أو فيزياوية كان بلا شك تعبيرا عن قدرات الفلاسفة والعلماء.

ميدل ايست أونلاين

بقلم: قيس مجيد المولى

الفلسفة نشاط لا ينتهي

ذهب الفلاسفة القدماء من حيث تكوين الطبيعة وما يربط بعضها مع البعض من قوى ظاهرة وبعضها خفية حين أجمعوا إن لهذه القوى بعض أسرارها التي سعى الفلاسفة للكشف عنها إذ أن غياب الحدود ما بين العلم والفلسفة أعطى بعدا مشتركا مكملا لمايراه هؤلاء عن معارفهم الكونية.

وكانت مشاكل الكون وتعقيداته والنظر اليها أحيانا من زاوية دينية أو بيولوجية أو فيزياوية كان بلا شك تعبيرا عن قدرات الفلاسفة والعلماء كمحاولة للوصول الى المعطيات الأساسية كمخرجاتٍ لتأملاتهم وبحوثهم المعرفية المنظمة وذات الطبيعة المزدوجة وهذا ما فعله (فيثاغورس) حين زاوج معرفته بالرياضيات بفلسفته التي تنحو باتجاهات دينية تخيلية.

وقد أخذ اهتمام الفلاسفة باتجاه الإنسان وقواه المحركة فبدلا من الإهتمام بالطبيعة أصبح الإهتمام بالعقل والروح الإنسانية وتقدم هذا المشروع الفلسفي على المشاريع الأخرى ولكن وبسبب ان أغلب العلوم هي علوم تطبيقية وليست علوما نظرية بحتة فقد اتسعت الهوة وفك الارتباط ما بين العلوم والفلسفة مع بداية العصر الوسيط، ثم خطى العلماء خطواتهم المعروفة بإيجاد العلوم التخصصية، وبالمقابل اتسع مجال التأمل الفلسفي ولكن سرعان ما استطاعت العلوم المعرفية أن تسيطر على المرتكزات الإشتغالية للفلسفة ليضعف هذا الحدث الجديد توجهات (كانط) لإيجاد شراكة حوارية ما بين العلم والفلسفة، ورغم ذلك فقد كان الخطاب الفلسفي يؤشر الحاجة الفكرية لمنظومات كونية لم تكن قد وصلت اليها العلوم الأخرى ساعد ذلك على ازدهار التأمل العلمي وتعود قبول المسائل المنسية (الكون ? الزمن) وبالتالي نمى صراع الأضداد المتقابلة.

ولا شك أيضا بأن الفلاسفة الأغريق هم الأوائل الذين نجحوا بإثارة أسئلة الجدل بل إن مفاهيمهم الفلسفية قد بلغت ذروة اكتمالها متبوعة بما أنتج (هيغل) من مفاهيم في المادية الديالكتيكية.

لقد عاد العلم ليواجه مجموعة من الأسئلة الفلسفية بل وتعدى ذلك الى محاولة العمل عليها، ولعل أبرز صلة لهذا التعبير حين رأى (أنشتاين) أن الفيزيائي لو اهتم فقط بالفيزياء لأصبح تقنياً، وقد ساهم هذا الرأي الى مد بعض الأسئلة الكونية الى أكثر من حقل معرفي وبالتحديد عما أثير عن بداية الحياة على الأرض.

لقد أدخلَ بعض الفلاسفة الفانتازيا كأحد محاور الإعتقاد الفلسفي في نشأة الأرض وتطورها، والفاتازيا هذه لم تكن بعيدة عن استحالة وصولهم الى مرتكزات جديدة صالحة للإندفاع بهم الى الأمام لإصلاح بعض المسميات التأملية ضمن التباينات في استنتاجاتهم، لقد عكس الإنسان وبوعيه تلك القدرات الكونية على مجمل أفعاله الواعية.

وفي الماضي كانت الأحاجي والرُقى والأصوات معبرات شمولية عن قراءة الكون واسترضائية لدفع الشرور المتأتية من قوى الطبيعة وتزامن هذا التعبير أو بالأحرى هذا الخضوع الى تقديم القرابين للقوى المتشددة والتي كانت تعرقل مجريات الحياة البشرية، والتي تأتي كما ذكرنا من القوى الغيبية والتي جعلت من الإنسان شريكا مرغما لها في تقبل أفعالها وما تتركه في حياته وأسرته ومجتمعه، وبنفس الوقت فقد أهدت للإنسان تلك الأفعال قوى لبدايات أولية ساعدته على التفكير وتنظيم قدراته العقلية ليستطيع فيما بعد من تنظيم وسائله الدفاعية للتخلص من الكوارث والشرور بطرق تبدو أكثر حضارية.

لقد دلّ الجهد الذي قام به علماء الآثار على كشف العديد من الرسومات والكتابات والتي كان الإنسان يستعين ببعضها ماديا أو روحيا لمواجهة الحياة وتخليد أفعاله حتى بدأت تتلاشى مسميات المعجزات عندما اتخذت تلك الفعاليات طرائق صالحة وصميمية لتفكير الإنسان لتشحن بدورها مكوناته العاطفية والنفسية والبدنية بالرغم من أن الفلسفة نشاط لا ينتهي بنهايات مُرضية لأنها تدخل في صلب المجالات غير المرئية لكن العقل الإنساني استطاع من الوصول مبكراً الى خيطها اللزج وقبضَ على تشعباته.

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..