مقالات سياسية

احتفالاً بالذكرى الثامنة والثلاثين حول تقديم الحزب د. النعيم كمحتفل (10)

بسم الله الرحمن الرحيم

” أَفَبِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ”
صدق الله العظيم

احتفالاً بالذكرى الثامنة والثلاثين
حول تقديم الحزب د. النعيم كمحتفل (10)

خالد الحاج عبدالمحمود عبد المحمود

 

التكذيب والكذب وتحري الكذب

(أ)
لا مجال للدين، والتدين مع الكذب.. سئل المعصوم: هل يزني المؤمن؟ فأجاب: قد يزني.. هل يسرق المؤمن؟ فأجاب: قد يسرق.. هل يكذب المؤمن؟ فأجاب: لا يكذب.

فالمؤمن قد يرتكب الكبائر، لكنه لا يكذب.. ولا مجال للفكر مع الكذب.. بل لا مجال للحياة الحرة الكريمة مع الكذب.. فالصدق هو أساس جميع القيم الإنسانية.
د. النعيم تكاد تكون لا علاقة له مع الصدق!! جميع أقواله التي ذكرنا نماذج منها، هي محض كذب.. كان يمكن أن تكون بعض أقواله هي رأيه، مهما كانت هذه الأقوال سيئة ومفارقة للدين.. ولكن د. النعيم ظل جمهورياً فترة من الزمن.. واختار أن يوظف حياته لتشويه الإسلام والفكرة الجمهورية.. ووسيلته إلى هذا التشويه أن ينسب نفسه للفكرة، ثم يتحدث بأقوال هي نقيض الفكرة، ونقيض الإسلام، ولكن يتحدث بها على اعتبار أنها، كما تدعو له الفكرة الجمهورية!! فهو يقول دائما:
“أنا تلميذ للأستاذ محمود محمد طه في جميع احوالي، وفي كل ما ادعو اليه في امور الحياة العامة”
وكونه تلميذاً للأستاذ محمود، في جميع أقواله الخاصة بالشأن العام، يعني أن هذه الأقوال أقوال مفكر إسلامي مشهور هو الأستاذ محمود محمد طه، عبَّر عنها تلميذه عبدالله أحمد النعيم.. هذه هي وظيفة د. عبدالله، التي اختارها لنفسه، وهي تشويه الإسلام بصورة واسعة، بنسبة أفكار له، على اعتبار أنها دعوة إسلامية، لمفكر إسلامي، له اسمه.. وعندما ترد هذه الأفكار عن تلميذ للأستاذ هو د. عبدالله أحمد النعيم، فمن الطبيعي ألا يشُكَّ في نسبتها للأستاذ، معظم الذي يسمعونها.

هذه هي الكذبة الكبرى عند د. عبدالله أحمد النعيم، وهي كذبة مقصودة، ولأغراض عنده وعند من يوظفونه.. أنا تلميذ للأستاذ في جميع أقواله المتعلقة بالشأن العام، ثم يورد أقوال هي نقيض أفكار الأستاذ محمود، ونقيض الإسلام وفي جميع الأساسيات!!
ولنرى بعض كذبه في تفاصيل أقواله.

الله والأنبياء:

1. عندما يقول د. النعيم أن الدين علماني وصناعة بشرية، فهذا تكذيب لله في أنه أوحى لعباده الأنبياء والمرسلين.. وهو تكذيب لجميع الأنبياء والمرسلين، وعلى رأسهم سيدهم وخاتمهم، في قولهم لأممهم أن الله أرسلهم إليهم.. وهذا بالطبع يجعل جميع الأديان السماوية باطلة، وتقوم على الكذب.

2. يقول د. النعيم:
“ليس هناك نص مقدس، نحن نتكلم عن القدسية، وعن القرآن منزل، ولكن عندما يدخل القرآن العقل والتجربة البشرية ما عاد نص مقدس”. 1..

3. يقول:
“عليه، فإن الشريعة ليست منزلة من الله.. لقد كانت عملاً بشرياً، وستظل دائماً كذلك!! وعلينا في الواقع أن لا ننكر هذه الحقيقة، نظرا لأن الإنكار لا يجدي، بل يناقض الحقائق الثابتة في تاريخ الإسلام”. 2 عنده انه من الحقائق الثابتة في الإسلام أن الشريعة ليست منزلة من الله.

4. يقول:
“(الشريعة الإسلامية لم تكن أبدا أساسا لقانون الأحوال الشخصية، ولا يجب أن تكون أساسا له”. 3..

5. يقول:
“(فكرة المفاضلة بين المصادر في القرآن تمت قبل الآن، فهي ليست أمرا نفعله نحن للمرة الأولى.. إن الصياغة التي حدثت للشريعة، في القرنين الأولين من ظهور الإسلام، قامت على أساس انتقائي جدا، فيما يتعلق بتحديد الآيات التي ينبغي نسخها أو إلغاء حكمها، واستبدالها بآيات أخرى.. وعلى هذا، فإن النسخ الذي حدث كان خيارا اتخذه الفقهاء المشرعون والقضاة!! لا يوجد نص في القرآن يقرّر النسخ!! لذلك أنا أقول إنه يمكننا الآن أن نتخذ خيارا فقهيا وقضائيا مختلفا، لتحديد أيّ الآيات هي التي ينبغي أن تنسخ)..”.4

6. يقول:
(بالمناسبة مفهوم جريمة “الحد” نفسه، مفهوم صاغه وابتدعه الفقهاء.. وليس هناك أي ذكر لهذا المفهوم في القرآن).5..

7. ويقول:
“سوف أواصل لأحاول إعطاءكم فكرة عما يعنيه القرآن بالنسبة لي، وأوضح وجهة نظري التي أقول بها إن القرآن ليس مصدرا للتشريع، ولا للشريعة حتى…”. 6

8. ويقول:
“القرآن دائماً يخاطب الفرد المسلم والجماعة المسلمة، ولا يخاطب مؤسسة أو هيئة يمكن وصفها بأنها الدولة، ولا يستقيم من الناحية المنطقية أن يخاطب القرآن غير الانسان المكلف شرعاً”.7

9. “واهتداء بالنموذج التأسيسى لرسالة النبى محمد فى غرب الجزيرة العربية فى مطلع القرن السابع، يسعى المسلمون دائما للتكيف مع الظروف الاجتماعية والثقافية التى يجدونها سائدة فى المجتمعات التى يقدمون إليها، دون ان يفرضوا آراءهم الدينية أو السياسية وأساليب حياتهم على المجتمعات إلا فى أدنى مستوى .. وبالتالى فان صفة مسلم أو إسلامى قد تطورت دائما فى الزمن”.8

وبما أن هذه الأقوال، لا تتعلق بالفهم وإنما هي خبر، والخبر أما صادق أو كاذب.. ومن يكذب على الله ورسوله، بل ورسله، لا يمكن أن يصدق مع الناس.

10. ويقول:
“مشروع الدولة الدينية، أو ما يسمى عندنا بالدولة الإسلامية، هو زعم باطل مفهومياً، ولا أساس له من التجربة التاريخية”.9

لا أحد له، حتى الذين لهم معرفة قليلة بالتاريخ، يعلم بأنه كان هنالك ملوك آلهة، وملوك أبناء آلهة، وملوك يحكمون بالحق المقدس.. وحتى في الأديان السماوية كان هنالك ملوك رسل، مثل سيدنا سليمان.
في الحقيقة الدولة المدنية، هي التي ظهرت مؤخراً جداً، بعد معاهدة وستفاليا 1648م، التي أعقبت حروباً دينية استمرت لثلاثين عاماً.
يقول:
11. “الفكرة الجمهورية تهدف إلى التزام الإسلام لدى كل مسلم وليس لإقامة دولة تزعم أنها إسلامية، في مغالطة وخداع للشعب”.10..

12. ويقول:
(أنطلق من العلم بأن الدولة الدينية لم تقم أصلاً، وأن الدولة المدنية هي قائمة فعلاً).11..
13. ويقول عن الأستاذ محمود:
“فكرته، أو نظريته، كانت مؤسسة على القول إن الشريعة هي فهم بشري للإسلام، وبوصفها فهم بشري للإسلام يجب أن تتطور مع تطور المجتمعات البشرية”. 12..

14. ويقول:
(بكل أمانة وصراحة أقول بأني لم أسمع عن “فلسفة تسمي البراغماتية”، يُنَظِّر لها وليم جيمس كما يقول السؤال.. فأنا لم أسمع بهذا، ولم أذكر شيئاً يقارب الزعم بإنتسابي لهذه الفلسفة في أيٍ من محاضراتي أو كتابتي!!”.13

وقد أوردنا له العديد من أقواله التي يذكر فيها البراغماتية.. فقد ذكر البراغماتية، في محاضرتين له، أكثر من عشرين مرة!! نورد منها هنا قوله:
•(في محاولتي للابحار من الإنسان الى الإنسان اقترح مدخلاً عملياً شاملاً الى القيم الإنسانية، عبر تحقيق الإجماع والتوافق وتبني استراتيجيات براغماتية لتحقيق السلام والعدالة الاجتماعية)
•(أنا أيضا مهتم بمدى مقدرتنا على أن نؤطر لخياراتنا الأخلاقية من منظور براغماتي نظرا لأننا مسئولين عن أن نكون مقنعين بأقصى قدر ممكن فيما يتعلق بوجهة نظرنا حول القيم الإنسانية وانعكاساتها على حيواتنا كمواطنين عالميين.)
•(الموضوع الأساسي الذي أود أن أثيره في هاتين المحاضرتين هو ما إذا كان باستطاعتنا تحديد خيارنا الأخلاقي هذا بأساليب براغماتية يمكن أن تجعل من تحقيقه واقعا عالميا في كل مستوى من مستويات العلاقات البشرية).

• سأواصل في المحاضرة الثانية توضيح الوسائل البراغماتية التي تعيننا على تجاوز الهيمنة. وسأبدأ تلك المحاضرة برد نظري على التهمة التي تقول بأن دعوتي مثالية، وسيكون ردي الأساسي في هذا الصدد هو مناقشة الفرص العملية المتاحة لترويض المثالية.

15. قال د. النعيم في مقدمته للمحاضرتين:
“إن مدخلي الشخصي الى هذا الموضوع متأثر الى حد عميق برؤية الأستاذ محمود محمد طه الى النظرة الانسانية للرسالة التحررية للدين..”.14

أوردنا لد. النعيم قوله:
“قد أجد نفسي في موقف أتوقع من الآخرين العداء لهويتي الاسلامية، مما يدفعني الى اخفاء، أو عدم تأكيد، هذا الجانب عن نفسي، لكني إن أدركت أن هويتي كمسلم لا تهم الآخرين، أو ربما قد تعمل لصالحي، فإني قد أحرص على الافصاح عنها”. 15.

وعندما سئل د. النعيم عن صحة نسبة هذا النص إليه قال: “هذه الترجمة ركيكة ومتعنتة، وتتجه للتجريم وإلقاء ظلال الانتهازية  والجبن”!! هذا علماً أن النص أساساً باللغة العربية، ولا يحتاج إلى ترجمة!! فهو من كتابه: (الإسلام وعلمانية الدولة).
هذه مجرد نماذج، فإن أقوال د. النعيم ينسبها للأستاذ محمود بصفته تلميذاً له، وهذا يجعلها خبراً وليست رأياً.. فكل ما يخالف أقوال الأستاذ محمود، وهو كثير جداً، هو كذب.

يتبع…

رفاعة في 12/2/23م

المراجع:
1. ندوة صحيفة أجراس الحرية بمركز الخاتم عدلان 2008م..
2. المرجع: محاضرة قدمها النعيم بتاريخ 30 سبتمبر 2012، ضمن (سيمنار القرآن) الذي استضافته جامعة نوتردام، لمدة عام اعتبارا من 30/09/2012، وكانت محاضرة النعيم أول محاضرة في السيمنار من الساعة 7:30 إلى الساعة 9:00 مساء.
وصلة مشاهدة المحاضرة، والاستماع إليها، على الرابط التالي:
http://law.nd.edu/events/2012/09/30/121 … m-lecture
3. كتاب للنعيم بعنوان: قانون الأحوال الشخصية للمسلمين في عالم متغير: كتاب مرجعي عالمي – إصدار زيد بوكس، 2002..
Abdullahi A. An-Na’im, ed. Islamic Family Law in a Changing World: A Global Resource Book. London: Zed Books, 2002. xvi + 320 pp. $99.00 (cloth), ISBN 978-1-84277-092-4; $36.00 (paper), ISBN 978-1-84277-093-1.
4. المرجع: مذكور سابقاً في الاقتباس رقم 2 أعلاه.. محاضرة النعيم .
5. المصدر السابق
6. نفس المرجع (4)
7. الإسلام وعلمانية الدولة ص 419
8. من مقدمته لكتاب ميلودي
9. الصحافة مايو 2008م (1 من 4) حوار صلاح شعيب.
10. الصحافة_مايو 2008م..
11. الاسلام وعلمانية الدولة ص 424
12. مقابلة للنعيم مع جايسون فان بوم والبروفيسور فروغ جاهن بخش، ضمن سلسلة مقابلات موضوعة على موقع المركز الإسلامي لشمال كاليفورنيا، وهي منشورة كفيديو على يوتيوب منذ تاريخ 24/4/2011، على الرابط التالي:
Youtube.com/watch?v.=DXttj2azcQc
13. سودانيز أونلاين/ الصالون ـ موقع للجمهوريين ـ بتاريخ 6 نوفمبر 2012..
14. المرجع: http://tannerlectures.utah.edu/lectures … aim_10.pdf
15. الاسلام وعلمانية الدولة ص 55

تعليق واحد

  1. يبدو ان د عبدالله النعيم قد فهم الفكرة الجمهورية بصورة أفضل واتلك الجرأة الكافية للتعبير صراحة دون لولوة عن أصول الفكرة والتى فى جوهرها دين وضعى أخر برسول اخر ومسيح محمدى يحاسب الناس هو محمود محمد طه وقد سبقه فى هذا المضمار بعض الجمهوريين كجمال المنصورى فى حوار منشور على صفحات سودانيز اونلاين
    بل ان بعض الجمهوريين كالنور حمد تخلى عن الفكرة ولكن لارتباطات اجتماعية واسرية لم يتخل عن ولائه ظاهريا للطاهويين
    الاستاذ خالد الحاج من كبار الجمهوريين وهو فى مقام الرجل الثالث فى ترتيب الجمهوريين بعد محمود محمد طه وسعيد الشايب وله فهم مختلف عن الفكرة الجمهورية ولكن لو اعاد البصر كرتين ووجد الترحيب الشديد والاحتفاء بالفكرة الجمهورية من الغربيين المسيحيين والشيوعيين والملاحدة لاكتشف دون عناء اهداف ومرامى الفكر الطاهوى المنحرف

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..