الحوار مع الحركة الشعبية .. تجاذبات حادة !!

حسن بركية

رحبت الحكومة السودانية بإعلان الحركة الشعبية قطاع الشمال وقف العدائيات من طرف واحد بدعوى الاستجابة والتفاعل مع الكارثة الإنسانية للسيول والأمطار والفيضانات وقالت إنها ” سترد التحية بأحسن منها” وقال الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة في تصريحات نشرتها صحف الخرطوم أن إعلان قطاع الشمال ” إجراء لاقيمة له وأن القطاع قوة عسكرية ضعيفة علي الأرض ” مابين الترحيب والرفض يظل موضوع الحوار بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية ? شمال ? محل جدل وصراع لاينتهي خاصة في دوائر صنع القرار في داخل الحزب الحاكم ( المؤتمر الوطني) وتشير كثير من المواقف والتصريحات أن بعض قيادات المؤتمر الوطني لها موقف( نفسي ) من قطاع الشمال.

(1)
وتدفع تطورات الأحداث وتطاول أمد الحرب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق موضوع الحوار مع قطاع الشمال إلي صدارة الأجندة داخل أروقة المؤتمر الوطني وخاصة من قبل قيادات منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان في داخل المؤتمر الوطني والتي تري ضرورة الدخول في حوار يضع نهاية للحرب مهما كانت التنازلات ، وأول أمس أعلن رئيس الألية الأفريقية رفيعة المستوي ثامبو أمبيكي أن الحكومة السودانية جاهزة للتفاوض مع قطاع الشمال وهكذا تحدث أمبيكي ولكن الخبر في الكثير من صحف الخرطوم خرج بصياغات مختلفة وكانت طرق صياغة الخبر تحمل إشارات أن هناك رفض للحوار مع قطاع الشمال ولذلك كان الخبر يقول ” الحكومة جاهزة للتفاوض مع أبناء المنطقتين ” وبعيداً عن مواقف بعض القيادات الرافضة لأي حوار مع قطاع الشمال كانت مجالس الخرطوم تتحدث عن مفاوضات سرية تجري منذ فترة بين الحكومة وقطاع الشمال وقالت مصادر فضلت حجب أسمها ” التفاوض وصل لمراحل متقدمة ونتوقع وصول قيادات الحركة الشعبية قريباً”.

(2)
ونقلت الصحف عن الرئيس البشير قوله بعد لقاء أمبيكي ” لانمانع من التفاوض مع قطاع الشمال، بغرض الوصول إلى حلول تساهم في استقرار المنطقة ” ومع كل هذه التطورات يمكن إعادة قراءة دوافع الحركة الشعبية لإعلان وقف إطلاق النار وزيارة وفد رفيع منها لسويسرا وتوقيع عدد من الاتفاقات ، البعض قال أن قرار الحركة مجرد موقف تكتيكي ومناورة سياسية و أن الحركة الشعبية تعد نفسها لمواجهة عسكرية ساخنة بعد فصل الخريف وقالت قيادات من حزب المؤتمر الوطني ” أنهم يتوقعون صيفاً ساخناً مع قطاع الشمال ” ومضي القيادي بالمؤتمر الوطني الفاتح عز الدين في نفس الإتجاه وحذر من مواجهة ساخنة مع القطاع بعد فصل الخريف. ومن ناحية أخري يري مراقبون أن قطاع الشمال إختار توقيت وقف إطلاق النار بعناية كبيرة وعقب جولة أوربية للحلو وعرمان وفي تزامن مع زيارة الرئيس سلفاكير إلي الخرطوم إعلان الولايات المتحدة الأمريكية تعيين مبعوث جديد للسودان وجنوب السودان.

(3)
وتبدو معظم قيادات منطقتي النيل الأزرق وجبال النوبة رغم الإختلافات متقفة علي الحوار لحل الأزمة وأن الطريق لوقف الحرب يبدأ بالحوار المباشر مع قطاع الشمال وكان والي جنوب كردفان أدم الفكي قد صرح فور توليه المنصب الجديد أنه علي استعداد للدخول في حوارمع قطاع الشمال وشنت المنابر والجماعات المناهضة للسلام هجوماً كثيفاً علي الوالي وكادوا أن يخرجوه من ( الملة) غير أن تطورات الأحداث في السودان وفي المنطقة تسير في غير إتجاهم وهواهم ? وتعرضت الحكومة السودانية لضغوط مكثفة للدخول في حوار يفضي إلي حلول سلمية ويساهم في بناء علاقات حسن جوار بين السودان وجنوب السودان و أثبتت التجربة إستحالة إقامة علاقة جيدة بين السودان وجنوب السودان قبل إطفاء النيران المشتعلة علي طول الحدود. ورحبت قيادات جبال النوبة في المؤتمر الوطني بقرار وقف إطلاق النار من قبل قطاع الشمال ، وقال عضو الوفد الحكومي اللواء مركزو كوكو:” أنهم كقيادات للمنطقة يرحبون بقرار وقف إطلاق النار وأضاف نتمنى أن يكون شهرًا مفتوحًا يمهد الأرضية لمحادثات جادَّة “. ونقلت الصحف أن قيادات منطقتي النيل الأزرق وجبال النوبة طالبت بموقف واضح داعم للحوار وحل الأزمة وإنهاء الحرب وكانت هناك أنباء عن شروع بعض القيادات في الترتيب للخروج في مظاهرات تطالب بالحوار والسلام.. وبالمقابل لازالت بعض الأصوات من داخل المؤتمر الوطني تقف في الصف الرافض لأي حوار مع قطاع الشمال وتنظر بعين الريبة والشك لكل خطوة نحو الحوار ووقف إطلاق النار وقال القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي في إفادات لصحيفة ( الإنتباهة) .. ” قطاع الشمال يتوقف من العدائيات ضد من ؟ وقطاع الشمال هو الذي يعتدي ويرتكب الفظائع وأضاف قرار وقف إطلاق النارمناورة سياسية لإستراتيجية جديدة ربما قد يكون مرواغة جديدة من قطاع الشمال “.

(4)
وتقف الكثير من العقبات والتجارب المريرة أمام الوصول إلي إتفاق بين الحكومة السودانية وقطاع الشمال هذا من جانب ومن الجانب الآخر تدفع العديد من العوامل والأسباب المحلية والخارجية وتطاول أمد الحرب في إتجاه الوصول إلي اتفاق وتقاسم للسلطة ، من جانب الحكومة فهي الكثير من المرارات مع قادة اقطاع فهي لاتمانع في أي محاصصة في إطار ( الحل بالقطاعي) للأزمة السودانية وهي تنظر لأي إتفاق من زاوية كتابة عمر جديد لسلطتها ، والجانب الأخر الحركة الشعبية ? شمال ? فهي تنظر إلي تجربة الشراكة الماضية ومقدار الفشل الذي لازم التجربة وهي أيضاص لاتأمن مكر ( الشريك) ولذلك ترفع سقفها التفاوضي للحصول علي مزيد الضمانات قبل أن تعودة مرة أخري وتدخل في تجرية جديدة تخصم من رصيدها الجماهيري والنضالي .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. دعونا نبعث برسالة واضحة لأبناء الهامش السوداني سوى كانوا في الجبهة الثورية أو اولئك الذين يعملون كمرتزقة لدى مؤسسة الجلابة التاريخية المنحطة، مع لفت أنتباه الوسطاء في الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة (أمبيكي وبان كي مون)، ونقول لهم بأن أي مفوضات مع نظام البشير لا تقود مباشرة وبصورة واضحة وجلية لا لبس فيها إلى تفكيك مؤسسة الجلابة التاريخية المنحطة ومؤسساتها الحزبية الطفيلية (الأمة، الاتحادي، الشيوعي والمؤتمر الوثني)، وتقر بإعادة هيكلة كافة مؤسسات الدولة: ما يسمى بالقوات المسلحة، والشرطة وجهاز الأمن والسلطة القضائية والإعلامية ? ألخ، وإعادة بناء المؤسسات المالية الفاسدة وفق أسس جديدة، وتقود في نهاية المطاف وحسب برنامج زمني لأنهاء السيطرة المطلقة والحصرية لأبناء أقلية الجلابة من القبائل الثلاثة (الجعليين، الشيايقية والدناقلة) على مفاصل الدولة ومؤسساتها، فهي مرفوضة .. مرفوضة .. مرفوضة.

    احمد البقاري

  2. كفانا اتفاقيات ترقيع لمؤسسة الجلابة التاريخية

    الأخوة الأفاضل الذين عقبوا على تعليقنا لكم جميعا تحية الآباء والشيماء والكبرياء لمن أتفق معنا أو عارض وأستنكر صراحتنا في تشخيص الداء (السرطان)، الذي طالما عاني منه وطننا العملاق وشعـبه الأبي وبعد …

    أننا في تجمع شباب ومثقفي قبائل البقارة لدينا أيمان عميق، بأن الانكفاء وأسلوب المداهنة والمراوغة والحوم حول الحمى فيما يختص بالتشخيص الشجاع والصادق والأمين لأس أزمتنا الوطنية التي استطالت، لن يقودنا أبداً لضوء سعيد في نهاية النفق المظلم، وخاصة بأن هذه الأساليب من فهلوة وتذاكي وإستغباء وتجريم الآخرين، ما عادت ذات جدوى وأطراف الوطن تتسرب منا الواحد تلو الأخر.

    علينا كمثقفين مواجهة أزمتنا الوطنية بالصدق والأمانة والشفافية، وتشخيصها كما هي: ساسة وقيادات عسكرية ومدنية تنتمي بصورة حصرية لأقلية من ثلاثة قبائل (الجعليين، الشايقية والدناقلة)، هم من ظلوا وحدهم يسيطرون بصفة مطلقة ويقررون مصير هذا الوطن العملاق حرباً وسلماً في شعوبه، بل هم وحدهم من ظلوا يقررون ويقدرون لأي من مكوناته وأثنياته وقبائله من يستحقون الحياة من عدمها ولأي مناطقه الجغرافية تستحق الاستقرار والنماء وتلك التي لا تستحق أكثر من القنابل الحارقة وقعقعت السلاح.

    طوال نصف قرن ونيف من أزمتنا الوطنية المزمنة، ظل القادة السياسيين الذين يرسمون سياسات الدولة ويصدرون أوامر الحرب والسلم ويوزعون مورد الدولة على مكوناتها الجغرافية، كبار قادة المؤسسة العسكرية وقادة الأسلحة والوحدات العسكرية الذين ينفذون سياسات وقرارات هؤلاء الساسة على الأرض، ظلوا ينتمون وبصورة شبه حصرية لأقلية من ثلاثة قبائل (الجعليين، الشايقية والدناقلة)، ومثلها قادة الشرطة المدنية وجهاز القضاء المدني الذي يفترض فيه إقامة العدل بين الموطنين، وحماية حقوقهم ورد مظالمهم، دون أطرا رهم للجوء لسياسة الغاب والقوي يأكل الضعيف، بالإضافة للسيطرة الحصرية لأبناء أقلية الجلابة على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة من مالكي صحف وإدارات عليا وكتاب أعمدة وموجهي رأي عام، يعملون بتناغم لتدليس الحقائق وتبرير سياسات القتل الممهنج وتجريم الضحايا.

    أنه من الخزي والعار والشنار أن يتسأل مثقف درس في أعرق دور العلم ونهل من أمهات كتب السياسة والاجتماع وجاب أصقاع العالم، أن يتسآل في بلاهة وغباء شاغراً فاه عن ماذا يريد المناهضين (المهمشين) لحكومات المركز، في الوقت الذي يرى فيه بأن كل مؤسسات الدولة تحولت لمشايخ قبلية لأبناء ثلاثة قبائل لا تزيد نسبة تمثيلها عن 3% من جملة سكان الدولة. وخير دليل أمامكم قادة الخدمة المدنية والعسكرية والممثلين في أمناء\ وكلاء الوزارات، الذين ظلوا على مدى نصف قرن ونيف ودون استثناء وحتى تاريخ اليوم ينحدرون من أقلية لثلاثة قبائل (الجعليين، الشايقية والدناقلة). ليس هذا فحسب بل أن هذه المؤسسات وبسبب صلة القرابة والدم والقبيلة بين شاغلي مراكز القرار فيها، تحولت لأوكار لتخطيط وتمويل وتنفيذ الجرائم ضد أبناء الوطن السوداني ومكوناته العرقية (جرائم دولة ضد مواطنيها). والشاهد على ما ذكرناه بعالية ممارسات الجيش والشرطة والسلطات القضائية مثل إلقاء القبض على المواطنين على أسس عنصرية (كاللون والعرق) وإصدار الأحكام العنصرية والانتقامية ضدهم.

    ظللننا ننبه ونعيب على حركات الهامش السوداني منذ المائدة المستديرة واتفاقية أديس أبابا وصولاً لاتفاقيات نيفاشا، أبوحا، أسمرة والدوحة الأخيرة، كونها أكتفت بمحاولة ترقيع مؤسسة الجلابة وليس تفكيكها، وهو ما قاد إلى نهايات متطابقة، وهو فشل كل هذه الاتفاقيات والعودة للحرب من جديد.

    إذا كنا أيها الأخوة صادقين الرغبة في مواجهة أزمتنا الوطنية المستفحلة، وحازمين في الوصول لحلول حقيقية توقف شلالات الدماء التي مثلت السمة البارزة لمسيرة أمتنا، ودرء التمزق والتشظي لوحدة تراب وطننا وأمتنا، فعلينا مواجهة حقيقة ما نطلق عليه نحن مؤسسة الجلابة التاريخية بكل شجاعة ونكران ذات وتفكيكها واقتلاعها من الجذور والبناء على أنقاضها الهشة مؤسسات حقيقية تعبر عن حقيقة تنوعنا وتعكس حقيقة ألوان طيفنا الوطني المتنوع.

    كفاية من اتفاقيات الترقيع لمؤسسة الجلابة التاريخية التي أثبتت فشلها ونتائجها الكارثية. فبعد كل فشل وأنهيار اتفاقية لترقيع هذه المؤسسة المنحطة، تأتي ردت فعلها أعنف وأكثر دموية ن سابقاتها.

    احمد البقاري

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..